تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (( نبي الله يوسف عليه السلام ذو الحسن )) [ 2 ]


ولد مجري
20-Mar-2003, 06:48 AM
* يوسف في السجن:

ووجد يوسفُ في سجنه بعض متّسع من الوقت ليُبثَّ أفكاره بين هؤلاء السيئي الطّالع الذين تصمُّهم عتمةُ السجن فما من إلهٍ إلاّ الله الواحد القهارُ!..

فلا"رَعْ" -اي الشمسُ- بإلهٍ، ولا"إبيس"- أي العجلُ- بإلهٍ أيضاً،..

ولاهذه الأصنامُ جميعاً بألهةٍ. إنّها حجر منحوتٌ!.. فالله وحدهُ، خالقُ السموات وما فيهن، والأرضين، وما عليهن. وهو ربَّ العالمين!.. بذلك بشّر إبراهيمُ من قبلُ، وإليه دعا من بعده، جدُّ يوسفَ، إسحقُ، وأبوه يعقوبُ!..

{ودخل معه السجن فتيان} فأصغيا إلى دعوته، فوجداها حقاًّ.. إنّهما ساقي الملك، وخازن طعامه، سيقا الى السجن ليُحاكما بعد ذلك..

ووجد الفتيان في يوسف رجاحة عقل وشرف نفسٍ وعلوَّ همّةٍ، لم يجداها في غيره.. فأتياه يوماً ليُنبّئهُما بتأويل حلم رأياه:

قال الأول: لقد رايت فيما يرى النائم إني أقدّم للعزيز خمراً..

وقال الثاني: بينما رأيتُ أنا، أنِّي أحملُ على رأسي خبزاً، فتأتي الطيرُ، وتأكُلُ منه.

ويجد يوسفُ في المناسبة فرصة سانحة ليُبشّر بدينه، ودين آبائه: يعقوب وإسحق وإبراهيم.. فهو الدّين الحقُّ القيم {ولكنّ أكثر الناسِ لايعلمون}

ثم يلتفت إلى الأول منهما، قائلاً: لاأخالك إلاّ ناجياً، عمّا قريب، وستعود إلى بلاط الملك، ساقياًله، ونديماً، تقدّم له كؤوس الخمر. فإن كان ذلك، ولابدَّ من أنّه سيكون، فاذكرني عند سيّدك الملك".

ثم التفت الى الثاني، أما أنت، فستُصلبُ بعد خروجك من السّجن..

ويبتسم الثاني، وكأنه كان غير صادق في ما زعم من رؤيا، ويحاول الاعتراض فيرفع يوسف كلتا يديه بوجههما، قائلاً لهما: هذا أمرُ الله وقضاؤه فيكما، فقد {قُضي الأمرُ الذي فيه تستفتيان!..}.

ويكون مانبّأهُما به يوسف:

إذ سرعان مايستدعى الرجلان، فيخرجان من السجن، ويمثلان أمام القضاء، فتبرّأُ ساحة الأول، فيعود ساقياً للملك، ونديماً.. وتثبت على الثاني التُّهمة، فيُقتل صلباً..

وتمرُّ، بعد ذلك على يوسف في سجنه بضعُ سنين، وقد عانى فيها ما لايعلمُهُ إلا الله!..

* رؤيا عزيز مصر:

وخرج العزيزُ، صباح يومٍ، على العلماء المحتشدين في بلاطه، وقد تغيّر وجههُ، وكأنّ غمامةً من كآبةٍ تطوف على جبينه، لاتفارقُهُ.. فماذا تخبِّئُ لهُ الأقدار؟

ويسأله أحدهم، وقد بدا عليه اهتمامٌ:

- ماالأمرُ يامولايَ؟

- رؤيا، رأيتها البارحة، لاتزال ماثلة في وجداني.. ونصب عينيَّ، أبداً!..

- هاتها!.. وفينا كلُّ مفسِّرٍ، عليمٍ!..

_ {إني أرى سبع بقراتٍ سمانٍ، يأكُلهنَّ سبعٌ عجافٌ (ج.عجفاء: أي هزيلة) وسبعَ سُنبلاتٍ خضرٍ، وأُخرَ يابساتٍ، ياأيُّها الملأُ أفتُوني في رؤيايَ إن كنتُم للرُّؤيا تعبُرون}

ويطرق الكهنةُ في المجلس، والعلماءُ.. ولايجدون لرُؤيا الملك تأويلاً.. ويستغرقون في التفكير، ولايهتدون، إنّهم أمام طلّسم مستغلقٍ!.. وظهر عليهمُ العجزُ وبان الارتباكُ..

- {قالوا: أضغاثُ أحلامٍ وما نحنُ بتأويل الأحلامِ بعالمين}

وكان ساقي الملك يستمع إلى ذلك كلّه، فذكر رؤياه عندما كان سجيناً، وصاحبه، وذكر تأويل يوسُف للرُّؤيا. وطلب يوسف إليه أن يذكُرَهُ أمام عزيز مصر.. وها هي ذي المناسبةُ، فيصيحُ:

- سيّدي، سيّدي، في السّجن فتىً اسمُهُ يوسُفُ، عليمُ بتفسي الأحلام، وتأويل الرُّؤى، فلو شئت استدعيته، فتقعُ فيه على الخبير!..

