مشاهدة النسخة كاملة : رجال خدموا الاسلام
ابووليد
10-Aug-2006, 02:18 PM
http://www.9q9q.org/index.php?image=q9F8B477532Y (http://www.9q9q.org/index.php?image=JmHeed43z)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني الأفاضل وأخواتي الفاضلات زوار هذا المنتدى الشامخ
كما تعلمون أن تراثنا الاسلامي العريق يزخر بالكثير من القصص الخالدة والنادرة
والتي تحمل بين طياتها الكثير من الصفات الطيبة والخصال الحميدة وفيها من النصح والحكمة ولكن فيه رجال بذلوا الغالي النفيس وسهروالليالي الطوال من اجل
هذا
الدين الاسلامي ، والكثير لايعرف عن حياتهم شيء وممكن لايعرف اسماهم كذلك
لذلك أستأذنكم جميعا في عمل هذه الموسوعة لجمع أكبر قدر ممكن
عن رجال خدموا
الاسلام ، وسوف أقوم بمشيئة الله بتقديمها بشكل اسبوعي من خلال هذه الزاوية .
ابووليد
10-Aug-2006, 02:24 PM
http://www.9q9q.org/index.php?image=q9F8B477532Y (http://www.9q9q.org/index.php?image=JmHeed43z)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإمام محمد بن عبد الوهاب
شمعة على الطريق
مرَّ المسلمون في القرن الثامن عشر بفترات ظلام وجهل ، جعلت من دينهم عرضة للبدع ، وطريق الضلال ؛ التي دسها المفسدون بين الناس تحت شعار الدين ، فكانت هذه الطريق طريق البدعة والضلالة ، مسلكاً مهلكاً لكل من اتبعه . . .
ولا بد من ضوء في هذا الظلام . . . لا بد من شمعة تنير الطريق ، ذلك طريق الذي يدعو إلى صراط مستقيم ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
وكان الإمام . . إمام الموحدين . . حامل كلمة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله . . كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو الشمعة التي تضئ الطريق في طريق الضلالات والبدع ، فاستبدلها الرجل خيراً ودعوة إلى الحق ، فحدَّث الرجل بقلمه كل من له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد .
كاتب دعاةَ الإسلام في كل موضع ومكان . . . كاتبهم لدعوة الناس حكاماً ومحكومين لتصحيح المسيرة . . . مسيرة العقيدة ؛ لتصويب أفكار الناس ، ونفض غبار الجهل من على رؤوسهم .
كان الرجل بعيداً كل البعد عن بداية النهضة والعلم في أوربا ، ولكنه كأنما أحس أن البدع قد دخلت عقول المسلمين ، فأغفلتهم عن سلطان العقل وبأسه ودعوة قومهم إلى تغليب سلطان العقل والدين ، فرفع شعار التوحيد ، مصحوباً بضرورة العمل بكتاب الله وسنة رسوله .
لم ييأس الرجل ، ولم يكلّ . . ما تقاعس أبداً في سبيل محاربة البدع ، والدعوة الصادقة للجهاد . . جهاد النفس . . والجهاد في سبيل الله .
لقد أشعل شمعته ، وانطلق في طريق وعرٍ ، زاد في وعورته جهل القوم ، وتكالب الأعداء حباً في السلطة والتسلط .
سنوات قلائل من الجهد والعمل ، هي جهد الرجل ، وكان المحصولُ وافراً طيباً . . . إنها الشريعة الإسلامية وتطبيقها في شبه جزيرة العرب .
لقد توحدت الجزيرة على توحيد الله عز وجل ، وأيَّدت دعوة الإمام تأييداً مقنعاً رائعاً ، فلقد سُلطَ الضوء ، وهربت الخفافيش من جماعة إبليس إلى الظلام .
لقد أضاء الرجل شمعة في ظلام دامس .
ولم تكن الشمعة بعمل سهل ، ولم يتلألأ ضوؤها في الجزيرة بيسر وسهولة ، وإنما الذي جعل لنورها مذاقاً رائعاً هو ظلام البدع الحالك ، وجهل القوم بدينهم . . . فلنوقد الشمعة على أول الطريق .
--------------------------------------------------------------------------------
المولد والنشأة
في مدينة العينية من نجد بجزيرة العرب ، وفي العام الخامس عشر بعد المئة والألف ولد محمد بن عبد الوهاب ، في بيت مملوء بالصلاح والتقوى ، تتحرك في أرجائه آيات التقوى ، واستغفار الأوابين .
في منزل الشيخ عبد الوهاب بن سليمان الوهيبي التميمي ، قاضي العينية ، جاء المولود بشرى لأهله وذويه .
نشأ الإمام في كنف العلم والقرآن في مدينة العينية ، وكان أبوه خير معين له في درب الثقافة والتعليم مع مطلع حياته ، فحفظ القرآن كعادة القوم في ذلك الزمان الذي عاشوه كأحكام وتشريع ، ولم يعيشوه بعيداً عن جو تشريعه وحدوده . .
تعلم محمد بن عبد الوهاب في مسقط رأسه ' العينية ' على أيدي أئمة المسلمين من الحنابلة ، ففي كُتَّاب هذه القرية حفظ القرآن قبل حلول السنة العاشرة من عمره . . . أيّ ذهن هذا الذي يحفظ أشرف كتاب في عمر العاشرة ؟! إنه لدليل ذكاء حاد .
وتفقّه الرجل حتى روى أخوه سليمان قائلاً في ذكائه :
' كان أبي عبد الوهاب يتعجب من ذكاء أخي محمد ، فقد تعلم والدي منه ، واستفاد من شدة اطلاعه ، ونفاذ بصيرته ، فراح يقول : لقد استفدت منه كثيراً ' .
كان الحج كفريضة وزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول عمل يؤديه محمد ابن عبد الوهاب في شبابه ، وتعلم على أيدي علماء الحرمين .
ولقد كان لعدد من العلماء السلفيين دور في تشكيل وبناء فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، ومنهم الشيخ محمد المجموعي ، وبعض علماء العراق الآخرين ، وقد هاجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما رآه من المعاصي هناك ، وعاد غاضباً .
ومن علماء الإحساء كان للشيخ ابن عبد اللطيف ، وهو أحد علماء الإحساء الحنابلة ، دور في بناء فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الديني .
وقد تدارس الشيخ كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم ؛ مما كان له الأثر في انطلاق فكره ، وحرية آرائه ، واجتهاده العظيم .
نلاحظ من كل ما سبق أن الشيخ لم يقتصر في علمه على دائرة ضيقة حوله تمثلت في بيئة علم ودين ، ولكن الشيخ أخذ العلم في رحلاته من علماء لهم اليد الطولى ، فالتقى بهم في المدينة المنورة والإحساء والبصرة وغيرها من البلاد التي كانت في زمانه بمثابة رحلات شاسعة ، شاقة السفر .
ولذلك فلقد كانت نشأة الشيخ لا تحضّ على بدعة ، ولا على ضلالة ، وإنما الصدق كل الصدق وإخلاص اللسان والقلب لكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله .
--------------------------------------------------------------------------------
اتجاهات الدعوة
اتجهت دعوة الشيخ إلى تخليص المسلمين من البدع والخرافات مثل الدعاء عند القبور والقباب ، والأشجار والأحجار ، وتجريد الدين والعبادة وتوحيد الله عز وجل ، وجعله خالصاً لله وحده ، ليس في ذلك وساطة من أحد .
وقد كان كتاب ' التوحيد ' للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، أحد مؤلفاته التي ساق فيه الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
لقد كان كتابه ' التوحيد ' وغيره من مؤلفاته بداية نضال لمصلح كبير ، أراد الله أن يكون من دعاة الإصلاح ، إصلاح العقيدة والدين ، وتخليص الناس من الجاهلية . . . من عقيدة فاسدة ، وأطماع متسلطة ، تتسم بسيادة القوي على الضعيف ، وكأن الناس والمجتمعات قد تحولوا إلى غابات تحكمها سباع . . .
وتضاءلت قوى الخير ، وجحافل الإيمان ، وحل محلّها الشر ، والتفكك الخلقي ؛ فاعتقد الناس من سيئات جاهليتهم بأن الجماد يشفي المرضى ، وأوشكت على أن تكون وثنية مقنَّعة بالدين .
وتكاسل الناس ، وراحوا في غفلة يقولون : هذا ما وجدنا عليها آباءنا ، وإنا على آثارهم مقتدون . . . سائرون لا نميز الخبيث من الطيب .
كان على الشيخ ودعوته الإصلاحية محاربة كل هذه البدع والضلالات، من خلال غزو هذا الفكر الضال بفكر إصلاحي بنَّاء .
كان لفكر العلامة ابن تيمية دور عظيم في اتجاهات دعوة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، فقد ردّد – رحمه الله – كثيراً اتجاهات ابن تيمية ، فقد قال في إحدى رساله مردداً ذلك على الناس :
' اعلم – رحمك الله – أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل :
الأولى : العلم ، وهو معرفة الله ، ومعرفة نبيه ، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة ' .
وهناك انعكس المعنى السابق على الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مؤلفاته التي امتلأت بالأدلة والبراهين من الكتاب والسنة ، وبعض الاجتهادات من الفروع لأحمد بن حنبل .
' الثانية : العمل به ' أي : بما تعلمنا من ديننا وأدائه المستقيم .
' الثالثة : الدعوة إليه ' .
' الرابعة : الصبر على الأذى فيه ' .
إن هذه الاتجاهات الأربع السابقة ، دعوة دينية خالصة ، لم يقصد بها مذهباً جديداً ، أو ' إيديولوجية ' غريبة على الإسلام ، وإنما هي رسالة دينية خالصة ، تتسم بالحسم والحزم ، وتنقية الطريق الإسلامي من أشواك البدع والضلالات .
وقد تصدى للدعوة في مطلعها أناس لهم مطامع دنيوية ، يحكمهم الحسد والتسلط ، حباً في سياسة الناس ، وتوجيههم .
اشتد عداء خصومه لدعوته ، وأطلقوا اسم ' الوهابية ' أو ' الوهابيون' على دعوته ، وردّده الأوربيون ، ثم تداولته ألسنة الناس .
راح الشيخ يقول : إن التوحيد هو عماد الإسلام الأكبر ، وقد ضاع في زماننا هذا ، وتداخل به الفكر الفاسد . فهو – أي : التوحيد – الاعتقاد بأن الله عز وجل هو خالق الدنيا ، وباسط شأنه عليها ، ورازق عباده ، وواضع قوانينه التي تسيِّرها ، والمشرع لها . . . ليس لمخلوق شَرِكة في ذلك ، فهو واحد أحد ، فرد صمد ، ليس في حاجة لمعين فهو المستعان . . . هو حاكم هذا الكون بما أنزل من تشريع وديانات ، وكتب ورسل ، وهو النافع ، بيده النفع والضر لا شريك له . . . وإن كلمة لا إله إلا الله : تنزه الخالق عز وجل عن وجود سلطة تسير الدنيا غيره هو عز وجل ، الخالق البارئ المصور .
من ذلك كان قوله عز وجل بالتوجيه المباشر : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) [آال عمران : 64] .
لم يرفع الشيخ هذا الشعار من فراغ ، وإنما ' التوحيد المطلق ' النقي من كل شائبة هو في نص الكتابة لا اجتهاد فيه . . . إن الله عز وجل يستجيب لنا دون وسيط . . . إن الاستجابة مقرونة بصلاحنا ، وإخلاص نية توحيدنا .
كان في الوقت ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للتوحيد . . . كان في ذلك الوقت يحكم مصر محمد علي باشا ، التركي الأصل ، وكان هذا الرجل يتجه في إصلاحه وحكمه إلى الحياة المادية، في حين أن الشيخ ابن عبد الوهاب اتجه إلى العقيدة وحدها ، فأساس فكره هو العقيدة والروح ، وهما الجوهر الحقيقي إن صلحا صلح كل شئ ، وإن فسدا فسد كل شئ .
وبذلك كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رئيس دين في نجد . . . دعوته خالصة لله وحده عز وجل .
وكان محمد علي رئيس حكم وسلطان في مصر ، تحكمه الحياة الدنيا ، وسلطان الحكم والتحكم ، والجلوس على قمة السلطة في الحكم .
ولقد استعانت دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب بأسانيد قوية أعطتها جانباً عظيماً من المناعة والقوة الفكرية ، مما ساهم في انتشارها وتفوّقها على امتداد أراضي ' الجزيرة ' بل وخارج نطاق جزيرة العرب .
فالتاريخ يروي ' أن أهل الطائف لما أسلموا كان لهم بَنِيّة على اللات – أي : قبة ، أو كعبة – فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدمها ، فطلبوا منه أن يترك هدمها شهراً حتى لا يصدموا نساءهم وصبيانهم ، حتى يُدخلوهم في دين الله أفواجاً ، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض ذلك ، وأنكره عليهم ، وأرسل معهم المغيرة بن شعبة وأبا سفيان بن حرب وأمرهم بهدمها '[زعماء الإصلاح ، الأستاذ أحمد أمين ص (16) ] .
وفي عهد عمر بن الخطاب رأي أن بعض الناس أخذ يرجع إلى عاداته الجاهلية القديمة ، فرآهم يأتون الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها بيعة الرضوان ، فيفضلون إقامة الصلاة تحتها ، والاستراحة عندها على سبيل التبرك ، فأمر عمر بقطعها ، فقُطِعَتْ .
قال صلى الله عليه وسلم : ' إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ، أَلا فلا تتخذوا القبور مساجد ، فإني أنهاكم عن ذلك ' .
بدأت الدعوة في لين ورفق من الشيخ بين أتباعه ومريديه وفي بلدته العينية ، إلا أن الشيخ لقيَ معارضة شديدة ، وكَثُرَ أعداء فكرِهِ ممن أخذتهم العاطفة ، وأثارهم هدم شواخص القبور .
ولكن الشيخ – رحمه الله – لم يهدأ ، بل استقرت العقيدة في قلبه ، ولن يمنعه من نشرها جور سلطان ، أو خلاف دنيوي ، مهما ابتغى من قصد أو نيّة .
