عضياني متعصب
13-Feb-2007, 12:01 AM
ساجر الرفدي - نسبه - خمول أسرته - أخوه عسكر يشد عضده - فروسيتهما - النزاع بينهما وبين أخوالهما وقتل عسكر - حرب ساجر مع أخواله البجايدة - بروز ساجر - شعره - الأمير عبد الله الرشيد لا يطمئن إلى ساجر ويستعدي عليه الإمام عبد الله الفيصل بن سعود -- عبد الله الفيصل يهاجم ساجرا وبرجس بن مجلاد - نزوح ساجر بعدها مع قبيلة العمارات إلى وديان عنزة - غاراته على نجد - فروسيته جعلت منه زعيماً متبوعاً - شاعره سليمان اليميني - الخلاف بين آل شعلان وبروز شخصية ساجر فيه - إغارته على إبل ابن رشيد وقتله لا بن زويمل وأخذ الإبل - الخلاف بين ساجر والسمن وابن قعيشيش وابن غبين من مشائخ عنزة - ساجر وقصة الشويهات - الخ … ساجر من قبيلة ( السلقا ) بطن من قبيلة العمارات من عنزة ، وكان والده من بين أفراد هذه القبيلة الخاملي الذكر ، إلا أنه تزوج فتاة من أسرة عريقة ، هي بنت أبي الخسائر ، من قبيلة البجايدة من السلقا ، وقد رزق منها بولدين ، أحدهما ساجر ، والأخر عسكر ، وعدما اكتملت رجولة الأخوين ، برزا بين قبيلة السلقا ، وأخذت الأنظار تتجه نحوهما ، على عكس ما كان عليه والدهما من الخمول ، وقد اشتهرا وهما في مقتبل العمر ، لم يتجاوز عمرهما العشرين سنة ، وقد أثبتا وجودهما بين قبيلتهما ، وكانا مضرب الأمثال بين القبائل ، وقد أشادا بيتاً كبيراً لأنفسهما ، وأصبح كل واحد منهما فارساً مغواراً ، وكانت نشأتهما في منتصف القرن الثالث عشر الهجري تقريباً ، وقد حصل بينهما وبين أخوالهما البجايدة ، عقد اجتماع في بيتهما ، فدارت مناقشة بينهما وبين أخوالهما ، أدت إلى نزاع مسلح ، قتل فيه عسكر ، شقيق ساجر ، فانصرف البجايدة إلى مواقعهم ، أما ساجر فقد دفن أخاه ، ورحل عن مواطنهم ، أراضي القصيـم ، أما البجايدة فبقوا في أرضهم التي هـي قـريـبـة من ( الشملي ) في أعالي بلاد طيء ، وكان القصد من رحيله هو أن يتنحى عنهم ، ثم يكر عليهم ، ليأخذ بثأر أخيه ، وبعد مدة أغار على أخواله البجايدة ، وهاجمهم ليلاً ، ولكنه لم يقتل إلا عبداً لشخص يسمى سودان ، من رؤساء البجايدة ( وسودان المذكور هو المتهم بقتل أخيه عسكر ) ، ثم أغار عليهم مرة ثانية ، وقتل سودان نفسه قاتل أخيه ، وبعد هذه الجرأة برز ساجر الرفدي ، والتفت حوله جماعة من أقاربه الشملان ، وأخذ يغزو بهم القبائل المعادية ، وبدأ سعده يطلع ، واتجهت إليه الأنظار أكثر ، وأخذوا ينظرون إليه كقائد موفق ، وأخذت سمعته تزداد بين القبائل بأواسط نجد ، وانتشر صيته ، إلى أن اشتهر ، وعرف بالقائد ساجر الرفدي ، وتزعم قبيلة الشملان ، وكان محبوباً عند كل من عرفه ، وبدأ يقول الشعر ، وينظمه بقومه ، ويحرضهم به ، ويشحذ من هممهم حتى أصبح شاعراً مجيداً ، وله أشعار كثيرة لم أستطيع جمعها ، ولكنني سأورد