تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صـــــور من حياة الصحابة 000!


روق والسماء فوق
13-Feb-2006, 11:27 AM
((أبو أيوب الأنصاري)) رضي الله عنه


هذا الصحابيُّ الجليلُ يُدْعَى خالدَ بنَ زيدِ بنِ كُلَيبٍ ، من بني النجَّار.

أمَّا كُنْيَتُه فأبو أيوبَ، وأما نِسْبَتُهُ فإلى الأنصار.

ومن مِنَّا مَعْشَرَ المسلمين لا يعْرفُ أبا أيوبَ الأنصاريَّ؟!

فقد رَفَعَ اللّهُ في الخافِقَيْن (1) ذِكْرَه، وأعْلَى في الأنامِ (2) قدْرَه حينَ اخْتارَ بيتَه من دون بيوتِ المسلمين جميعاً لِينزلَ فيه الكريمُ لَمَّا حَلَّ في المدينَةِ مهاجراً، وحَسْبُه بذلك فَخْراً.

ولِنُزولِ الرسولِ صلواتُ اللّهِ عليه في بيتِ أبى أيوبَ قِصَّةٌ يَحْلو تَرْدادُها ويلَذّ تكْرارُها.

ذلك أنَّ النبيَّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ حينَ بَلَغ المدينةَ تلَقتْه أفْئِدَةُ أهْلِها بأكْرَم ما يُتَلَقَّى به وافدٌ...

وَتَطَلَّعَتْ إليه عيونُهم تَبُثُّه شوقَ الحبيبِ إلى حبيبه...

وفتحوا له قلوبَهم ليحلَّ مِنْها في السُّوَيداءِ...


وأشْرَعوا (3) له أبوابَ بيوتِهم لِيَنْزِلَ فيها أعزَّ مَنْزِل.

لكنَّ الرسولَ صَلَواتُ اللّهِ عليه، قَضَى في قُبَاءَ (4) من ضواحِي المدينةِ أيَاماً أربعةً، بَنَى خِلالَها مَسْجِدَه الذي هو أولُ مَسْجِدٍ أسّس على التَّقْوى.

ثم خَرَجَ منها راكِباً ناقَته، فَوقَفَ ساداتُ يثربَ في طريقها، كُل يريدُ أن يَظْفَرَ بِشَرَفِ نزولِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم في بيتِه...

وكانوا يَعْتَرِضون الناقَةَ سَيِّداً إثْرَ سيِّدٍ ، ويقولون:

أقم عندنا يا رسول اللّه في العَدَد والعُدَد والمَنَعِة (5)، فيقولُ لهم:

دعوها فإنَّها مأمُورَة.

وتظلُّ الناقَةُ تَمْضِى إلى غايتِها تَتْبَعُها العيونُ، وتَحُفُّ بها القلوب...

فإذا جازَت منزِلاً حَزِنَ أهلُه وأصابَهُمُ اليأسُ، بينما يُشْرِقُ الأمَلُ في نفوسِ من يليهم.

وما زالَتِ الناقةُ على حالها هذه، والناسُ يَمْضُون في إثْرِها، وهُمْ يتلهَّفون شَوْقاً لمعرفةِ السَّعِيدِ المحظوظِ حتَّى بلغتْ ساحَة خَلاءً أمامَ بيتِ أبى أيوب الأنْصاريِّ، وبَرَكَتْ فيها...

لكِنَّ الرسولَ عليه الصلاةُ والسَّلامُ لم ينزِلْ عنها...

فما لَبِثَتْ أن وَثَبَتْ وانْطَلَقَتْ تَمْشِى، والرسولُ مُرْخ لها زِمامَها، ثم ما لبِثَتْ أنْ عادَت أدْراجَها وبَرَكَتْ في مَبْرَكِها الأوَّلِ.

عند ذلك غَمَرَتِ الفَرْحَةُ فؤادَ أبى أيوبَ الأنصاريِّ، وبادَرَ إلى رسولِ اللّهِ صلواتُ اللّهِ عليه يُرَحِّبُ به، وحَمَلَ مَتاعَه بَيْنَ يديه، وكأنَّما يَحْمِل كنوزَ الدنيا كلَّها ومضَى به إلى بيته.


***

كان منزلُ أبي أيوبَ يتألَّفُ من طَبَقَةٍ فَوْقَها عُلِّيَّة، فأخْلَى العُلِّيةَ من مَتاعِه ومتاع أهلِه ليْنزِلَ فيها رسولَ اللّهِ...

لكِنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلامُ آثرَ عليها الطبقةَ السُّفْلَى، فامتثلَ أبو أيوبَ لأمْرِه، وأنزلَهُ حيثُ أحَـبَّ.

ولما أقْبَلَ الليلُ، وأوَى الرسولُ صلواتُ اللّهِ عليه إلى فراشِه، صَعِدَ أبو أيوبَ وزوجُه إلى العُلِّيَّةِ وما إن أغلقا عليهما بابَهما حتَّى التفَت أبو أيوب إلى زوجتِه وقال: ويْحَكِ، ماذا صَنَعْنَا ؟!!

أيكونُ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أسفلَ، ونحن أعْلَى منه؟!!

أنمشي فوقَ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ؟!

أنصيرُ بين النَّبِيِّ والوَحْي ؟! إنَّا إذَنْ لهَالِكون.

وسُقِطَ (6) في أيدي الزوْجين وهُما لا يدْرِيان ما يفعلان.

ولم تَسْكنْ نفساهما بَعْضَ السُّكونِ إلا حينَ انْحازا إلى جانبِ العُلِّيَّةِ الذي لا يَقَعُ فوقَ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، والتَزَماه لا يَبْرَحانِه إلا ماشِيَيْن على الأطرَافِ مُتباعِدَين عن الوَسَطِ.

فلما أصْبَحَ أبو أيوب؛ قال للنبيِّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ: واللّهِ ما أغْمضَ لنا جفنٌ في هذه الليلةِ لا أنا ولا أمّ أيوبَ.