--------------------------------------------------------------------------------
متاعب الدعوة
اُضْطُهِدَ الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بلدة العينية ، واضطره ضغط أعدائه ومخالفيه أن يخرج منها إلى الدرعية ، مقر آل سعود . . . وهناك التقى بأمير الدرعية الشيخ محمد بن سعود ، فاستقبل الشيخ على الرحب والسعة ، وعرض الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوته على الأمير محمد بن سعود فقبلها ، وتعاهد الشيخان على حمل الدعوة على عاتقهم والدفاع عنها ، والدعوة للدين الصحيح ، ومحاربة البدع ، ونشر كل ذلك في جميع أرجاء جزيرة العرب .
وكان أخطر شئ في هذا الاتفاق الذي ينم عن صدقه وجدّه . . . كان أخطر الأشياء هو الاتفاق على نشر الدعوة باللسان لمن يقبلها ، وبالسيف لمن يرفض دعوتهم .
واجتمع السيف واللسان في وقت واحد ، ورفع في ذلك شعار من الكتاب والسنة ، فيقول عز وجل ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) [النحل : 125] .
ودخلت الدعوة في إطار التنفيذ ، ونجحت الدعوة شيئاً فشيئاً ، ودخل الناس في دعوة التوحيد ، ودخل أتباع الشيخ مكة ، وأرادوا أن يخلصوا الدين من البدع على الرغم مما في ذلك من خدش لمشاعر المسلمين وعاطفتهم .
هدم أتباع الشيخ كثيراً من القباب الأثرية في مكة ، كقبة السيدة خديجة ، وقبة كانت على المكان الذي وُلِدَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبة مولد أبي بكر وعلي .
وفي المدينة رفعوا بعض الحلي والزينة الموضوعة على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ممّا أثار غضب كثير من الناس ، وبُرّر غضبهم رغبة من هؤلاء الناس في الحفاظ على معالم التاريخ ، ولأن قبر الرسول رمز للعاطفة الإسلامية ، وقوة دولة المسلمين .
ولم يهتم أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بذلك ، بل اهتموا بعقيدتهم وإزالة البدع ، والرجوع إلى الأصول في دينهم .
وكان الاهتمام الأكبر بأخلاق الناس وعقيدتهم ، والشروع في تقويتها ، وترسيخها ، وإزالة الرواسب منها .
وفي وقت سيادة الدعوة بقيادة الوهابيين قلّت المشاكل في مجتمع الجزيرة ، فانعدمت السرقات ، وحروب الفجور وشرب الخمور .
وأصبحت الطرق أكثر أمناً وأماناً ، بعد أن كانت مصدر متاعب للناس ، وحركتهم ، حيث السطو والسرقات قبل انتشار الوهابيين ودعوتهم السمحة ، وأصبحت منطقة الجزيرة بمثابة منطقة جهاد بالنسبة للوهابيين ؛ مما أثار انتباه العلم الخارجي لهذه الدعوة الإسلامية الخطيرة الجديدة في ذلك الوقت .
--------------------------------------------------------------------------------
مع المسلمين خارج الجزيرة
سُمِعَ صوت الدعوة للتوحيد بقيادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وصاحبه الأمير محمد بن سعود ، ودوى الصوت عالياً خارج الجزيرة العربية والحجاز .
وكان مؤتمر المسلمين السنوي في الحج ميداناً عظيماً ، ومتابعة لعرض الدعوة على قيادات الحجاج ؛ لإقناعهم بالدعوة ، وعرضها عليهم ، فإذا قبلوها ، وفهموا مغزاها حق الفهم عادوا إلى بلادهم ، ونشروها في أوساط بلادهم ومجتمعاتهم ، وهنا كان للحج دور عظيم في لقاء المفكرين الإسلاميين بعضهم ببعض .
فعندما حضر الإمام السنوسي إلى مكة للحج ، والتقى بالوهابيين ، وسمع منهم ، واقتنع بفكرهم عاد على المغرب العربي ، وأسس دعوته ، وطريقته الخاصة على أساس فكر الوهابيين ، وعلى منهجهم ، وكان هذا في أقصى مغرب العالم الإسلامي .
ومن مشرقه في الهند ظهر زعيم وهابي هو ' السيد أحمد ' فقد جاء إلى مكة حاجاً في عام ( 1822م ) وآمن بالمذهب الوهابي ، ونشر الدعوة في منطقة البنجاب في شمال الهند ، وأنشأ بها ما يشابه الدولة الإسلامية الوهابية ، وهدّد كل مناطق شمال الهند .
والجالية الهندية الضخمة الإسلامية هي نتاج لدعوة هذا الرجل ، والتي بدأت تزداد وتكبر حتى قدر عددهم بعشرات الملايين من المسلمين .
شنّ السيد أحمد في شمال الهند حرباً عنيفة ضد البدع والخرافات ، وهاجم الوعاظ ورجال الدين ممن ينقادون إلى البدع والخرافات ، ويدعون إليها ، بل انه أعلن الجهاد ضد من لم يعتنق مذهبه ، ويرفع شعار التوحيد ، ويدعو لذلك دعوة دينية خالصة كإخلاص الموحدين .
وكان الإنجليز في ذلك الوقت له بالمرصاد هو وأتباعه ، وبذلوا جهداً شاقاً في السيطرة عليهم ، وإخضاعهم لها .
وواجه الوهابيون من أتباع السيد احمد في شمال الهند هجوماً عنيفاً من المستعمر الإنجليزي ، إلا أن العقيدة راسخة في القلوب ، وبفكر راسخ في العقول .
ولا تزال العقيدة والشعائر تقام في الهند ، وجاء المفكرون من رجال الدين من الهند ، وأسسوا جماعة لها شأن عظيم ، وأصبح لهذه الجماعة مفكرون أثروا الفكر الإسلامي في القرن العشرين منهم الأستاذ الكبير ' أبو الأعلى المودودي ' [1903 – 1979 م ، 1321 – 1399 هجرية] وأتباعه ، ولا يزالون يحملون أمانة الدعوة ونشرها في شبة الجزيرة الهندية .
وفي أقصى الجنوب في اليمن تلاقت أفكار الإمام الشوكاني المولود في سنة ( 1172 ) هجرية مع أفكار الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، والذي تأثر الرجل بمدرسة ' ابن تيمية ' العظيمة .
وآثر الشوكاني الاجتهاد على التقليد ، وهاجم بناء القبور والشواخص عليها ، وتزيينها ، وتحسينها ، وقال : إنها مفاسد يبكي لها الإسلام .
--------------------------------------------------------------------------------
الهجوم على الدعوة
منذ أن جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب الدرعية ، عاصمة السعوديين ، أتباع الإمام محمد بن سعود في عام ( 1158 ) هجرية ( 1747م ) ، وبسطوا نفوذهم على مكة والمدينة . . . منذ ذلك الحين شعرت الدولة العثمانية بالخطر يهددها ، بل ويجعل منطقة الحجاز خارج نطاق سلطانها ونفوذها .
وتكمن خطورة ذلك في أن مكة والمدينة موطن الحرمين الشريفين ، وموطن الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث المركز الإسلامي الممتاز للخليفة الجالس في الآستانة ، عاصمة الدولة الإسلامية ، ورمز الخلافة في ذلك الوقت . . . وإذا فقدت الدولة العثمانية هذه المنطقة – منطقة الحجاز – فقدت مركزها كله ، وروح سلطانها ونفوذها .
ولذلك أرسل السلطان العثماني ' السلطان محمود ' إلى محمد علي باشا حاكم مصر التركي الأصل ، وكان في مركز قوي في ذلك الوقت : أن يرسل جيوشه لمقاتلة وتأديب الوهابيين الخارجين عن طاعة السلطان .
وبدأت تبث دعاية مسمومة ضد الإمام ودعوته ، والنيل منها وتكفير أصحابها ، وحمل رجال الفكر الإسلامي والكتاب في ذلك الوقت على الدعوة ، فخطبوا ، وكتبوا فيها كثيراً ، وكان ذلك بمثابة لفت النظار للدعوة الوهابية في أنحاء كثيرة من العلم الإسلامي .
وأعد محمد علي باشا حملة قوية بقيادة ابنه الأمير طوسون ، وسار بحملته ، إلا أن الوهابيين انتصروا على الحملة ، وأعادوها .
وأحس السلطان العثماني بالخوف من ذلك ، نظراً لأنه سبق حملات محمد علي حملات من الوالي في العراق ، إلا أنها فشلت جميعها .
ولما فشلت حملة الأمير طوسون أعد محمد علي باشا العدة ، وبقوة كبيرة ، وترأس بنفسه الحملة ، وحارب الوهابيين بكل ما يملك من سلاح حديث ، وانتصر عليهم ، وأعاد سيطرته على مكة والمدينة ، ومنطقة الحجاز .
ثم أكمل ابنه إبراهيم باشا هذا العمل بقيامه بالهجوم على الدعية في سبتمبر ( 1818م ) وحطم أغلب مبانيها ، ونكل بمن لحق من الوهابيين ، وألقى إبراهيم باشا القبض على الأمير عبد الله بن سعود أمير الدرعية ، وأرسله أسيراً إلى الآستانة ليلقى حتفه هناك .
ولم تكن هذه الحملات العسكرية ونتائجها سبباً في القضاء على الدعوة الوهابية ، بل كانت أساساً متيناً لانتشار هذا الفكر والثناء عليه ، فهو مفهوم التوحيد الخالص ، وقد بقيت الدعوة كامنة في النفوس يتدارسها علماء نجد والحجاز وغيرهم .
--------------------------------------------------------------------------------
أراء المفكرين في دعوة الشيخ
لا شك في أن الدعوة الوهابية كان لها أنصارها، كما كان لها خصومها ، الذين اتهموا الإمام محمد بن عبد الوهاب بالغلو في دعوته غلواً خرج بها عما عرف عن الإسلام من سماحة ويسر .
هكذا كان زعمهم ، إلا أن علماء الإسلام عقدوا مجالس لمناقشة الدعوة ، وقد أحدثت الحركة وفكرها حواراً فكرياً ما زال صداه يسمع في مجالس العلماء ، وقاعات الدرس في الجامعات ، والمدارس الإسلامية ، مما أحدث نوعاً من الحوار الهائل ، واليقظة الفكرية في أرجاء العلم الإسلامي .
وقد أثبتت الدعوة الوهابية قدرتها على أن تكون مسرحاً فكرياً ضرورياً لكل مسلم ، وكانت الدعوة مصدراً ومنبعاً استقت منه حركات الإصلاح الحديث ، وانتهى حكم إبراهيم باشا في الجزيرة العربية عام ( 1840م ) .
وقامت الدولة السعودية الثانية مؤكدة تمسكها بالدعوة الوهابية ونشرها ؛ ولما أسس عبد العزيز آل سعود دولته في أول القرن الحالي كانت الدعوة الوهابية سلاحه الفكري ، والوهابيون أنفسهم أشد أنصاره ، وأقوامهم تحمساً له .
وقد كان للمفكرين آراء هامة في الحركة الوهابية ، نبدؤها بمفكري الإسلام ، وعلى رأسهم الإمام محمد عبده ، فقد قال ما معناه :
إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة إصلاح ، يتحمل المسؤولية من وقف أمام هذه الدعوة ؛ لمنع نشرها وانتشارها بين عامة المسلمين .
وقد أيد إمام صنعاء الإمام الصنعاني دعوة الشيخ شعراً فقال :
يذكرني مسراك نجداً وأهله *** لقد زادني مسراك وجداً على وجد
قفي واسألي عن عالم حلّ سوحها *** به يهتدي من ضلَّ عن منهج الرشد
محمد الهادي لسنة أحمد *** فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي
وقال الدكتور طه حسين :
' لا يستطيع الباحث عن الحياة في جزيرة العرب أن يهمل حركة عنيفة نشأت بها أثناء القرن الثامن عشر الميلادي ، تلفتت إليها العالم الحديث في الشرق والغرب ، وأخطرته أنه يهتم بأمرها ، وأحدثت فيها آثاراً خطيرة هان شأنها بعض الشئ ، ولكنه عاد فاشتد في هذه الأيام ، وأخذ يؤثر لا في الجزيرة وحدها ، بل في علاقتها بالأمم الأوربية ؛ هذه الحركة هي الحركة الوهابية ' .
ولم تمر حركة الشيخ مرور الكرام على العلماء والمفكرين ، بل لقد تناولها الكثير منهم ، فأثنى عباس محمود العقاد الكاتب والمفكر الإسلامي على دعوة الشيخ ، وأشار كثيراً إلى مضمون كتابه ' التوحيد ' .
وقال عنه الأستاذ أحمد أمين :
' أهم مسألة صقلت ذهن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دروسه ورحلاته مسألة التوحيد ، التي هي عماد الإسلام ، والتي تبلورت في لا إله إلا الله ، والتي تميز الإسلام بها عما عداه ، والتي دعا إليها ' محمد صلى الله عليه وسلم ' أصدق دعوة وأجرأها ، فلا أصنام ولا أوثان ن ولا عبادة آباء وأجداد ولا أحبار ولا نحو ذلك ، ومن أجل هذا سمّى هو وأتباعه أنفسهم ' بالموحِّدين ' أما اسم الوهابية فهو اسم أطلقه عليه خصومه ' .
مما سبق اطَّلعنا على أراء مفكرين عرب ومسلمين ، ولكن ماذا قال علماء الغرب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب !
قال النمسوي [جول صهيري] في كتابه عن العقيدة والشريعة :
'وإذا أردنا أن بحث في علاقة الإسلام السني بالحركة الوهابية نجد أن مما يستدعي انتباهنا خاصة من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني ما يلي :
يجب على من ينصب نفسه للحكم على الحوادث الإسلامية أن يعتبر الوهابيين أنصاراً للديانة الإسلامية على الصورة التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ، فغاية الوهابيين هي إعادة الإسلام كما كان ' .
وقال مستشرق ألماني :
' كان هذا المصلح يتأسّى بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويحذو حذوه ، وينحو نحوه ، في التفكير .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قادراً على إلهاب نار الحماسة في قلوب أصحابه ، وعلى استثمار محبتهم العادية للحرب في سبيل قضيته ، أما اعتقاد المسلمين فلا يماثل الرسول صلى الله عليه وسلم في شئ ' .
