تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يوميات الحجاج مع شبيب الشيباني اشجع فارس في عصره


الامير حريبيش
22-Aug-2007, 09:34 PM
يوميات الحجاج مع شبيب الشيباني اشجع فارس في عصره

اليوم الأول :
تشغلني الآن ثورة الخوارج على حدود العراق قد اشتدت شوكة شيخهم وأميرهم نافع بن الأزرق الذي كان يحارب مصعب بن الزبير حين كان والياً لأخيه عبد الله بن الزبير على العراق ، واستعمل مصعب على حرب هؤلاء الخوارج المهلب بن ابي صفرة الأزدي القائد الباسل المحنك ، فردهم عن العراق ثم قتل الله مصعب بن الزبير على يدي عبد الملك بن مروان وقتل الله عبد الله بن الزبير على يدي ودالت دولة الزبيرين وذهبت أدراج الرياح ،وبقي الخوارج على حالهم ، ثائرين على الإسلام والمسلمين يرون كل دولة إسلامية دولة كفر والحاد ، وقد حكموا بكفر أمير المؤمنين عبد الملك ورجال دولته كما حكموا من قبل بكفر مصعب بن الزبير ومن والاهما من أهل الحجاز والعراق ، وكل مسلم عند هؤلاء الخوارج كافر حلال دمه وماله وعرضه لهم إلا أن يعلن إسلامه على أيديهم .
وقد وليت على حربهم المهلب بن أبي صفرة وكان من قبل يحاربهم تحت راية الزبيرين ، فلما أذهب الله دولتهم انضم إلينا وبايع أمير المؤمنين عبد الملك وصار من أخلص رجال دولتنا وأقدرهم على الذود عنها.
إلا أن الخوارج فرق كثيرة ، وجرأتهم بالغة ، وما راعني أخيرا إلا الخارجي شبيب بن يزيد الذي دفعته جرأته إلى اقتحام الكوفة وهي عاصمتي ، فما شعرت به إلا وقد اقتحم مسجدها الكبير ، وكان فيه قوم يصلون فقتلهم ، ثم مر رجاله بأحد المساجد الصغيرة فوجدوا فيه رجلاً يصلي فقتلوه ، واستقبلهم رجلا فقال لشبيب : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، وبعد عليك أيها الأمير ، فغضب رجال شبيب وقالوا للرجل هذا امير المؤمنين أيها الجاهل ، ولا حكم إلا الله .
ثم شدوا على الرجل فقتلوه .
خرجت من قصر الإمارة في عدة الحرب وناديت : يا خيل الله أركبي .. فاجتمع الجنود وهرب شبيب ، فدعوت عبد الرحمن بن الأشعث وانتخبت له ستة آلاف مقاتل وأمرته أن يسير بهم لمقاتلة شبيب الخارجي ، وأن يسلك في أثره أين سلك حتى يدركه فيقتله ويأتيني براسه .
اليوم الثاني :
أنهزم الجيش الذي أرسلته بقيادة عبد الرحمن بن الأشعث لقتال شبيب الخارجي وفر المنهزمون عائدين إلى الكوفة ، وأقبل شبيب الخارجي فعسكر على مقربة منها ثلاثة أيام فخرجت من القصر فجمعت من في الكوفة من جند الشام ، وسرت بهم حتى بلغت الموضع الذي يعسكر فيه شبيب فنزلت عن بلغتي ودعوت فقعدت عليه ثم ناديت في جنودنا:
يا جند الشام أنتم أهل السمع والطاعة والصبر اليقين ، فلا يغلبن باطل هؤلاء الخوارج الأرجاس حقكم .. غضوا الأبصار واجثوا على الركب واستقبلوهم طعناً بأطراف الرماح ؟
سمع شبيب والخوارج ما ناديت به جند الشام ، فصاحوا : لا حكم إلا الله وهجم علينا الخوارج فثبتنا لهم ، وحركت جنودنا وأنا جالس على الكرسي لا أتزحزح عنه ، وناديتهم ...
يأهل الشام .. يا جند أمير المؤمنين عبد الملك .. اصبروا لهذه الشدة ، ثم هو النصر إن شاء الله !
وأمر شبيب فرسانه بالنزول عن خيلهم . فنزلوا ،فقاتلهم عساكر الشام وقتلوا إمرأة شبيب المتعصبة المسماة ( غزالة ) وكانت تقاتل بسيفها مع الرجال ثم قتلوا أخا شبيب <مصاد>، فارتفع في معسكرنا التكبير ، وركب شبيب واصحابه خيلهم طلبا للفرار ، فشد عليهم رجالنا ولكن شبيباً وبعض رجاله استطاعوا الفرار .
ناديت في فلول شبيب الهاربة :
أيها الخوارج .. توبوا إلى الله .. ومن أتانا منكم فهو أمن ؟
فجاء إلينا منهم كثيرون ، يعلنون توبتهم ، ومبايعتهم لأمير المؤمنين عبد الملك .
إن فرار شبيب لن يخدعني عن حقيقته ، فهذا أشد الخوارج مراساً ولئن تركناه ليجمعن لنا الجموع إلى قتالنا ، وليفعلن ذلك في يوم قريب .
اليوم الثالث :
كتبت إلى أمير المؤمنين في دمشق أطلب مدداً وأعترف له بعجز عساكرنا من دحر شبيب .
وقد أقام شبيب في شرق العراق واستراح هو وأصحابه ، وجاءني المدد من أمير المؤمنين ،فأخرجت الأموال وفرقتها في الجند ، جعلت عليهم سفيان بن الابرد أميراً ، فسار بهم حتى التقى بالخوارج عند جسر دجيل بالأهواز ، فعبر شبيب بعسكره الجسر إلى سفيان وجنودنا ، وسقط منا ومنهم جنود في ماء نهر دجيل ، ثم رجع كل فريق إلى مكانه الذي كان قد انطلق منه على جانبي النهر .
ثم أراد شبيب أن يفاجئ جنودنا ليلاً ، فلما أنتهى مع أصحابه إلى الجسر قال لهم : أعبروا ، فعبروا وتخلف هو في آخرهم .. فلما جاء ليعبر وهو على حصانه نزا الحصان على فرس أثنى فوق الجسر والماء يموج من تحته فزل حافرا الحصان وسقط بشبيب في الماء ، فلما سقط شبيب صاح ( ليقضي الله أمرا كان مفعولاً ) وانغمس في الماء ثم أرتفع لحظة فقال : ذلك تقدير العزيز العليم ، ثم جرفه التيار وغرق .
شعر الخوارج بغرق شبيب فصرخوا صوت واحد :
غرق أمير المؤمنين ؟
ذلك أن شبيباً هو عند الخوارج أمير المؤمنين ، وقد بايعوه على مقاتلة المسلمين أينما كانوا ..
وسمع سفيان بن الأبرد قائد جندنا صراخ الخوارج حزناً على أميرهم ، فكبر سفيان وجنودنا ، ووثبوا إلى النهر فاستخرجوا جثة وشقوا جوفه وأخرجوا قلبه ، فوجدوه صلباً كالحجر ، فصار جنودنا يضربون به الأرض فيثب عنها ذراعين أو ثلاثة وثبة الذئب أو النمر ..
وقبض جنودنا على أمه ، فقالوا لها :
إن شبيباً قد قتله الله !
فلم تصدقهم وقالت :
لا يقتله الله أبدا .
قالوا لها:
فإنه قد غرق !
صاحت وولولت وقالت :
أما الغرق فإني لا أكذبه . فإني حين حملت به رأيت في منامي أن شهاباً من النار قد خرج مني . والشهاب لا يطفئ ناره إلا الماء !
هكذا وقع الشهاب الملتهب في ماء دجيلة فانطفأ كما رأته أمه في الرؤيا قبل مولده .


اليوم الرابع :
أتذكر الآن ما كان من أمر شبيب الخارجي ، فهذا الرجل كان ممتلئا يقيناً بأنه وأصحابه ـ وحدهم ـ على الحق ، وأنهم دون غيرهم مسلمون مؤمنون ، وكان لشبيب وأصحابه صبر فذ على القتال ، حتى إنني حشدت عليه في بعض المعارك خمسين ألف مقاتل ولم يكن معه إلا ألف مقاتل فقط، ولما قيل له إن الحجاج قد أرسل إليك خمسين ألفاً لم يعبأ بهم شيئا ، بل قام في أصحابه فوعظهم وحثهم على الصبر عند اللقاء ومناجزة " الكفار " الأعداء ، فلما أذن للمغرب صلى بأصحابه صلاة تامة الركوع والسجود ثم انتظر حتى طلع القمر وأضاء الميمنة والميسرة والقلب من جيشنا ، فقام بجنود فحمل على جنودنا وهو يصيح : أنا شبيب الشيباني ، لا حكم إلا لله ! لا حكم إلا لله !
ثم كر على ميمنتنا وميسرتنا ففرق شمل جنودنا ، وقد القلب فاخترقه حتى وصل قائد جيشنا فقتله ، وأنهزم جيشنا الجرار ، وانتصر جيشه الذي لا يبلغ عشر معشار ما حشدناه عليه من العدة والعديد .
فمن أي يستمد هؤلاء الخوارج هذه القوة وهذا الصبر ، وكيف يهزم ألف مقاتل منهم خمسين ألف مقاتل منا ؟
أظن أن العلة تكمن في أهل الكوفة ، فإننا أرسلنا منهم خمسين ألف لا يؤمن أحدهم بخلافة عبد الملك بن مروان ، ولا يهمه أن تنتصر على الخوارج ، ولا حتى على الروم أو المجوس أو اليهود ..
ولقد صببت غضبي على أهل الكوفة يومئذ وعيرتهم بالهزيمة وقلت لهم : لا أعز الله من أراد بكم العز ، ولا نصر من أراد بكم النصر ، يا اشباه الرجال ولا رجال .
ولكن ماذا نصنع للقضاء على هؤلاء الخوارج الذين يرون أننا مشركون لا مسلمون ، وأنهم ـ وحدهم ـ المسلمون المؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ؟ لقد رأيت قتال هؤلاء الخوارج وراقبته لأعرف حقيقة أمرهم ، وقد رأيت " جهيرة " أم شبيب تقاتل في بعض المعارك مع أنها جارية من أصل رومي .
ورأيت زوجته " غزالة " تقاتل قتالاً يعجز عنه أشد الرجال ، وكنت ـ والله استشعر بعض الخوف منها حتى عرف الناس ذلك عني وقال أحد الشعراء يهجوني ويهزأ بي :
أسـد علي وفي الحــروب نعامة ........ فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى " غزالة " في الوغى......... بل كان قلبك في جناحي طائر
وقد ذهب البيت الأول مثلا ، رواه الناس وسخروا به مني ، وتحدوني بالبيت الثاني وكأني سمعتهم يقولون لي هازئين " هلا برزت إلى غزالة في الوغى ، وقد علم الله أني كنت أخاف أن أبرز إلى غزالة !
وشبيب بن يزيد من بني شبيان الموصوفين بالشجاعة ، وهو أحد الثائرين على استئثار قريش بالخلافة ، ودعاه أصحابه "أمير المؤمنين " ولولا أن الله قهره بالغرق وأطفأ ناره بماء نهر دجيل ، لاستطاع أن يجمع الناس ويزحف على الشام ويخلع عبد الملك بن مروان وقد جعل الله هزيمة هذا السبع الضاري على يدي أنا الحجاج بن يوسف الثقفي ، فهل يقدرني بنو مروان وبنو أمية حق قدري ، وهل يفوضني أمير المؤمنين عبد الملك في أمور العراق وفارس أفعل كيف اشاء توطيدا لسلطانه ومحقا لأعدائه؟