ما ظفرت به من شعره ، الذي يحكي واقع حياته ، ويبين الحوادث التي حصلت له ، في سيرته ، وكان من المعاصرين لساجر الرفدي الشيخ برجس بن مجلاد ، شيخ الدهامشة من عنزة ، وكان الاثنان يشكلان خطراً على أمير حائل عبد الله بن رشيد ، ولم يكن ابن رشيد مرتاحاً لموقف الاثنين ، ولذلك بعث أخاه عبيد إلى الإمام عبد الله الفيصل بالرياض ، فسأله الإمام عن ما وراءه من أخبار البلاد الشمالية من نجد ، فانتهز ابن رشيد الفرصة ليشي بساجر الرفدي ، وبرجس بن مجلاد هذا ما ظفرت به من هذه القصيدة الطويلة : فسأله الإمام عبد الله عمن يعني بهذه الأبيات ، فقال له هما ساجر الرفدي ، وبرجس بن مجلاد ، اللذان يقومان بغزوات متتالية بنجد ، ويفسدان القبائل ، ويخلان بالأمن ، وأخذ يحرض الإمام عبد الله عليهما ، وفعلا تأثير الإمام عبد الله بكلام ابن رشيد ، فأمر بتجريد حملة لتأديبهما ، فداهمتهما وهما بأراضي القصيم ، وغبها نزحت قبيلة العمارات مضطرة إلى وديان عنزة المعروفة في شمال المملكة ، وهناك استقروا ، وأخذ ساجر الرفدي يشن غاراته على أواسط نجد ، والتفت القبائل من حوله ، وقد قال هذه القصيدة بمناسبة ما حصل عليه من الإمام عبد الله وبعد هذا أخذ يضاعف غاراته على نجد ، وعرف بالشيخ ساجر ، ولم يبق رئيساً لقبيلة الشملان فقط ، بل ترأس عموم قبيلة السلقا ، التي يعتبر الشملان بطناً من بطونها ، وأصبح يشكل خطراً على جميع القبائل المعادية ، وكان في غزواته يتبعه أعداد هائلة من الخيل ، والهجن ، وكان ميمون النقيبة ، وموفقاً بغزواته ، وشجاعاً لا يهاب الموت ، ومع هذا كريماً إلى أبعد الحدود ، ودمث الأخلاق ، ومتسامحاً عن خطايا من حوله من رفاقه ، وكان يفضل قومه على نفسه ، وينصفهم يحقوقهم ، ويعف عندما يغنم ، وليس للشجع في نفسه مدخل .. وهذه السجايا هي من مقومات زعامته ، الأمر الذي حدا بأكثر قبائل عنزة ، وبعض قبائل شمر ، إلى الانظمام إليه في الغزوات ، وكان قد أعد صانعا يسمى خليفاً ، وأسكنه في رأس هضبة تسمى ( اللبيد ) وليس لهذا الصانع مهمة سوى صنع حذاء الخيل ، وتركيبها عندما يغزو ساجر ، ويرجع إليهوبهذه القصيدة لمح عن الأراضي التي يغزوها ، ويصل إليها ، وقال أنه وجماعته ، يذهبون على الهجن إلى أعالي نجد ، ثم ينحدرون ويصلون إلى سنجار بالعراق ، وإلى الدير بسورية ، وقال أنه وجماعته يفعلون الشر والخير ، أي أنهم حرب على من عاداهم ، وسلم لمن صادقهم . لا شك أن ساجر الرفدي قوي العزيمة ، شديد الشكيمة ، طموح إلى أبعد حد ، وقد أوجد نفسه من لا شيء ، وفي بعض غزواته قيلت هذه القصيدة ، ويقال أنها للشاعر اليمني شاعر ساجر الرفدي ويقصد الشاعر سليمان اليمني بكلمة " غنام " ساجر الرفدي قائدهم ، مشبهة بالصقر ، لأن غنام من أسماء الصقور ، وقال أنهم أبصروا عربان ابن لامي ، فاغاروا