وبعد كل هذا ؛ وفوق كل شئ فإن الإمام الشيخ – رحمه الله – أراد جوهر العبادة . . . إخلاصاً لله وحده . . . عقيدة صافية ، لا يشوبها جهل البدع .
وقد ورد نفي هذه البدع في آيات عديدة توضح بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول عز وجل ( قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ) [الإسراء : 93] .
وإذا كان السيد الرسول صلى الله عليه وسلم قد تجرد من مقولات البدع ، وجرد دعوته مما يحمل هذا المعنى ، فلقد كانت توجيهات الوحي له ، وتوجيهه صلى الله عليه وسلم لصحابته كما أسلفنا في حاث هدم قبة عند أهل الطائف ، فإن القرآن جاء بالمضمون في سياق الآيات الكريمة فيقول عز وجل : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ) [الأعراف : 188] .
وإذا كانت هذه هي مقولة الرسول صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه ، فمن من أصحاب الأضرحة والمقامات يملك لنا نفعاً أو ضراً لغيرنا ؟!
إننا نقوى بأعمالنا ، إن صلحت كانت خير شفيع لنا ، وإن فسدت فلا مبدل لحكم الله . . . هذا الجوهر في ديننا . . إذ لم يساوِ بين الطيب والخبيث ، وبين الزبد وما ينفع الناس .
إن دعوة السماء لنا بالعمل الصالح ليس فيها مردود إلا صلاح حالنا نحن . . . إن الحرب التي شنها الإمام محمد بن عبد الوهاب على البدع ، والضلالات ، ومشاهد القبور لم يقصد بها شيئاً أو موقفاً شخصياً من أحد ، وإنما أراد الإصلاح في جوهر ديننا ، فكيف يشفع صاحب ضريح لشارب خمر ، أو آكل ربا ، أو أي إنسان لا يقيم حدود الله في بيته وقومه ؟!
إن ديننا ليس توابيت محنطة ، أو أحجاراً كريمة نحجّ إليها كلما أحسسنا بالملل والفراغ ؛ ولكنه بناء خيِّر ، كل لبنهّ فيه دستور لسلوك من سلوكيات حياتنا ، تلك هي الخلاصة .
والشيخ لم يحارب شخصاً ولا مذهباً ، ولا أراد أن يبني لنفسه مجداً وراء فكره ، وإنما كلمة قالها ، ودافع عنها حتى آخر يوم حياته .
--------------------------------------------------------------------------------
وداعاً إمام الموحدين
مات الرجل – رحمه الله – وظن أعداؤه أن العقيدة عادت لتهتز بعده ، ولكن ما تزال آراء الشيخ تهدي الضالين ، وتقنع أدعياء الفلسفة والتصوف .
لقد عاشت أهدافه الست في قلوب أتباعه ، وممن اهتدوا بها من المسلمين في قلوبهم ، وأهدافه هي :
1 – إنكار الشرك بأنواعه صغيره وكبيره .
2 – إنكار جميع ما يخالف التوحيد وخلوصه ، فينكر البدع ، وتعظيم القبور .
3 - ينكر التصوف الذي يخالف الإسلام .
4 – يحارب الرشوة بأنواعها ، أو التلاعب في حكم الله سواء بوصية أو غيرها .
5 – يأمر بالمعروف .
6 – ينهي عن المنكر ، ويحاربه بالسيف والقلم.
هذه هي خلاصة الدعوة ، دعوة إمام الموحدين .
عاش الرجل قرابة التسعين عاماً ، من عام (1703م) حتى عام (1791م) ، ومرَّ على وفاته قرنان من الزمان ، ولكن لن تموت دعوته .
وقال الشاعر في رثائه :
ففاضت عيون واستهلت مدامع *** يخالطها مزج من الدم يهمع
بكاه ذوو الحاجات يوم فراقه *** وأهل الهدى والحق والدين أجمع
وداعاً إمام الموحِّدين . . وداعاً شيخ المصلحين .
المصدر: سلسلة أعلام العلماء (4/108 - 131) تأليف عبد المنعم الهاشمي
لمزيد من المعرفة عن دعوته واثرها وما قيل فيه .... هنا
===========
نبض المشاعر
10-Aug-2006, 03:24 PM
ابو وليد
مجهود رائع يالغالي
من ابداع الى ابداع
ويفضل تثبيت الموضوع لأهميتة ....
نتظر جديدك يالغالي
يوسف عبيد
10-Aug-2006, 11:37 PM
جزاك الله خير اخي ابو وليد
على مجهودك الرائع
سنافي الهيلا
11-Aug-2006, 06:46 AM
موضوع رائع
لاهنـت
ابووليد
11-Aug-2006, 08:51 AM
ابو وليد
مجهود رائع يالغالي
من ابداع الى ابداع
ويفضل تثبيت الموضوع لأهميتة ....
نتظر جديدك يالغالي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هلااااا اخوي/ نبض المشاعر
اشكر مرورك العزيزوالله يعطيك العافيه
تحياتي
ابووليد
11-Aug-2006, 08:53 AM
جزاك الله خير اخي ابو وليد
على مجهودك الرائع
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هلااااا اخوي/يوسف عبيد
اشكر مرورك العزيزوالله يعطيك العافيه
تحياتي
ابووليد
11-Aug-2006, 08:55 AM
موضوع رائع
لاهنـت
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هلااااا اخوي/ سنافي
اشكر مرورك العزيزوالله يعطيك العافيه
تحياتي
بن حشاش
11-Aug-2006, 02:37 PM
ابو وليد لاهنت
مجهود رائع يالغالي
نتظر جديدك
ابووليد
12-Aug-2006, 12:49 AM
ابو وليد لاهنت
مجهود رائع يالغالي
نتظر جديدك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هلااااااااااا اخوي / بن حشاش
اخي العزيز اشكر مرورك العزيز
وتقبل تحياتي
سهم العضيان
12-Aug-2006, 02:55 AM
ابو وليد لاهنت مجهود واضح ورائع شكرا
تقبل التحيه
ابووليد
12-Aug-2006, 08:17 AM
ابو وليد لاهنت مجهود واضح ورائع شكرا
تقبل التحيه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هلااااااااااا اخوي / سهم العضياني
اخي العزيز اشكر مرورك العزيز
وتقبل تحياتي
عتيبي معاصر
12-Aug-2006, 08:35 AM
ابوليد
اللة يعطيك العافيه على الموضوع الهام جدا والرائع ايضا
وننتظر جديدك يالغالي
ابووليد
12-Aug-2006, 09:34 AM
ابوليد
اللة يعطيك العافيه على الموضوع الهام جدا والرائع ايضا
وننتظر جديدك يالغالي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هلااااااااااا اخوي / عتيبي
اخي العزيز اشكر مرورك العزيز
وتقبل تحياتي
ابووليد
19-Aug-2006, 01:10 AM
http://www.9q9q.org/index.php?image=HW4uuRNMlRRp
الشيخ عبد العزيز بن باز
الداعية الفقيه
الإمام الداعية الفقيه عبد العزيز بن عبد الله بن باز أشهر علماء وفقهاء الجزيرة العربية الذي تلقى الناس فتاواه ورسائله بالقبول وتتلمذ على يديه المئات وهو كما وصفه أحد تلامذته صاحب كتاب 'الإنجاز في ترجمة الإمام عبد العزيز بن باز' يقول: هو الإمام الصالح الورع الزاهد أحد الثلة المتقدمين بالعلم الشرعي، ومرجع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في الفتوى والعلم، وبقية السلف الصالح في لزوم الحق والهدي المستقيم، واتباع السنة الغراء.
--------------------------------------------------------------------------------
نسبه ونشأته
هو عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، وآل باز أسرة عريقة في العلم والتجارة والزراعة معروفة بالفضل والأخلاق أصلهم من المدينة النبوية، ولد في الرياض عاصمة نجد يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة سنة 1330هـ، وترعرع فيها وشب وكبر، ولم يخرج منها إلا ناويا للحج والعمرة.
نشأ سماحة الشيخ عبد العزيز في بيئة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح، بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها، وحضاراتها المزيفة، إذ الرياض كانت في ذلك الوقت بلدة علم وهدى فيها كبار العلماء، وأئمة الدين، من أئمة هذه الدعوة المباركة التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهي دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وفي بيئة غلب عليها الأمن والاستقرار وراحة البال، بعد أن استعاد الملك عبد العزيز - رحمه الله - الرياض ووطد فيها الحكم العادل المبني على الشريعة الإسلامية السمحة بعد أن كانت الرياض تعيش في فوضى لا نهاية لها، واضطراب بين حكامها ومحكوميها.
فهكذا نشأ سماحته في بيئة علمية ولا ريب أن القرآن العظيم كان ولا يزال - ولله الحمد والمنة - هو النور الذي يضيء حياته، وهو عنوان الفوز والفلاح فبالقرآن الكريم بدأ الشيخ دراسته - كما هي عادة علماء السلف - رحمهم الله - إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية - فيحفظونه ويتدبرونه أشد التدبر، ويعون أحكامه وتفاسيره، ومن ثمَّ ينطلقون إلى العلوم الشرعية الأخرى، فحفظ الشيخ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل أن يبدأ مرحلة البلوغ، فوعاه وأتقن سوره وآياته أشد الإتقان، ثم بعد رحمه لكتاب الله، ابتدأ سماحته في طلب العلم على يد العلماء بجد وجلد وطول نفس وصبر.
ولقد ذكر سماحته في محاضرته النافعة رحلتي مع الكتاب: أن لوالدته - رحمها الله - أثرا بالغا، ودورا بارزا في اتجاهه للعلم الشرعي وطلبه والمثابرة عليه، فكانت تحثه وتشد من أزره، وتحضه على الاستمرار في طلب العلم والسعي وراءه بكل جد واجتهاد.
--------------------------------------------------------------------------------
فقده لبصره
كان سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - مبصرا في أول حياته، وشاء الله لحكمة بالغة أرادها أن يضعف بصره في عام 1346 هـ إثر مرض أصيب به في عينيه ثم ذهب جميع بصره في عام 1350 هـ، وعمره قريب من العشرين عاما؛ ولكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته بل استمر في طلب العلم ملازما لصفوة فاضلة من العلماء الربانيين والفقهاء الصالحين، فاستفاد منهم أشد الاستفادة، وأثّروا عليه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم النافع، والحرص على معالي الأمور، والنشأة الفاضلة، والأخلاق الكريمة، والتربية الحميدة، مما كان له أعظم الأثر، وأكبر النفع في استمراره.
ومما ينبغي أن يعلم أن سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله- قد استفاد من فقده لبصره فوائد عدة نذكر على سبيل المثال منها أربعة أمور:
الأمر الأول: حسن الثواب، وعظيم الأجر من الله سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا ابتليت عبدي بفقد حبيبتيه عوضتهما الجنة (البخاري).
الأمر الثاني: قوة الذاكرة، والذكاء المفرط: فالشيخ - رحمه الله - حافظ العصر في علم الحديث فإذا سألته عن حديث من الكتب الستة، أو غيرها كمسند الإمام أحمد والكتب الأخرى تجده في غالب أمره مستحضرا للحديث سندا ومتنا، ومن تكلم فيه، ورجاله وشرحه.
الأمر الثالث: إغفال مباهج الحياة، وفتنة الدنيا وزينتها، فالشيخ - رحمه الله - كان متزهدا فيها أشد الزهد، وتورع عنها، ووجه قلبه إلى الدار الآخرة، وإلى التواضع والتذلل لله سبحانه وتعالى.
الأمر الرابع: استفاد من مركب النقص بالعينين، إذ ألح على نفسه وحطمها بالجد والمثابرة حتى أصبح من العلماء الكبار، المشار إليهم بسعة العلم، وإدراك الفهم، وقوة الاستدلال وقد أبدله الله عن نور عينيه نورا في القلب، وحبا للعلم، وسلوكا للسنة، وسيرا على المحجة، وذكاءً في الفؤاد.
--------------------------------------------------------------------------------
المكانة العلمية لأسرته
وأسرة آل باز معروفة بالعلم والفضل، والزهد والورع ويغلب على بعض أفرادها العناية بالتجارة، وعلى بعضها العناية بالزراعة، ولعل من أبرز علماء هذه الأسرة الشيخ عبد المحسن بن أحمد بن عبد الله بن باز - رحمه الله - المتوفى سنة 1342 هـ، كانت له دراية تامة في الفقه، واطلاع واسع على العلوم الشرعية، ومحبة لطلبة العلم والاعتناء بهم، مع حسن الأخلاق، وكريم الشمائل، وطيب التعليم والتدريس.
ومن العلماء البارزين من تلك الأسرة، الشيخ مبارك بن عبد المحسن بن باز المكنى ' بأبي حسين ' وهو من كبار حملة العلم المعروفين بالعلم والفضل وحسن السيرة، وكان والده الشيخ / عبد المحسن - رحمه الله - هو قاضي بلدة الحلوة فقرأ عليه في بعض العلوم الشرعية في أول طلبه للعلم، ثم لما توفي والده، تولى القضاء بعده، ثم نقل بعد ذلك إلى قضاء عدة بلدان منها بيشة والأرطاوية ورنية.
ولما تولى الملك عبد العزيز - رحمه الله - على الحجاز عينه قاضيا في الطائف، والشيخ مبارك - رحمه الله - يعتبر أحد العلماء الذين بعثهم الملك عبد العزيز - رحمه الله - إلى مكة لكي يناظروا علمائها ويناقشوهم في مسائل تتعلق بالتوحيد والعقيدة الصحيحة، وقد أبلى الشيخ مبارك - رحمه الله - في ذلك بلاء حسنا وكانت له اليد الطولى في تبيين بعض المسائل وإيضاحها، وظهر الحق إلى جانب علماء الدعوة.
وخلاصة القول أن الطابع الغالب على هذه الأسرة، هو طابع الجد في ممارسة الخير، سعيا في نشدان الكسب الحلال، والمذاكرة الحيّة في مسائل الدين، مع الالتزام بالفضائل والأخلاق الحميدة - رحم الله أمواتهم وبارك في أحيائهم، وجعل منهم العلماء الصالحين.
