المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأنساب والحاجة إلى منهج علمي


النايع
30-Aug-2006, 10:59 PM
الأنساب والحاجة إلى منهج علمي

بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة الكرام/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حبيت أنقل لكم موضوع هام يتعلق في الانساب. والحقيقة أنه جدير بالإهتمام.
وفيه مواضيع مهمه. مثل علاقة سبأ بالحبشة. والبصمة الوراثية وغيرها.

--------------------------------

الكلام في مناهج بحث الأنساب يعتريه الكثير من الطموحات لما في كتابات الأنساب من افتراضات ومسلمات لم تثبت بأيّ وسيلة من وسائل الثبوت العلمية. وليس المقصود بهذه المحاضرة الوصول إلى إجابات محددة بقدر ما هو تسليط الضوء على مدى احتياجنا لمنهج علمي وعرض بعض وسائله.
إنّ تتبع تاريخ الشعوب يدل على أنّ هناك حلقات تاريخية حاسمة تتكرر في كثير من البلاد يتم فيها طمس بعض المعالم التاريخية للشعب أو القبيلة لعدة أسباب أكثرها يتعلق بمظاهر القوة والعزوة. والناس في الغالب ترغب في الانتساب إلى الأقوى. ومن لم يستطع ذلك فالأرجح أن ينتسب إلى طرف آخر يمكن أن يشكل تحديًا للأقوى. والباقون يحكم عليهم بالفناء والإبادة أو طمس تاريخهم.
وما حصل من تقسيم العرب إلى عرب بائدة وعاربة ومستعربة لا يخرج عن هذه القضية. فبعد سيطرة قريش على مقاليد الأمور وخاصة بعد المكانة التي اكتسبتها بعد البعثة النبوية، ظهرت القطبية التي ترفع من شأن الآخرين وهم اليمن، وتم اختصار أنساب العرب إلى قحطان وعدنان وقضاعة التي تحيرت بين الاثنين.
ومن المؤسف أن يتم استخدام النصوص القرآنية للاستدلال على فناء شعوب كاملة دون أن تحتمل النصوص ذلك. فعندما تكلم المؤرخون عن إبادة عادٍ وثمود، استدلّوا ببعض النصوص وتركوا بعضها الآخر. والواقع أنّ القرآن عندما ذكر إبادة عادٍ كان الكلام عن ساكني الأحقاف وليس عن كافة الشعب الذي ورث قوم نوح في خلافة الأرض كما جاء في مواضع أخرى في القرآن. وما ذكر أيضًا عن إبادة ثمود كان محددًا في أصحاب الحجر دون تعميم على غيرهم.
ثم لنرجع إلى ما سُمِّي بالعرب البائدة. قالوا: هي عاد وثمود وطسم وجديس والعماليق إلى آخر ذلك. وهذا يعني أنّ هؤلاء كانوا عربًا ثم بادوا أو باد أكثرهم. فهل أقيم الدليل على أنّ هذه الشعوب كانت عربية في المقام الأول؟ وما هو الدليل على عروبتهم؟ هل وجد نص واحد ينسب إلى شعب عادٍ أو ثمود فمن سواهم ينسبون فيه أنفسهم إلى العرب أو نجد لهم نقوشًا أو آثارًا باللغة العربية المعروفة؟
وهناك سؤال آخر يتعلق بالموضوع. متى بدأ ذكر العرب في التاريخ؟ ومتى بدأ الأدب العربي والتراث الفكري العربي في الظهور؟ والجواب الذي يأتي من المؤرخين أنّ أول ذكر للعرب كان في القرن التاسع قبل الميلاد عندما تحرّشوا بأحد ملوك بابل. ثم ذكرهم مؤرخ الإغريق هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد، وذكر بعض ديارهم، وفي القرن الأول بعده أوضح بطليموس في جغرافيته مدى انتشار العرب في الجزيرة العربية والصحراء، وهي ما يحدّ نهر الفرات جنوبًا إلى الشام. وما يحدّ نهر النيل شرقًا من أرض مصر وسيناء وسائر الأردن وفلسطين وسيناء وهي العربية البتراء أو الصخرية.