عليهم ، وأخذوهم ، ثم صمموا على مهاجمة الدويش ، وأخيراً تراجعوا لأن مناهلهم قليلة الماء ، لا تروي الخيل ، وعسار ، أي عميقة ، وفي صبيحة اليوم الرابع وصلو منهل (خضرا ) المعروف وشربوا منه ، وهناك تبادلوا الرأي ، ثم مشوا باليوم الخامس ومروا برجم ( الهيازع ) و ( سنار ) وهناك وجدوا أن ابن علي زعيم قبيلة عبده من شمر قد علم بهم ، وقطع عليهم الطريق ، متصدياً لهم ، وقد انضم إلى ابن علي ابن طوالة زعيم قبيلة الأسلم من شمر ، وذكر الشاعر أنهم هاجموهم وهزموهم ، هم ومن معهم ، وأن خيلهم هاربة ، ومن فوقها الشبان الذين يعشقون البنات ، و قال إنهم ( يقصد جماعة ساجر ) يغلبون كل من يحاربهم ، ولا يغلبون ، ، وكان أعاد معنى بيت عمرو بن كلثومثم قال في آخر قصيدته : وهو ولا شك يتكلم بلسان ساجر : أنه إذا تحداه أحد حاربه ، وأنه يجير من استجار به ، ويكرم ضيفه وجاره ، ثم قال أنه يغتصب الناس ، ولا يستطعون اغتصابه ، وهذه هي عادته على صهوات الجياد ، واكوار الإبل ، وقال إن أعداءنا ، يشكون الضيم من كراديس خيلنا ، وإننا نسير بنجد جيئة وذهاباً لا نخشي من اعتراض طريقنا . وفي سنة من السنين ، وفي عنفوان زعامة ساجر الرفدي ، وبروز شخصيته ، بين زعماء قبائل نجد ، حصل بين آل شعلان خلاف على الزعامة ، وهم عائلة آل نائف ، وعائلة آل مشهور ، وكان شيخ الشعلان وقبائل الرولة آنذاك هو فيصل بن نائف الشعلان ، ويسانده أخوه هزاع بن نائف ، وابنا أخيه ، وهما فواز وصطام ابنا حمد النايف ، وقد حصل بين العائلتين معركة ، تغلب فيها آل مشهور ، على ألا نائف ، وقتلوا فيصل بن نائف شيخ القبيلة ، وابن أخيه فواز ، وجرح هزاع جرحاً بليغاً .. على اثر ذلك عابت رجله ، أما صطام بن حمد فكان صبياً صغيراً ، لم يبلغ سن الرشد ، وكان عمره يقارب ثلاث عشرة سنة ، ففر به ( عبيد ) آل نائف ، والتجأوا به إلى الشيخ الرفدي ، أما آل مشهور فقد أخذوا راية الشعلان المشهورة ، وهي عبارة عن هودج مجلل بريش النعام ، ومن أخذ هذه الراية من عائلة الشعلان ، يصبح هو رئيس القبيلة ، وكانوا يحملونها في ساعات الحروب ، يتكاتفون من حولها ، .. وفعلاً ترأس آل مشهور بقبائل الرولة . أما صطام بن شعلان فعندما التجا إلى ساجر الرفدي هو وعبيده ، سألهم ساجر عن القصد من لجوئهم ، فأخبروه بما وقع بينهم وبين أبناء عمهم ابن مشهور ، وإن شيخ الرولة فيصل قد قتل ، وكذلك ابن أخيه فواز ، وإن ابن مشهور غدر بهم ، وطلبوا من ساجر أن يعينهم بنفسه ، لأخذ الثأر من آل مشهور ، واستعادة الاية ، وقد لبى طلبهم ، وقال اطمئنوا فأنا معكم ، وأعطيكم عهد الله على ذلك ، ولكن لا بد من أن أتوجه أنا وإياكم للشيخ ابن هذال ، شيخ العمارات ، لنعرض عليه الأمر ، ونخبره بكل ما حصل ، ونطلب منه أن يكون بجانبنا لتنفيذ ما طلبتموه ، وأنا أؤكد لكم