--------------------------------------------------------------------------------
من أخلاق بن باز
كانت للشيخ هيبة فيها عزة العلماء مع عظيم مكانتهم وكبير منزلتهم، وهذه الهيبة قذفها الله في قلوب الناس، وهي تنم عن محبة وإجلال وتقدير له، لا من خوف وهلع وجبن معه، بل إن الشيخ - رحمه الله - قد فرض احترامه على الناس، بجميل شمائله وكريم أخلاقه، مما جعلهم يهابونه حياء منه، ويقدرونه في أنفسهم أشد التقدير.
ومما زاد هيبته أنه ابتعد عن ساقط القول، ومرذول اللفظ، وما يخدش الحياء أشد الابتعاد، فلا تكاد تجد في مجلسه شيئا من الضحك إلا نادرا ولماما، بل كنت تجد مجالسه عامرة بذكر الله، والتفكر والتأمل في الدار الآخرة.
ومع هذه المكانة العظيمة، والمنزلة السامية، والهيبة، فإنه آية في التواضع، وحسن المعاشرة، وعلو الهمة، وصدق العزيمة، مع عزة في النفس، وإباء في الطبع، بعيد كل البعد عن الصلف والتكلف المذموم كأنه وضع بين نصب عينيه قوله تعالى: {وما أنا من المتكلفين}.
لعل من أبرز ما تميز به شيخنا - رحمه الله - الزهد في هذه الدنيا، مع توفر أسبابها، وحصول مقاصدها له، فقد انصرف عنها بالكلية، وقدم عليها دار البقاء، لأنه علم أنها دار الفناء، متأسيا بزهد السلف الصالح - رحمهم الله - الذين كانوا من أبعد الناس عن الدنيا ومباهجها وزينتها الفانية، مع قربها منهم، فالشيخ - رحمه الله -كان مثالا يحتذي به، وعلما يقتدى به، وقدوة في الزهد والورع وإنكار الذات، والهروب من المدائح والثناءات العاطرة، وكم من مرة سمعته في بعض محاضراته، حين يطنب بعض المقدمين في ذكر مناقبه وخصاله الحميدة، وخلاله الرشيدة، يقول: 'لقد قصمت ظهر أخيك، وإياكم والتمادح فإنه الذبح، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون' بمثل هذه الكلمات النيرة، والتوجيهات الرشيدة نراه يكره المدح والثناء كرها شديدا، وهذا يدل على زهد في القلب وعفة في الروح، وطهارة في الجوارح، وخشية للمولى جل وعلا.
--------------------------------------------------------------------------------
فصاحته وخطابته
يعد الشيخ بن باز ـ رحمه الله ـ من أرباب الفصاحة، وأساطين اللغة وخاصة في علم النحو، وفي علوم اللغة العربية كافة.
وفصاحته تبرز في كتاباته ومحادثاته، وخطبه ومحاضراته وكلماته، فهو ذو بيان مشرق، ونبرات مؤثرة حزينة، وأداء لغوي جميل، ويميل دائما إلى الأسلوب النافع الذي كان عليه أكثر أهل العلم وهو الأسلوب المسمى 'السهل الممتنع' فتجده - رحمه الله - من أكثر الناس بعدا عن التعقيد والتنطع في الكلام والتشدق في اللفظ والمعنى، والتكلف والتمتمة، بل هو سهل العبارة، عذب الأسلوب، تتسم عباراته وكتاباته بالإيجاز والإحكام والبيان.
ومن نوافل الأمور أن يقدر القارئ الكريم ثقافة الشيخ - رحمه الله - في اللغة والأدب وحسن البيان، لأن معرفة ذلك وإتقانه من الأسس الرئيسية في فهم آيات الكتاب ونصوص السنة النبوية، ومعرفة مدلولات العلماء، ولهذا كان الشيخ - رعاه الله - متمكنا مجيدا للخطابة والكتابة.
والشيخ – رحمه الله ـ خطيب مصقع، وواعظ بليغ سواء في محاضراته الكثيرة النافعة أو تعقيباته على محاضرات غيره، ومن مميزاته وخصائصه الخطابية قدرته على ترتيب أفكاره حتى لا تتشتت، وضبطه لعواطفه حتى لا تغلب عقله، ثم سلامة أسلوبه، الذي لا يكاد يعتريه اللحن في صغير من القول أو كبير، وأخيرا تحرره من كل أثر للتكلف والتنطع.
وكان الشيخ عبد العزيز – رحمه الله - صاحب بصيرة نافذة، وفراسة حادة، يعرف ذلك جيدا من عاشره وخالطه، وأخذ العلم على يديه. ومما يؤكد على فراسته أنه يعرف الرجال وينزلهم منازلهم، فيعرف الجادّ منهم في هدفه ومقصده من الدعاة وطلبة العلم فيكرمهم أشد الإكرام، ويقدمهم على من سواهم، ويخصهم بمزيد من التقدير ويسأل عنهم وعن أحوالهم دائما، وله فراسة في معرفة رؤساء القبائل والتفريق بين صالحهم وطالحهم، وله فراسة أيضا في ما يعرض عليه من المسائل العويصة، والمشكلات العلمية؛ فتجده فيها متأملا متمعنا لها، تقرأ عليه عدة مرات، حتى يفك عقدتها، ويحل مشكلها، وله فراسة أيضا في ما يتعلق بالإجابة عن أسئلة المستفتين، فهو دائما يرى الإيجاز ووضوح العبارة ووصول المقصد إن كان المستفتي عاميا من أهل البادية، وإن كان المستفتي طالب علم حريص على الترجيح في المسألة، أطال النفس في جوابه مع التعليلات وذكر أقوال أهل العلم، وتقديم الأرجح منها، وبيان الصواب بعبارات جامعة مانعة.
--------------------------------------------------------------------------------
قوة حافظته
ومما تميّز به سماحته - رحمه الله - قوة الحافظة، وسرعة البديهة، واستحضار مسائل العلم بفهم واسع، ووفرة في العلم، وشدة في الذكاء، وغزارة في المادة العلمية، فهو - رعاه الله - صاحب ألمعية نادرة، ونجابة ظاهرة.
وإن نعمة الحفظ، وقوة الذاكرة، هما من الأسباب القوية - بعد توفيق الله عز وجل - على تمكنه من طلبه للعلم، وازدياد ثروته العلمية، المبنية على محفوظاته التي وعتها ذاكرته في مراحل التعلم والتعليم، وقد حباه الله من الذكاء وقوة الحفظ وسرعة الفهم، مما مكنه من إدراك محفوظاته العلمية عن فهم وبصيرة.
ومما يؤكد على ذلك أنه ربما سُئِلَ عن أحاديث منتقدة في الكتب الستة وغيرها من كتب السنة فيجيب عليها مع تخريجها والتكلم على أسانيدها ورجالها، وذكر أقوال أهل العلم فيها، وهو ممَّن منَّ الله عليه بحفظ الصحيحين واستحضارهما، ولا يكاد يفوته من متونهما شيء.
ومما يؤكد ويبرهن على قوة حافظته وحضور بديهته، أنه في كلماته ومحاضراته ومواعظه تجده كثير الاستدلال بالنصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال أهل العلم الشرعية، يأتي عليها بسياقها ولفظها وتمامها، وهكذا في اجتماعات هيئة كبار العلماء، تجده يذكر المسألة وأقوال أهل العلم فيها مبينا الجزء والصفحة والكتاب المنقول عنه القول.
وثم أمر آخر يؤكد قوة حافظته أنه يميز بين أصوات محبيه الذين يقدمون للسلام عليه، مع كثرتهم عددهم، وقد حدَّثني بعض من عاصر الشيخ قديما وحديثا أنني قدمت للسلام عليه بعد مدة من الزمن طويلة، فبادرته بالسلام، فعرفني من أول وهلة، ورد عليَّ السلام مناديا باسمي، وهذا دأبه في أغلب من يقدمون عليه للسلام.
وأيضا مما يؤكد قوة ذاكرته أنك تجده يورد القصص القديمة التي حصلت قبل ستين سنة أو أكثر كأنه مطلع عليها، ينظر إليها ويتأمل في أمرها، وهذا أمر معلوم عند من خالط الشيخ وعرفه تمام المعرفة.
--------------------------------------------------------------------------------
مؤلفاته وآثاره العلمية
لقد أثرى الشيخ - رحمه الله - المكتبة الإسلامية بمؤلفات عديدة تنوعت بين كتب في العقيدة الإسلامية بأنواعها وأقسامها المختلفة، ونبه إلى البدع والمنكرات، وألف في الفقه وأصوله وقواعده، وفي العبادات والمعاملات والبيوع المحرمة، وكتب في الحديث وأصوله ومصطلحاته، وفي الأذكار وفوائدها.
وفي التراجم، وعن المرأة المسلمة ودورها في بناء المجتمع، وإنقاذها من براثن الكفر والشبه الضالة، وفي التشريع والجهاد في سبيل الله، وفي فضل الدعوة إلى الله، ومسئولية الشباب المسلم، وفي الحض على الزواج المبكر، كما أنه كتب كتبا تدفع المطاعن والشبهات في الدين، وكتب في الغزو الفكري، والقومية العربية، والحداثة الشعرية. فهذه الكتب المتنوعة يجمعها صدق النصيحة، مع صدق العبارة، مع الأسلوب الواضح المفهوم لخاصة الناس وعامتهم، فنفع الله بهذه المؤلفات نفعا عظيما، حتى أن كثيرا منها قد ترجم لعدة لغات ؛ لكي يستفاد منه، حتى أنني رأيت بعض كتب سماحته - في أدغال أفريقيا - وقد وصلت إلى كل بقعة من العالم الإسلامي ويحكي لي بعض الأساتذة المصريين: أنه رأى في معرض الكتاب الدولي في القاهرة صفا طويلا فاستغرب لهذا المنظر الغريب، والأمر العجيب، فأخذه حب الاستطلاع إلى الوقوف مع الناس، فإذا به يفاجأ بأن الصف من أجل أنه يوزع كتاب 'التحذير من البدع' لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - يقول: فكبرت بأعلى صوتي وقلت: 'جاء الحق وزهق الباطل'.
وهكذا - يهيئ الله لمن أخلص نيته، وأحسن قصده، القبول في جميع الأرض، وعند جميع طبقات العالم الإسلامي.
وإليك بعضاً من مؤلفاته رحمه الله:
أولاً: الرسائل الكبيرة والمتوسطة.
1- الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب.
2-الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس وسكون الأرض.
3- إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين.
4- الإمام محمد بن عبد الوهاب: دعوته وسيرته.
5- بيان معنى كلمة لا إله إلا الله.
6-التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة.
7-- تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل.
8- العقيدة الصحيحة وما يضادها.
9- الدعوة إلى الله.
10-تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة إلى الشيخ أحمد.
11-وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها.
12-الدعوة إلى الله سبحانه وأخلاق الدعاة.
13-الرسائل والفتاوى النسائية: اعتنى بجمعها ونشرها أحمد بن عثمان الشمري.
14-الفتاوى.
15-فتاوى إسلامية - ابن باز - ابن عثيمين - ابن جبرين.
16-فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة.
17-فتاوى المرأة لابن باز واللجنة الدائمة جمع وترتيب محمد المسند.
18-فتاوى مهمة تتعلق بالحج والعمرة.
19-فتاوى وتنبيهات ونصائح.
20-الفوائد الجلية في المباحث الفرضية.
21-مجموع فتاوى ومقالات متنوعة أشرف على تجميعه وطبعه د. محمد بن سعد الشويعر. من ا - 12 طبعة دار الإفتاء.
22-مجموعة رسائل في الطهارة والصلاة والوضوء.
23-مجموعة الفتاوى والرسائل النسائية.
24-نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع.
25-وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
26-وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها.
27- شرح الأصول الثلاثة.
--------------------------------------------------------------------------------
ثناء العلماء عليه
يقول سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن سليمان بن منيع - رعاه الله - قاضي التمييز بمكة المكرمة وعضو هيئة كبار العلماء.
إن الحديث عن سماحة شيخنا الجليل تنشرح له الصدور، وتتفتح له النفوس، ويحلو بذكره اللسان فقد كان لي مع سماحته أكثر من علاقة أهمها وأحلاها علاقتي به شيخا كريما لقد درست على يد سماحته في المراحل الدراسية الثلاث: الثانوية والجامعية والدراسات العليا في المعهد العالي للقضاء، فاستفدت من علمه الغزير، وفقهه الواسع، وأدبه الجم في التعليم والتعلم، الشيء الذي أعتز بتحصيله من سماحته، وكان ولا يزال - رحمه الله - نعم الشيخ معلما وموجها وناصحا وحريصا على الاهتمام والعناية بطلابه، فلقد أخذنا عنه - رحمه الله - العناية بالدقة في إصدار القرار الحكيم أو الفتوى أو الرأي، وأخذنا عنه المرونة في النقاش، وتبادل الآراء والوقوف عند الحقيقة والبعد عن التعصب للرأي، حيث كان - رحمه الله - يقرر ' رجوعه إلى رأي الأكثرية من زملائه وإخوانه وأبنائه في بحث أمر يكون له فيه رأي مخالف فيرجع ويقول: 'اللهم اهدنا فيمن هديت' وذلك حينما يظهر له رجحان الرأي المخالف له.
وقد ضرب - رحمه الله - رقما قياسيا في كرم النفس وكرم المال لم يجاره في ذلك أحد من العلماء المعاصرين فيما علمنا.
ويقول سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام عضو هيئة كبار العلماء:
شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى - هو المستحق الآن للقب - شيخ الإسلام والمسلمين - لما يبذله من مساع في خدمة الإسلام والمسلمين، فهو الداعية الكبير وهو المفتي الأول في الداخل والخارج، وهو الموجه إلى فعل كل خير، وهو رئيس المجلس التأسيسي في رابطة العالم الإسلامي، ورئيس مجمع الفقه الإسلامي، ورئيس مجلس هيئة كبار العلماء، وهو المرجع في كل شأن من شئون الإسلام؛ لما حباه الله تعالى من إخلاص لدينه وأمته؛ ولما امتاز به من سعة علم وبعد نظر، وقبول لدى المسلمين، فقد وزع وقته على خدمة الإسلام ومصالح المسلمين.