ولكن هل يعني ذلك أنّ كل من سكن هذه البقاع كان عربيًّا أم أنه من الممكن أن يكون العرب قد تحدروا من ذرية قوم آخرين. فقد عثر علماء الآثار على العديد من النقوش في اليمن وغيرها تعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد، وبعضها يعود إلى ما بعد الميلاد. ولا نجد في أيّ من هذه النقوش ما يدل على أنها كتبت بلغة عربية نستطيع فهمها دون ترجمة. بل إنه توجد اليوم في عمان واليمن عدة لغات ليس لها علاقة باللغة العربية. وعندما يحدثك أهل اليمن يقولون: إنها من بقايا لسان حمير.
وإذا كان هذا لسان حمير الذي نعت بالعتمة وعدم الوضوح، كيف استقر القول أن اليمن هم من العاربة من قحطان وبني قحطان؟ ثم إذا كانت حمير وأبوها سبأ من العرب العاربة، فلماذا تم إبعاد الحبشة من العرب، وهم أقرب إلى لسان حمير من العرب الآخرين؟ أليس الأكسوم، وهم خلاصة الحبشة، ينسبون إلى بلقيس ملكة سبأ؟ وأليس ظهور الأكسوم في سلالة حمير عند الهمداني مؤشرًا على احتمال ارتباط الحبشة بحمير أو سبأ؟
لقد تعرّض المنهج الإخباري لدى العرب إلى العديد من الانتقادات. ومن ذلك ما يروى عن سلاسل الأنساب البعيدة التي يصعب تصديق حفظها على مدى مئات السنين. وأشير على وجه الخصوص إلى الطعن الذي تعرّض له بعض كبار النسابين مثل ابن الكلبي ومن نقل عنه في مصداقية رواياتهم. ومن ذلك الأشعار التي تروى عن ملوك حمير الأقدمين مثل: الصعب ذي القرنين، وياسر ناشر النعم، وغيرهما، والتي تتنافى مع الواقع اللغوي الذي توضحه الآثار والنقوش المكتشفة. وغير ذلك من الانتقادات التي يطول حصرها.
ولكن مسألة النقد المشار إليها ينبغي أن يتم تناولها بحذر وتمحيص؛ فليس العرب وحدهم الذين تعرّض تراثهم التاريخي للنقد، ويبدو أنّ العديد من شعوب العالم تم تجهيل وتسطيح تراثهم التاريخي الذي تشكل الأنساب جزءًا منه. وهذه الحركة الفكرية التي تميل إلى نبذ التراث قد بدأت في القرن الثامن عشر وسيطرت في القرن التاسع عشر والذي يليه. فتم نبذ معظم التراث الموثق للهند مثل (Rig Vedas) وبريطانيا مثل تاريخ جيفري (Geoffrey of Monmouth Historia Regum Britanniae)، وتاريخ نينيوس (Nennius Historia Brittonum)، وثلاثيات ويلز (Welsh Triads) وما إلى ذلك. وهو ما حصل تمامًا عندما تم نبذ تاريخ وهب بن منبه المسمى بالتيجان وتاريخ الهمداني من قبل بعض المؤرخين العرب والمستشرقين، مع العلم أنّ بعضهم الآخر هو من حقق بعض هذه الكتب النفيسة.
ويبدو أنّ ثمة معضلة محورية تعتري بعض هذه المصادر التراثية. فعندما يكتب أصحابها عن أخبار قريبة بعهدهم لا يبدو عليها الاضطراب في الغالب، ويسهل على المحقق تمحيصها. ولكن عندما يربطون أنساب معاصريهم بسام أو حام أو يافث هنا يتضح التهافت والضعف تمامًا مثلما حصل في ربط أنساب العرب بالثنائي عدنان وقحطان. وهكذا فإنّ التاريخ التراثي قد دفع ثمن اعتماده على مصادر التوراة أو العهد العتيق كما يسمّى. وليس كل ما في التاريخ التراثي أو الإخباري ضلال أو خطأ. بل إنّ المصادر التاريخية القديمة هي أوثق ما اتصل إلينا من مصادر مكتوبة. ولكنها مع الأسف لم يتم تمحيصها وتحليلها بعناية لاستخراج سليمها من ضعيفها، وفي هذا يتساوى تراث العرب مع تراث غيرهم في كثير من الأحيان.
وفي واقع الأمر وما دام الأمر يتعلق بالنقد فإنّ المستشرقين وغيرهم لم يكونوا بأحسن حالا من الإخباريين العرب في موضوع الأنساب. وعلى سبيل المثال فإنّ الذي صنّف سكان الجزيرة العربية إلى فئة الساميين هو شلوستر دون أيّ دليل على صحة هذا التصنيف. وترتب على ذلك أنّ لغات العالم صنفت على أساس توراتي غير علمي، فتجد مجموعة اللغات السامية، ومجموعة اللغات الحامية، ومجموعة اللغات الهندية الأوربية، بما في هذا التقسيم من تناقض في المنهج. مع العلم أنه حتى التوراة لا تدعم هذا التصنيف اللغوي، فليس فيها ذِكر لعادٍ أو ثمود وهي أقدم شعوب المنطقة بالسامية وليس من دليل على علاقة عادٍ وثمود بسام أو غيرهم من أبناء نوح.