ويأمره الملكُ: هيّا!.. اعرض عليه رؤياي، وهلُمّ إليَّ بما يقول!..

ويسرعُ ساقي الملك إلى السجن، ومعه بضعةُ رجال من الشُّرطة،.. فيدخلون على يوسف ويسلّم عليه ساقي الملك، ويعتذر إليه، فقد أنساه الشيطان أن يذكره أمام الملك وها هو ذا بابُ الفرج ينفتح على يوسف، فبعد اللّيل، فجرٌ وشمسٌ وضياءٌ!..

ثم يستمع يوسف، بعد ذلك، إلى رؤيا الملك، مليّاً ويقولُ للرسول، بلهجة الواثق، المطمئنِّ،: هاك تأويلها!..:

- تستقبلون سبع سنين فيها لين عيشٍ ورخاءٌ، وازدهار وعطاءٌ.. تتلوهنَّ سبعُ سنين - على نقيض سالفاتها- كوالحُ، شدادٌ، فيها ينقُصُ ماءُ النِّيل، وينحسرُ خيرُه، فلا يعودُ إلى سابق عطائه،.. وينقطعُ الغيثُ، فلا تغُلُّ الأرضُ، وتصابون بالدّواهي وعظائم الأمور، فيعُمُّ قحطٌ وجدبٌ، وتبتلون بشظف عيش وقسوة حياة.

وبعد ذلك، تقبل الأيام عليكم بوجهها من جديدٍ، بعد إدبارٍ، فيخصبُ وادي النّيل، ويُمرعُ، ويعُمَّ الخير أرض مصر كلّها..

وتغاثون حنطةً وشعيراً فتأكلون، وسمسماً وزيتوناً، وعنباً، فتعصرون!.. فإن كان ذلك- وهو كائنٌ لامحالة- فذروا ما حصدتم في سنبله، ودعوه في أهرائكم باستثناء ماأنتم بحاجة إلى أكله، حتى يقضي الله أمراً كان مقضياً!..

ويعودُ الرّسول إلى قصر الملك، يهرولُ، مُسرعاً..

إن تفسير الرؤيا أعجبُ من الرؤيا ذاتها، وأغربُ!..

ويُنبِّئُ الملك، أمام العلماء المحتشدين في بلاط القصر، تفسير الرؤيا التي رآها.. فينبهرون جميعاً..

ويقول قائلهم: إن هذا لذو علمٍ عليمٌ.

ويقول آخرُ: بل، إنّ هذا من وحي السّماء!..

ويلتفت الملك إلى ساقيه، مُنتهراً إياه: ماذا تنتظرُ؟.. هيَّا!.. عليّ بيوسف سريعاً!..

ويُسرعُ ساقي الملك إلى يوسف، يزُفُّ إليه بُشرى اطلاق سراحه، داعياً إياه لمقابلة الملك.

ويقابل يوسف ذلك ببرودة أعصاب، فيُبهتُ الرَّسولُ!..

إنّ يوسُفَ يأبى أن يغادر السّجن دون إثبات براءته، ولو بعد حينٍ. فيقول للرّسول: -{ارجع إلى ربّك(بمعنى الملِك) فاسألْه ما بالُ النِّسوة اللاّتي قطّعن أيديهن، إنّ ربي ركيدهنّ عليمٌ}.

ويدعو عزيزُ مصر النّسوة، وفي طليعتهنّ زوجه زليخا، فلا يشهدن ليوسف إلا بكل مكرمة وخلقٍ رفيع..

وتجد السيدة زليخا الفرصة مؤاتية لتزيح عن نفسها همّاً طالما أقلق مضجعها، وأقضّه.. فتصرّح على رؤوس الأشهاد بأنّها هي التي راودته عن نفسه، فاستعصم وأبى!.. والكلُّ يعلم ذلك.. فلم مجانبة الحقيقة والقول الصّواب؟..

فما كان من عزيز مصر بعد ظهور الحقيقة ببراءة يوسف، إلاّ أن دعا يوسف إليه يستخلصهُ لنفسه رجلاً قوياً، بعد ما كان استخلصهُ لنفسه غلاماً فتياًّ!..

ويسلِّمه خزائن مصر، وهو الخبير العليم، يُشرف عليها، متصرّفاً في أمورها كما يرى.. إن يوسف وزير مال واقتصاد من طراز نادر، رفيع!.. وهو الجدير بأن تسلّم إليه مقاليد الأمور، وتُناط به المهمّاتُ، في حوالك الأيام!.. وينهض يوسف بالهمهمة الموكلة إليه، خيرُ نهوض.. فقد قرعت المجاعة أبواب الناس قاطبةً، وهجم عليهم الجوع فعضَّهم بأنيابٍ حِدادٍ!.. وتلاقي خُطَّتُه في خزن القمح والمؤن، وتوزيعها على الناس كلّهم، بالعدل والقسطاس، نجاحاً عظيماً!.. فهي التي خلَّصت شعب مصر من براثن مجاعة، وخطوبٍ عِظامٍ!..


وترقبوا المتبقي:-


مع تحيات / ولد مجري


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

ابن ريحان
09-Jul-2007, 02:46 PM
مشكوووووووووووووور أخوي ولد مجري

ابوبجاد الرويس
09-Jul-2007, 05:38 PM
مشكور اخوي ولد مجري

والله يجزاك خير

والله يعطيك العافيه