فقال عليه الصلاةُ السَّلامُ:

ومِمَ ذاكَ يا أبا أيوبَ؟!

قال: ذكرتُ أني على ظَهرِ بيتٍ أنتَ تحتَـه، وأني إذا تحَرَّكتُ تَنَاثَرَ عليك الْغُبَارُ فَآذاك، ثم إني غَدَوْتُ بينَك وبينَ الوَحي.

فقال له الرسولُ عليه الصلاةُ والسلامُ:


هوِّن عليك يا أبا أيوب، إنَّه أرْفَقُ بنا أنْ نكونَ في السُّفْلِ، لِكَثْرَةِ من يَغشانا (7) من النَّاسَ.

قال أبو أيوبَ:

فامتَثَـلْتُ لأمْرِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أن كانَت ليلةٌ باردةٌ فانكَسَرَتْ لنا جَرَّةٌ وأريقَ ماؤها في العُلِّيَّة، فقمتُ إلى الماءِ أنا وأمُّ أيوبَ، وليسَ لدينا إلا قطيفَةٌ كُنَّا نَتَّخِذُها لِحَافاً، وجَعَلْنَا نُنشِّفُ بها الماءَ خَوْفاً مِنْ أنْ يَصِلَ إلى رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم .

فلما كان الصباحُ غدوتُ على الرسولِ صلواتُ اللّهِ عليه، وقلتُ:

بأبي أنتَ وأمِّي، إني أكْرَهُ أنْ أكونَ فوقَكَ، وأن تكـونَ أسفَلَ مني، ثم قَصصْتُ عليه خَبَرَ الجرَّةِ، فاسْتَجَاب لي، وصَعِدَ إلى العُلِّيةِ، ونَزَلْتُ أنا وأمُّ أيوبَ إلى السُّفْلَ.

***

أقام النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في بيتِ أبى أيوبَ نَحْواً من سَبْعَةِ أشهرٍ ، حتَّى تَمَّ بناءُ مَسْجِدِهِ في الأرضِ الخَلاءِ التي بَرَكَتْ فيها الناقَةُ، فانْتَقَلَ إلى الحُجُراتِ التي أقيمَت حَوْلَ المسجـدِ له ولأزْواجِـه، فَغَدا جـاراً لأبى أيوبَ، أكْرِمْ بهمـا مِنْ مُتَجاوِرَيْن.

***

أحبَّ أبو أيوبَ رسولَ اللّهِ صلواتُْ اللّه عليه حبّاً ملكَ عليه قلبَه ولبَّه، وأحبَّ الرسولُ الكريمُ أبا أيوبَ حبّاً أزالَ الكُلفة فيما بينَه وبينَه، وجَعَلَه ينظرُ إلى بيتِ أبي أيوبَ كأنه بيتُه.

***

حدَّث ابنُ عَبَّاس (8) قال:


خرجَ أبو بكرٍ رضِيَ اللّهُ عنه بالهاجِرَةِ (9) إلى المسجدِ فرَاه عمرُ رضيَ اللّهُ عنه، فقال:

يا أبا بكرٍ ما أخْرَجَكَ هذه الساعَةَ؟!

قال: ما أخرجني إلا ما أجِدُ من شِدَّة الجوعَ.

فقال عمر:

وأنا واللّهِ ما أخرَجَني غيرُ ذلك.

فَبَيْنَمَا هُما كذلك إذْ خَرَجَ عليهما رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: ما أخْرَجَكُمَا هذه الساعةَ؟!

قالا:

واللّهِ ما أخْرَجَنَا إلا مَا نَجِدُه في بطونِنا من شِدَّةِ الجوعِ.

قال عليه الصلاة والسَّلامُ: وأنا- والذي نفسِي بيدِه- ما أخرَجَني غيرُ ذلك.

قُومَا معى، فانطَلقوا فأتَوا بابَ أبي أيوبَ الأنصاريِّ رضيَ اللّهُ عنه، وكان أبو أيوبَ يَدَّخِرُ لرسولِ اللّه كلَّ يومٍ طعاماً، فإذا أبطأ عنه ولم يَأتِ إليه في حينِه أطعمَه لأهلِهِ.

فلما بلغوا البابَ خَرَجتْ إليهم أمُّ أيوبَ، وقالت:

مَرْحباً بنَبيِّ اللّهِ وبمن معه، فقال لها النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ:

أينَ أبو أيوبَ؟ فَسَمِعَ أبو أيوبَ صوتَ النبيِّ- وكان يَعْمَلُ في نَخْل قريبٍ له- فأقْبَلَ يُسْرِعُ، وهو يقول:

مَرْحباً برسولِ اللّهِ وبمن مَعَه، ثم أتبعَ قائلاً: يا نبيَّ اللّهِ ليسَ هذا بالوقتِ الذي كنتَ تجيءُ فيه، فقالَ عليه الصلاةُ والسلامُ: صَدَقْتَ، ثم انطلق أبو أيوبَ إلى نَخِيلهفقطعَ منه عِذْقاً فيه تمرٌ ورُطَبٌ وبُسْرٌ (10).


فقال عليه الصلاةُ والسلامُ:

ما أردتُ أن تَقْطَعَ هذا، ألا جنَيْتَ لنا من تمره؟

قال: يا رسول اللّهِ أحْبَبْتُ أنْ تأكلَ من تمرِه ورُطَبِه وبُسْرِه، ولأذْبَحَنَّ لك أيضاً.

قال:

إنْ ذَبَحْتَ فلا تَذْبَحنَّ ذاتَ لَبَن.