والمسألة الأخرى التي تشكل عقبة في دراسة الأنساب بشكل منهجي تتعلق بموضوع تحديد مشكلة البحث. وقد أوضحنا في كتابنا "دليل إنشاء وتحقيق سلاسل الأنساب" أنّ تحديد مشكلة البحث من الخطوات الرئيسية في المنهج العلمي. وقد يعتقد البعض أنّ هذه مسألة بديهية. ولكن لننظر إلى المثال التالي:
مثال: نسب البربر إلى العرب
ورد عند النسابين أنّ البربر اختلف في عروبتهم أو عروبة بعضهم. وهذا التصنيف يرجع إلى قضية الانتساب للأقوى التي أشرنا إليها سابقًا. فلو كان البربر هم الذين ورثوا الأرض من الفرس والروم بدل العرب لكان السؤال: هل العرب من البربر أم لا؟
ولنعرض هنا بعض الاقتراحات الأخرى لمشكلة البحث:
• هل العرب من البربر أم البربر من العرب؟
• هل هناك قرابة بين العرب والبربر؟
• هل هناك عرب تحوّلوا إلى بربر؟
• هل هناك بربر تحوّلوا إلى عرب؟
• هل هناك أصل مشترك يجمع العرب والبربر؟
• أيّ من العرب يقصد بهذا الموضوع؟
• أيّ من البربر يقصد بهذا الموضوع؟
• هل هناك فئات أخرى أقرب إلى البربر من العرب؟ وما هي؟
• ما هي الفترة الزمنية التي تحدد فيها الدراسة؟
كما يتضح من هذا المثال، فإنّ تحديد المشكلة في إطار أوسع قد يكون أجدى للباحث وأحرى أن يستوعب أكثر الاحتمالات المتعلقة بالموضوع.
وقبل أن نختم هذا الجزء من الحديث أقول بالضرورة أنه لا يتسع المجال لاستقصاء جميع الجوانب المتعلقة بالموضوع، وإنما نهدف إلى إلقاء بعض الضوء عليه تحفيزًا للهمم لتناوله بصورة مفصّلة في مناسبات أخرى. وكذلك أردت أن أوضح أنّ المؤرخين العرب لم يتفردوا بالنقد دون غيرهم. كما أنّ المنتقدين لم يقدّموا بديلاً مقنعًا كمنهج لدراسة الأنساب في القرنين الماضيين.
ولننتقل الآن إلى القسم الثاني من الحديث وهو المصادر الغربية وأهميتها في دراسة أنساب العرب. وحيث إنّ حضارتي الروم والفرس أقدم من حضارة العرب الإسلامية. وأنّ أقدم المصنفات التاريخية والجغرافية المتوفرة حاليًّا هي من عمل الروم، فلا بد للباحث أن يلجأ إلى هذه المصادر مثل تاريخ هيرودوت والذين من بعده من الإغريق والرومان وغيرهم. فلا بد من استقصاء مؤلفات سترابو وبليني وديودور الصقلي وغيرهم الذين تكلموا عن العرب، وذكروا طرفًا من أخبارهم ووقائعهم. ولنذكر مثالاً واحدًا مما يمكن ملاحظته عند تقصّي هذه المصادر وهو عن جغرافية بطليموس.
كان بطليموس (Claudius Ptolemy) أمينًا لمكتبة الإسكندرية حيث عاش في الفترة من 87-150 للميلاد على حسب إحدى الروايات. وكان هذا العالم ضليعًا في الرياضيات والفلك والجغرافيا. ولكن أبرز ما تركه مما يتعلق بالموضوع هو أطلس حدد فيه مواقع البلاد والمدن والشعوب والقبائل.
ولننظر إلى إحدى الخرائط المنسوبة إليه وهي خريطة شبه الجزيرة العربية التي نشرها زويمر في كتابه "الجزيرة العربية مهد الإسلام" "Arabia The Cradle of Islam, by S. M. Zwemer, London, 1900 ". ويجدر التنويه أنّ هذه الخارطة ومثلها عدة خرائط وضعها جغرافيون في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين مستمدة من قراءتهم لجغرافية بطليموس.
ولننظر فيما إذا كانت هذه الخريطة تدعم تقسيم العرب إلى عدنانية وقحطانية وبائدة فماذا نرى؟
