ابو ضيف الله
08-Mar-2007, 12:26 AM
ناصر بن مسفر الزهراني
الله .. سبحانه إله واحد ليس له شريك، وليس له مثيل في ذاته أو صفاته أو أفعاله. كل ما في الكون من إبداع ونظام وتوافق وانسجام يدل على أن مبدعه ومدبره واحد، ولو كان وراء هذا الكون أكثر من مدبر وأكثر من منظم لاختل نظامه، واضطربت سننه، ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ ... [الأنبياء: 22].
وليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عُبّاد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن ـ من محبة الله، والخضوع له، والذل له، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض ـ ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي، والإصرار عليها.
هو تعالى واحد في ربوبيته، فهو رب السماوات والأرض ومن فيهن وما فيهن، خلق كل شيء فقدره تقديرا، وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ولا يستطيع أحد من خلقه أن يدعي أنه الخالق أو الرازق أو المدبر لذرة في السماء أو في الأرض ﴿وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ ... [الشعراء:211].
وهو تعالى واحد في ألوهيته فلا يستحق العبادة إلا هو، ولا يجوز التوجه بخوف أو رجاء إلا إليه. لا خشية إلا منه، ولا ذل إلا إليه، ولا طمع إلا في رحمته، ولا اعتماد إلا عليه، ولا انقياد إلا لحكمه. والبشر جميعاً ـ سواء كانوا أنبياء وصديقين أم ملوكاً وسلاطين ـ عباد الله، لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعا، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً. فمن ألَّه واحداً منهم، أو خشع له وحنا رأسه، فقد جاوز به قدره، ونزل بقدر نفسه.
قال ابن القيم ـ رحمه الله: " إذا طلعت شمس التوحيد، وباشرت جوانبها الأرواح، ونورها البصائر تجلت بها ظلمات النفس والطبع. وتحركت بها الأرواح في طلب من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فسافر القلب في بيداء الأمر ونزل منازل العبودية منزلا منزلا. فهو ينتقل من عبادة إلى عبادة، مقيم على معبود واحد. فلا تزال شواهد الصفات قائمة بقلبه، توقظه إذا رقد، وتذكره إذا غفل، وتحدو به إذا سار، وتقيمه إذا قعد، إن قام بقلبه شاهد على الربوبية والقيومية رأى أن الأمر كله لله. ليس لأحد معه من الأمر شيء ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿2﴾ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ ... [فاطر:2 ، 3].
وإن قام بقلبه شاهد من الإلهية: رأى في ذلك الشاهد الأمر والنهي والنبوات والكتب والشرائع، والمحبة والرضى، والكراهة والبغض، والثواب والعقاب. وشاهد الأمر نازلاً ممن هو مستوٍ على عرشه، وأعمال العباد صاعدة إليه، ومعروضة عليه. يجزي بالإحسان منها في هذه الدار وفي العقبى نَضْرة وسروراً، ويقْدِم إلى ما لم يكن عن أمره وشرعه منها فيجعله هباءً منثوراً.
وإن قام بقلبه شاهد من الرحمة: رأى الوجود كله قائما بهذه الصفة. قد وسع من هي صفته كل شيء رحمة وعلما، وانتهت رحمته إلى حيث انتهى علمه، فاستوى على عرشه برحمته، لتسع كل شيء، كما وسع عرشه كل من أشرك مع الله غيره فما عظَّم الله، ومن دعى غيره فما عظمه، ومن لجأ إلى سواه فقد جار وظلم، ومن طاف بضريح أو دعا نبيا أو رجا وليا فقد خرج عن الدين، وكفر بالملة، وتعدى على الواحد الأحد.
قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ ... [البينة: 5].
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿162﴾ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ ... [الأنعام: 162 ، 163].
وقال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ ... [الكهف:110].
وقال ـ صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً أشرك مع الله فيه غيره تركه الله وشركه)، فهو تعالى أغنى الشركاء عن الشرك.
وقال ـ صلى الله عليه وسلم: ( إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله ـ عز وجل ـ فليطلب ثوابه من عند غير الله ـ عز وجل ـ فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك).