فأخَذَ أبو أيوبَ جَدْياً فذَبَحَه، ثم قال لامرَأتِه:

اعْجِـني واخبزي لنا، وأنتِ أعْلَمُ بالخَبْزِ، ثم أخذ نِصْفَ الجَدْيِ فَطبخَـه، وعَمَدَ إلى نِصْفه الثاني فشَوَاه، فلمَّا نَضِجَ الطَّعَامُ ووُضِعَ بين يَدَي النبيِّ وصاحبيه، اخَذَ الرسولُ قِطْعَةً من الجَدْيِ وَوَضَعها في رغيفٍ ، وقال:

يا أبا أيوبَ بادِر (11) بهذه القِطْعَةِ إلى فاطمَةَ، فإنَّها لم تُصِبْ مثلَ هذا منذُ أيام.

فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم :

خبزٌ ، ولحمٌ ، وتمرٌ ، و بُسْرٌ ، و رُطَـب!!!

وَدَمَعَتْ عيناه ثم قال: والذي نفْسي بيدهِ إنَّ هذا هو النعيمُ الذي تُسْألون عنه يومَ القيامةِ، فإذا أصَبْتُمْ (12) مثلَ هذا فَضَرَبْتُم بأيديكم فيه فقولوا:

بِسم اللّهِ، فإذا شبِعْتُم فقولوا:

الحمدُ للّهِ الذي هو أشْبَعَنا وأنعَمَ علينا فأفضلَ.

ثم نَهَضَ الرسولُ صَلَوَاتُ اللّهِ عليه، وقال لأبي أيوبَ:

ائتِنَا غداً.


وكان عليه الصلاةُ والسلامُ لا يَصنَعُ له أحدٌ معروفاً إلا أحبَّ أنْ يُجَازِيَه عليه؛ لكِنَّ أبا أيوبَ لم يَسْمَعْ ذلك.

فقال له عمرُ رضوانُ اللّه عليه:

إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأمركَ أنْ تأتِيَه غداً يا أبا أيوبَ.

فقال أبو أيوب:

سمعاً وطاعةً لرسولَ اللّهِ.

فلمَّا كان الغَدُ ذَهَبَ أبو أيوبَ إلى النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسلامُ فأعطاه وليدَةً (13) كانت تَخْدِمُه، وقال له:

اسْتَوصِ بها خيراً- يا أبا أيوبَ- فإنّا لم نَرَ مِنْها إلا خَيْراً ما دامت عندنا.

***

عاد أبو أيوبَ إلى بيته ومعه الوليدةُ؛ فلما رأتها أمُّ أيوبَ:

قالت: لمن هذه يا أبا أيوبَ؟!

قال:

لنا... منَحَنَا إيَّاها رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.

فقالت:

أعظِمْ بهِ من مانِحٍ وأكرِمْ بها من مِنْحةٍ .

فقال:

وقد أوصانا بها خيراً.

فقالت:

كيفَ نَصْنَعُ بِها حتَّى نُنَفِّذَ وَصِيَّةَ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ؟

فقال:

واللّهِ لا أجِدُ لِوَصيَّةِ رسولِ اللّهِ بها خيراً من أنْ أعْتِقَها.


فقالت:

هُديتَ إلى الصَّوابِ، فأنْتَ مُوَفَّقٌ ... ثم أعْتَقَها.

***

هذه بعضُ صورِ حياة أبى أيوبَ الأنصاريِّ في سِلْمه، فلو أتيح لَكَ أنْ تَقِفَ على بَعْضِ صورِ حياتِه في حَرْبه لرأيت عجباً...

فقد عاش أبو أيوبَ رَضِىَ اللّه عنه طولَ حياتِه غازياً حتَّى قيلَ: إنَّه لم يتخلّفْ عن غَزْوةٍ غزاها المسلمون مُنْذُ عَهْدِ الرسولِ إلى زَمَن معاويةَ إلا إذا كان مُنْشَغِلاً عنها بِأخْرَى.

وكانت آخِرُ غزواتِه حينَ جَهَّزَ مُعـاويَةُ جَيشـاً بِقِيَادَةِ ابنهِ يزيدَ، لِفَتْح القُسْطنطنيَّةِ وكان أبو أيوبَ آنذاك شيخاً طاعناً في السن يحبو نحو الثمانين من عُمُرِه فلم يَمْنَعْه ذلك من أنْ يَنْضوي (14) تَحْتَ لواءِ يزيدَ، وأنْ يَمْخُر عُبابَ (15) البَحر غازياً في سبيل اللّهِ.

لكِنَّه لم يَمْضِ غيرُ قليل على منازَلَةِ العَدُوِّ حتَّى مَرِض أبو أيوبَ مَرَضاً أقْعَده عن مُوَاصَلَةِ القتالِ، فجاء يزيدُ لِيَعودَه وسألهَ:

ألكَ من حاجَةٍ يا أبا أيوبَ؟

فقال: اقرأ عَني السلامَ على جنودِ المسلمين، وقُلْ لهم: يوصيكم أبو أيوبَ أن تُوغِلوا في أرضِ العَدُوِّ إلى أبعدِ غايةٍ ، وأن تَحْمِلوه مَعَكُم، وأن تَدْفِنوه تَحْتَ أقدامِكم عِنْدَ أسوار القُسْطَنْطنية. ولَفَظَ أنفاسَه الطاهِرَةَ.

***

استجابَ جندُ المسلمين لِرَغْبَةِ صاحبِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، وكرّوا على جُنْدِ العدوِّ الكَرَّة بَعْدَ الكرَّةِ حتَّى بلغوا أسْوارَ القُسْطَنْطِينيةِ وهم يَحْمِلون أبا أيوب معهم. وهناك حفَروا له قبراً ووارَوْهُ فيه.


***

رَحِـمَ اللّهُ أبا أيوب الأنصـاريَّ، فقد أبى إلا أنْ يموتَ على ظُهورِ الجيادِ الصافِنَاتِ غازياً في سبيل اللّه... وسِنُّه تقارب الثمانين

----------------------------------------------------------------------------


((ابو بكر الصديق)) رضي اللة عنة


هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب الصديق التيمي القرشي، لقبه الصديق والعتيق.