أنني سأكون معكم حتى ولو اعتذر هذال ، ثم توجه ساجر . ومعه صطام الصبي الصغير ، إلى ابن هذال ، واخيروه بالأمر ، وطلب منه ساجر أن يقود قبائل العمارات ، لأخذ ثار آل نائف ، من آل مشهور ، وارجاع رايتهم إليهم ، وقد استعد ابن هذال لذلك ، وطمأن الشيخ الصغير صطام بن شعلان ، بأنه سيسير معهم ، وعمم الأمر إلى جميع قبائل العمارات ، ثم التفوا من حوله ، ومعه ساجر الرفدي وقبائله ، وصطام معهم ، ومن معه من العبيد ، وقيل أن معهم قسماً من قبائل الرولة ، وزحفوا على آل مشهور ، وقبائل الرولة ، وكان آل مشهور ومن معهم نازلين في وادي ( أبا القور ) المعروف ، وقد أرسل ابن هذال جواسيس ليسبروا قوة الرولة ، وبعد أن عاد إليه الجواسيس واخبروه أن الرولة مجتمعة عن بكرة أبيها ، مع آل مشهور ، وبعد أن تأكد ذلك ابن هذال استصعب الأمر ، والتفت إلى ساجر الرفدى ، وصطام بن شعلان ، وقال لهم لا بد من الرجوع والتأني ، إلى أن يتفرق عربان الرولة عن آل مشهور ، ثم نغزوهم مرة ثانية ، وهم وحدهم ، وننفذ ما طلبة صطام بن شعلان ، وعندما لاحظ عبيد صطام تردد ابن هذال ، وجهوا صطاماً بأن يستثير ساجر الرفدي بالنخوة العربية ، ولما فعل ذلك صطام ، قام ساجر الرفدي غاضباً ، وركب قلوصه ، وصاح بفرسان قبائل العمارات ، وقال الذي يريد يتبعني فأنا ذاهب لمهاجمة آل مشهور ، ومن معهم ، لأخذ ثأر من استجار بي ، والذي يريد منكم أن يرجع فهو يرجع حر ، ثم دفع مطيته مسرعاً ، ومستجنباً جواده ، وذهبت فرسان العمارات خلفه ، ولم يتأخر أحد عنه ، وعندما لاحظ الشيخ ابن هذال ذلك صمم على الاستمرار معهم ، لتنفيذ الخطة ، فهاجموا آل مشهور ومن معهم من الرولة ، إلا أنهم لم يظفروا بعائلة آل مشهور ، لأنهم دافعوا عن ظعينتهم الخاصة ، وعن راية الزعامة ، وحموها من القوم المغيرين ، وتوجهوا إلى أراضي دومة الجندل ، وبعد ذلك قرر ابن هذال الاكتفاء بهذه المعركة ، وأمر القوم بالرجوع ، ولكن ساجراً لم يكتف بذلك بل أصرع على مناصرة صطام ابن شعلان ، وعارض ابن هذال بالرأي ، واستمر بمطاردة آل مشهور ، وتبعة العمارات ، ولم يتأخر منهم أحد ، ثم كر على آل مشهور مرة ثانية ، وهم في دومة الجندل ، وقتل من فرسانهم عدداً كبيراً ، وأسر الكثير ، واسترجع الراية لصطام بن حمد الشعلان ، وعادوا إلى منصبهم الذي سلبه منهم أبناء عمهم آل مشهور ، أما ساجر فهو لم يكتف بهذا النصر ، بل كان حافزاً له على مواصلة غاراته على جهات أخرى ، فأغار على الشيخ ابن زويمل أحد مشائخ شمر ، وهو المسئول عن إبل طلال بن رشيد ، حاكم حائل ، وكان في الدهناء ، وقد قتل ابن زويمل ، وأخذ كل ما عنده لابن رشيد من المواشي ، الرفدي ، جراءته الفائقة ، حيث تجرأ على مهاجمة المسئول لحاكم حائل ، متحدياً بذلك الحاكم نفسه ، وقد رجع بهذه الغنائم العديدة إلى أهله