ابو ضيف الله
08-Dec-2005, 01:55 AM
المختصر/ د. سعود بن مختار الهاشمي
مجلة العصر / مهما بلغ السياسي أو الباحث فلن يصل إلى فك طلاسم وإشكاليات الوضع العراقي، ومع ذلك فلا أظن أن كثيراً من الساسة العرب في دول الجوار العراقي فضلاً عن غيرهم يستشعرون خطورة الموقف، فالأزمة العراقية أشبه ببركان لم يخرج إلا حمماً قليلة فقط، أما ثورانه فقد لا يستطيع أحد أن يحتمله!
ذكر آخر تعداد رسمي وسري أجراه النظام السابق في نهاية التسعينيات أن نسبة الشيعة حوالى 45% وأكدت هذه النسبة عدد من بيوت الخبرة الإعلامية والبحثية ومنها ما أجري بناء على طلب أمريكا، ومع أن النظام السابق لم يكن يفرق بين سني وشيعي، حيث إنه كان أشد الأنظمة فتكاً بالمعارضين، وكان أحد أهم المعارضات الشيعية هو (حزب الدعوة)، لقد نشأ هذا الحزب في السبعينيات كبقايا لما كان يعرف (بالحزب الفاطمي)، وهو الآخر حزب سري منظم انتهى لتخرج من تحت عباءته عدد من الأحزاب الشيعية الدينية كان منها حزب الدعوة وبعض فصائل شاركت في تشكيل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية.
وقد كان حزب الدعوة يرسخ في أدبياته وفي مواقفه أساليب العنف والتغيير بالقوة ضد النظام عبر الاغتيالات والتفجيرات والتصفيات المنظمة، ولم تكن إيران على ما يرام مع هذا الحزب الذي ذاق أذى النظام وويلاته بمساعدة التقارير الاستخبارية الإيرانية التي كانت تقدمها للحكومة العراقية آنذاك للتخلص من رموز الحزب السرية والتي لم ترغب أن تكون تحت جناح السياسة الإيرانية المتحكمة بقوة (شعوبية) في الطائفة الشيعية في العراق بل في العالم كله، ومع كل الضغوط على هذا الحزب من الطرفين، إلا أن الحزب بقي يقاوم إلى أن تقوى الطرف المنافس له وهو (المجلس الأعلى للثورة) وأسسه محمد باقر الحكيم، والذي يذكر البعض أنه انقلب على حزب الدعوة وحول ولاءه إلى إيران مستغلاً الحرب العراقية الإيرانية، مما جعل إيران تشكل له عدداً من المتطوعين في (كتائب بدر) لتصبح أكبر كتائب غير رسمية محسوبة على الخريطة العراقية خاصة إذا استثنينا البشماركة.
ويقود حزب الدعوة اليوم الدكتور (طبيب) إبراهيم الاشيقر الجعفري الهندي الأصل وعائلة الجعفري مشهورة في العراق بعائلة الاشيقر، ومن عائلة ثرية جلبها البريطانيون من الهند ضمن مخطط لتغيير البنية الديموغرافية العراقية في بدايات القرن العشرين، حيث قام البريطانيون بجلب مجموعة من الهنود من الطائفة الإثنى عشرية إلى النجف وأقيم لهم ما سمي (بالوقف الهندي)، ثم جاءت عائلة الاشيقر لتشرف على خدمات توزيع هذه الأوقاف الغنية والتي كانت تصب في خدمة الطائفة الشيعية ولعل من هذه الأوقاف وأمثالها تم (تشييع) عدد من فخوذ قبائل الجبور والمتنفق وبني تميم.. الخ هذه القبائل السنية الأصل.
استطاعت إيران أن تغير سياسة المواجهة مع حزب الدعوة إلى سياسة الاختراق والإغراء، وهذا ما حول ميول الحزب ليصبح مثل منافسه إيراني الهوى والوجهة ولو تحالف أو تعاون ظاهراً مع غير الإيرانيين، لقد اخترقت إيران حزب الدعوة بعدد من المجموعات من أشهرها في الساحة الحالية مجموعة كريم شهبور الفيلي، والذي غير اسمه إلى موفق الربيعي، وهو من الفيليين وهم الأكراد في حدود إيران من الشيعة الذين تسميهم إيران بـ(النور) وهذا الرجل كان أداة طيعة في يد الأمريكان وكان يقدم استشارات لهم كوفئ على أثرها بوضعه مستشاراً للأمن القومي وهذا منصب لم يعرف في العراق إلا على يد مستر بريمر!