نشئتة
ولد ونشأ بمكة، وكان سيداً من سادات قريش، محيطاً بأنساب القبائل وأخبارها، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش.
حياتة

اشتغل بالتجارة، وجمع ثروة كبيرة، وعندما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كان أول من آمن به، وهو رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وثاني اثنين في الغار، أقطعه صلى الله عليه وسلم داراً قرب المسجد النبوي.

مشاهدة
شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وأحداً، وثبت حين انكشف المسلمون، كما شهد معه المشاهد كلها، وحمل الراية العظمى في غزوة تبوك، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في أول حجة كانت في الإسلام.

ولما مرض النبي صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس)) فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق، وإذا قام مقامك لم يكن يسمع الناس، قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف))، وعندما شعر صلى الله عليه وسلم بخفة دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر، فأومأ إليه صلى الله عليه وسلم أن قم كما أنت، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً ومقتدياً بأبي بكر. وهذا من التكريم والتشريف له رضي الله عنه.
ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب المسلمون، وثبت أبو بكر، واستطاع أن يردهم إلى صوابهم.


مبايعتة

بويع بالخلافة في سقيفة بني ساعدة سنة 11 هجرية، فأنفذ بعث أسامة الذي جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحارب المرتدين والممتنعين عن الزكاة، وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق، وأوصى بالخلافة بعده لعمر بن الخطاب.

كان رضي الله عنه إمام المسلمين في صلواتهم، وخطيبهم في الجمع والأعياد والمواسم.

له مناقب عظيمة، ومواقف جليلة، فقد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية، وأنفق ماله كله في سبيل الله، واحتمل الشدائد، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليس من الناس أحدٌ أمنّ علي في نفسه وماله من أبي بكر، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، ألا لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر)).

رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر مقبلين فقال: إن هذين لسيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، كهولهم وشبابهم، إلا النبيين والمرسلين.

اولادة

له من الأولاد: عبد الله، وأسماء ذات النطاقين، وعبد الرحمن، وعائشة أم المؤمنين، ومحمد، وأم كلثوم رضي الله عنهم أجمعين.


خلافتة

كانت مدة خلافته سنتين وستة أشهر ونصف الشهر

وفاتة:

توفي في المدينة في العام الثالث عشر للهجرة، وعمره ثلاث وستون سنة .
----------------------------------------------------------------------------

((عثمان بن عفان))
(ذي النورين)

"...ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"
حديث شريف


هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، يجتمع نسبه
مع رسول الله-صلى الله
عليه وسلم- في عبد مناف ، ولد في السنـة السادسة بعد
عام الفيـل ، نشأ في بيت
كريم ذي مال وجاه ، وشب على حسن السيرة والعفة والحياء
فكان محبوبا في قومه
أثيـرا لديهم000


إسلامه

كان -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام اذ أسلم بدعوة
من أبي بكر الصديق وتحمل في سبيل ذلك أذى كثيرا وظل
ثابتا على عقيدته ، فقد أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن
أمية فأوثقه رباطاً وقال أترغب عن ملّـة آبائك إلى دين
محدث ؟ والله لا أحلّكَ أبداً حتى تدَعَ ما أنت عليه من هذا
الديـن )000فقال عثمان والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه )000
فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه000
فكان عثمان بن عفان ممن صلى الى القبلتين ، و هاجر
الهجرتين : الأولى الى الحبشة والثانية الى المدينة المنورة
وأحد العشرة المبشرين بالجنة000واختصه الرسول -
صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي000


حياءه

قالت السيدة عائشة : استأذن أبو بكر على رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش عليه مِرْطٌ لي ، فأذن
له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن
عمر ، فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ثم
انصرف ، ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال اجمعي عليك
ثيابك )000فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف000قالت :
فقلت يا رسول الله ، لم أرك فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !)000فقال يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت
إن أذنت له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته )000وقد قال
فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أستحي من رجل
تستحي منه الملائكة )000


ذو النورين

تزوج عثمان -رضي الله عنه- من رقية بنت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- فلما توفيـت تزوج أختها أم كلثوم ولذلك سمي (ذي النورين) ، وعندما ماتت أم كلثوم تأسّف رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- على مصاهرته وقال والذي نفسي بيده
لو كان عندي ثالثة لزوَّجتُكَها يا عثمان )000


مناقبه

رويَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحاديث عدّة في ذِكْر
مناقب عثمان منها000(إن عثمان لأول من هاجر الى الله بأهله
بعد لوط)000( إن الله عز وجل أوحى إليّ أن أزوج كريمتي من عثمان )000( من يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000
دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال يا بنيّة أحْسِني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه
أصحابي بي خُلُقاً )000


أوائل

كان -رضي الله عنه- أوّل من هاجر الى الحبشة مع زوجته رقيّة
بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأول من شيَّد المسجد
وأول من خطَّ المفصَّل ، وأول من ختم القرآن في ركعة000


بئر رومة

أنفق الكثير من ماله الوفير لخدمة الاسلام والمسلمين ومن ذلك
شرائه لبئر رومة ، فقد كانت هذه البئر لرجل يهودي في المدينة وكان يبيع ماءها ، فلما هاجر المسلمون الى المدينة تمنى
الرسول -صلى الله عليه وسلم- لو يجد من بين أصحابه من
يشتريها ليفيض ماؤها على المسلمين بغير ثمن وله الجنة
فسارع عثمان -رضي الله عنه- الى اليهودي فاشتراها منه
ووهبها للمسلمين000


