أبو الوليد
20-Jan-2006, 10:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القصيدة العجيبة والواعضة الرهيبة ، الكثير منا قرأها ولكن القليل جدا هم الذين تأملوها وتأملوا معانيها .
فيها من العبر والمواعظ ما يعجز اللسان عن توصيله بكلمات عادية أو بنصائح سطحية .
نترككم مع هذه القصيدة المعبرة ..
لعلي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ليس الغريب غريب الشام واليمن = ان الغريب غريب اللحد والكفنِ
تمر ساعات أيامي بلا ندم = ولا بكاء ولا خوفٍ ولا حزن
سفري بعيد وزادي لا يبلغني = وقسمتي لم تزل والموت يطلبني
ما أحلم الله عني حيث أمهلني = وقد تماديت وفي ذنبي ويسترني
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهدا = علي المعاصى وعين الله تنظرني
يا ذلة كتبت يا غفلة ذهبت = يا حسرةً بقيت في القلب تقتلني
دع عنك عذلي يا من كان يعذلني = لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
دعني أنوح على نفسي وأندبها = وأقطع الدهر بالتذكار والحزن
دعني أسحُّ دموعا لا انقطاع لها = فهل عسى عبرة منها تخلصني
كأنني بين تلك الاهل منطرحا = على الفراش وأيديهم تقلبني
وقد أتوا بطبيب كي يعالجني = ولم أر من طبيب اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموتي يجذبها = من كل رق بلا رفق ولا هون
واستخرج الروح مني في تغرغرها = وصار في الخلق مراً حين غرغرني
وغمضوني وراح الكل وانصرفوا = بعد الإياس وجدوا في شرا كفني
وقام من كان أولى الناس في عجل = الى المغسل يأتيني يغسّلني
وقال يا قوم نبغي غاسلا حذقا =حرا أديبا أريبا عارفا فطنِ
فجاءني رجل منهم فجردني = من الثياب وأعراني وأفردني
وأطرحوني على الألواح منفردا = وصار فوقي خرير الماء يُـنْظِفني
وأُسكب الماء من فوقي وغسلني = غسلاً ثلاثا ونادى القوم بالكفنِ
وألبسون ثيابا لا كموم لها= وصار زادي حنوطاً حين حنطني
وقدمون الى المحراب وانصرفوا = خلف الإمام فصلى ثم ودعني
صلوا علي صلاة لا ركوع لها = ولا سجود لعل الله يرحمني
وأنزلونيَ في قبري على مهلٍ = وأنزلوا واحدا منهم ليلحدني
وكشَّف الثوب عن وجهي لينظرني = وأسبل الدمع من عينيه أغرقني
فقام محترما بالعزم مشتملا =وصفف اللبن من فوقي وفارقني
وقال هلّوا عليه الترب واغتنموا = حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
في ظلمة القبر لا أم هناك ولا = أب شفيق ولا أخ يؤنسني
وأودعوني ولجوا في سؤالهم = مالي سواك إلهي من يخلصني
وهالني صورة في العين إذ نظرت = من هول مطلع ما قد كان أدهشني
من منكر ونكير ما أقول لهم = إذا هالني منهما ما كان أفزعني
فا منن علي بعفو منك يا أملي = فإنني موثق بالذنب مرتهن
تقاسم الأهل مالي بعدما انصرفوا = وصار وزري على ظهري فأثقلني
فلا تغرنك الدنيا وزينتها = وانظر الى فعلها في الاهل والوطن
وانظر الى من حوى الدنيا بأجمعها = هل راح منها بغير الزاد والكفن
خذِ القناعة من دنياك وارض بها = لو لم يكن الا راحة البدن
يا نفس كفِّي عن العصيان واكتسبي = فعلا جميلا لعل الله يرحمني
المصدر : عيون الشعر العربي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القصيدة العجيبة والواعضة الرهيبة ، الكثير منا قرأها ولكن القليل جدا هم الذين تأملوها وتأملوا معانيها .
فيها من العبر والمواعظ ما يعجز اللسان عن توصيله بكلمات عادية أو بنصائح سطحية .
نترككم مع هذه القصيدة المعبرة ..
لعلي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ليس الغريب غريب الشام واليمن = ان الغريب غريب اللحد والكفنِ
تمر ساعات أيامي بلا ندم = ولا بكاء ولا خوفٍ ولا حزن
سفري بعيد وزادي لا يبلغني = وقسمتي لم تزل والموت يطلبني
ما أحلم الله عني حيث أمهلني = وقد تماديت وفي ذنبي ويسترني
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهدا = علي المعاصى وعين الله تنظرني
يا ذلة كتبت يا غفلة ذهبت = يا حسرةً بقيت في القلب تقتلني
دع عنك عذلي يا من كان يعذلني = لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
دعني أنوح على نفسي وأندبها = وأقطع الدهر بالتذكار والحزن
دعني أسحُّ دموعا لا انقطاع لها = فهل عسى عبرة منها تخلصني
كأنني بين تلك الاهل منطرحا = على الفراش وأيديهم تقلبني
وقد أتوا بطبيب كي يعالجني = ولم أر من طبيب اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموتي يجذبها = من كل رق بلا رفق ولا هون
واستخرج الروح مني في تغرغرها = وصار في الخلق مراً حين غرغرني
وغمضوني وراح الكل وانصرفوا = بعد الإياس وجدوا في شرا كفني
وقام من كان أولى الناس في عجل = الى المغسل يأتيني يغسّلني
وقال يا قوم نبغي غاسلا حذقا =حرا أديبا أريبا عارفا فطنِ
فجاءني رجل منهم فجردني = من الثياب وأعراني وأفردني
وأطرحوني على الألواح منفردا = وصار فوقي خرير الماء يُـنْظِفني
وأُسكب الماء من فوقي وغسلني = غسلاً ثلاثا ونادى القوم بالكفنِ
وألبسون ثيابا لا كموم لها= وصار زادي حنوطاً حين حنطني
وقدمون الى المحراب وانصرفوا = خلف الإمام فصلى ثم ودعني
صلوا علي صلاة لا ركوع لها = ولا سجود لعل الله يرحمني
وأنزلونيَ في قبري على مهلٍ = وأنزلوا واحدا منهم ليلحدني
وكشَّف الثوب عن وجهي لينظرني = وأسبل الدمع من عينيه أغرقني
فقام محترما بالعزم مشتملا =وصفف اللبن من فوقي وفارقني
وقال هلّوا عليه الترب واغتنموا = حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
في ظلمة القبر لا أم هناك ولا = أب شفيق ولا أخ يؤنسني
وأودعوني ولجوا في سؤالهم = مالي سواك إلهي من يخلصني
وهالني صورة في العين إذ نظرت = من هول مطلع ما قد كان أدهشني
من منكر ونكير ما أقول لهم = إذا هالني منهما ما كان أفزعني
فا منن علي بعفو منك يا أملي = فإنني موثق بالذنب مرتهن
تقاسم الأهل مالي بعدما انصرفوا = وصار وزري على ظهري فأثقلني
فلا تغرنك الدنيا وزينتها = وانظر الى فعلها في الاهل والوطن
وانظر الى من حوى الدنيا بأجمعها = هل راح منها بغير الزاد والكفن
خذِ القناعة من دنياك وارض بها = لو لم يكن الا راحة البدن
يا نفس كفِّي عن العصيان واكتسبي = فعلا جميلا لعل الله يرحمني
المصدر : عيون الشعر العربي