وبغض النظر عما إذا كنا نتفق مع ترجمة زويمر لأسماء القبائل أم نختلف فإنّ هناك ملاحظات مهمة. فلا يوجد عدنان في الخارطة ابتداء وإنما توجد فروع منسوبة إليه مثل إياد. ومن الممكن أن نتصرف في اسم عدين لتقريبه إلى عدنان، ولكن ذلك يحتاج إلى تمحيص. وأكبر شيء في الخارطة هو سبأ. وبجوار سبأ قبيلة صغيرة قد تترجم إلى يعرب أو أرحب كما يقول زويمر. أمّا قحطان فهي في قلب نجد وأقرب إلى العارض. وأمّا ثمود فهي في الشمال الغربي قرب تيماء. وأمّا عنـزة فلا توجد ولكن يوجد ما يشبه عبد القيس في منطقة الكويت، وعبد القيس يفترض أنها من فروع عنـزة. وغير ذلك من الملاحظات الكثيرة التي تحتاج إلى بحث متخصص، بل إلى عدة أبحاث لتحليلها وتفسيرها. ولكن المهم في الموضوع أنّ هذا المصدر القديم والموثّق لا يتفق في كثير من دلالاته الظاهرة مع نظرية الأنساب العربية، وعلى وجه الخصوص يؤكد أنه كان هناك العديد من القبائل العربية منتشرة في كافة أنحاء الجزيرة العربية، وما قحطان وعدنان إذا قبلنا التحليل السابق إلاّ جزءًا من هذا الكل الذي يضم مازن وعك وغسان ولحيان وتنوخ وعذرة والأنباط ووبار وغيرهم. والملاحظة الأخرى الجديرة بالاعتبار وجود عدد من القبائل المنسوبة إلى قضاعة مما يثير تساؤلاً مشروعًا عما إذا كانت قضاعة في الواقع أقدم من عدنان وقحطان.
الاتجاهات الحديثة في الأنساب
هناك بعض الاتجاهات الحديثة في الأنساب بدأت تأخذ مساحة كبيرة في الغرب. ولنتطرق إلى بعضها في عجالة. إنّ أهم هذه الاتجاهات في تقديري هو استخدام البصمة الوراثية أو البصمة الجينية في إثبات النسب. بدأ هذا الاتجاه بعد اكتشاف العالم البريطاني جيفريز بعض طلاسم الجينات التي تنقل المقومات الوراثية من جيل لآخر، وهي ما يُسمّى بالحمض النووي الريبوزي المختزل (د. ن. آ) للاختصار. وتحتوي هذه المقومات الوراثية على كل الصفات الوراثية التي يحملها الإنسان. وتترتب هذه الجينات على 23 زوجًا من حاملات الجينات أو الكروموسومات. وتتألف الكروموسومات من الحمض النووي وبروتينات لها دور مهم في المحافظة على هيكل المادة الوراثية. إنّ المعلومات الوراثية للإنسان تكمن في تتابع الشفرة الوراثية في مواقع محددة. واكتشاف جيفريز يكمن في العثور على اختلافات في تتابع الشفرة الوراثية ينفرد بها كل شخص مثل بصمة الإصبع؛ ولذلك أطلق عليها بصمة الجينات. وهذه الاختلافات في التركيب الوراثي تورث للأطفال عن طريق الأب والأمّ.
ومنذ ذلك الحين بدأ استخدام البصمة الوراثية في تتبع القرابة بين مختلف الشعوب والأجناس والقبائل. وتطورت التجارب في هذا المجال حتى أصبحت تستخدم في الأدلة الجنائية وفي إثبات الأبوة والبنوة على درجة عالية من الدقة. وتطور الموضوع إلى الاستخدام التجاري والشعبي. فيوجد اليوم حوالي عشر مؤسسات تجارية على استعداد لأخذ البصمة الوراثية لشخصين أو أكثر لتحديد ما إذا كانا يمتّان لبعضهما بالقرابة.
وتعتبر المخرجات التالية من النتائج المتوقعة لهذه الفحوصات:
• تحديد ما إذا كان هناك قرابة بين شخصين.
• تحديد ما إذا كان الشخصان يتحدران من سلف مشترك.
• اكتشاف ما إذا كان هناك قرابة بين أفراد يشتركون في اسم العائلة.
• إثبات أو نفي نتائج أبحاث سلسلة نسب معيّن.
• تحديد الملامح العرقية لشخص ما.
ويتم الوصول إلى هذه النتائج من خلال فحوصات كروموسوم ياء الذكرية وفحوصات أخرى أمومية. وبما أنّ كروموسوم ياء ينتقل من خلال الآباء إلى الأبناء فإنه يمكن بالتحديد معرفة النتائج المشار إليها أعلاه. ويمكن من ذلك وجود علامات متناهية في الصغر على كروموسوم ياء تُسمّى نوع هابلو، وهذه العلامات تحتوي على اختلافات تميّز أعراقًا وشعوبًا عن غيرها. وفي هذه الحالة يحتاج الباحث إلى عدد كبير من العينات للتفريق بين مواصفات الأجناس المختلفة.