يوم الحديبية

بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان الى قريش يوم
الحديبية ، فقد بعثه الى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم
أنه لم يأت لحرب ، وأنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ومعظماً
لحرمته ، فخرج عثمان الى مكة فلقيه أبَان بن سعيد بن العاص
حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فحمله بين يديه ، ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش ، فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به ، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- إليهم إن شئت أن تطوف بالبيت فطف )000فقال
ما كنت لأفعـل حتى يطوف به رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- )
000واحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل ، فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناس الى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة ، وفيها ضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشماله على يمينه وقال هذه يدُ عثمان )
فقال الناس هنيئاً لعثمان )000


جيش العسرة

ولما حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تجهيز جيش غزوة
تبوك الذي سمي بجيش العسرة ، سارع عثمان -رضي الله عنه- بتقديـم تسعمائة وأربعين بعيرا وستين فرسا أتم بها الألف فدعا
له قائلا غفـر اللـه لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائـن الى يوم القيامة )000كما قال الرسول -
صلى الله عليه وسلم- ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )000


الخلافة

لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته000 فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة
علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام ، سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف )000 في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصا على وحدة المسلميـن ، فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان -رضي الله عنه- وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة ( 23 هـ ) فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين000


انجازاته

استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار000توسيع المسجد
الحرام000وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية
بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس
عشر حجج متوالية000


الفتوحات

فتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخرة وفارس الأولى ،
ثم خو وفارس الآخرة ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن0000وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين000


الفتنة

في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة ، فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور
ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن
سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام000


استشهاده

وفي شـوال سنة ( 35 ) من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي
أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان -رضي الله عنه- الكتاب لكنهم حاصروه في داره ( عشرين أو أربعين يوماً ) ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل
ومن الماء ، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف ( من دار أبي حَزْم الأنصاري ) وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن وأكبت عليه زوجـه نائلـة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه -رضي الله عنه- فسال دمه على المصحف ومات
شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة ( 35 هـ ) ، ودفن بالبقيع
وكان مقتله بداية الفتنة بين المسلمين الى يومنا هذا000

----------------------------------------------------------------------------

((اسماء بنت أبي بكر))

(ذات النطاقين)

هي أسماء بنت أبي بكر الصديق, التيمية القرشية , صحابية من الفضليات, كانت من

أوائل المسلمين, ومن أشدهم إيمانا بالنبي صلى الله عليه وسلم, وهي أخت عائشة

أم المؤمنين لأبيها, وأمها قتيلة بنت عبد العزى.....

وُلدت أسماء في العام الرابع ,قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، أسلمت أسماء قديماً

بعد سبعة عشر نفساً, في بيت من بيوت سادة قريش هو بيت عبدالله بن أبي قحافة

الملقَّب بأبي بكر. وهو بيت عزٍّ ومجد وغنى، وتعلَّمت من والدها الشجاعة في القول

والعمل، والأمانة، والصدق، والرحمة والرفق بالضعفاء وإطعام الفقراء والمحتاجين.

وكانت قوية الجسم سريعة النمو، شديدة الذكاء والفهم والحفظ لما تسمعه حتى حفظت

الكثير من أشعار العرب ورواياتهم وأخبارهم وتاريخهم وأنسابهم.


وكانت تشارك الخدم في إعداد موائد الطعام للضيوف الذين لا تخلو قاعة البيت الكبيرة

منهم يوماً سواء كانوا من الفقراء والمساكين أو من القاصدين لأمور التجارة. وأمها

قتيلة بنت عبد العزى, طلقها أبو بكر في الجاهلية, فقدمت إلى ابنتها بهدايا فلم تقبلها,

وأبت أن تدخلها إلى بيتها وتقبل هديتها, لأنها كانت مشركة, ثم أسلمت وهاجرت

إلى المدينة . تزوج أسماء الزبير بن العوام وولدت له عدة أبناء بينهم عبد الله بن الزبير

ثم طلقها فعاشت في مكة مع ابنها عبد الله إلى أن قتل...


عاشت أسماء رضي الله عنها حياة كلها إيمان منذ بدء الدعوة الإسلامية ، فهي من

السابقات إلى الإسلام ، ولقد أسلمت بمكة وبايعت النبي صلى الله علية وسلم على

الأيمان والتقوى.

سميت ذات النطاقين لأنها صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم سفرة حين أراد الهجرة

إلى المدينة مع أبيها, فعسر عليها ما تشدها به, فشقت خمارها وشدت السفرة بنصفه

وانتطقت بالثاني, فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم أبدلك الله بنطاقك هذا

نطاقين في الجنة, فقيل لها ذات النطاقين....


شهدت معركة اليرموك مع ابنها وزوجها, وأبلت فيها بلاء حسنا..

وكانت أسماء إذا مرضت أعتقت كل مملوك لها, قالت: تزوجني الزبير وماله في الأرض

من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤونته، وأسوسه،

وأدق النوى لناضحه، وأعلفه، وأستقي الماء، وأعجن، ولي جارات من الأنصار يخبزن لي،

وأنقل النوى من أرض الزبير على رأسي على ثلثي فرسخ. حتى أرسل لي أبو بكر بعد

ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني. شهدت أسماء اليرموك مع زوجها الزبير.....

وكانت تأمر أبناءها وبناتها وأهلها بالصدقة تقول: أنفقوا ، أو أنفقن ، وتصدقن ،

ولا تنتظرن الفضل، فإنكن إن انتظرتن الفضل، لم تفضلن شيئاً ، وإن تصدقتن لم تجدن فقده.

روت أسماء رضي الله عنها خمسة وثمانين حديثاً وفي رواية أخرى ستة وخمسين حديثاً،

اتفق البخاري ومسلم على أربعة عشر حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وانفرد مسلم بمثلها،

وفي رواية أخرج لأسماء من الأحاديث في الصحيحين اثنان وعشرون المتفق عليه منها

ثلاثة عشر والبخاري خمسة ولمسلم أربعة.