التوحيد ألطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه، فأدنى شيء يخدشه ويدنسه ويؤثر فيه، فهو كأبيض ثوب يكون يؤثر فيه أدنى أثر، وكالمرآة الصافية جداً أدنى شيء يؤثر فيه، ولهذا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية. فإن بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده، وإلا استحكم صار طبعا يتعسر عليه قلعه.
احذر الرياء
وإذا أردت أن تعرف خطورة الأمر، وفداحة الخطب في عدم إخلاص العمل لله، فتأمل هذا الحديث الذي ترتعد له الفرائص، ويرجف له القلب ويهتز به الفؤاد.
عن عقبة بن مسلم أن شُفَيًّا الأصبحي حدثه (أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا ؟ قالوا: أبو هريرة، قال: فدنوت منه، حتى قعدت بين يديه؛ وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا قلت له: أسألك بحقِّ وبحقِّ لَمَّا حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعقِلْتَه وعَلِمتَه، فقال أبوهريرة : أفعل ، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، ثم نشغ أبو هريرة نشغة ـ أي أغمي عليه إغمائة من هول الموقف ـ فمكثنا قليلاً ثم أفاق، فقال: لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى، ثم أفاق ومسح عن وجهه، فقال : أفعل، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم مال خاراً على وجهه، فأسندته طويلاً ثم أفاق، فقال: حدثني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم ـ وكل أمة جاثية ـ فأول من يُدعى به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله عز وجل للقارئ: ألم أُعلِّمكَ ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فما عمِلت فيما علمت؟ قال: كنتُ أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله عز وجل له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال: فلان قارئ وقد قيل ذلك.
ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله عز وجل: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب؛ قال : فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم، وأتصدق. فيقول الله له كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال: فلان جواد، وقد قيل ذلك.
ويؤتى بالذي قُتل في سبيل الله، فيقول الله له: في ماذا قُتلت فيقول: أي رب! أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلتُ حتى قُتِلتُ، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال: فلان جريء، فقد قيل ذلك ".
ثم ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أولُ خلقِ الله تُسعَّرُ بهم النارُ يومَ القيامةِ).
وقد بكى معاوية حينما سمع هذا الحديث حتى غشي عليه، فلما أفاق، قال صدق الله ورسوله، قال الله عز وجل: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴿15﴾ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ ... [ هود: 15 ، 16].
فإذا كان هذا المصير المرعب، والمآل المفزع لمن عمل عملاً صالحاً، ولكنه أشرك مع الله غيره، ورجى معه سواه، فكيف بمن ينشئ العمل من أساسه لغير الله تعالى.
كلمة التقوى
إن الشرك بالله تنكُّرٌ لجلاله، وكفران بحقّه، واستهانة بعظمته، وتعدٍ على سلطانه، ولقد أرسل الله رسله، وأنزل كتبه للدعوة إلى توحيده ـ جل وعلا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ ... [الأنبياء:25].
ومن هنا كان عنوان العقيدة الإسلامية يتمثل في هذه الكلمة العظيمة التي عرفت لدى المسلمين بكلمة [ التوحيد ]، وكلمة [ الإخلاص ]، وكلمة [ التقوى ]، وهي: [ لا إله إلا الله ].
وكانت [ لا إله إلا الله ] إعلان ثورة على جبابرة الأرض وطواغيت الجاهلية.
وكانت [ لا إله إلا الله ] نداء عالمياً لتحرير الإنسان من عبودية الإنسان والطبيعة وغيرها إلى عبادة الله وحده.
وكانت [ لا إله إلا الله ] عنوان منهج جديد، ليس من صنع حاكم ولا فيلسوف، إنه منهج الله الذي لا تعنو الوجوه إلا له، ولا تنقاد القلوب إلا لحكمه، ولا تخضع إلا لسلطانه.
وكانت [ لا إله إلا الله ] إيذانا بمولد مجتمع جديد، يغاير مجتمعات الجاهلية، مجتمع متميز بعقيدته، متميز بنظامه، لا عنصرية فيه ولا إقليمية ولا طبقية، لأنه ينتمي إلى الله وحده، ولا يعرف الولاء إلا له سبحانه.