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الرحمن الأطرم - رعاه الله - عضو الإفتاء، وعضو هيئة كبار العلماء، والأستاذ بكلية الشريعة بالرياض:
إن صفات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز واضحة لا تخفى على معاصريه من عالم ومتعلم، فهو ذو علم جم وخلق فاضل ونظر ثاقب، وحسن خلق، وحسن معاملة مع الصغير والكبير، والعالم والمتعلم، والعامي والغريب والمعروف، والقريب والبعيد، يفيد المتعلم ويرشد الجاهل.
ونرى سماحته يزداد علوا في العلم والمعرفة وبذل العطاء من المعلومات، وقد انتشر علمه في جميع الأقطار وتزداد علاقته بالكتب من شتى الفنون من توحيد وفقه وحديث وتفسير ولغة وأصول فقه في القراءة والكتابة والإفتاء ابتداء وجوابا عليها.
وكثيرا ما يحضر لدرسه تحضيرا علميا دقيقا بأن يراجع أمهات الكتب، وكتب الشروح، وقد يقرأ عليه وهو يتناول الطعام حرصا على إفادة الطلاب؛ كما هو دأب العلماء السابقين.
وكل مواقف شيخنا - رحمه الله - طيبة ومؤثرة، تأثرت بعلمه وأخلاقه وبقبول توجيهه، وبتواضعه وانشراح صدره وتأثيره على العامة والخاصة ، فهو محل ثقة في المعتقدات وفي علم الحلال والحرام والوعظ والإرشاد والترغيب والترهيب؛ فلا يكاد يقف موقفا ويعدم التأثير.
ويقول الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (سابقا):
قد وهب الله عز وجل سماحة والدنا وشيخنا العلامة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز، من الصفات الحسنة، والخلال الحميدة، والشمائل الكريمة ؛ الشيء الكثير، فهو في مقدمة علماء الشريعة في المملكة العربية السعودية، بل وعلى مستوى العالم، وهو إلى جانب ما وهبه الله من العلم الواسع تجتمع فيه خلال قلّ أن تجتمع في غيره، فقد عرفته كما عرفه غيري عالما فاضلا، ضرب من نفسه المثل والقدوة في التواضع والسماحة والكرم والإيثار، والزهد والورع والتقوى، والسعي في حاجات المسلمين أفرادا وهيئات، والاهتمام بهم حيث كانوا.
وقد سبق أن منح سماحته - رحمه الله - جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام تقديرا لعلمه وجهوده في هذا المجال المهم. جزى الله سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز كل خير عنا وعن الإسلام والمسلمين على ما قدم من جهود وخدمات، وعلى نصحه وإخلاصه، وضاعف له الثواب..
ويقول فضيلة الشيخ: عبد الله بن إبراهيم الفنتوخ مدير عام الدعوة بالداخل والجزيرة العربية سابقا.
منذ عرفته في عام 1363 هـ، وحتى الآن وسمعته ومكانته الحسنة، تتمدد تمدد أشعة النور النافذ، ترتفع مع النجاد، وتنزل إلى الوهاد، لا تغلق دونها الأبواب، وليس لها حجاب، ولا يحرم منها هياب، ولا يمحوها ضباب، كأنها شمس لا تغيب، يستضيء بها البعيد والقريب.
تحلى سماحته بصفة الأمانة في الدين، وجمع إليها صفات نادرة، فحاز من المكارم ما لم يحزه ذو سلطان، ولا ذو فصاحة وبيان، ولا ذو نسب ومال وكيان؛ بل جمع الله له محاسن الأخلاق شيماً ومروءة وشمما يندر أن تجتمع لأحد، فسبحان من يختص بفضله من يشاء.
وأما تعامله مع الناس فسماحته يتعامل معهم تعامل الأخ مع إخوانه، ويتبادل معهم البساطة ونوادر المرح الرفيع بما لا يضيع الوقت عن الأهم. وأود أن أشير هنا إلى أنه ليس للمناصب أي أثر على حياته العلمية لأن صفات الأمانة الإسلامية التي فيه لم تبنها المناصب، وإنما بناها الله بما حباه الله من علم شرعي وأعمال صالحة وأخلاق نبيلة وهكذا علاقته مع الناس، وأثر المناصب يتجلى في توفير الإمكانيات والنفوذ.
و يقول معالي الشيخ د. صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، وعضو مجلس الشورى: لقد عاش الشيخ حياة علمية دعوية متوازنة يتوافق فيها الفكر مع العمل، ويقترن فيها العلم بالسلوك، حياة تجلي في توازنها الفكر الثاقب، والعطاء النير، والإسهام العميق، والمدد الغزير في ميادين الحياة كافة، امتداد في العلم والدعوة والتربية والتوجيه، شمل أصقاعا عريضة من العالم الفسيح من خلال أثره الفكري المقروء والمسموع ومشاركاته الميدانية في المؤتمرات والمجامع والحلقات والمنابر والمجالس واللجان، رئاسة وأستاذية وعضوية، إنه رجل شاء الله أن يقع على كاهله، أعباء جسام في الدعوة والإرشاد والبحث العلمي والإفتاء، وخدمة قضايا المسلمين كافة.
إن العطاء والتوازن والتثبت في حياة الشيخ وسيرته - علما وتعليما ودعوة - جلي بارز من خلال الرصد للقنوات التي صبغت عطاء الشيخ وأطرت أثره في إطار متميز، ولعل ذلك يتبين من هذه القنوات الثلاث الكبرى:
الأولى: الإيمان العميق، والعقيدة الراسخة في الله ورسوله وكتابه ودين الإسلام، وأثر ذلك في سيرته ومسيرته، سلوكا حسنا، وورعا وزهدا، وصدقا في اللهجة، وحبا للناس، وثقة متبادلة وعطفا ورقة، وكرما وبذلا.
الثانية: التأصيل العلمي المبني على أصلي الدين: الكتاب والسنة فالشيخ يحفظ القرآن كله ويتدبره، ويحفظ الكثير من السنة ويفقهها، فهو دائم التلاوة للقرآن بتدبر، قدير في الاستحضار للسنة بتفهم، سريع الاستشهاد بها، ملتزم للاسترشاد بنورهما، مع دعوته الظاهرة في كل مجلس وناد للأخذ بهما والرجوع إليهما والحث على مداومة قراءتهما ومطالعتهما، وحفظ المتيسر منهما.
الثالثة: روح الاجتهاد والاستنباط المنبثقة من الفقه المتين والدارسة الواعية والفهم العميق والفكر المستنير مع الإحاطة البينة بمقاصد الشريعة وأصولها وقواعدها وضوابطها. ومن يسبر ذلك ويرصده في حياة هذا الإمام يدرك وضوح الطريق عنده، وانسجامه مع نفسه، ومن حوله في توافق سوي وسيرة معتدلة ونهج قويم. هذا هو الشيخ الذي يزكو شكره، ويعلو عند أهل العصر ذكره، ويعني الأمة أمره.
--------------------------------------------------------------------------------
مواقف من حياته
وفي حياة سماحته مواقف كثيرة منها ما يناسب ذكره، ومنها ما أحتفظ به وهو كثير. ومما يناسب ذكره أن ضيفا من تلاميذه الأفاضل، أفريقي متجنس، بات عنده، فقام سماحة الشيخ آخر الليل للتهجد، وكانت غرفة الضيف بعيدة عن مقر الماء، وفي هذه الساعة يندر من يكون مستيقظا، وهو يكره الإزعاج، فذهب - سماحته - بنفسه إلى مقر الماء بالإبريق، رغم أنه كريم العينين، وملأ الإبريق وجاء به إلى مقر باب غرفة الضيف ثم أيقظه برفق لعلمه بالرغبة في ذلك.
ثم ذهب عن الباب، حتى لا يحرج الضيف، فخرج الضيف مسرعا، فرأى الشيخ - رحمه الله - قد ولى وترك الإبريق عند الباب من خارجه، والضيف من أهل العلم، وهو من تلاميذ الشيخ.
ـــــــــــــ
(1) ملخص بتصرف عن كتاب 'الإنجاز في ترجمة الإمام عبد العزيز بن باز '
--------------------------
ابووليد
19-Aug-2006, 01:13 AM
http://www.9q9q.org/index.php?image=HW4uuRNMlRRp
الشيخ عبد العزيز بن باز
الداعية الفقيه
الإمام الداعية الفقيه عبد العزيز بن عبد الله بن باز أشهر علماء وفقهاء الجزيرة العربية الذي تلقى الناس فتاواه ورسائله بالقبول وتتلمذ على يديه المئات وهو كما وصفه أحد تلامذته صاحب كتاب 'الإنجاز في ترجمة الإمام عبد العزيز بن باز' يقول: هو الإمام الصالح الورع الزاهد أحد الثلة المتقدمين بالعلم الشرعي، ومرجع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في الفتوى والعلم، وبقية السلف الصالح في لزوم الحق والهدي المستقيم، واتباع السنة الغراء.
--------------------------------------------------------------------------------
نسبه ونشأته
هو عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، وآل باز أسرة عريقة في العلم والتجارة والزراعة معروفة بالفضل والأخلاق أصلهم من المدينة النبوية، ولد في الرياض عاصمة نجد يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة سنة 1330هـ، وترعرع فيها وشب وكبر، ولم يخرج منها إلا ناويا للحج والعمرة.
نشأ سماحة الشيخ عبد العزيز في بيئة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح، بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها، وحضاراتها المزيفة، إذ الرياض كانت في ذلك الوقت بلدة علم وهدى فيها كبار العلماء، وأئمة الدين، من أئمة هذه الدعوة المباركة التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهي دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وفي بيئة غلب عليها الأمن والاستقرار وراحة البال، بعد أن استعاد الملك عبد العزيز - رحمه الله - الرياض ووطد فيها الحكم العادل المبني على الشريعة الإسلامية السمحة بعد أن كانت الرياض تعيش في فوضى لا نهاية لها، واضطراب بين حكامها ومحكوميها.
فهكذا نشأ سماحته في بيئة علمية ولا ريب أن القرآن العظيم كان ولا يزال - ولله الحمد والمنة - هو النور الذي يضيء حياته، وهو عنوان الفوز والفلاح فبالقرآن الكريم بدأ الشيخ دراسته - كما هي عادة علماء السلف - رحمهم الله - إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية - فيحفظونه ويتدبرونه أشد التدبر، ويعون أحكامه وتفاسيره، ومن ثمَّ ينطلقون إلى العلوم الشرعية الأخرى، فحفظ الشيخ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل أن يبدأ مرحلة البلوغ، فوعاه وأتقن سوره وآياته أشد الإتقان، ثم بعد رحمه لكتاب الله، ابتدأ سماحته في طلب العلم على يد العلماء بجد وجلد وطول نفس وصبر.
ولقد ذكر سماحته في محاضرته النافعة رحلتي مع الكتاب: أن لوالدته - رحمها الله - أثرا بالغا، ودورا بارزا في اتجاهه للعلم الشرعي وطلبه والمثابرة عليه، فكانت تحثه وتشد من أزره، وتحضه على الاستمرار في طلب العلم والسعي وراءه بكل جد واجتهاد.
--------------------------------------------------------------------------------
فقده لبصره
كان سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - مبصرا في أول حياته، وشاء الله لحكمة بالغة أرادها أن يضعف بصره في عام 1346 هـ إثر مرض أصيب به في عينيه ثم ذهب جميع بصره في عام 1350 هـ، وعمره قريب من العشرين عاما؛ ولكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته بل استمر في طلب العلم ملازما لصفوة فاضلة من العلماء الربانيين والفقهاء الصالحين، فاستفاد منهم أشد الاستفادة، وأثّروا عليه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم النافع، والحرص على معالي الأمور، والنشأة الفاضلة، والأخلاق الكريمة، والتربية الحميدة، مما كان له أعظم الأثر، وأكبر النفع في استمراره.
ومما ينبغي أن يعلم أن سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله- قد استفاد من فقده لبصره فوائد عدة نذكر على سبيل المثال منها أربعة أمور:
الأمر الأول: حسن الثواب، وعظيم الأجر من الله سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا ابتليت عبدي بفقد حبيبتيه عوضتهما الجنة (البخاري).
الأمر الثاني: قوة الذاكرة، والذكاء المفرط: فالشيخ - رحمه الله - حافظ العصر في علم الحديث فإذا سألته عن حديث من الكتب الستة، أو غيرها كمسند الإمام أحمد والكتب الأخرى تجده في غالب أمره مستحضرا للحديث سندا ومتنا، ومن تكلم فيه، ورجاله وشرحه.
الأمر الثالث: إغفال مباهج الحياة، وفتنة الدنيا وزينتها، فالشيخ - رحمه الله - كان متزهدا فيها أشد الزهد، وتورع عنها، ووجه قلبه إلى الدار الآخرة، وإلى التواضع والتذلل لله سبحانه وتعالى.
الأمر الرابع: استفاد من مركب النقص بالعينين، إذ ألح على نفسه وحطمها بالجد والمثابرة حتى أصبح من العلماء الكبار، المشار إليهم بسعة العلم، وإدراك الفهم، وقوة الاستدلال وقد أبدله الله عن نور عينيه نورا في القلب، وحبا للعلم، وسلوكا للسنة، وسيرا على المحجة، وذكاءً في الفؤاد.
--------------------------------------------------------------------------------
المكانة العلمية لأسرته
وأسرة آل باز معروفة بالعلم والفضل، والزهد والورع ويغلب على بعض أفرادها العناية بالتجارة، وعلى بعضها العناية بالزراعة، ولعل من أبرز علماء هذه الأسرة الشيخ عبد المحسن بن أحمد بن عبد الله بن باز - رحمه الله - المتوفى سنة 1342 هـ، كانت له دراية تامة في الفقه، واطلاع واسع على العلوم الشرعية، ومحبة لطلبة العلم والاعتناء بهم، مع حسن الأخلاق، وكريم الشمائل، وطيب التعليم والتدريس.
ومن العلماء البارزين من تلك الأسرة، الشيخ مبارك بن عبد المحسن بن باز المكنى ' بأبي حسين ' وهو من كبار حملة العلم المعروفين بالعلم والفضل وحسن السيرة، وكان والده الشيخ / عبد المحسن - رحمه الله - هو قاضي بلدة الحلوة فقرأ عليه في بعض العلوم الشرعية في أول طلبه للعلم، ثم لما توفي والده، تولى القضاء بعده، ثم نقل بعد ذلك إلى قضاء عدة بلدان منها بيشة والأرطاوية ورنية.
ولما تولى الملك عبد العزيز - رحمه الله - على الحجاز عينه قاضيا في الطائف، والشيخ مبارك - رحمه الله - يعتبر أحد العلماء الذين بعثهم الملك عبد العزيز - رحمه الله - إلى مكة لكي يناظروا علمائها ويناقشوهم في مسائل تتعلق بالتوحيد والعقيدة الصحيحة، وقد أبلى الشيخ مبارك - رحمه الله - في ذلك بلاء حسنا وكانت له اليد الطولى في تبيين بعض المسائل وإيضاحها، وظهر الحق إلى جانب علماء الدعوة.
وخلاصة القول أن الطابع الغالب على هذه الأسرة، هو طابع الجد في ممارسة الخير، سعيا في نشدان الكسب الحلال، والمذاكرة الحيّة في مسائل الدين، مع الالتزام بالفضائل والأخلاق الحميدة - رحم الله أمواتهم وبارك في أحيائهم، وجعل منهم العلماء الصالحين.
--------------------------------------------------------------------------------
من أخلاق بن باز
كانت للشيخ هيبة فيها عزة العلماء مع عظيم مكانتهم وكبير منزلتهم، وهذه الهيبة قذفها الله في قلوب الناس، وهي تنم عن محبة وإجلال وتقدير له، لا من خوف وهلع وجبن معه، بل إن الشيخ - رحمه الله - قد فرض احترامه على الناس، بجميل شمائله وكريم أخلاقه، مما جعلهم يهابونه حياء منه، ويقدرونه في أنفسهم أشد التقدير.
ومما زاد هيبته أنه ابتعد عن ساقط القول، ومرذول اللفظ، وما يخدش الحياء أشد الابتعاد، فلا تكاد تجد في مجلسه شيئا من الضحك إلا نادرا ولماما، بل كنت تجد مجالسه عامرة بذكر الله، والتفكر والتأمل في الدار الآخرة.
ومع هذه المكانة العظيمة، والمنزلة السامية، والهيبة، فإنه آية في التواضع، وحسن المعاشرة، وعلو الهمة، وصدق العزيمة، مع عزة في النفس، وإباء في الطبع، بعيد كل البعد عن الصلف والتكلف المذموم كأنه وضع بين نصب عينيه قوله تعالى: {وما أنا من المتكلفين}.
لعل من أبرز ما تميز به شيخنا - رحمه الله - الزهد في هذه الدنيا، مع توفر أسبابها، وحصول مقاصدها له، فقد انصرف عنها بالكلية، وقدم عليها دار البقاء، لأنه علم أنها دار الفناء، متأسيا بزهد السلف الصالح - رحمهم الله - الذين كانوا من أبعد الناس عن الدنيا ومباهجها وزينتها الفانية، مع قربها منهم، فالشيخ - رحمه الله -كان مثالا يحتذي به، وعلما يقتدى به، وقدوة في الزهد والورع وإنكار الذات، والهروب من المدائح والثناءات العاطرة، وكم من مرة سمعته في بعض محاضراته، حين يطنب بعض المقدمين في ذكر مناقبه وخصاله الحميدة، وخلاله الرشيدة، يقول: 'لقد قصمت ظهر أخيك، وإياكم والتمادح فإنه الذبح، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون' بمثل هذه الكلمات النيرة، والتوجيهات الرشيدة نراه يكره المدح والثناء كرها شديدا، وهذا يدل على زهد في القلب وعفة في الروح، وطهارة في الجوارح، وخشية للمولى جل وعلا.
--------------------------------------------------------------------------------
فصاحته وخطابته
يعد الشيخ بن باز ـ رحمه الله ـ من أرباب الفصاحة، وأساطين اللغة وخاصة في علم النحو، وفي علوم اللغة العربية كافة.
وفصاحته تبرز في كتاباته ومحادثاته، وخطبه ومحاضراته وكلماته، فهو ذو بيان مشرق، ونبرات مؤثرة حزينة، وأداء لغوي جميل، ويميل دائما إلى الأسلوب النافع الذي كان عليه أكثر أهل العلم وهو الأسلوب المسمى 'السهل الممتنع' فتجده - رحمه الله - من أكثر الناس بعدا عن التعقيد والتنطع في الكلام والتشدق في اللفظ والمعنى، والتكلف والتمتمة، بل هو سهل العبارة، عذب الأسلوب، تتسم عباراته وكتاباته بالإيجاز والإحكام والبيان.
ومن نوافل الأمور أن يقدر القارئ الكريم ثقافة الشيخ - رحمه الله - في اللغة والأدب وحسن البيان، لأن معرفة ذلك وإتقانه من الأسس الرئيسية في فهم آيات الكتاب ونصوص السنة النبوية، ومعرفة مدلولات العلماء، ولهذا كان الشيخ - رعاه الله - متمكنا مجيدا للخطابة والكتابة.
والشيخ – رحمه الله ـ خطيب مصقع، وواعظ بليغ سواء في محاضراته الكثيرة النافعة أو تعقيباته على محاضرات غيره، ومن مميزاته وخصائصه الخطابية قدرته على ترتيب أفكاره حتى لا تتشتت، وضبطه لعواطفه حتى لا تغلب عقله، ثم سلامة أسلوبه، الذي لا يكاد يعتريه اللحن في صغير من القول أو كبير، وأخيرا تحرره من كل أثر للتكلف والتنطع.
وكان الشيخ عبد العزيز – رحمه الله - صاحب بصيرة نافذة، وفراسة حادة، يعرف ذلك جيدا من عاشره وخالطه، وأخذ العلم على يديه. ومما يؤكد على فراسته أنه يعرف الرجال وينزلهم منازلهم، فيعرف الجادّ منهم في هدفه ومقصده من الدعاة وطلبة العلم فيكرمهم أشد الإكرام، ويقدمهم على من سواهم، ويخصهم بمزيد من التقدير ويسأل عنهم وعن أحوالهم دائما، وله فراسة في معرفة رؤساء القبائل والتفريق بين صالحهم وطالحهم، وله فراسة أيضا في ما يعرض عليه من المسائل العويصة، والمشكلات العلمية؛ فتجده فيها متأملا متمعنا لها، تقرأ عليه عدة مرات، حتى يفك عقدتها، ويحل مشكلها، وله فراسة أيضا في ما يتعلق بالإجابة عن أسئلة المستفتين، فهو دائما يرى الإيجاز ووضوح العبارة ووصول المقصد إن كان المستفتي عاميا من أهل البادية، وإن كان المستفتي طالب علم حريص على الترجيح في المسألة، أطال النفس في جوابه مع التعليلات وذكر أقوال أهل العلم، وتقديم الأرجح منها، وبيان الصواب بعبارات جامعة مانعة.
--------------------------------------------------------------------------------
قوة حافظته
ومما تميّز به سماحته - رحمه الله - قوة الحافظة، وسرعة البديهة، واستحضار مسائل العلم بفهم واسع، ووفرة في العلم، وشدة في الذكاء، وغزارة في المادة العلمية، فهو - رعاه الله - صاحب ألمعية نادرة، ونجابة ظاهرة.
وإن نعمة الحفظ، وقوة الذاكرة، هما من الأسباب القوية - بعد توفيق الله عز وجل - على تمكنه من طلبه للعلم، وازدياد ثروته العلمية، المبنية على محفوظاته التي وعتها ذاكرته في مراحل التعلم والتعليم، وقد حباه الله من الذكاء وقوة الحفظ وسرعة الفهم، مما مكنه من إدراك محفوظاته العلمية عن فهم وبصيرة.
ومما يؤكد على ذلك أنه ربما سُئِلَ عن أحاديث منتقدة في الكتب الستة وغيرها من كتب السنة فيجيب عليها مع تخريجها والتكلم على أسانيدها ورجالها، وذكر أقوال أهل العلم فيها، وهو ممَّن منَّ الله عليه بحفظ الصحيحين واستحضارهما، ولا يكاد يفوته من متونهما شيء.
ومما يؤكد ويبرهن على قوة حافظته وحضور بديهته، أنه في كلماته ومحاضراته ومواعظه تجده كثير الاستدلال بالنصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال أهل العلم الشرعية، يأتي عليها بسياقها ولفظها وتمامها، وهكذا في اجتماعات هيئة كبار العلماء، تجده يذكر المسألة وأقوال أهل العلم فيها مبينا الجزء والصفحة والكتاب المنقول عنه القول.
وثم أمر آخر يؤكد قوة حافظته أنه يميز بين أصوات محبيه الذين يقدمون للسلام عليه، مع كثرتهم عددهم، وقد حدَّثني بعض من عاصر الشيخ قديما وحديثا أنني قدمت للسلام عليه بعد مدة من الزمن طويلة، فبادرته بالسلام، فعرفني من أول وهلة، ورد عليَّ السلام مناديا باسمي، وهذا دأبه في أغلب من يقدمون عليه للسلام.
وأيضا مما يؤكد قوة ذاكرته أنك تجده يورد القصص القديمة التي حصلت قبل ستين سنة أو أكثر كأنه مطلع عليها، ينظر إليها ويتأمل في أمرها، وهذا أمر معلوم عند من خالط الشيخ وعرفه تمام المعرفة.
--------------------------------------------------------------------------------
مؤلفاته وآثاره العلمية
لقد أثرى الشيخ - رحمه الله - المكتبة الإسلامية بمؤلفات عديدة تنوعت بين كتب في العقيدة الإسلامية بأنواعها وأقسامها المختلفة، ونبه إلى البدع والمنكرات، وألف في الفقه وأصوله وقواعده، وفي العبادات والمعاملات والبيوع المحرمة، وكتب في الحديث وأصوله ومصطلحاته، وفي الأذكار وفوائدها.
وفي التراجم، وعن المرأة المسلمة ودورها في بناء المجتمع، وإنقاذها من براثن الكفر والشبه الضالة، وفي التشريع والجهاد في سبيل الله، وفي فضل الدعوة إلى الله، ومسئولية الشباب المسلم، وفي الحض على الزواج المبكر، كما أنه كتب كتبا تدفع المطاعن والشبهات في الدين، وكتب في الغزو الفكري، والقومية العربية، والحداثة الشعرية. فهذه الكتب المتنوعة يجمعها صدق النصيحة، مع صدق العبارة، مع الأسلوب الواضح المفهوم لخاصة الناس وعامتهم، فنفع الله بهذه المؤلفات نفعا عظيما، حتى أن كثيرا منها قد ترجم لعدة لغات ؛ لكي يستفاد منه، حتى أنني رأيت بعض كتب سماحته - في أدغال أفريقيا - وقد وصلت إلى كل بقعة من العالم الإسلامي ويحكي لي بعض الأساتذة المصريين: أنه رأى في معرض الكتاب الدولي في القاهرة صفا طويلا فاستغرب لهذا المنظر الغريب، والأمر العجيب، فأخذه حب الاستطلاع إلى الوقوف مع الناس، فإذا به يفاجأ بأن الصف من أجل أنه يوزع كتاب 'التحذير من البدع' لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - يقول: فكبرت بأعلى صوتي وقلت: 'جاء الحق وزهق الباطل'.
وهكذا - يهيئ الله لمن أخلص نيته، وأحسن قصده، القبول في جميع الأرض، وعند جميع طبقات العالم الإسلامي.
وإليك بعضاً من مؤلفاته رحمه الله:
أولاً: الرسائل الكبيرة والمتوسطة.
1- الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب.
2-الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس وسكون الأرض.
3- إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين.
4- الإمام محمد بن عبد الوهاب: دعوته وسيرته.
5- بيان معنى كلمة لا إله إلا الله.
6-التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة.
7-- تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل.
8- العقيدة الصحيحة وما يضادها.
9- الدعوة إلى الله.
10-تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة إلى الشيخ أحمد.
11-وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها.
12-الدعوة إلى الله سبحانه وأخلاق الدعاة.
13-الرسائل والفتاوى النسائية: اعتنى بجمعها ونشرها أحمد بن عثمان الشمري.
14-الفتاوى.
15-فتاوى إسلامية - ابن باز - ابن عثيمين - ابن جبرين.
16-فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة.
17-فتاوى المرأة لابن باز واللجنة الدائمة جمع وترتيب محمد المسند.
18-فتاوى مهمة تتعلق بالحج والعمرة.
19-فتاوى وتنبيهات ونصائح.
20-الفوائد الجلية في المباحث الفرضية.
21-مجموع فتاوى ومقالات متنوعة أشرف على تجميعه وطبعه د. محمد بن سعد الشويعر. من ا - 12 طبعة دار الإفتاء.
22-مجموعة رسائل في الطهارة والصلاة والوضوء.
23-مجموعة الفتاوى والرسائل النسائية.
24-نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع.
25-وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
26-وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها.
27- شرح الأصول الثلاثة.
--------------------------------------------------------------------------------
ثناء العلماء عليه
يقول سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن سليمان بن منيع - رعاه الله - قاضي التمييز بمكة المكرمة وعضو هيئة كبار العلماء.
إن الحديث عن سماحة شيخنا الجليل تنشرح له الصدور، وتتفتح له النفوس، ويحلو بذكره اللسان فقد كان لي مع سماحته أكثر من علاقة أهمها وأحلاها علاقتي به شيخا كريما لقد درست على يد سماحته في المراحل الدراسية الثلاث: الثانوية والجامعية والدراسات العليا في المعهد العالي للقضاء، فاستفدت من علمه الغزير، وفقهه الواسع، وأدبه الجم في التعليم والتعلم، الشيء الذي أعتز بتحصيله من سماحته، وكان ولا يزال - رحمه الله - نعم الشيخ معلما وموجها وناصحا وحريصا على الاهتمام والعناية بطلابه، فلقد أخذنا عنه - رحمه الله - العناية بالدقة في إصدار القرار الحكيم أو الفتوى أو الرأي، وأخذنا عنه المرونة في النقاش، وتبادل الآراء والوقوف عند الحقيقة والبعد عن التعصب للرأي، حيث كان - رحمه الله - يقرر ' رجوعه إلى رأي الأكثرية من زملائه وإخوانه وأبنائه في بحث أمر يكون له فيه رأي مخالف فيرجع ويقول: 'اللهم اهدنا فيمن هديت' وذلك حينما يظهر له رجحان الرأي المخالف له.
