أبو الوليد
08-Nov-2005, 09:08 PM
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في مدح سيد البشرية صلى الله عليه وسلم.
ولـد الهدى
وُلد الـهدى، فالكائناتُ ضياءُ = وفَمُ الزّمان تبسُّمٌ وثناءُ
الرُّوحُ والملـأُ الملائكُ حَوْلَهُ = للدِّين والدنيا به بُشَراءُ
والعرشُ يزهو، والحظيرةُ تَزْدَهي = والمنتهى، والسِّدْرَةُ العصماءُ
وحديقةُ الفرقان ضاحكة الربا = بالترجمانِ، شَذِيَّةٌ، غنَّاءُ
والوحْيُ يقطرُ سلسَلاً من سلسلٍ = واللوحُ والقلمُ البديعُ رُواءُ
نُظِمَتْ أَسامي الرُّسْلِ فهي صحيفة = في اللوح، واسمُ محمدٍ طُغراءُ
اسمُ الجلالة في بديع حروفهِ = أَلِفٌ هنالك، واسمُ طه الباءُ
يا خير من جاءَ الوجودَ، تحية = من مُرسَلين إلى الـهدى بك جاءُوا
بيت النبيّين الذي لا يلتقي = إلا الحنائف فيه والحنفاءُ
خيرُ الـأُبوةِ حازَهم لَكَ (آدم) = دونَ الـأَنام، وأَحرزتْ حَوَّاءُ
هم أَدركوا عِزَّ النبوَّةِ وانتهت = فيها إليكَ العِزَّةُ القعساءُ
خُلِقَتْ لبيتك، وهو مخلوقٌ لـها = إن العظائِمَ كفؤها العظماءُ
بك بشَّر اللَّهُ السماءَ فزُيِّنَت = وتضوَّعت مسكاً بك الغبراءُ
وبدا مُحَيَّاك الذي قَسماتُه =حق، وغُرَّتُه هُدىً وحَياءُ
وعليه من نورِ النُّبُوَّةِ رَوْنقٌ = ومن الخليل وهَدْيِه سِيماءُ
أَثنى (المسيحُ) عليه خلف سمائه = وتهلَّلت واهتزَّتِ (العذراءُ)
يومٌ يتِيهُ على الزمان صَبَاحُه = ومَساؤه بمحمدٍ وَضَّاءُ
الحقُّ عالي الركنِ فيه، مُظَفَّرٌ = في المُلكِ لا يعلو عليه لواءُ
ذُعِرت عروشُ الظالمين، فزُلزِلت = وعَلَتْ على تِيجانِهم أَصْداءُ
والنارُ خاويةُ الجوانب حولَهُمْ = خَمَدَت ذوائِبُها، وغاض الماءُ
والآيُ تَتْرَى، والخَوارقُ جَمَّةٌ = (جبريلُ) رَوَّاح بها غَدَّاءُ
نِعمَ اليتيمُ بَدَت مَخايلُ فضلِه = واليُتمُ رزقٌ بعضُه وذَكاءُ
في المهد يُسْتَسْقَى الحيَا برجائه= وبقصدِهِ تُستَدْفَعُ البَأساءُ
بِسوى الـأمانة في الصِّبا والصدقِ لم = يعرفْه أَهلُ الصدقِ والـأُمناءُ
يا مَنْ لـه الـأَخلاقُ ما تهوى العلا = منها وما يَتعشَّقُ الكبراءُ
لو لم تُقِم ديناً، لقامت وحدَها = ديناً تُضِيءُ بنوره الآناءُ
زانتك في الخلقِ العظيم شمائلٌ = يُغْرَى بهنّ ويُولَعُ الكرماءُ
أَما الجمالُ؛ فأَنت شمسُ سمائه = وملاحةُ الصِّدِّيقِ أَياءُ
والحسنُ من كرم الوجوهِ وخيرهُ = ما أُوتِيَ القُوَّادُ والزعماءُ
فإذا سَخَوتَ بلغتَ بالجود المدى = وفعلتَ ما لا تفعلُ الـأنواءُ
وإذا عَفوت فقادراً، ومقدّراً = لا يستهين بعفوك الجهلاءُ
وإذا رحِمت فأنت أُمٌّ، أو أَبٌ = هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ
وإذا غَضِبْتَ فإنما هي غَضْبَةٌ = في الحق، لا ضِغْنٌ ولا بغضاءُ
وإذا رضيتَ فذاك في مرضاته= ورِضَى الكثير تحلُّمٌ ورياءُ
وإذا خطبتَ فللمنابر هِزةٌ = تَعرو النَّدِيَّ، وللقلوب بكاءُ
وإذا قضيتَ فلا ارتيابَ كأَنما = جاءَ الخصومَ من السماءِ قضاءُ
وإذا حمَيْتَ الماءَ لم يُورَدْ، ولو = أَن القياصِرَ والملوكَ ظِماءُ
وإذا أَجَرتَ فأَنت بيتُ اللَّهِ، لم = يدخل عليه المستجيرَ عداءُ
وإذا ملكتَ النفسَ قُمْتَ بِبِرِّها= ولو ان ما ملكت يداك الشاءُ
وإذا بنيتَ فخيرُ زَوْجٍ عِشرةً = وإذا ابتنيْتَ فدونَك الآباءُ
وإذا صَحِبتَ رأى الوفاءَ مُجَسَّماً = في بُرْدِك الـأَصحابُ والخلطاءُ
وإذا أَخذتَ العهدَ، أو أَعْطَيتَه = فجميعُ عَهدِك ذِمَّةٌ ووفاءُ
وإذا مَشَيْتَ إلى العدا فغَضَنْفَرٌ = وإذا جريْتَ فإنكَ النكباءُ
وتَمُدُّ حِلمَكَ للسفيهِ مُدارياً = حتى يضيق بِعرضكَ السفهاءُ
في كل نفْسٍ من سُطاكَ مَهابةٌ= ولكل نفسٍ في نداكَ رجاءُ
والرأْيُ لم يُنضَ المُهنَّدُ دونه = كالسيف لم تضرب به الآراءُ
يا أَيُّها الـأُمِّي، حَسْبُكَ رتبةً = في العلم أَن دانَتْ بك العلماءُ
الذكرُ آيةُ ربِّكَ الكبرى التي = فيها لباغي المعجزاتِ غَناءُ
صَدْرُ البيانِ لـه إذا التقت اللُّغى = وتقدّم البلغاءُ والفصحاءُ
نُسِختْ به التوراةُ وهي وضيئةٌ = وتخلَّف الإنجيلُ وهو ذُكاءُ
ولـد الهدى
وُلد الـهدى، فالكائناتُ ضياءُ = وفَمُ الزّمان تبسُّمٌ وثناءُ
الرُّوحُ والملـأُ الملائكُ حَوْلَهُ = للدِّين والدنيا به بُشَراءُ
والعرشُ يزهو، والحظيرةُ تَزْدَهي = والمنتهى، والسِّدْرَةُ العصماءُ
وحديقةُ الفرقان ضاحكة الربا = بالترجمانِ، شَذِيَّةٌ، غنَّاءُ
والوحْيُ يقطرُ سلسَلاً من سلسلٍ = واللوحُ والقلمُ البديعُ رُواءُ
نُظِمَتْ أَسامي الرُّسْلِ فهي صحيفة = في اللوح، واسمُ محمدٍ طُغراءُ
اسمُ الجلالة في بديع حروفهِ = أَلِفٌ هنالك، واسمُ طه الباءُ
يا خير من جاءَ الوجودَ، تحية = من مُرسَلين إلى الـهدى بك جاءُوا
بيت النبيّين الذي لا يلتقي = إلا الحنائف فيه والحنفاءُ
خيرُ الـأُبوةِ حازَهم لَكَ (آدم) = دونَ الـأَنام، وأَحرزتْ حَوَّاءُ
هم أَدركوا عِزَّ النبوَّةِ وانتهت = فيها إليكَ العِزَّةُ القعساءُ
خُلِقَتْ لبيتك، وهو مخلوقٌ لـها = إن العظائِمَ كفؤها العظماءُ
بك بشَّر اللَّهُ السماءَ فزُيِّنَت = وتضوَّعت مسكاً بك الغبراءُ
وبدا مُحَيَّاك الذي قَسماتُه =حق، وغُرَّتُه هُدىً وحَياءُ
وعليه من نورِ النُّبُوَّةِ رَوْنقٌ = ومن الخليل وهَدْيِه سِيماءُ
أَثنى (المسيحُ) عليه خلف سمائه = وتهلَّلت واهتزَّتِ (العذراءُ)
يومٌ يتِيهُ على الزمان صَبَاحُه = ومَساؤه بمحمدٍ وَضَّاءُ
الحقُّ عالي الركنِ فيه، مُظَفَّرٌ = في المُلكِ لا يعلو عليه لواءُ
ذُعِرت عروشُ الظالمين، فزُلزِلت = وعَلَتْ على تِيجانِهم أَصْداءُ
والنارُ خاويةُ الجوانب حولَهُمْ = خَمَدَت ذوائِبُها، وغاض الماءُ
والآيُ تَتْرَى، والخَوارقُ جَمَّةٌ = (جبريلُ) رَوَّاح بها غَدَّاءُ
نِعمَ اليتيمُ بَدَت مَخايلُ فضلِه = واليُتمُ رزقٌ بعضُه وذَكاءُ
في المهد يُسْتَسْقَى الحيَا برجائه= وبقصدِهِ تُستَدْفَعُ البَأساءُ
بِسوى الـأمانة في الصِّبا والصدقِ لم = يعرفْه أَهلُ الصدقِ والـأُمناءُ
يا مَنْ لـه الـأَخلاقُ ما تهوى العلا = منها وما يَتعشَّقُ الكبراءُ
لو لم تُقِم ديناً، لقامت وحدَها = ديناً تُضِيءُ بنوره الآناءُ
زانتك في الخلقِ العظيم شمائلٌ = يُغْرَى بهنّ ويُولَعُ الكرماءُ
أَما الجمالُ؛ فأَنت شمسُ سمائه = وملاحةُ الصِّدِّيقِ أَياءُ
والحسنُ من كرم الوجوهِ وخيرهُ = ما أُوتِيَ القُوَّادُ والزعماءُ
فإذا سَخَوتَ بلغتَ بالجود المدى = وفعلتَ ما لا تفعلُ الـأنواءُ
وإذا عَفوت فقادراً، ومقدّراً = لا يستهين بعفوك الجهلاءُ
وإذا رحِمت فأنت أُمٌّ، أو أَبٌ = هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ
وإذا غَضِبْتَ فإنما هي غَضْبَةٌ = في الحق، لا ضِغْنٌ ولا بغضاءُ
وإذا رضيتَ فذاك في مرضاته= ورِضَى الكثير تحلُّمٌ ورياءُ
وإذا خطبتَ فللمنابر هِزةٌ = تَعرو النَّدِيَّ، وللقلوب بكاءُ
وإذا قضيتَ فلا ارتيابَ كأَنما = جاءَ الخصومَ من السماءِ قضاءُ
وإذا حمَيْتَ الماءَ لم يُورَدْ، ولو = أَن القياصِرَ والملوكَ ظِماءُ
وإذا أَجَرتَ فأَنت بيتُ اللَّهِ، لم = يدخل عليه المستجيرَ عداءُ
وإذا ملكتَ النفسَ قُمْتَ بِبِرِّها= ولو ان ما ملكت يداك الشاءُ
وإذا بنيتَ فخيرُ زَوْجٍ عِشرةً = وإذا ابتنيْتَ فدونَك الآباءُ
وإذا صَحِبتَ رأى الوفاءَ مُجَسَّماً = في بُرْدِك الـأَصحابُ والخلطاءُ
وإذا أَخذتَ العهدَ، أو أَعْطَيتَه = فجميعُ عَهدِك ذِمَّةٌ ووفاءُ
وإذا مَشَيْتَ إلى العدا فغَضَنْفَرٌ = وإذا جريْتَ فإنكَ النكباءُ
وتَمُدُّ حِلمَكَ للسفيهِ مُدارياً = حتى يضيق بِعرضكَ السفهاءُ
في كل نفْسٍ من سُطاكَ مَهابةٌ= ولكل نفسٍ في نداكَ رجاءُ
والرأْيُ لم يُنضَ المُهنَّدُ دونه = كالسيف لم تضرب به الآراءُ
يا أَيُّها الـأُمِّي، حَسْبُكَ رتبةً = في العلم أَن دانَتْ بك العلماءُ
الذكرُ آيةُ ربِّكَ الكبرى التي = فيها لباغي المعجزاتِ غَناءُ
صَدْرُ البيانِ لـه إذا التقت اللُّغى = وتقدّم البلغاءُ والفصحاءُ
نُسِختْ به التوراةُ وهي وضيئةٌ = وتخلَّف الإنجيلُ وهو ذُكاءُ