وهي الكلمات التي قامت بها الأرض والسماوات، وفطر الله عليها جميع المخلوقات، وعليها أسست الملة ونصبت القبلة، وجردت سيوف الجهاد، وهي محض حق الله على جميع العباد، وهي الكلمة العاصمة للدم والأموال والذرية في هذه الدار، والمنجية من عذاب القبر وعذاب النار، وهي المنشور الذي لا يدخل أحد الجنة إلا به، والحبل الذي لا يصل إلى الله من لم يتعلق بسببه، وهي كلمة الإسلام: ومفتاح دار السلام، وبها انقسم الناس إلى شقي وسعيد، مقبول وطريد، وبها انفصلت دار الكفر من دار الإيمان، وتميزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان، وهي العمود الحامل للفرض والسنة و ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة ).
وروح هذه الكلمة وسرها :إفراد الرب جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وتبارك اسمه، وتعالى جده، ولا إله غيره: بالمحبة والإجلال والتعظيم والخوف والرجاء وتوابع ذلك: من التوكل والإنابة والرغبة والرهبة، فلا يحب سواه، وكل ما يُحَب غيره فإنما يُحب تبعاً لمحبته، وكونه وسيلة إلى زيادة محبته، ولا يخاف سواه، ولا يرجو سواه ولا يتوكل إلا عليه، ولا يرغب إلا إليه، ولا يرهب إلا منه، ولا يحلف إلا باسمه، ولا ينذر إلا له، ولا يتاب إلا إليه، ولا يُطاع إلا أمره، ولا يُتحسب إلا به، ولا يُستعان في الشدائد إلا به، ولا يلتجأ إلا إليه، ولا يسجد إلا له، ولا يذبح إلا له وباسمه.
لا إله إلا الله .. توحيداً يباين عقائد المشركين.
لا إله إلا الله .. تنزيها يناقض دعاوى المبطلين.
لا إله إلا الله .. إقراراً بما أنكرته عقول الجاحدين.
لا إله إلا الله .. الملك الحق المبين.
لا إله إلا الله .. إسلام ممن قال له ربه: أسلم، قال: أسلمت لرب العامين.
لا إله إلا الله .. شهادة نرجو بها مجاورة الرب الكريم، في جنات النعيم، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
قال موسى ـ عليه السلام: " يا رب علمني دعاءً أدعوك به وأناجيك، قال: يا موسى قل: لا إله إلا الله، قال موسى: كل الناس يقولون لا إله إلا الله، قال: يا موسى لو أن السماوات السبع والأراضين في كفة، ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله " .
لا إله إلا الله .. لها أنوار ساطعة، وأشعة كاشفة، وهي تُبدِّد من ضباب الذنوب وغيومها بقدرة قوة ذلك الشعاع وضعفه. فلها نور. وتفاوت أهلها في ذلك النور ـ قوة وضعفا ـ لا يحصيه إلا الله تعالى.
فمن الناس: من نور الكلمة في قلبه كالشمس، ومنهم: من نورها في قلبه كالكوكب الدري، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم، وآخر كالسراج المضيء. وآخر كالسراج الضعيف.
وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد: أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته.
لقد أُلزم المسلمون بإعلان هذه الكلمة ورفع الصوت بها والنداء بها ما لا يقل عن خمس وعشرين مرة في اليوم والليلة من خلال الأذان والإقامة، تقرع بها الأسماع، وتُحيى بها الضمائر، وتُزكى بها الأفئدة.
يقول عنها ـ صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ).
ويقول ـ صلى الله عليه وسلم: ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ).
سئل أحد العلماء: لماذا كان أفضل الدعاء يوم عرفة: لا إله إلا الله مع أنها ثناء وليست بدعاء، فقال له : أما سمعت قول الشاعر:
أأذكر حاجتي أم قد كفانـي = حبـاؤك إن شيمتك الحبـاء
إذا أثنى عليك المرء يوما = كفـاه من تعرضـه الثنـاء
خليل لا يغيره صبــاح = عن الخلق الجميل ولا مساء
هذا في حق المخلوق فكيف بالخالق جل وعلا.