وقد ضرب - رحمه الله - رقما قياسيا في كرم النفس وكرم المال لم يجاره في ذلك أحد من العلماء المعاصرين فيما علمنا.
ويقول سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام عضو هيئة كبار العلماء:
شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى - هو المستحق الآن للقب - شيخ الإسلام والمسلمين - لما يبذله من مساع في خدمة الإسلام والمسلمين، فهو الداعية الكبير وهو المفتي الأول في الداخل والخارج، وهو الموجه إلى فعل كل خير، وهو رئيس المجلس التأسيسي في رابطة العالم الإسلامي، ورئيس مجمع الفقه الإسلامي، ورئيس مجلس هيئة كبار العلماء، وهو المرجع في كل شأن من شئون الإسلام؛ لما حباه الله تعالى من إخلاص لدينه وأمته؛ ولما امتاز به من سعة علم وبعد نظر، وقبول لدى المسلمين، فقد وزع وقته على خدمة الإسلام ومصالح المسلمين.
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الرحمن الأطرم - رعاه الله - عضو الإفتاء، وعضو هيئة كبار العلماء، والأستاذ بكلية الشريعة بالرياض:
إن صفات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز واضحة لا تخفى على معاصريه من عالم ومتعلم، فهو ذو علم جم وخلق فاضل ونظر ثاقب، وحسن خلق، وحسن معاملة مع الصغير والكبير، والعالم والمتعلم، والعامي والغريب والمعروف، والقريب والبعيد، يفيد المتعلم ويرشد الجاهل.
ونرى سماحته يزداد علوا في العلم والمعرفة وبذل العطاء من المعلومات، وقد انتشر علمه في جميع الأقطار وتزداد علاقته بالكتب من شتى الفنون من توحيد وفقه وحديث وتفسير ولغة وأصول فقه في القراءة والكتابة والإفتاء ابتداء وجوابا عليها.
وكثيرا ما يحضر لدرسه تحضيرا علميا دقيقا بأن يراجع أمهات الكتب، وكتب الشروح، وقد يقرأ عليه وهو يتناول الطعام حرصا على إفادة الطلاب؛ كما هو دأب العلماء السابقين.
وكل مواقف شيخنا - رحمه الله - طيبة ومؤثرة، تأثرت بعلمه وأخلاقه وبقبول توجيهه، وبتواضعه وانشراح صدره وتأثيره على العامة والخاصة ، فهو محل ثقة في المعتقدات وفي علم الحلال والحرام والوعظ والإرشاد والترغيب والترهيب؛ فلا يكاد يقف موقفا ويعدم التأثير.
ويقول الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (سابقا):
قد وهب الله عز وجل سماحة والدنا وشيخنا العلامة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز، من الصفات الحسنة، والخلال الحميدة، والشمائل الكريمة ؛ الشيء الكثير، فهو في مقدمة علماء الشريعة في المملكة العربية السعودية، بل وعلى مستوى العالم، وهو إلى جانب ما وهبه الله من العلم الواسع تجتمع فيه خلال قلّ أن تجتمع في غيره، فقد عرفته كما عرفه غيري عالما فاضلا، ضرب من نفسه المثل والقدوة في التواضع والسماحة والكرم والإيثار، والزهد والورع والتقوى، والسعي في حاجات المسلمين أفرادا وهيئات، والاهتمام بهم حيث كانوا.
وقد سبق أن منح سماحته - رحمه الله - جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام تقديرا لعلمه وجهوده في هذا المجال المهم. جزى الله سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز كل خير عنا وعن الإسلام والمسلمين على ما قدم من جهود وخدمات، وعلى نصحه وإخلاصه، وضاعف له الثواب..
ويقول فضيلة الشيخ: عبد الله بن إبراهيم الفنتوخ مدير عام الدعوة بالداخل والجزيرة العربية سابقا.
منذ عرفته في عام 1363 هـ، وحتى الآن وسمعته ومكانته الحسنة، تتمدد تمدد أشعة النور النافذ، ترتفع مع النجاد، وتنزل إلى الوهاد، لا تغلق دونها الأبواب، وليس لها حجاب، ولا يحرم منها هياب، ولا يمحوها ضباب، كأنها شمس لا تغيب، يستضيء بها البعيد والقريب.
تحلى سماحته بصفة الأمانة في الدين، وجمع إليها صفات نادرة، فحاز من المكارم ما لم يحزه ذو سلطان، ولا ذو فصاحة وبيان، ولا ذو نسب ومال وكيان؛ بل جمع الله له محاسن الأخلاق شيماً ومروءة وشمما يندر أن تجتمع لأحد، فسبحان من يختص بفضله من يشاء.
وأما تعامله مع الناس فسماحته يتعامل معهم تعامل الأخ مع إخوانه، ويتبادل معهم البساطة ونوادر المرح الرفيع بما لا يضيع الوقت عن الأهم. وأود أن أشير هنا إلى أنه ليس للمناصب أي أثر على حياته العلمية لأن صفات الأمانة الإسلامية التي فيه لم تبنها المناصب، وإنما بناها الله بما حباه الله من علم شرعي وأعمال صالحة وأخلاق نبيلة وهكذا علاقته مع الناس، وأثر المناصب يتجلى في توفير الإمكانيات والنفوذ.
و يقول معالي الشيخ د. صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، وعضو مجلس الشورى: لقد عاش الشيخ حياة علمية دعوية متوازنة يتوافق فيها الفكر مع العمل، ويقترن فيها العلم بالسلوك، حياة تجلي في توازنها الفكر الثاقب، والعطاء النير، والإسهام العميق، والمدد الغزير في ميادين الحياة كافة، امتداد في العلم والدعوة والتربية والتوجيه، شمل أصقاعا عريضة من العالم الفسيح من خلال أثره الفكري المقروء والمسموع ومشاركاته الميدانية في المؤتمرات والمجامع والحلقات والمنابر والمجالس واللجان، رئاسة وأستاذية وعضوية، إنه رجل شاء الله أن يقع على كاهله، أعباء جسام في الدعوة والإرشاد والبحث العلمي والإفتاء، وخدمة قضايا المسلمين كافة.
إن العطاء والتوازن والتثبت في حياة الشيخ وسيرته - علما وتعليما ودعوة - جلي بارز من خلال الرصد للقنوات التي صبغت عطاء الشيخ وأطرت أثره في إطار متميز، ولعل ذلك يتبين من هذه القنوات الثلاث الكبرى:
الأولى: الإيمان العميق، والعقيدة الراسخة في الله ورسوله وكتابه ودين الإسلام، وأثر ذلك في سيرته ومسيرته، سلوكا حسنا، وورعا وزهدا، وصدقا في اللهجة، وحبا للناس، وثقة متبادلة وعطفا ورقة، وكرما وبذلا.
الثانية: التأصيل العلمي المبني على أصلي الدين: الكتاب والسنة فالشيخ يحفظ القرآن كله ويتدبره، ويحفظ الكثير من السنة ويفقهها، فهو دائم التلاوة للقرآن بتدبر، قدير في الاستحضار للسنة بتفهم، سريع الاستشهاد بها، ملتزم للاسترشاد بنورهما، مع دعوته الظاهرة في كل مجلس وناد للأخذ بهما والرجوع إليهما والحث على مداومة قراءتهما ومطالعتهما، وحفظ المتيسر منهما.
الثالثة: روح الاجتهاد والاستنباط المنبثقة من الفقه المتين والدارسة الواعية والفهم العميق والفكر المستنير مع الإحاطة البينة بمقاصد الشريعة وأصولها وقواعدها وضوابطها. ومن يسبر ذلك ويرصده في حياة هذا الإمام يدرك وضوح الطريق عنده، وانسجامه مع نفسه، ومن حوله في توافق سوي وسيرة معتدلة ونهج قويم. هذا هو الشيخ الذي يزكو شكره، ويعلو عند أهل العصر ذكره، ويعني الأمة أمره.
--------------------------------------------------------------------------------
مواقف من حياته
وفي حياة سماحته مواقف كثيرة منها ما يناسب ذكره، ومنها ما أحتفظ به وهو كثير. ومما يناسب ذكره أن ضيفا من تلاميذه الأفاضل، أفريقي متجنس، بات عنده، فقام سماحة الشيخ آخر الليل للتهجد، وكانت غرفة الضيف بعيدة عن مقر الماء، وفي هذه الساعة يندر من يكون مستيقظا، وهو يكره الإزعاج، فذهب - سماحته - بنفسه إلى مقر الماء بالإبريق، رغم أنه كريم العينين، وملأ الإبريق وجاء به إلى مقر باب غرفة الضيف ثم أيقظه برفق لعلمه بالرغبة في ذلك.
ثم ذهب عن الباب، حتى لا يحرج الضيف، فخرج الضيف مسرعا، فرأى الشيخ - رحمه الله - قد ولى وترك الإبريق عند الباب من خارجه، والضيف من أهل العلم، وهو من تلاميذ الشيخ.
ـــــــــــــ
(1) ملخص بتصرف عن كتاب 'الإنجاز في ترجمة الإمام عبد العزيز بن باز '
--------------------------
فتى وادي الرشا
19-Aug-2006, 03:16 AM
اخوي ابو وليد
الله يجزاك خير ويكثر من امثالك ولاهنت على الموضوع
ابووليد
20-Aug-2006, 01:44 AM
اخوي ابو وليد
الله يجزاك خير ويكثر من امثالك ولاهنت على الموضوع
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هلااااااااااا اخوي / فتى وادي الرشا
اخي العزيز اشكر مرورك العزيز
وتقبل تحياتي
ابووليد
24-Aug-2006, 04:48 AM
http://www.flashfp.net/uploader/modules/up-pic/pic/uploads/c27d4db9dc.gif
نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية
لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى
1347هـ - 1421هـ
من منا في الأوساط العلمية لا يعرف الشيخ ابن عثيمين ؟ وهو الذي شاع علمه في الآفاق وشهد القاصي والداني بفضله وعلو مكانته .
وحيث أن سيرة هذا الشيخ الجليل وغيره من العلماء المخلصين الناصحين السائرين على نهج السلف الصالح رضوان الله عليهم تعتبر حافزاً إيمانياً للتأسي بهم واقتفاء آثارهم والاستفادة من الدروس التي تزخر بها أيامهم فقد حاولنا بصفة مختصرة الكلام عن سيرته الذاتية رحمه الله .
الشيخ محمد بن عثيمين ذلك العالم الجليل والمربي الفاضل والقدوة الصالحة في العلم والزهد والصدق والإخلاص والتواضع والورع والفتوى .
هو شيخ التفسير والعقيدة والفقه والسيرة النبوية والأصول والنحو وسائر العلوم الشرعية .
هو العالم الداعي إلى الله على بصيره الذي انتفع بعلمه المسلمون في شتى أنحاء العالم الإسلامي والذي أجمعت القلوب على قبوله ومحبته وفضله وعلو مرتبته .
هو فضيلة شيخنا فقيد البلاد والأمة الإسلامية العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
اسمه ومولده:
هو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين الوهيبي التميمي.
كان مولده في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1347هـ، في مدينة عنيزة - إحدى مدن القصيم- بالمملكة العربية السعودية.
نشأته العلمية:
تعلم القران الكريم على جده من جهة أمه عبد الرحمن بن سليمان الدامغ -رحمه الله- ثم تعلم الكتابة وشيئاً من الأدب والحساب والتحق بإحدى المدارس وحفظ القرآن عن ظهر قلب في سن مبكرة، وكذا مختصرات المتون في الحديث والفقه.
وكان فضيلة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - قد رتب من طلبته الكبار لتدريس المبتدئين من الطلبة وكان منهم الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع -رحمه الله- فانضم إليه فضيلة شيخنا.
ولما أدرك ما أدرك من العلم في التوحيد والفقه والنحو جلس في حلقة شيخه فضيلة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي فدرس عليه في التفسير والحديث والتوحيد والفقه وأصوله والفرائض والنحو.
ويعتبر الشيخ عبدالرحمن السعدي شيخه الأول الذي نهل من معين علمه وتأثر بمنهجه وتأصيله واتباعه للدليل وطريقة تدريسه ، وقد توسم فيه شيخه النجابة والذكاء وسرعة التحصيل فكان به حفياً ودفعه إلى التدريس وهو لا يزال طالباً في حلقته.
قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان -رحمه الله- في علم الفرائض حال ولايته القضاء في عنيزة.
وقرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله- في النحو والبلاغة أثناء وجوده في عنيزة.
ولما فتح المعهد العلمي بالرياض أشار عليه بعض إخوانه أن يلتحق به فاستأذن شيخه عبد الرحمن السعدي فأذن له فالتحق بالمعهد العلمي في الرياض سنة 1372هـ وانتظم في الدراسة سنتين انتفع فيهما بالعلماء الذين كانوا يدرسون في المعهد حينذاك ومنهم العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد والشيخ عبد الرحمن الأفريقي وغيرهم (رحمهم الله).
واتصل بسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- فقرأ عليه في المسجد من صحيح البخاري ومن رسائل شيخ الإسلام بن تيمية وانتفع منه في علم الحديث والنظر في آراء فقهاء المذاهب والمقارنة بينها ويعتبر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز شيخه الثاني في التحصيل والتأثر به.
وتخرج من المعهد العلمي ثم تابع دراسته الجامعية انتساباً حتى نال الشهادة الجامعية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض.
أعماله ونشاطه العلمي:
* بدأ التدريس منذ عام 1370هـ في الجامع الكبير بعنيزة في عهد شيخه عبد الرحمن السعدي وبعد أن تخرج من المعهد العلمي في الرياض عين مدرساً في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374هـ.