لما قتل الحجاج ابنها عبد الله بن الزبير دخل عليها، وقال: إن أمير المؤمنين أوصاني بك،

فهل لك من حاجة؟ فقالت: لست لك بأم، ولكني أم المصلوب على رأس الثنية، ومالي

من حاجة.
ثم دخلت مكة بعد ثلاثة أيام من قتل ابنها، وهو مصلوب، فجاءت وقد كف بصرها، فقالت

للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل، فقال الحجاج: المنافق، فقالت والله ما كان منافقاً،

وإن كان لصواماً، قواماً براً، فقال: انصرفي ياعجوز، فإنك قد خرفت، قالت لا والله

ما خرفت منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير،

فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت. ثم أتي بجثة عبد الله إليها، فجعلت تحنطه

بيدها، وتكفنه، وصلت عليه...


فما أتت عليها جمعة أو ثلاثة أيام حتى ماتت رضي الله عنها. عاشت مائة سنة، وماتت

بعد مقتل ابنها عبد الله بن الزبير بليال، سنة ثلاث وسبعين. وهي آخر من مات من

المهاجرين والمهاجرات.

----------------------------------------------------------------------------

((عبدُ الله بنُ مسعُود))


كان يومئذٍ غلاماً لم يجاوِزِ الحُلُمَ، وكان يَسْرَحُ في شِعابِ (1) مكَّةَ بعيداً عن النَّاسِ، ومعه غَنَمٌ يرعاها لِسَيِّدٍ من ساداتِ قريش هو عُقْبَةُ بنُ أبي مُعَيطٍ .

كان النـاسُ يُنـادونَه: "ابنَ أمِّ عَبْدٍ" أمَّا اسمهُ فهو عبدُ اللّهِ وأمَّا اسـمُ أبيه "فَمَسْعُود".

كان الْغُلامُ يَسْمَعُ بِأخْبَارِ النبَّي الذي ظَهَرَ في قومِه فلا يأبَه لها (2) لِصِغَرِ سِنِّهِ من جِهَةٍ ، وَلِبُعْدِهِ عنِ المجتَمَع المكِّي من جهةٍ أخْرَ ى، فقد دأب على أنْ يخرجَ بغنم عُقْبَةَ مُنْذُ البُكورِ ثُمَّ لا يعودُ بها إِلاَّ إِذا أقْبَلَ اللَّيْلُ.

وفي ذات يوم أبصَرَ الغلامُ المكي عبدُ اللّهِ بنُ مَسْعُودٍ كَهْلَيْنِ عليهما الْوَقَارُ يَتَّجهان نَحْوَه مِنْ بَعيدٍ ، وقد أخذَ الجُهْدُ مِنْهُما كُلَّ مَأخَذٍ (3)، واشتدَّ عليهما الظَّمَأ حَتَّى جَفَّتْ منهما الشفاهُ والحلوقُ. فلمّا وقفا عليه، سَلَّما وقالا:


يا غلامُ، احْلِبْ لنا من هذِهِ الشِّياهِ ما نُطْفِئُ به ظَمَأنا ونَبُلُّ عُروقَنا.

فقال الغلامُ:

لا أفعَلُ، فالْغَنَمُ لَيْسَتْ لي، وأنا عليها مُؤتَمنٌ ... فلم يُنْكِرِ الرَّجُلانِ قَوْلَهُ، وبَدَا على وجهيهما الرِّضا عَنْهُ.

ثم قال له أحَدُهُما:

دُلَّني على شاةٍ لم ينْزُ عليها فَحْلٌ ، فأشارَ الغُلامُ إِلى شاةٍ صغيرَةٍ قريبَةٍ منه، فتقدَّمَ منها الرجلُ واعْتَقَلَهَا، وجعلَ يَمْسَح ضَرْعَهَا (4) بِيَدِه وهو يَذْكُرُ عليها اسمَ اللّهِ، فنظرَ إليه الغلامُ في دَهْشَةٍ وقال في نفسهِ:

ومتى كانَتِ الشِّياهُ الصغيرةُ التي لم تَنْزُ عليها الفُحولُ تدرُّ لبناً؟!

لكِنَّ ضرْعَ الشَاة ما لَبِثَ أن انْتَفَخَ، وطَفِق اللَّبنُ يَنْبَثِقُ منه ثَرّاً (5) غزيراً.

فَأخَذَ الرَّجُلُ الآخَر حجراً مُجَوَّفاً من الأرْضِ، وملأه باللَّبنِ، وشرِبَ منه هو وصاحِبُه، ثم سقيَاني معهما، وأنا لا أكاد أصدقُ ما أرى.

فلمَّا ارْتَوَيْنَا، قالَ الرّجُلُ المبارَكُ لِضَرْع الشَّاةِ: اِنْقَبِضْ، فما زال يَنْقَبِضُ حتَّى عادَ إلى ما كان عليه.

عند ذلك قلتُ للرَّجُل المبارَكِ:

عَلِّمْني مِن هذا القولِ الذي قلتَه.

فقال لي: إنَّك غلام مُعَلَّم.

***

كانت هذهِ بدايةَ قِصَّةِ عبدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ مع الإسْلامِ... إذ لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ المبارَكُ إلاَّ رسولَ اللّهِ صلوات اللّه عليه، ولم يكن صاحبُه إلا الصديقَ رَضِىَ اللّهُ عنها. فقد نَفَرا (6) في ذلِكَ اليومِ إلى شِعابِ مَكَّةَ لِفَرْطِ ما أرهَقَتْهُمَا (7) قريشا وَلِشدَّةِ ما أنزَلتْ بهما من بَلاءٍ


وكما أحَبَّ الغلامُ الرسولَ الكريمَ وصاحِبَهُ، وتَعَلَّقَ بهما فقد أعجب الرسولُ وصاحبُه بالغُلامِ و أكبَرَا أمَانَتَهُ وَحَزْمَهُ وَتَوَسَّمَا فيه الخيْرَ (8).