ويمكن تحديد مدى وجود قرابة عن طريق التركيب الجيني أو الهابلو لكروموسوم ياء. ويعبر عن ذلك رقميًّا عن تردد أو تتابع الأساس النووي لكل علامة أو موقع على كروموسوم ياء يتم اختباره. فإذا كان الأشخاص المشاركون في الاختبار يتطابقون في نوع الهابلو أو رقم التتابع لجميع العلامات يستنتج وجود أب أو جدّ مشترك بينهم. ويتراوح عدد العلامات اللازمة للاختبار بين 12 و34 ولكن أكثر الفحوصات التجارية تستخدم 25 علامة لدراسات اسم العائلة المشترك. ويعتبر توافق نوع الهابلو لخمس وعشرين علامة كافية لوجود سلف مشترك في الماضي. ولكن يقبل أيضًا توافق 24 من 25.
مثال 1:
لاحظت الباحثة الأمريكية ميجان سمولنياك (Megan Smolenyak Smolenyak, Association of Professional Genealogists Quarterly, March, 2003) أنّ بلدتها الأصلية أسترنا في سلوفاكيا تحتوي على ثلاث أسر تشترك في لقب سمولنياك نفسه. بذلت هذه الباحثة مجهودًا كبيرًا للحصول على دعم هذه الأسر للمشاركة في الاختبار، انطلاقًا من الاعتقاد السائد أنّ هناك سلفًا مشتركًا يجمعها. وقدّم عمدة المدينة الدعم المعنوي لإقناع عدد كبير من أفراد البلدة بالمشاركة. واستخدمت الباحثة الأدوات المعتادة مثل وثائق الأسر وسجلات الكنيسة وغير ذلك. ولكن السجلات توقفت عند حوالي 1700 ميلادية دون الوصول إلى سلف مشترك، وبالتالي لجأت الباحثة إلى فحص البصمة الوراثية، وتم إقناع عشرين رجلاً من أهل القرية بالمشاركة. ويتم ذلك عادة عن طريق أخذ كمية صغيرة من اللعاب في حافظة اختبار وإجراء الفحص في المختبر بعد ذلك.
وكانت النتيجة التي حصلت عليها الباحثة غير متوقعة تمامًا؛ فقد جاءت العلاقة سلبية لجميع الأسر التي تحمل نفس اللقب. ومع ذلك فقد وجد أنّ أسرة أخرى لا تحمل نفس اللقب وهي فانكو (Vanecko) تتصل مع إحدى أسر سمولنياك في سلف مشترك. ينظر أيضًا:
www.ancsestry.com/learn/library
مثال 2:
بحث دافيد بتلر كومنج (David Butler Cumming, New England Ancestors, Summer 2003) في مسألة قرابة جون كومن (John Comins d. 1751) المزعومة إلى أسرته التي تنتسب إلى إسحاق كومنج (Issac Cummings, b.1601-?). وسبب هذا البحث أنّ هذه القرابة وردت في بعض الكتب القديمة المؤلفة سنة 1903 و1904م التي ظن الباحث أنها جاءت تجميعًا للأسماء المتشابهة التي سكنت في مقاطعة واحدة هي إسكس في ولاية ماساشوتس.
وحيث إنّ هذه الأسرة لها جمعية واجتماعات دورية تثار فيها مسائل الأنساب، قرر الباحث عمل اختبار البصمة الوراثية تحت إشراف أستاذ في جامعة برجهام يونج، وتم اختيار عينات من تسعة أشخاص ستة منهم ينتسبون إلى إسحاق كومنج وثلاثة إلى جون كومن حسب التسلسل المعروض في المرجع المشار إليه.
وتم عرض النتائج فيه والتي توضح أنّ (11) علامة من (23) علامة تم اختبارها مختلفة بين أحفاد جون كومن وأحفاد إسحاق كومنج. وبذلك استنتج الباحث أنّ احتمال اشتراك هؤلاء في جدّ عاشر يبلغ 3 في المليون وهو احتمال ضعيف جدًّا. كما يتضح أيضًا من الدراسة أنّ أحد أفراد عائلة إسحاق كومنج وهو رقم 3 في الشكل لا يمت بقرابة دم إلى هذه الأسرة. واقترح الباحث ستة تفسيرات لدخول هذا الفرد ضمن الأسرة مثل التبني أو كفالة أحد الآباء لابن زوجته من زوجها الأول وما إلى ذلك.

