الهيـــــزع
22-Jul-2007, 11:20 AM
وهو بين عامر بن صعصعة ومذحج والحارث بن كعب
وكان خبره أن بني عامر كانت تُطلب من بني الحارث بن كعب بأوتارٍ كثيرة
فجمع لهم الحصين ابن يزيد بن شداد بن قنان الحارثي، وهو ذو الغصة، واستعان بقبائل جعفي وزبيد وقبائل سعد العشيرة ومراد وصداء ونهد وخثعم وشهران وناهس وأكلب ثم أقبلوا يريدون بني عامر وهم منتجعون مكاناً يقال له فيف الريح، ومع مذحج النساء والذراري حتى لا يفروا. فاجتمعت بنو عامر، فقال لهم عامر بن الطفيل: أغيروا بنا على القوم فإني أرجو أن نأخذ غنائمهم ونسبي نساءهم ولا تدعوهم يدخلون عليكم. فأجابوه إلى ذلك وساروا إليهم. فلما دنوا من بني الحارث ومذحج ومن معهم أخبرتهم عيونهم وعادت إليهم مشايخهم، فحذروا فالتقوا فاقتتلوا قتالاً شديداً ثلاثة أيام يغادونهم القتال بفيف الريح، فالتقى الصميل بن الأعور الكلابي وعمرو بن صبيح النهدي، فطعنه عمرو، فاعتنق الصميل فرسه وعاد، فلقيه رجل من خثعم فقتله وأخذ درعه وفرسه.
وشهدت بنو نمير يومئذ مع عامر بن الطفيل فأبلوا بلاء حسناً وسموا ذلك اليوم حريجة الطعان لأنهم اجتمعوا برماحهم فصاروا بمنزلة الحرجة، وهي شجر مجتمع.
وسبب اجتماعهم أن بني عامر جالوا جولة إلى موضع يقال له العرقوب، والتفت عامر بن الطفيل فسأل عن بني نمير فوجدهم قد تخلفوا في المعركة، فرجع وهو يصيح: يا صباحاه ! يا نميراه ! ولا نمير لي بعد اليوم ! حتى اقتحم فرسه وسط القوم، فقويت نفوسهم، وعادت بنو عامر وقد طعن عامر بن الطفيل ما بين ثغرة نحره إلى سرته عشرين طعنةً. وكان عامر في ذلك اليوم يتعهد الناس فيقول: يا فلان ما رأيتك فعلت شيئاً، فمن أبلى فليرني سيفه أو رمحه، ومن لم يبل شيئاً تقدم فأبلى، فكان كل من أبلى بلاءي حسناً أتاه فأراه الدم على سنان رمحه أو سيفه، فأتاه رجل من الحارثيين اسمه مسهر. فقال له: يا أبا علي (1)
أنظر ما صنعت بالقوم ! انظر إلى رمحي ! فلما أقبل عليه عامر لينظر وجأه بالرمح في وجنته ففلقها وفقأ عينه وترك رمحه وعاد إلى قومه. وإنما دعاه إلى ذلك ما رآه يفعل بقومه، فقال: هذا والله مبير قومي ! فقال عامربن الطفيل
جاؤوا بشهران العريضة كلها=واكلبها ميلاد بكر بن وائل
وسعت شيوخ الحي بين سويقة=وبين جنوب القهر ميل الشمائل
فلو كان جمع مثلنا لم يبزتا=ولكن اتانا كلجن وخابل
فبتنا ومن ينزل به مثل ضيفنا=يبت عن قرى اضيافه غير غافل
وأسرت بنو عامر يومئذ سيد مراد جريحاً، فلما برأ من جراحته أطلق
وممن أبلى يومئذ أربد بن قيس بن حر بن خالد بن جعفر، وعبيد بن شريح بن الأحوص بن جعفر
وأسرع القتل في الفريقين جميعاً، ثم إنهم افترقوا ولم يشتغل بعضهم عن بعض بغنيمة
وكان الصبر فيها والشرف لبني عامر.