لم يمضِ غيرُ قليل حتَّى أسلمَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ وعَرَضَ نَفْسَهُ على رسولِ اللّهِ ليخدِمَه، فَوَضَعه الرسولُ صلوات اللّهِ عليه في خِدْمَتِهِ.

ومُنْذُ ذلك اليومِ انْتَقَلَ الغلامُ المَحْظُوظُ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ من رعاية الغَنم إِلى خِدْمَةِ سَيِّدِ الخَلقَ والأممَ.

***

لزمَ عبدُ اللّه بنُ مسعودِ رسولَ اللّهِ صلواتُ اللّهِ عليه مُلاَزَمَةَ الظِّلِّ لصاحبه، فكَان يُرافِقُه في حِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ، ويصاحِبهُ داخِلَ بيتهِ وخارجَه... إذْ كان يوقِظُه إِذا نام، وَيَسْتُرُهُ إِذا اغْتَسَلَ، ويُلْبِسُهُ نَعْلَيْهِ إِذا أرادَ الخروجَ، ويَخْلَعُهُما من قَدَمَيْه إذا هَمَّ بالدخولِ، ويحمِـلُ له عصـاه وَسِـوَاكَه، وَيَلجُ الحُجْرَةَ بَيْنَ يَدَيْه إذا أوى إِلى حُجْرَتِه…

بلْ إنَّ الرسولَ عليه الصلاةُ والسَّلامُ أذِنَ له بالدُّخولِ عليه مَتى شاءَ، والوقوف على سِرّهِ من غيرِ تَحَرُّج وَلا تأثم، حتَّى دُعِيَ بِصَاحـبِ سِرِّ رسولِ اللّهِ.

***

رُبِّيَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ في بيتِ رسـولِ اللّهِ، فاهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَتَخَـلَّقَ بِشَمَائلهِ (9)، وَتَابَعهُ في كل خَصْلَةٍ من خِصالِه حتَّى قيل عنه: إنَّهُ أقربُ النَّاسِ إلى رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم هَدْياً وَسَمْتا (10)


***

وَتَعَلَّمَ ابنُ مسعودٍ في مَدْرَسَةِ الرسول صَلواتُ اللّهِ عليه فكان من أقرَأ الصَّحابةِ للقرَآنِ، وأفقَهِهِمْ لمعانيه وأعلَمِهِمْ بِشرْعِ اللّهِ.

ولا أدَلَّ على ذلك مِنْ حكاية ذلك الرَّجُلِ الذي أقْبَلَ على عُمَرَ بنِ الخطابِ وهو واقِف بِعَرَفَة، فقال له:

جئتُ- يا أميرَ المؤمنين- من الكوفَةِ وَتَرَكْـتُ بها رجلاً يُمْلي المَصَاحِفَ عن ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَغَضِبَ عمرُ غَضَباً قَلَّما غَضِبَ مِثْلَهُ، وَانتَفَخَ حَتَّى كادَ يَمْلأ ما بينَ شُعْبَتَي الَّرحل (11) وقال:

مَنْ هُوَ وَيْحَكَ (12)؟!

قال: عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ .

فما زالَ يَنْطَفِئُ وَيُسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عادَ إلى حالِه، ثم قال: وَيْحَكَ، واللّهِ ما أعْلَمُ أنهُ بَقِيَ أحَدٌ مِنَ النَاسِ أحَقُّ بهذا الأمْرِ منْهُ، وَسَأحَدِّثكَ عن ذلك.

واستأنفَ عمرُ كلامَهُ فقال:

كان رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمُرُ ذاتَ ليلة عِنْدَ أبى بكرٍ ، ويتفاوَضانِ (13) في أمرِ المسلمين، وكُنْتُ معهما، ثُمَّ خَرَجَ رسولُ اللّهِ وَخَرَجْنا معه، فإذا رَجُلٌ قائِم يُصَلِّي بِالْمَسجِدِ لَمْ يَتَنبّهُ (14): فَوَقَفَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ إليه، ثم الْتَفَتَ إلينا وقال:

مَنْ سَرَّهُ أنْ يَقْرَأ الْقُرانَ رَطْباً كما نزَلَ فَلْيَقْرَأهُ على قِراءَةِ ابْنِ أمِّ عَبْدٍ ...

ثُمَّ جَلَسَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ يدْعو فَجَعَلَ الرسولُ عليه الصَّلاةُ والسلامُ يقولُ له:

سَلْ تُعْطَهْ...


سَلْ تُعْطَهْ...

ثم أتْبَعَ عمرُ يقول:

فَقُلْتُ في نفسي: واللّهِ لأغدُوَنَّ عَلَى عَبْدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ وَلأبشِّرَنَّهُ بِتَأمِينِ الَّرسولِ صلى الله عليه وسلم على دُعائِه، فَغدَوْتُ عَلَيْهِ فَبَشَّرْتُه، فَوَجَدْتُ أبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَني إلَيْه فَبَشَّرَه ...

ولا واللّهِ ما سابَقْتُ أبا بَكْر إلى خَيْرٍ قَطُّ إلاَّ سَبَقَني إلَيْهِ.

***

ولقد بَلَغ من عِلْمِ عبدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ بكتابِ اللّهِ أنهُ كان يقولُ: واللّهِ الذي لا إلهَ غَيْرُه، ما نَزَلَتْ آيَة من كِتابِ الله إلاَّ وأنا أعلم أينَ نَزَلَتْ وأعلمُ فيما نَزَلَتْ، ولو أعْلَمُ أن أحَداً أعلَمُ مِنى بِكِتَابِ اللّهِ تَنَالُه الَمطِيُّ (15) لأتيْتُه.

***

لم يَكُنْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ مُبَالِغاً فيما قالَه عَنْ نفسِه، فهذا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضىَ اللّهُ عنه يَلْقَى رَكْباً (16) في سَفَرٍ من أسْفَارِهِ، والليلُ مُخَيِّم يحجُبُ الرَّكْبَ بِظلامِهِ.