خاتمـة
تحتاج مراكز الأبحاث عندنا إلى تطوير مناهج علمية لبحوث الأنساب بحيث يتم الاستفادة من جميع المصادر المتوفرة وخاصة الحديثة منها. ويتوقع أن يأخذ موضوع البصمة الوراثية زخمًا كبيرًا في المستقبل القريب، وأن يكون له أبعاد قانونية وحضارية وتاريخية كبيرة. وليس من المستحب أن نكون بعيدين عن هذا الموضوع، ونظل نتمسك بنظريات قديمة دون الاستفادة من التقنيات الحديثة في الاستدلال عليها أو معرفة حقائق أخرى لم تكن معروفة.
والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

* الأمين العام لمجلس الجامعات الخاصة، الكويت.

--------------------------------
منقول من مجلة العرب

غصاااب
31-Aug-2006, 12:43 AM
هلا ياخوي
ماقريته كله لكن اللي يظهر ان الذي يحتاج منهج علمي هو دراسة علم الانساب وتاريخها وارجاعها الى اصولها القديمة وهذه القواعد موجوده لكن للاسف ان بعض من يقحم نفسه في هذا العلم يخل بها وقد يتركها الى التخمين والظن الذ ي لايغني من الحق شيئاً والاعتماد على تشابه المسميات وهذا من الجهل والكلام بدون علم

اما مجرد النسب واثباته فلايحتاج لدراسة ولا قرطاس
بل يكفي الاستفاظة لهذا فان الاعرابي الذي عاش حياة امي عند قطيع غنمة يكون اكثر حفظا لنسبه
وعلى طاري البصمة والوراثة كان فيه قبيلة عربية كنت اقابل بعض افرادها واشاهد اختلاف فيهم من منطقة لأخرى مرات تقول رجال من ربعنا للي حنا خابرينهم ومرات هيئتهم وكلامهم ماتقول غير من لحوج صنعا في الاخير عندما قرأت عنها اكتشفت انها هذه القبيلة اصلها يمنية ودخل فيها في القرون الغابرة ناس من قبيلة هوازن !!!
لااله الا الله يظهر ان هذه الصفات الوراثية بقية متسلسلة متباينه الى هذه الزمن

الأح غصاب : كتاباتك جيدة ولكن نأمل عدم التطرق الى الطعن بأنساب القبائل العريقة أو الغمز واللمز لأنها ليست من صفات أهل الفضل والمعرفة فهذا ينقص من مقدار ما تكتب .

النايع
31-Aug-2006, 02:52 AM
شكراً أخي غصاااب

وأنا اتوقع أن البصمة الوراثية ستكون في صالح القبائل العربية.

وستقضي على كثير من الإدعاءات. وخطأ تنسيب قبائل في قبائل.

بل ستقضي على أغلبية كتب الأنساب!

لأن قبائل العرب من أشد المتمسكين بأنسابهم. وظاهرة الحلف ليست كما يظن البعض.

وأنا أعرف من تقصد في ثنايا كلامك. وبرضه أوافقك. خصوصاً في اللي يبيعون تمر ديرتهم في الدباب هههههههه

احترامي

الأمــير
31-Aug-2006, 02:58 AM
لاهنت على النقل

النايع
31-Aug-2006, 03:17 AM
مشكور يا ذيب الحنابج

الوليد الاسعدي
05-Sep-2006, 10:41 PM
مقال منصف ورائع .
تشكر على النقل يالنايع وحياك الله وتقبل تقديري واعجابي .