وقال عامر بن الطفيل :
لقـد عَـلِـمَـتْ عُـلْــيَا هَـــوَازِنَ=أَنَّـنِـي أَنـا الـفـارِسُ الـحـامِـي حَـقِـيقَةَ جَـعْــفَــرِ
وقد عَـلِــمَ الــمَــزْنُـــوقُ أَنِّـــي أَكُـــرُّهُ =علَـى جَـمْـعِـهِـمْ كَـرَّ الـمَـنِـيحِ الـمُـشَـهَّـرِ
إِذَا ازْوَرَّ من وَقْعِ الرِّماحِ زَجَرْتُهُ=وقُلتُ: لَهُ ارْجعْ مُقْبِلاً غيرَ مُدْبِرِ
وأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الفِرَارَ خَزَايَةٌ علَـى الـمَـرْءِ =مـا لـم يُبْـــلِ جَـــهْـــداً ويُعـــذِرِ
أَلَـسْـتَ تَـرَى أَرمـاحَــهُـــمْ فِـــيَّ شُـــرَّعـــاً = وأَنْـتَ حِـصَـانٌ مـاجِـدُ الـعِــرْقِ فـــاصْــبِـرِ
أَرَدْتُ لِـكـيْ لا يَعْـــلـــمَ الـــلـــهُ أَنَّـــنِـــي = صَبَـرْتُ وأَخْـشَـى مِـثْـلَ يومِ الــمُــشَـقَّــرِ
لَعَـمْـرِي، ومـا عَـمْــرِي عـــلـــيَّ بِـــهَـــيِّنٍ، =لقَـدْ شَـانَ حُـرَّ الـوَجْـهِ طـعْــنَةً مُــسْـهِــرِ
فَبِـئْسَ الـفَـتَـى إِن كُــنْـــتُ أَعْـــوَرَعـــاقِـــراً = جَبـانـاً، فَـمـا عُـذْرِي لـدى كُـلِّ مَـحْـضَـرِ
وقـد عَـلِـمُـــوا أَنِّـــي أَكُـــرُّ عـــلـــيهـــمُ = عَشِـــيَّةَ فَـــيْف الـــرِّيح كَـــرَّ الـــمُــــدَوِّرِ
ومـا رِمْـتُ حـتــي بَـــلَّ نَـــحْـــري وصَـــدْرَهُ = نَجـيعٌ كَـهُـدَّابِ الـدِّمَـقْــسِ الــمُــســيَّرِ
أَقُـولُ لِـنَـفْـسِ لا يُجــادُ بِـــمِـــثْـــلِـــهـــا =أَقِـلِّـي الـمِـراحَ إِنَّـنِـي غـــيرُ مُـــقْـــصِـــرِ
فلـو كـانَ جَـمْـعٌ مـثـلُـنـا لـم نُــبــالِـهِــمْ =ولـكِـنْ أَتَـتْــنــا أُسْـــرَةٌ ذاتُ مَـــفْـــخَـــرِ
فَجَـاؤُوا بِـفُـرْسـانِ الــعَـرِيضَةِ كُـلِّـهـا = وأَكْـلُـبَ طُـرًّا فـي لــبـاسِ الــسَّـنَـوَّرِ
وهنا يصور عامر بن الطفيل اقتحامه للحروب
وكيف أنه لا يتخلى عن بسالته الحربية حتى يحمي عشيرته
وهو لا يزال يدفع بفرسه إلى الحرب دفعاً , أما الفرار وعاره فدونه الموت!
وهو يدعو حصانه لتأسي به والصبر معه حتى ينالا شرف النصر معاً
وامتنّت بنو نُمير على بني كلاب بصَبرهم يوم فَيف الريح، فقال عامر:
تَمُنُّون بالنُّعمى ولولا مَكَرُنـا بمُنعرجِ الفَيفا لكنتُم موالـيَا
ونحن تداركْنا فوارسَ وَحْوحٍ عشيّة لاقينَ الحُصين اليَمانيا
تَمُنُّون بالنُّعمى ولولا مَكَرُنـا بمُنعرجِ الفَيفا لكنتُم موالـيَا
ونحن تداركْنا فوارسَ وَحْوحٍ عشيّة لاقينَ الحُصين اليَمانيا
وحوح، من بني نُمير، وكان عامر أستنقذهم !
وقال عامر بن الطفيل أيضاً :
ويا لفيفاً من اليمن استثارت قبائل كان ألبهم فخـاروا
ويا لفيفاً من اليمن استثارت قبائل كان ألبهم فخـاروا
قال أبو عُبيدة: كانت وقعة فيف الريح وقد بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلمه بمكة
وأَدرك مُسهِرُ بن يزيد الإسلام فأسلم.
كان عامر بن الطفيل يكنى في السلم أبا علي وفي الحرب أبا عقيل
وكان خبره أن بني عامر كانت تُطلب من بني الحارث بن كعب بأوتارٍ كثيرة
فجمع لهم الحصين ابن يزيد بن شداد بن قنان الحارثي، وهو ذو الغصة، واستعان بقبائل جعفي وزبيد وقبائل سعد العشيرة ومراد وصداء ونهد وخثعم وشهران وناهس وأكلب ثم أقبلوا يريدون بني عامر وهم منتجعون مكاناً يقال له فيف الريح، ومع مذحج النساء والذراري حتى لا يفروا. فاجتمعت بنو عامر، فقال لهم عامر بن الطفيل: أغيروا بنا على القوم فإني أرجو أن نأخذ غنائمهم ونسبي نساءهم ولا تدعوهم يدخلون عليكم. فأجابوه إلى ذلك وساروا إليهم. فلما دنوا من بني الحارث ومذحج ومن معهم أخبرتهم عيونهم وعادت إليهم مشايخهم، فحذروا فالتقوا فاقتتلوا قتالاً شديداً ثلاثة أيام يغادونهم القتال بفيف الريح، فالتقى الصميل بن الأعور الكلابي وعمرو بن صبيح النهدي، فطعنه عمرو، فاعتنق الصميل فرسه وعاد، فلقيه رجل من خثعم فقتله وأخذ درعه وفرسه.
وشهدت بنو نمير يومئذ مع عامر بن الطفيل فأبلوا بلاء حسناً وسموا ذلك اليوم حريجة الطعان لأنهم اجتمعوا برماحهم فصاروا بمنزلة الحرجة، وهي شجر مجتمع.
وسبب اجتماعهم أن بني عامر جالوا جولة إلى موضع يقال له العرقوب، والتفت عامر بن الطفيل فسأل عن بني نمير فوجدهم قد تخلفوا في المعركة، فرجع وهو يصيح: يا صباحاه ! يا نميراه ! ولا نمير لي بعد اليوم ! حتى اقتحم فرسه وسط القوم، فقويت نفوسهم، وعادت بنو عامر وقد طعن عامر بن الطفيل ما بين ثغرة نحره إلى سرته عشرين طعنةً. وكان عامر في ذلك اليوم يتعهد الناس فيقول: يا فلان ما رأيتك فعلت شيئاً، فمن أبلى فليرني سيفه أو رمحه، ومن لم يبل شيئاً تقدم فأبلى، فكان كل من أبلى بلاءي حسناً أتاه فأراه الدم على سنان رمحه أو سيفه، فأتاه رجل من الحارثيين اسمه مسهر. فقال له: يا أبا علي (1)
أنظر ما صنعت بالقوم ! انظر إلى رمحي ! فلما أقبل عليه عامر لينظر وجأه بالرمح في وجنته ففلقها وفقأ عينه وترك رمحه وعاد إلى قومه. وإنما دعاه إلى ذلك ما رآه يفعل بقومه، فقال: هذا والله مبير قومي ! فقال عامربن الطفيل
جاؤوا بشهران العريضة كلها=واكلبها ميلاد بكر بن وائل
وسعت شيوخ الحي بين سويقة=وبين جنوب القهر ميل الشمائل
فلو كان جمع مثلنا لم يبزتا=ولكن اتانا كلجن وخابل
فبتنا ومن ينزل به مثل ضيفنا=يبت عن قرى اضيافه غير غافل
وأسرت بنو عامر يومئذ سيد مراد جريحاً، فلما برأ من جراحته أطلق
وممن أبلى يومئذ أربد بن قيس بن حر بن خالد بن جعفر، وعبيد بن شريح بن الأحوص بن جعفر
وأسرع القتل في الفريقين جميعاً، ثم إنهم افترقوا ولم يشتغل بعضهم عن بعض بغنيمة
وكان الصبر فيها والشرف لبني عامر.