* وفي سنه 1376هـ توفي شيخه عبدالرحمن السعدي فتولى بعده إمامة المسجد بالجامع الكبير في عنيزة والخطابة فيه والتدريس بمكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع والتى أسسها شيخه عام 1359هـ .
* ولما كثر الطلبة وصارت المكتبة لا تكفيهم صار يدرس في المسجد الجامع نفسه واجتمع إليه طلاب كثيرون من داخل المملكة وخارجها حتى كانو يبلغون المئات وهؤلاء يدرسون دراسة تحصيل لا لمجرد الاستماع - ولم يزل مدرساً في مسجده وإماماً وخطيباً حتى توفي -رحمه الله-.
* استمر مدرساً بالمعهد العلمي في عنيزة حتى عام 1398هـ وشارك في آخر هذه الفترة في عضوية لجنة الخطط ومناهج المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وألف بعض المناهج الدراسية.
* ثم لم يزل أستاذاً بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم بكلية الشريعة وأصول الدين منذ العام الدراسي 1398-1399هـ حتى توفي -رحمه الله-.
* درّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج وشهر رمضان والعطل الصيفية.
* شارك في عدة لجان علمية متخصصة عديدة داخل المملكة العربية السعودية.
* ألقى محاضرات علمية داخل المملكة وخارجها عن طريق الهاتف.
* تولى رئاسة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة منذ تأسيسها عام 1405هـ حتى وفاته -رحمه الله-
* كان عضواً في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للعامين الدراسيين 1398 - 1399 هـ و 1399 - 1400 هـ.
* كان عضواً في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين بفرع الجامعة بالقصيم ورئيساً لقسم العقيدة فيها.
* كان عضواً في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1407هـ حتى وفاته -رحمه الله-
وكان بالإضافة إلي أعماله الجليلة والمسؤوليات الكبيرة حريصاً على نفع الناس بالتعليم والفتوى وقضاء حوائجهم ليلاً ونهاراً حضراً وسفراً وفي أيام صحته ومرضه -رحمه الله تعالى رحمة واسعة-
كما كان يلزم نفسه باللقاءات العلمية والاجتماعية النافعة المنتظمة المجدولة فكان يعقد اللقاءات المنتظمة الأسبوعية مع قضاة منطقة القصيم وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عنيزة ومع خطباء مدينة عنيزة ومع كبار طلابه ومع الطلبة المقيمين في السكن ومع أعضاء مجلس إدارة جمعية تحفيظ القران الكريم ومع منسوبي قسم العقيدة بفرع جامعة الإمام بالقصيم.
وكان يعقد اللقاءات العامة كاللقاء الأسبوعي في منزله واللقاء الشهري في مسجده واللقاءات الموسمية السنوية التي كان يجدولها خارج مدينته فكانت حياته زاخرة بالعطاء والنشاط والعمل الدؤوب وكان مباركا في علمه الواسع أينما توجه كالغيث من السماء أينما حل نفع.
أعلن فوزه بجائزة الملك فيصل العالية لخدمة الإسلام للعام الهجري 1414هـ وذكرت لجنة الاختيار في حيثيات فوز الشيخ بالجائزة ما يلي:-
أولاً : تحليه بأخلاق العلماء الفاضلة التي من أبرزها الورع ورحابة الصدر وقول الحق والعمل لمصلحة المسلمين والنصح لخاصتهم وعامتهم.
ثانيا ً : انتفاع الكثيرين بعلمه تدريساً وإفتاءً وتأليفاً.
ثالثاً : إلقاؤه المحاضرات العامة النافعة في مختلف مناطق المملكة.
رابعاً : مشاركته المفيدة في مؤتمرات إسلامية كبيرة.
خامساً: اتباعه أسلوباً متميزاً في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتقديمه مثلاً حياً لمنهج السلف الصالح فكراً وسلوكاً.
كان -رحمه الله- على جانب عظيم من العلم بشريعة الله سبحانه وتعالى عمر حياته كلها في سبيل العلم وتحصيله ومن ثم تعليمه ونشره بين الناس يتمسك بصحة الدليل وصواب التعليل كما كان حريصاً أشد الحرص على التقيد بما كان عليه السلف الصالح في الاعتقاد علماً وعملاً ودعوة وسلوكاً فكانت أعماله العلمية ونهجه الدعوي كلاهما على ذلك النهج السليم.
لقد آتاه الله سبحانه وتعالى ملكة عظيمة لاستحضار الآيات والأحاديث لتعزيز الدليل واستنباط الأحكام والفوائد فهو في هذا المجال عالم لا يشق له غبار في غزارة علمه ودقة استنباطه للفوائد والأحكام وسعة فقهه ومعرفته بأسرار اللغة العربية وبلاغتها.
أمضى وقته في التعليم والتربية والإفتاء والبحث والتحقيق ولـه اجتهادات واختيارات موفقة، لم يترك لنفسه وقتاً للراحة حتى إذا سار على قدميه من منزله إلى المسجد وعاد إلى منزله فإن الناس ينتظرونه ويسيرون معه يسألونه فيجيبهم ويسجلون إجاباته وفتاواه.
كان للشيخ -رحمه الله- أسلوب تعليمي رائع فريد فهو يسأل ويناقش ليزرع الثقة في نفوس طلابه ويلقي الدروس والمحاضرات في عزيمة ونشاط وهمة عالية ويمضي الساعات يلقي دروسه ومحاضراته وفتاواه بدون ملل ولا ضجر بل يجد في ذلك متعته وبغيته من أجل نشر العلم وتقريبه للناس.
وقد تركزت جهوده ومجالات نشاطه العلمي - رحمه الله - فيما يلي:-
باشر التعليم منذ عام 1370هـ إلى آخر ليلة من شهر رمضان عام 1421هـ (أكثر من نصف قرن) رحمه الله رحمة واسعة. فقد كان يدرس في مسجده بعنيزه كل يوم.
ويدرس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج ورمضان والعطل الصيفية.
ويدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ويدرس باستخدام الهاتف داخل المملكة وخارجها عن طريق المراكز الإسلامية.
ويلقي المحاضرات العامة المباشرة والدروس في مساجد المملكة كلما ذهب لزيارة المناطق.
ويهتم بالجانب الوعظي الذي خصه بنصيب وافر من دروسه للعناية به وكان دائماً يكرر على الأسماع الآية الكريمة 'واعلموا أنكم ملاقوه' ويقول 'والله لوكانت قلوبنا حية لكان لهذه الكلمة وقع في نفوسنا'.
ويعتنى بتوجيه طلبة العلم وإرشادهم واستقطابهم والصبر على تعليمهم وتحمل أسئلتهم المتعددة والاهتمام بأمورهم.
ويلقي خطبه من مسجده في عنيزة وقد تميزت خطبه -رحمه الله- بتوضيح أحكام العبادات والمعاملات ومناسباتها للأحداث والمواسم فجاءت كلها مثمرة مجدية محققة للهدف الشرعي منها.
ويعقد اللقاءات العلمية المنتظمة والمجدولة الأسبوعية منها والشهرية والسنوية.
ويحرر الفتاوى التى كتب الله قبولها عند الناس فاطمأنوا لها ولاختياراته الفقهية.
وينشر عبر وسائل الإعلام من إذاعة وصحافة ومن خلال الأشرطة دروسه ومحاضراته وبرامجه العلمية عبر البرنامج الإذاعي المشهور - نور على الدرب - وغيره من البرامج .
وأخيراً توجت جهوده العلمية وخدمته العظيمة التي قدمها للناس في مؤلفاته العديدة ذات القيمة العلمية من كتب ورسائل وشروح للمتون العلمية طبقت شهرتها الآفاق وأقبل عليها طلبة العلم في أنحاء العالم وقد بلغت مؤلفاته أكثر من تسعين كتاباً ورسالة ثم لا ننسى تلك الكنوز العلمية الثمينة المحفوظة في أشرطة الدروس والمحاضرات فإنها تقدر بآلاف الساعات فقد بارك الله تعالى في وقت هذا العالم الجليل وعمره نسأل الله تعالى أن يجعل كل خطوة خطاها في تلك الجهود الخيرة النافعة في ميزان حسناته يوم القيامة.
وقد أخذت مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية التي أنشئت هذا العام 1422هـ على عاتقها مسؤولية العناية والاهتمام بهذا التراث الضخم الذي خلفه شيخنا رحمه الله تعالى على تحقيق ذلك الهدف السامي الذي ينشده الجميع لجعل ذلك العلم الغزير متاحاً للجميع في مختلف الوسائل الممكنة باذن الله تعالى وعونه وتوفيقه.
ملامح من مناقبه وصفاته الشخصية:
كان الشيخ رحمه الله تعالى قدوة صالحة ونموذجاً حياً فلم يكن علمه مجرد دروس ومحاضرات تلقى على أسماع الطلبة وإنما كان مثالاً يحتذى في علمه وتواضعه وحلمه وزهده ونبل أخلاقه.
تميز بالحلم والصبر والجلد والجدية في طلب العلم وتعليمه وتنظيم وقته والحفاظ على كل لحظة من عمره كان بعيداً عن التكلف وكان قمة في التواضع والأخلاق الكريمة والخصال الحميدة وكان بوجهه البشوش اجتماعياً يخالط الناس ويؤثر فيهم ويدخل السرور إلى قلوبهم ترى السعادة تعلو محياه وهو يلقي دروسه ومحاضراته - رحمه الله تعالى - .
كان رحمه الله عطوفاً مع الشباب يستمع إليهم ويناقشهم ويمنحهم الوعظ والتوجيه بالرفق واللين والإقناع .
كان حريصاً على تطبيق السنة في جميع أموره.
ومن ورعه أنه كان كثير التثبت فيما يفتي ولا يتسرع في الفتوى قبل أن يظهر له الدليل فكان إذا أشكل عليه أمر من أمور الفتوى يقول : انتظر حتى أتأمل المسألة، وغير ذلك من العبارات التي توحي بورعه وحرصه على التحرير الدقيق للمسائل الفقهية.
لم تفتر عزيمته في سبيل نشر العلم حتى أنه في رحلته العلاجية إلي الولايات المتحدة الأمريكية قبل ستة أشهر من وفاته نظم العديد من المحاضرات في المراكز الإسلامية والتقى بجموع المسلمين من الأمريكيين وغيرهم ووعظهم وأرشدهم كما أمهم في صلاة الجمعة.
وكان يحمل هم الأمة الإسلامية وقضاياها في مشارق الأرض ومغاربها وقد واصل -رحمه الله تعالى- مسيرته التعليمية والدعوية بعد عودته من رحلته العلاجية فلم تمنعه شدة المرض من الاهتمام بالتوجيه والتدريس في الحرم المكي حتى قبل وفاته بأيام.
أصابه المرض فتلقى قضاء الله بنفس صابرة راضية محتسبة، وقدم للناس نموذجاً حياً صالحاً يقتدي به لتعامل المؤمن مع المرض المضني، نسأل الله تعالى أن يكون في هذا رفعة لمنزلته عند رب العالمين.
كان رحمه الله يستمع إلى شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم قدر استطاعته وقد خصص لهذا العمل الخيري وقتاً محدداً في كل يوم لاستقبال هذه الأمور وكان يدعم جمعيات البر وجمعيات تحفيظ القرآن بل قد من الله عليه ووفقه لجميع أبواب البر والخير ونفع الناس فكان شيخناً بحق مؤسسة خيرية اجتماعية وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وفاته رحمه الله تعالى:
رزئت الأمة الإسلامية جميعها قبيل مغرب يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال سنة 1421هـ بإعلان وفاة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية وأحس بوقع المصيبة كل بيت في كل مدينة وقرية وصار الناس يتبادلون التعازي في المساجد والأسواق والمجمعات وكل فرد يحس وكأن المصيبة مصيبته وحده ورفعت البرقيات لتعزية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز و صاحب السمو الملكي ولي العهد وصاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء -حفظهم الله- بفقيد البلاد وفقيد المسلمين جميعاً وأخذ البعض يتأمل ويتساءل عن سر هذه العظمة والمكانة الكبيرة والمحبة العظيمة التي امتلكها ذلك الشيخ الجليل في قلوب الناس رجالاً ونساء صغاراً وكباراً؟ امتلأت أعمدة الصحف والمجلات في الداخل والخارج شعراً ونثراً تعبر عن الأسى والحزن على فراق ذلك العالم الجليل فقيد البلاد والأمة الإسلامية. - رحمه الله تعالى -
وصلى على الشيخ في المسجد الحرام بعد صلاة العصر يوم الخميس السادس عشر من شهر شوال سنة 1421هـ الآلاف المؤلفة وشيعته إلي المقبرة في مشاهد عظيمة لا تكاد توصف ثم صلي عليه من الغد بعد صلاة الجمعة صلاة الغائب في جميع مدن المملكة و في خارج المملكة جموع أخرى لا يحصيها إلا باريها، ودفن بمكة المكرمة رحمه الله رحمة واسعة .
إن القبول في قلوب الناس منة عظيمة من الله تعالى لمن يشاء من عباده، ولقد أجمعت القلوب على محبته وقبوله وإنا لنرجو الله سبحانه وتعالى متضرعين إليه أن يكون الشيخ ممن قال النبي صلى لله عليه وسلم: إذا أحب الله العبد نادى جبريل أن الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض .
وخلّف -رحمه الله- خمسة من البنين هم عبد الله وعبد الرحمن وإبراهيم وعبد العزيز وعبد الرحيم، جعل الله فيهم الخير والبركة والخلف الصالح. وبوفاته فقدت البلاد والأمة الإسلامية علماً من أبرز علمائها وصلحاء رجالها الذين يذكروننا بسلفنا الصالح في عبادتهم و نهجهم وحبهم لنشر العلم ونفعهم لاخوانهم المسلمين.
نسأل الله تعالى أن يرحم شيخنا رحمة الأبرار ويسكنه فسيح جناته وأن يغفر له و يجزيه عما قدم للإسلام والمسلمين خيراً ويعوض المسلمين بفقده خيراً والحمد لله على قضائه وقدره وإنا لله وانا إليه راجعون وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
vBulletin® v3.8.2, Copyright ©2000-2025 Arabization iraq chooses life