الله .. سبحانه إله واحد ليس له شريك، وليس له مثيل في ذاته أو صفاته أو أفعاله. كل ما في الكون من إبداع ونظام وتوافق وانسجام يدل على أن مبدعه ومدبره واحد، ولو كان وراء هذا الكون أكثر من مدبر وأكثر من منظم لاختل نظامه، واضطربت سننه، ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ ... [الأنبياء: 22].
وليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عُبّاد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن ـ من محبة الله، والخضوع له، والذل له، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض ـ ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي، والإصرار عليها.
هو تعالى واحد في ربوبيته، فهو رب السماوات والأرض ومن فيهن وما فيهن، خلق كل شيء فقدره تقديرا، وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ولا يستطيع أحد من خلقه أن يدعي أنه الخالق أو الرازق أو المدبر لذرة في السماء أو في الأرض ﴿وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ ... [الشعراء:211].
وهو تعالى واحد في ألوهيته فلا يستحق العبادة إلا هو، ولا يجوز التوجه بخوف أو رجاء إلا إليه. لا خشية إلا منه، ولا ذل إلا إليه، ولا طمع إلا في رحمته، ولا اعتماد إلا عليه، ولا انقياد إلا لحكمه. والبشر جميعاً ـ سواء كانوا أنبياء وصديقين أم ملوكاً وسلاطين ـ عباد الله، لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعا، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً. فمن ألَّه واحداً منهم، أو خشع له وحنا رأسه، فقد جاوز به قدره، ونزل بقدر نفسه.
قال ابن القيم ـ رحمه الله: " إذا طلعت شمس التوحيد، وباشرت جوانبها الأرواح، ونورها البصائر تجلت بها ظلمات النفس والطبع. وتحركت بها الأرواح في طلب من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فسافر القلب في بيداء الأمر ونزل منازل العبودية منزلا منزلا. فهو ينتقل من عبادة إلى عبادة، مقيم على معبود واحد. فلا تزال شواهد الصفات قائمة بقلبه، توقظه إذا رقد، وتذكره إذا غفل، وتحدو به إذا سار، وتقيمه إذا قعد، إن قام بقلبه شاهد على الربوبية والقيومية رأى أن الأمر كله لله. ليس لأحد معه من الأمر شيء ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿2﴾ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ ... [فاطر:2 ، 3].
وإن قام بقلبه شاهد من الإلهية: رأى في ذلك الشاهد الأمر والنهي والنبوات والكتب والشرائع، والمحبة والرضى، والكراهة والبغض، والثواب والعقاب. وشاهد الأمر نازلاً ممن هو مستوٍ على عرشه، وأعمال العباد صاعدة إليه، ومعروضة عليه. يجزي بالإحسان منها في هذه الدار وفي العقبى نَضْرة وسروراً، ويقْدِم إلى ما لم يكن عن أمره وشرعه منها فيجعله هباءً منثوراً.
وإن قام بقلبه شاهد من الرحمة: رأى الوجود كله قائما بهذه الصفة. قد وسع من هي صفته كل شيء رحمة وعلما، وانتهت رحمته إلى حيث انتهى علمه، فاستوى على عرشه برحمته، لتسع كل شيء، كما وسع عرشه كل من أشرك مع الله غيره فما عظَّم الله، ومن دعى غيره فما عظمه، ومن لجأ إلى سواه فقد جار وظلم، ومن طاف بضريح أو دعا نبيا أو رجا وليا فقد خرج عن الدين، وكفر بالملة، وتعدى على الواحد الأحد.
قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ ... [البينة: 5].
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿162﴾ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ ... [الأنعام: 162 ، 163].
وقال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ ... [الكهف:110].
وقال ـ صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً أشرك مع الله فيه غيره تركه الله وشركه)، فهو تعالى أغنى الشركاء عن الشرك.
وقال ـ صلى الله عليه وسلم: ( إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله ـ عز وجل ـ فليطلب ثوابه من عند غير الله ـ عز وجل ـ فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك).
التوحيد ألطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه، فأدنى شيء يخدشه ويدنسه ويؤثر فيه، فهو كأبيض ثوب يكون يؤثر فيه أدنى أثر، وكالمرآة الصافية جداً أدنى شيء يؤثر فيه، ولهذا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية. فإن بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده، وإلا استحكم صار طبعا يتعسر عليه قلعه.
احذر الرياء
وإذا أردت أن تعرف خطورة الأمر، وفداحة الخطب في عدم إخلاص العمل لله، فتأمل هذا الحديث الذي ترتعد له الفرائص، ويرجف له القلب ويهتز به الفؤاد.
عن عقبة بن مسلم أن شُفَيًّا الأصبحي حدثه (أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا ؟ قالوا: أبو هريرة، قال: فدنوت منه، حتى قعدت بين يديه؛ وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا قلت له: أسألك بحقِّ وبحقِّ لَمَّا حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعقِلْتَه وعَلِمتَه، فقال أبوهريرة : أفعل ، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، ثم نشغ أبو هريرة نشغة ـ أي أغمي عليه إغمائة من هول الموقف ـ فمكثنا قليلاً ثم أفاق، فقال: لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى، ثم أفاق ومسح عن وجهه، فقال : أفعل، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم مال خاراً على وجهه، فأسندته طويلاً ثم أفاق، فقال: حدثني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم ـ وكل أمة جاثية ـ فأول من يُدعى به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله عز وجل للقارئ: ألم أُعلِّمكَ ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فما عمِلت فيما علمت؟ قال: كنتُ أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله عز وجل له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال: فلان قارئ وقد قيل ذلك.
ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله عز وجل: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب؛ قال : فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم، وأتصدق. فيقول الله له كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال: فلان جواد، وقد قيل ذلك.
ويؤتى بالذي قُتل في سبيل الله، فيقول الله له: في ماذا قُتلت فيقول: أي رب! أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلتُ حتى قُتِلتُ، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال: فلان جريء، فقد قيل ذلك ".
ثم ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أولُ خلقِ الله تُسعَّرُ بهم النارُ يومَ القيامةِ).
وقد بكى معاوية حينما سمع هذا الحديث حتى غشي عليه، فلما أفاق، قال صدق الله ورسوله، قال الله عز وجل: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴿15﴾ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ ... [ هود: 15 ، 16].
فإذا كان هذا المصير المرعب، والمآل المفزع لمن عمل عملاً صالحاً، ولكنه أشرك مع الله غيره، ورجى معه سواه، فكيف بمن ينشئ العمل من أساسه لغير الله تعالى.
كلمة التقوى
إن الشرك بالله تنكُّرٌ لجلاله، وكفران بحقّه، واستهانة بعظمته، وتعدٍ على سلطانه، ولقد أرسل الله رسله، وأنزل كتبه للدعوة إلى توحيده ـ جل وعلا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ ... [الأنبياء:25].
ومن هنا كان عنوان العقيدة الإسلامية يتمثل في هذه الكلمة العظيمة التي عرفت لدى المسلمين بكلمة [ التوحيد ]، وكلمة [ الإخلاص ]، وكلمة [ التقوى ]، وهي: [ لا إله إلا الله ].
وكانت [ لا إله إلا الله ] إعلان ثورة على جبابرة الأرض وطواغيت الجاهلية.
وكانت [ لا إله إلا الله ] نداء عالمياً لتحرير الإنسان من عبودية الإنسان والطبيعة وغيرها إلى عبادة الله وحده.
وكانت [ لا إله إلا الله ] عنوان منهج جديد، ليس من صنع حاكم ولا فيلسوف، إنه منهج الله الذي لا تعنو الوجوه إلا له، ولا تنقاد القلوب إلا لحكمه، ولا تخضع إلا لسلطانه.
وكانت [ لا إله إلا الله ] إيذانا بمولد مجتمع جديد، يغاير مجتمعات الجاهلية، مجتمع متميز بعقيدته، متميز بنظامه، لا عنصرية فيه ولا إقليمية ولا طبقية، لأنه ينتمي إلى الله وحده، ولا يعرف الولاء إلا له سبحانه.