كذلك ضربت إيران في خاصرة حزب الدعوة بأن شكلت حزباً سمي (منظمة العمل الإسلامي) إضافة إلى وجود أحزاب أخرى مدعومة من إيران مثل (حزب الله) ومثل (ثار الله) ومهمته تصفية الخصوم السياسيين والطائفيين. كل هذا جعل ولاء رموز حزب الدعوة ينكفئ طمعاً ورغباً ورهباً في اتجاه إيران.
أعود إلى (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية) الذي أسسه الحكيم والذي كان أحد أهم اللاعبين في العلاقة مع أمريكا وهذا ما جعل موقفه يتذبذب كلما طغى صراع إيراني وأمريكي على السطح، كان للحكيم خطة جاهزة للحرب لم تنفذ بسبب هذا الخلاف الذي هربت بعض تفاصيله قبل الحرب بقليل، فقد كانت الخطة المعروفة أن تتحرك (كتائب بدر) من الجنوب وبالذات من منطقة الأهواز، لتقابل القوات الأمريكية التي كان يراد لها أن تفتك بقوى المقاومة السنية الكردية المسلحة الممثلة في مجموعة (أنصار الإسلام) وغيرها ثم يتقابل الطرفان في الوسط.
وقد كانت هناك تعليمات واضحة من النظام السابق بقطع كل الجسور والطرق التي توصل الجنوب بالوسط لإفشال هذه الخطة، ولكن هذا السيناريو تغير في الأسابيع الأخيرة قبل الحرب، وإلى الآن لم تتضح الأسباب الكاملة لهذا التغيير، لقد كان لهذا الحزب دور عنيف في المقاومة والمعارضة للنظام العراقي، وكان يقوم بتعذيب الأسرى العراقيين الشيعة منهم والسنة ومن تاب منهم يوظفه لصالح إيران وكانوا يسمون (بالتوابين)، ومن هؤلاء وغيرهم تشكلت كتائب بدر وفرق الاختطاف والقتل الذي يقوم بها الحزب ولدي أكثر من وثيقة وقفت عليها تدين هذا الحزب.
إحدى هذه الوثائق أحتفظ بها وهي عبارة عن أمر قيادي من كتائب بدر بقتل عدد من علماء السنة، وقد كان يحدثني الشيخ ضامر بن سليمان الضاري الشمري رحمه الله وهو أخ للشيخ حارث الضاري، وكان نزل ببيتي في حج 1424هـ عن محاولات هذه الكتائب لقتله وبالفعل بعد مغادرتنا بأيام قتل رحمه الله لأن الحماية لم تعلم برجوعه من الحج، ولما حدثت الوالد الشيخ حارث بالقصة لم يكن يعلم بتفاصيلها فالتفت إلى ابنه مثنى وسأله مستوضحاً فأكد له مثنى ما أخبرته به يومها دمعت عينا الشيخ لأنه أحس بشيء من التفريط في حماية أخيه رحم الله الجميع.
والمشكلة أن بركة الدم هذه قد تكبر، خاصة أن الذي يغذي البركة بالشريان الأكبر هم الطائفيون الشعوبيون الذين قال قائلهم: (أخرجوا العرب) ولا يقصد بالعرب بالطبع من يسمونهم بالإرهابيين، بل هي معركة تقودها الشعوبية ضد كل ما هو عربي وكل ما هو سني ولذلك نجد الحوزة الإيرانية بقيادة السيستاني الإيراني الجنسية والذي لا يحمل هوية عراقية إلى اليوم نجد هذه الحوزة أصبحت مثاراً للسخرية لا من السنة الذين تم قتلهم في الانبار خاصة في الفلوجة، بل ومن الشيعة العرب من مجموعة الصدر ومجموعة محمود الحسني.
مجلة العصر / مهما بلغ السياسي أو الباحث فلن يصل إلى فك طلاسم وإشكاليات الوضع العراقي، ومع ذلك فلا أظن أن كثيراً من الساسة العرب في دول الجوار العراقي فضلاً عن غيرهم يستشعرون خطورة الموقف، فالأزمة العراقية أشبه ببركان لم يخرج إلا حمماً قليلة فقط، أما ثورانه فقد لا يستطيع أحد أن يحتمله!
ذكر آخر تعداد رسمي وسري أجراه النظام السابق في نهاية التسعينيات أن نسبة الشيعة حوالى 45% وأكدت هذه النسبة عدد من بيوت الخبرة الإعلامية والبحثية ومنها ما أجري بناء على طلب أمريكا، ومع أن النظام السابق لم يكن يفرق بين سني وشيعي، حيث إنه كان أشد الأنظمة فتكاً بالمعارضين، وكان أحد أهم المعارضات الشيعية هو (حزب الدعوة)، لقد نشأ هذا الحزب في السبعينيات كبقايا لما كان يعرف (بالحزب الفاطمي)، وهو الآخر حزب سري منظم انتهى لتخرج من تحت عباءته عدد من الأحزاب الشيعية الدينية كان منها حزب الدعوة وبعض فصائل شاركت في تشكيل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية.
وقد كان حزب الدعوة يرسخ في أدبياته وفي مواقفه أساليب العنف والتغيير بالقوة ضد النظام عبر الاغتيالات والتفجيرات والتصفيات المنظمة، ولم تكن إيران على ما يرام مع هذا الحزب الذي ذاق أذى النظام وويلاته بمساعدة التقارير الاستخبارية الإيرانية التي كانت تقدمها للحكومة العراقية آنذاك للتخلص من رموز الحزب السرية والتي لم ترغب أن تكون تحت جناح السياسة الإيرانية المتحكمة بقوة (شعوبية) في الطائفة الشيعية في العراق بل في العالم كله، ومع كل الضغوط على هذا الحزب من الطرفين، إلا أن الحزب بقي يقاوم إلى أن تقوى الطرف المنافس له وهو (المجلس الأعلى للثورة) وأسسه محمد باقر الحكيم، والذي يذكر البعض أنه انقلب على حزب الدعوة وحول ولاءه إلى إيران مستغلاً الحرب العراقية الإيرانية، مما جعل إيران تشكل له عدداً من المتطوعين في (كتائب بدر) لتصبح أكبر كتائب غير رسمية محسوبة على الخريطة العراقية خاصة إذا استثنينا البشماركة.
ويقود حزب الدعوة اليوم الدكتور (طبيب) إبراهيم الاشيقر الجعفري الهندي الأصل وعائلة الجعفري مشهورة في العراق بعائلة الاشيقر، ومن عائلة ثرية جلبها البريطانيون من الهند ضمن مخطط لتغيير البنية الديموغرافية العراقية في بدايات القرن العشرين، حيث قام البريطانيون بجلب مجموعة من الهنود من الطائفة الإثنى عشرية إلى النجف وأقيم لهم ما سمي (بالوقف الهندي)، ثم جاءت عائلة الاشيقر لتشرف على خدمات توزيع هذه الأوقاف الغنية والتي كانت تصب في خدمة الطائفة الشيعية ولعل من هذه الأوقاف وأمثالها تم (تشييع) عدد من فخوذ قبائل الجبور والمتنفق وبني تميم.. الخ هذه القبائل السنية الأصل.
استطاعت إيران أن تغير سياسة المواجهة مع حزب الدعوة إلى سياسة الاختراق والإغراء، وهذا ما حول ميول الحزب ليصبح مثل منافسه إيراني الهوى والوجهة ولو تحالف أو تعاون ظاهراً مع غير الإيرانيين، لقد اخترقت إيران حزب الدعوة بعدد من المجموعات من أشهرها في الساحة الحالية مجموعة كريم شهبور الفيلي، والذي غير اسمه إلى موفق الربيعي، وهو من الفيليين وهم الأكراد في حدود إيران من الشيعة الذين تسميهم إيران بـ(النور) وهذا الرجل كان أداة طيعة في يد الأمريكان وكان يقدم استشارات لهم كوفئ على أثرها بوضعه مستشاراً للأمن القومي وهذا منصب لم يعرف في العراق إلا على يد مستر بريمر!
كذلك ضربت إيران في خاصرة حزب الدعوة بأن شكلت حزباً سمي (منظمة العمل الإسلامي) إضافة إلى وجود أحزاب أخرى مدعومة من إيران مثل (حزب الله) ومثل (ثار الله) ومهمته تصفية الخصوم السياسيين والطائفيين. كل هذا جعل ولاء رموز حزب الدعوة ينكفئ طمعاً ورغباً ورهباً في اتجاه إيران.
أعود إلى (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية) الذي أسسه الحكيم والذي كان أحد أهم اللاعبين في العلاقة مع أمريكا وهذا ما جعل موقفه يتذبذب كلما طغى صراع إيراني وأمريكي على السطح، كان للحكيم خطة جاهزة للحرب لم تنفذ بسبب هذا الخلاف الذي هربت بعض تفاصيله قبل الحرب بقليل، فقد كانت الخطة المعروفة أن تتحرك (كتائب بدر) من الجنوب وبالذات من منطقة الأهواز، لتقابل القوات الأمريكية التي كان يراد لها أن تفتك بقوى المقاومة السنية الكردية المسلحة الممثلة في مجموعة (أنصار الإسلام) وغيرها ثم يتقابل الطرفان في الوسط.
وقد كانت هناك تعليمات واضحة من النظام السابق بقطع كل الجسور والطرق التي توصل الجنوب بالوسط لإفشال هذه الخطة، ولكن هذا السيناريو تغير في الأسابيع الأخيرة قبل الحرب، وإلى الآن لم تتضح الأسباب الكاملة لهذا التغيير، لقد كان لهذا الحزب دور عنيف في المقاومة والمعارضة للنظام العراقي، وكان يقوم بتعذيب الأسرى العراقيين الشيعة منهم والسنة ومن تاب منهم يوظفه لصالح إيران وكانوا يسمون (بالتوابين)، ومن هؤلاء وغيرهم تشكلت كتائب بدر وفرق الاختطاف والقتل الذي يقوم بها الحزب ولدي أكثر من وثيقة وقفت عليها تدين هذا الحزب.
إحدى هذه الوثائق أحتفظ بها وهي عبارة عن أمر قيادي من كتائب بدر بقتل عدد من علماء السنة، وقد كان يحدثني الشيخ ضامر بن سليمان الضاري الشمري رحمه الله وهو أخ للشيخ حارث الضاري، وكان نزل ببيتي في حج 1424هـ عن محاولات هذه الكتائب لقتله وبالفعل بعد مغادرتنا بأيام قتل رحمه الله لأن الحماية لم تعلم برجوعه من الحج، ولما حدثت الوالد الشيخ حارث بالقصة لم يكن يعلم بتفاصيلها فالتفت إلى ابنه مثنى وسأله مستوضحاً فأكد له مثنى ما أخبرته به يومها دمعت عينا الشيخ لأنه أحس بشيء من التفريط في حماية أخيه رحم الله الجميع.
والمشكلة أن بركة الدم هذه قد تكبر، خاصة أن الذي يغذي البركة بالشريان الأكبر هم الطائفيون الشعوبيون الذين قال قائلهم: (أخرجوا العرب) ولا يقصد بالعرب بالطبع من يسمونهم بالإرهابيين، بل هي معركة تقودها الشعوبية ضد كل ما هو عربي وكل ما هو سني ولذلك نجد الحوزة الإيرانية بقيادة السيستاني الإيراني الجنسية والذي لا يحمل هوية عراقية إلى اليوم نجد هذه الحوزة أصبحت مثاراً للسخرية لا من السنة الذين تم قتلهم في الانبار خاصة في الفلوجة، بل ومن الشيعة العرب من مجموعة الصدر ومجموعة محمود الحسني.