وقال عامر بن الطفيل :
لقـد عَـلِـمَـتْ عُـلْــيَا هَـــوَازِنَ=أَنَّـنِـي أَنـا الـفـارِسُ الـحـامِـي حَـقِـيقَةَ جَـعْــفَــرِ
وقد عَـلِــمَ الــمَــزْنُـــوقُ أَنِّـــي أَكُـــرُّهُ =علَـى جَـمْـعِـهِـمْ كَـرَّ الـمَـنِـيحِ الـمُـشَـهَّـرِ
إِذَا ازْوَرَّ من وَقْعِ الرِّماحِ زَجَرْتُهُ=وقُلتُ: لَهُ ارْجعْ مُقْبِلاً غيرَ مُدْبِرِ
وأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الفِرَارَ خَزَايَةٌ علَـى الـمَـرْءِ =مـا لـم يُبْـــلِ جَـــهْـــداً ويُعـــذِرِ
أَلَـسْـتَ تَـرَى أَرمـاحَــهُـــمْ فِـــيَّ شُـــرَّعـــاً = وأَنْـتَ حِـصَـانٌ مـاجِـدُ الـعِــرْقِ فـــاصْــبِـرِ
أَرَدْتُ لِـكـيْ لا يَعْـــلـــمَ الـــلـــهُ أَنَّـــنِـــي = صَبَـرْتُ وأَخْـشَـى مِـثْـلَ يومِ الــمُــشَـقَّــرِ
لَعَـمْـرِي، ومـا عَـمْــرِي عـــلـــيَّ بِـــهَـــيِّنٍ، =لقَـدْ شَـانَ حُـرَّ الـوَجْـهِ طـعْــنَةً مُــسْـهِــرِ
فَبِـئْسَ الـفَـتَـى إِن كُــنْـــتُ أَعْـــوَرَعـــاقِـــراً = جَبـانـاً، فَـمـا عُـذْرِي لـدى كُـلِّ مَـحْـضَـرِ
وقـد عَـلِـمُـــوا أَنِّـــي أَكُـــرُّ عـــلـــيهـــمُ = عَشِـــيَّةَ فَـــيْف الـــرِّيح كَـــرَّ الـــمُــــدَوِّرِ
ومـا رِمْـتُ حـتــي بَـــلَّ نَـــحْـــري وصَـــدْرَهُ = نَجـيعٌ كَـهُـدَّابِ الـدِّمَـقْــسِ الــمُــســيَّرِ
أَقُـولُ لِـنَـفْـسِ لا يُجــادُ بِـــمِـــثْـــلِـــهـــا =أَقِـلِّـي الـمِـراحَ إِنَّـنِـي غـــيرُ مُـــقْـــصِـــرِ
فلـو كـانَ جَـمْـعٌ مـثـلُـنـا لـم نُــبــالِـهِــمْ =ولـكِـنْ أَتَـتْــنــا أُسْـــرَةٌ ذاتُ مَـــفْـــخَـــرِ
فَجَـاؤُوا بِـفُـرْسـانِ الــعَـرِيضَةِ كُـلِّـهـا = وأَكْـلُـبَ طُـرًّا فـي لــبـاسِ الــسَّـنَـوَّرِ
وهنا يصور عامر بن الطفيل اقتحامه للحروب
وكيف أنه لا يتخلى عن بسالته الحربية حتى يحمي عشيرته
وهو لا يزال يدفع بفرسه إلى الحرب دفعاً , أما الفرار وعاره فدونه الموت!
وهو يدعو حصانه لتأسي به والصبر معه حتى ينالا شرف النصر معاً
وامتنّت بنو نُمير على بني كلاب بصَبرهم يوم فَيف الريح، فقال عامر:
تَمُنُّون بالنُّعمى ولولا مَكَرُنـا بمُنعرجِ الفَيفا لكنتُم موالـيَا
ونحن تداركْنا فوارسَ وَحْوحٍ عشيّة لاقينَ الحُصين اليَمانيا
تَمُنُّون بالنُّعمى ولولا مَكَرُنـا بمُنعرجِ الفَيفا لكنتُم موالـيَا
ونحن تداركْنا فوارسَ وَحْوحٍ عشيّة لاقينَ الحُصين اليَمانيا
وحوح، من بني نُمير، وكان عامر أستنقذهم !
وقال عامر بن الطفيل أيضاً :
ويا لفيفاً من اليمن استثارت قبائل كان ألبهم فخـاروا
ويا لفيفاً من اليمن استثارت قبائل كان ألبهم فخـاروا
قال أبو عُبيدة: كانت وقعة فيف الريح وقد بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلمه بمكة
وأَدرك مُسهِرُ بن يزيد الإسلام فأسلم.
كان عامر بن الطفيل يكنى في السلم أبا علي وفي الحرب أبا عقيل