وهي الكلمات التي قامت بها الأرض والسماوات، وفطر الله عليها جميع المخلوقات، وعليها أسست الملة ونصبت القبلة، وجردت سيوف الجهاد، وهي محض حق الله على جميع العباد، وهي الكلمة العاصمة للدم والأموال والذرية في هذه الدار، والمنجية من عذاب القبر وعذاب النار، وهي المنشور الذي لا يدخل أحد الجنة إلا به، والحبل الذي لا يصل إلى الله من لم يتعلق بسببه، وهي كلمة الإسلام: ومفتاح دار السلام، وبها انقسم الناس إلى شقي وسعيد، مقبول وطريد، وبها انفصلت دار الكفر من دار الإيمان، وتميزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان، وهي العمود الحامل للفرض والسنة و ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة ).
وروح هذه الكلمة وسرها :إفراد الرب جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وتبارك اسمه، وتعالى جده، ولا إله غيره: بالمحبة والإجلال والتعظيم والخوف والرجاء وتوابع ذلك: من التوكل والإنابة والرغبة والرهبة، فلا يحب سواه، وكل ما يُحَب غيره فإنما يُحب تبعاً لمحبته، وكونه وسيلة إلى زيادة محبته، ولا يخاف سواه، ولا يرجو سواه ولا يتوكل إلا عليه، ولا يرغب إلا إليه، ولا يرهب إلا منه، ولا يحلف إلا باسمه، ولا ينذر إلا له، ولا يتاب إلا إليه، ولا يُطاع إلا أمره، ولا يُتحسب إلا به، ولا يُستعان في الشدائد إلا به، ولا يلتجأ إلا إليه، ولا يسجد إلا له، ولا يذبح إلا له وباسمه.
لا إله إلا الله .. توحيداً يباين عقائد المشركين.
لا إله إلا الله .. تنزيها يناقض دعاوى المبطلين.
لا إله إلا الله .. إقراراً بما أنكرته عقول الجاحدين.
لا إله إلا الله .. الملك الحق المبين.
لا إله إلا الله .. إسلام ممن قال له ربه: أسلم، قال: أسلمت لرب العامين.
لا إله إلا الله .. شهادة نرجو بها مجاورة الرب الكريم، في جنات النعيم، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
قال موسى ـ عليه السلام: " يا رب علمني دعاءً أدعوك به وأناجيك، قال: يا موسى قل: لا إله إلا الله، قال موسى: كل الناس يقولون لا إله إلا الله، قال: يا موسى لو أن السماوات السبع والأراضين في كفة، ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله " .
لا إله إلا الله .. لها أنوار ساطعة، وأشعة كاشفة، وهي تُبدِّد من ضباب الذنوب وغيومها بقدرة قوة ذلك الشعاع وضعفه. فلها نور. وتفاوت أهلها في ذلك النور ـ قوة وضعفا ـ لا يحصيه إلا الله تعالى.
فمن الناس: من نور الكلمة في قلبه كالشمس، ومنهم: من نورها في قلبه كالكوكب الدري، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم، وآخر كالسراج المضيء. وآخر كالسراج الضعيف.
وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد: أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته.
لقد أُلزم المسلمون بإعلان هذه الكلمة ورفع الصوت بها والنداء بها ما لا يقل عن خمس وعشرين مرة في اليوم والليلة من خلال الأذان والإقامة، تقرع بها الأسماع، وتُحيى بها الضمائر، وتُزكى بها الأفئدة.
يقول عنها ـ صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ).
ويقول ـ صلى الله عليه وسلم: ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ).
سئل أحد العلماء: لماذا كان أفضل الدعاء يوم عرفة: لا إله إلا الله مع أنها ثناء وليست بدعاء، فقال له : أما سمعت قول الشاعر:
أأذكر حاجتي أم قد كفانـي = حبـاؤك إن شيمتك الحبـاء
إذا أثنى عليك المرء يوما = كفـاه من تعرضـه الثنـاء
خليل لا يغيره صبــاح = عن الخلق الجميل ولا مساء
هذا في حق المخلوق فكيف بالخالق جل وعلا.