اليوم الخامس :
حدثني رجال الخبر في ديواننا أن أجد كبار أتباع شبيب بن يزيد ، قبض عليه جندنا وحملوه إلى أمير المؤمنين في دمشق ، وكن هذا الرجل مهدر الدم لقوله بيتين من الشعر ينوه فيهما بأمير المؤمنين شبيب كما كان الخوارج يسمون ... فلما وقف الرجل بين يدي عبد الملك بن مروان قال له :
أنت القائل :
فمنا حصين والبطين وقعنب ... ومنا أمير المؤمنين شبيب ؟
قال الرجل متخابثا:
إنما قلت : ومنا أمير المؤمنين .. بفتح الراء لا بضمها، فأنا أخاطبك أنت يا أمير المؤمنين !
فأعجب هذا الاعتذار عبد الملك وأطلق هذا الخارجي وهو من ألد أعدائه.
لقد تغلبت على أمير المؤمنين محبته للأدب والشعر والفصاحة ، فكان منه هذا التفريط في سياسة الدولة ، ولو وقع ذلك الخارجي في يدي ما أعفيته من القتل ولو جاءني بكل "النحو " الذي كتبه أبو الأسود الدؤلي.
وخليفتنا هذا عبد الملك بن مروان الذي تخلى عن حذره وحرصه لنكتة نحوية سمعها من خارجي خبيث ، هو أمير المؤمنين الذي لا تستعبده الشهوات التي تستعبد أقوى الرجال ، فقد أهدى إليه عامله في المغرب جارية بالغة الحسن ، فباتت عنده ليلة ، فلم ينل منها شيئا أكثر من أن غمز كفها بإصبعيه ، وقال لها :
أنت والله منية المتمني ، وشهوة المشتهي !
قالت :
فما يمنعك يا أمير المؤمنين جاريتك ؟
قال :
يمنعني بيت مدحنا به أحد الشعراء وهو :
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم .. دون النساء ولو باتت بأطهار.
ثم قال للجارية مفسراً لها البيت أو مفسرا موقفه منها :
إنني ما زلت في حرب مع أعدائي ،وقد شددت مئزري فلا أخلعه للنساء حتى أفرغ من هؤلاء الأعداء !
فليت شعري ، كيف يصبر أمير المؤمنين عن جميلات النساء وهن مشغلة للرجال الفحول ، ولا يصبر على نكتة نحوية ساقها إليه شاعر خارجي أراد أن يخادعه ويفر منه بجلده ؟
أثق أمير المؤمنين ، وأرى ما أحله حلالاً وما حرمه حراماً ، ولكني لم أفهم بعد سبب إطلاقه الشاعر الخارجي الذي خلع على شبيب بن يزيد المقتول لقب " أمير المؤمنين " .

شوردي العتيبي
23-Aug-2007, 05:37 AM
يعطيك الف عافيه ياالأمير حريبيش ...
موضوع تاريخي جميل ...
وبارك الله فيك يالغالي ...
تحياتي لك ...

الهيـــــزع
23-Aug-2007, 04:44 PM
مشكوووووووووور يالامير حريبيش

بندر الحافي
25-Aug-2007, 07:19 AM
مـلاحـم تاريخيه جميله

تبقى في ذاكرة من تستهويه

لاهنت يالغالي

على الطرح الرائع

تحياتي لك