بليهان
20-Jan-2007, 05:40 PM
يا شعراء المليون..
محمد أبو حمرا
.
.
.
انشغل العوام ببرنامج شاعر المليون، وهو برنامج فكرته جيدة، أي إيجاد تنافس بين الشعراء الشباب على الإبداع ومواجهة الآخرين بشيء من الجديد مما لديهم؛ أو على الأقل الانتشار. إلى هنا الفكرة جيدة، لكن أن يتحوّل البرنامج إلى شكل ممجوج من أولئك الذين يبدأون قصائدهم بتعظيم الذات ثم ينحرفون بسرعة الثعلب إلى كيل المديح من أجل دينار ودرهم فهذا هو السقوط حقاً، وهي أزمة يعاني منها الشاعر الشعبي واقعاً وممارسة، بل يعتقد بعضهم أنه ما رُزق هذه الموهبة إلا من أجل التسوّل وإذلال الحرف الجميل وتمريغه في التراب، يصاحب ذلك تشنج حلقومه الشديد الحشرجة!!هذه النوعية من الشعراء هم الذين يُحثى في وجوههم التراب، وهم يستحقون ذلك، لأن زمن مديح المتنبي لكافور الأخشيدي تجاوزناه بزمن وعقل خلاَّق ومرتفع عن إذلال الذات والكائن الحي، ثم لو علمت حقوق الإنسان عن إذلال الشاعر المادح أو القادح لنفسه ولحرفه وهيئته كإنسان لجرَّمته على فعله!! والغريب أن هؤلاء يجدون من يرمي لهم عظمة يعضون عليها حتى يسكتوا، وتنتهي مادة العظمة ويبدأ مشوار آخر من تمريغ الكرامة الإنسانية، بل نجدهم يفخرون بقبائل لها شأن في الرجولة والوفاء وعزة النفس، ثم يتحوّلون إلى متسوِّلين أغبياء سذّج؛ هذا هو حال الأغلب منهم للأسف، وهي حالة وحال لا يبشِّر بنشوء جيل يعتمد على ذاته بعيداً عن المديح المفتعل.
كثيرون من الشعراء ما زالوا يحتفظون بكرامتهم وحفظ ماء الوجه؛ ومع قلة ذات اليد عندهم، كافحوا بأيديهم لبناء أسرة ومنزلة وقيمة في الذات وفي المجتمع، ولعل أقرب مثال لأولئك الذين لم يمتهنوا شعرهم للمديح الشاعر العويس، وهو رجل له احترامه وله اعتزاز بنفسه وحفظ لماء وجهه، ومع أنه يستطيع أن يكسب بلسانه لكنه يحفظ شعره وشعوره من الجرح والتجريح، فالشعر مثل الابن الغالي لا يمكن أن تجلسه أمامك مهاناً يمارس التسوّل.وما أقبح أن تكون مهمة الشاعر تلميع الجوخ والسكوت عن هموم أكبر من عظمة يسد بها فمه اللاهث دوماً، فعلاً هو مبدأ تمريغ الكرامة العربية بالتراب مقابل وهج التبر!!
منقول :لجزيرة الاربعاء 28 ذو الحجة 1427 العدد 12529
محمد أبو حمرا
.
.
.
انشغل العوام ببرنامج شاعر المليون، وهو برنامج فكرته جيدة، أي إيجاد تنافس بين الشعراء الشباب على الإبداع ومواجهة الآخرين بشيء من الجديد مما لديهم؛ أو على الأقل الانتشار. إلى هنا الفكرة جيدة، لكن أن يتحوّل البرنامج إلى شكل ممجوج من أولئك الذين يبدأون قصائدهم بتعظيم الذات ثم ينحرفون بسرعة الثعلب إلى كيل المديح من أجل دينار ودرهم فهذا هو السقوط حقاً، وهي أزمة يعاني منها الشاعر الشعبي واقعاً وممارسة، بل يعتقد بعضهم أنه ما رُزق هذه الموهبة إلا من أجل التسوّل وإذلال الحرف الجميل وتمريغه في التراب، يصاحب ذلك تشنج حلقومه الشديد الحشرجة!!هذه النوعية من الشعراء هم الذين يُحثى في وجوههم التراب، وهم يستحقون ذلك، لأن زمن مديح المتنبي لكافور الأخشيدي تجاوزناه بزمن وعقل خلاَّق ومرتفع عن إذلال الذات والكائن الحي، ثم لو علمت حقوق الإنسان عن إذلال الشاعر المادح أو القادح لنفسه ولحرفه وهيئته كإنسان لجرَّمته على فعله!! والغريب أن هؤلاء يجدون من يرمي لهم عظمة يعضون عليها حتى يسكتوا، وتنتهي مادة العظمة ويبدأ مشوار آخر من تمريغ الكرامة الإنسانية، بل نجدهم يفخرون بقبائل لها شأن في الرجولة والوفاء وعزة النفس، ثم يتحوّلون إلى متسوِّلين أغبياء سذّج؛ هذا هو حال الأغلب منهم للأسف، وهي حالة وحال لا يبشِّر بنشوء جيل يعتمد على ذاته بعيداً عن المديح المفتعل.
كثيرون من الشعراء ما زالوا يحتفظون بكرامتهم وحفظ ماء الوجه؛ ومع قلة ذات اليد عندهم، كافحوا بأيديهم لبناء أسرة ومنزلة وقيمة في الذات وفي المجتمع، ولعل أقرب مثال لأولئك الذين لم يمتهنوا شعرهم للمديح الشاعر العويس، وهو رجل له احترامه وله اعتزاز بنفسه وحفظ لماء وجهه، ومع أنه يستطيع أن يكسب بلسانه لكنه يحفظ شعره وشعوره من الجرح والتجريح، فالشعر مثل الابن الغالي لا يمكن أن تجلسه أمامك مهاناً يمارس التسوّل.وما أقبح أن تكون مهمة الشاعر تلميع الجوخ والسكوت عن هموم أكبر من عظمة يسد بها فمه اللاهث دوماً، فعلاً هو مبدأ تمريغ الكرامة العربية بالتراب مقابل وهج التبر!!
منقول :لجزيرة الاربعاء 28 ذو الحجة 1427 العدد 12529