المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الــديــن الــنــصــيـــحـــة


احمد المقاطي
31-Mar-2006, 08:29 PM
ملازمة النصيحة
النصيحة : كلمة جامعة ، معناها : حيازة الخير للمنصوح له ، يقال : إنها من وجيز الأسماء و مختصر الكلام ، وأنه ليس في كلام العرب كلمة مفردة تستوفي في العبارة عن معنى هذه الكلمة ، وهي مـأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه ، شبه فعل الناصح فيما يتحراه للمنصوح له بسد الخياطة خلل الثوب وإصلاحه .
وقيل إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع ،شبه تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط .
وإن الناظر في القرآن العظيم يجد النصيحة للخلائق هي منهج أنبياء الله ورسله.
قال جل وعلا ، إخباراً عن نوح عليه السلام :
{ أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم } .
وعن هود عليه السلام :
{ أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون }.
وعن أبي رقبة ، تميم بن أوس الداري رضي اله نعه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (( الدين النصيحة )) . قلنا : لمن ؟ قال : (( لله ولكتبه ولرسله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )).
يقول العلامة الشيخ محمد بن سالم : ( أم النصيحة الواجبة لكل مسلم ، فهي التي يعز الله بها الحق ، ويخذل الباطل ، وينصر المظلوم ، ويزال بها المنكر ، ويدعى بها إلى الخير ، وقد جعلت أساساً في قوله صلى الله عليه وسلم : (( الدين النصيحة )).
وحق أخيك إذا استنصحك أن تمحضه النصح ، وتجتهد له في إصابة الصواب ، وهي تختلف باختلاف الناس ، فعلى العالم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والإخلاص في وعظه وإرشاده وتعلمه وتعليمه ، وعلى التاجر النصح لعميله وزميله ، فلا يغشه .
ولقد أدبنا الإسلام أعظم أدب في طريق النصح والإرشاد ، وإلى معالجة المشكلات الاجتماعية ، بطريق الرأفة لا الغلظة ، وبأسلوب اللين لا الشدة ، ولا عجب ، فهذا أدب ٌ أدّبَ الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، في قوله سبحانه :
{ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك}.
ولقد رأينا ذلك مطبقاً بالفعل في مسلك النبي صلى اله عليه وسلم مع أصحابه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه قال : بال أعرابي في المسجد ، فقام الناس إليه ؛ ليقعوا فيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( دعوه وأريقوا سجلا من ماء ـ أو ذنوباً من ماء ـ فإنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين )).
فمن لا يعلم ينبغي أن يعلم لا أن يضرب ، فإن الضرب ينفر و لا يؤدب .
ولقد أثر هذا التوجيه النبوي العظيم أعظم أثراً ؛ فقد جاء في بعض الروايات الصحيحة ، أن ذلك الأعرابي حين أراد الخرج من المسجد ؛ ركب ناقته ، ثم قال : اللهم ارحمني ومحمداً ، ولا ترحم معنا أحداً . ، وهذه العبارة تدل على مدى التأثر مما لقيه من كريم اللطف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبطريقة الأدب الجم ، الذي لا ينقطع ، والنصح المستديم ، الذي لا يفتأ أن يوجه مستمراً في توجيه إلى أن يتحقق الغرض المنشود .
وهنا نقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم حين سمعه يقول ذلك ؛ قال له : (( لقد حجزت واسعاً يا أخا العرب )) ، أي : ضيقت .
ما أروع نصحك يا رسول الله ، وما أسمى توجيهك ، يا من أرسلك الله رحمة للعالمين ،
وأقولها صادقاً مخلصاً لديني ولأمتي ، ولكل عامل في رحاب القرآن الكريم : إن أهل القرآن لو تمسكوا بهذا الخلق الرفيع من الرفق في الدعوة ، وحسن النصح والإرشاد ؛ لعاشوا سعداء ،
وفقنا الله سبحانه وتعالى بفضله وإيهامه للالتزام بطريقة النصح التي تحبب ولا تنفر ، وتجمع ولا تفرق .

نبض المشاعر
31-Mar-2006, 09:50 PM
شكراُ لك على هذا المقال

فواز الشيباني
31-Mar-2006, 10:44 PM
شكراُ لك على هذا المقال

وجزاك الله كل خير