وكان في الرَّكْبِ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ ، فَأمَرَ عُمَرُ رجلاً أن يُنَادِيَهُمْ:

من أينَ القومُ؟ فأجابَه عبدُ اللّهِ: من الفجِّ العَمِيِق (17).

فقال عمرُ: أينَ تريدونَ؟ فقال عَبْدُ اللّهِ: البيتَ العَتيقَ.

فقال عمرُ: إنَّ فيهم عالماً... وأمرَ رجلاً فناداهُمْ:

أيّ القرآنِ أعظمُ؟ فأجابه عبدُ اللّهِ: { اللّهُ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأخُذُهُ سِنَة وَلاَ نَوْمٌ }.


قال:

نَادِهِمْ أيُّ الْقُرآنِ أحْكَمُ؟

فقال عبدُ اللّه: { إن اللّهَ يَأمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى }.

فقال عمر: نادِهم أي القرَانِ أجمَعُ؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَه }.

فقال عمر: نادِهم أيُّ القرَآن أخوفُ؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ لَيْسَ بِأمَانِيِّكُمْ وَلا أمَانيّ أهل الكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً }.

فقال عمرُ:

نادِهم أيُّ القرَان أرْجَى؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلَى أنفُسِهمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إنَّ اللّه يَغْفِرُ الذُّنوبَ جَمِيعاً، إنَّهُ هُوَ الْغفُورُ الرَّجِمُ }.

فقال عمرُ:

نَادِهِمْ، أفيكُمْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ ؟!

قالوا: اللَّهُمَّ نعم.

***

ولم يَكُنْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعود قارئاً عالماً عابداً زاهِداً فَحَسْبُ وإنما كان- مع ذلك- قَوِيّاً حازماً مُجاهِداً مِقْداماً إذا جَدَّ الْجِدُّ.

فَحَسْبُهُ أنَّهُ أوَّلُ مُسْلِم على ظَهْرِ الأرضِ جَهَرَ بالقرَآنِ بَعْدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم :

فقد اجْتَمعَ يوماً أصحابُ رسولِ اللّهِ في مكَّةَ ،- وكانوا قِلَّةً مُسْتَضْعَفينَ-


فقالوا:

واللّهِ ما سَمِعَتْ قريشٌ هذا القُرآن يُجْهَرُ لها به قَطّ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُم إيَاه؟!

فقال عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ : أنا أسمعهم إِيَّاه.

فقالوا:

إنَّا نَخْشَاهُم عليكَ، إنَّما نُرِيدُ رَجُلاً له عَشيرة، تَحْميه وَتَمْنَعُهُ منهم إِذا أرادوه بشَر، فقال: دَعُونِي فإنَّ اللّهَ سَيَمْنَعُني ويَحْميني...

ثم غدا إلى الْمَسْجِدِ حَتَّى أتَى مَقامَ إِبْراهِيمَ في الضُّحَى وقريشٌ جلوسٌ حَوْل الكَعْبَةِ، فَوَقَفَ عِنْدَ المقام وقرأ:

{ بِسمِ اللّهِ الرحمنَ الرحيمِ- رافِعاً بها صَوْتَهُ- الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرآنَ، خَلَقَ الانْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ... }.

وَمَضىَ يَقْرأها، فَتَأملَتْهُ قريشٌ وقالت: ماذا قال ابنُ أمِّ عَبْدٍ ؟!

تَبّاً له (18)… إنَّهُ يَتْلو بَعْضَ ما جاءَ به محمدٌ … وقاموا إليه وجَعَلوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وهو يَقْرأ حَتَّى بَلَغ منها ما شاءَ اللّهُ أَنْ يبلُغ، ثم انْصَرَفَ إِلى أصحَابِه والدَّمُ يسيلُ منه، فقالوا له:

هذا الذي خَشِينا عليك.

فقال:

واللّهِ ما كان أعداءُ اللّهِ أهوَنَ في عيني منهم الآنَ، وإنْ شِئْتُم لأُغَادينّهم(19)، بِمِثْلها غداً، قالوا:

لا، حَسْبُكَ (20)، لقد أسْمَعْتَهم ما يَكْرَهون.

***


عاشَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ إلى زَمَنِ خِلافَةِ عُثمانَ رَضِيَ اللّهُ عنه، فلمّا مَرِضَ مَرَضَ الموتِ جاءَه عثمانُ عائِداً، فقال له:

ما تشتَكي؟

قال: ذنوبي.

قال: فما تشْتَهي؟

قال: رحمةَ ربى.

قال: ألا آمُرُ لك بِعَطائِك الذي امْتَنَعْتَ عَنْ أخْذِهِ منذُ سنين؟!

قال: لا حاجَةَ لي به.

قال: يكون لِبَناتِكَ من بَعْدِك.

قال: أتَخْشَى على بناتي الفقْرَ؟

إني أمرْتُهُنَّ أن يَقْرَأنَ كُلَّ لَيْلَةٍ سُورَةَ الْوَاقِعَة...

وإنِّي سمعتُ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ قَرَا الْواقِعَةَ كُلَّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَة (21) أبداً".

***

ولما أقبَلَ الليلُ لَحِقَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ بالرفيقِ الأعلى ولِسَانهُ رَطْب بِذِكْرِ اللّهِ، نَدِيُّ بآياتِه الْبَيِّنات.

××××××××××××××××××××××

فواز الشيباني
13-Feb-2006, 01:28 PM
اخي روق

يعطيك العافيه على المجهود الرائع

جزاك الله كل خير

السلطان نت
13-Feb-2006, 01:41 PM
روق والسماء فوق



الله يجزاك خير


ولا يحرمك الأجر

@هجاد@
13-Feb-2006, 02:45 PM
جزاك الله خير على هذا الموضوع الطيب وجعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم