أبو الوليد
31-Oct-2005, 10:30 PM
أحزان الشعراء وهمومهم .. في العيـد
عيد الفطر المبارك مناسبة اسلامية عظيمة تتجلى في كل عام يحتفل به المسلمون على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ..نظرا لأنه يأتي بعد نهاية شهر رمضان المبارك وهو الى كونه عيدا فهو ايضا عبادة .. ويجتمع فيه الناس وتتواصل فيه الارحام وتقام فيه الولائم .
ويزداد الشعور بالفرح بهذا العيد لدينا في المملكة أكثر من عيد الاضحى المبارك وذلك لوجود المشاعر المقدسة في بلادنا حيث يتجه معظم المواطنين الى الحج لأداء الفريضة أو لخدمة حجاج بيت الله الحرام .
وللاعياد في الادب العربي مكانة كبيرة .. تصل الى حد التصوف عند بعض الشعراء والبعض الآخر من الشعراء لايرى السعادة والخير الا حينما يرى هلال العيد .. وهناك من الشعراء من يرى ان مناسبة العيد هي مناسبة للتفكر في احوال الناس والامة وتذكر الالام المرتبطة بالعيد وفقد الطفولة الجميلة التي كانت هي العيد الحقيقي بالنسبة لهم .. وهي ليست نظرة تشاؤمية كما يبدو من هؤلاء الشعراء ولكن هو نوع من الذكرى والحنين لماضٍٍ تولى .. او حبيب لم يعد به العيد او صديق توفاه الله أو التمني بمستقبل زاهر لأحواله وأحوال الأمة .
يقول الشاعر الكبير معروف الرصافي في قصيدة اليتيم في العيد :
فلا غَرو من أم اليتيم إذا غدت= ضحى العيد يبكيها اليتيم المضيَّع
فعُدْتُ وقلبي جازع متوجع = وقلت وعيني ثرَّة الدمع تهمع
ألا ليت يوم العيد لا كان إنهُ = يجدد للمحزون حزناً فيجزع
وهذه الابيات من ديوان الكاشف :
يا عيد لم تترك همومي في يدي= وسريرتي لك موضعاً ونصيباً
طالت على الركب الطريق ولم تزل= تلقى الوعود طرائقاً وضروبا
وأتيت والوادي السليب وأهلـه= يبستقبلون كوارثاً وخطوباً
وللشاعر علي بن عطية بن مطرف من قصيدته هذه الابيات المعبرة عن حاله :
أثالثَ عيدِ الفطر أبقيتَ للأَسى= بقلبي ندوباً ما تأوَّبَ عيدُ
طوى حَسَناً فيكَ الجديدان بعدما = تسرْبَلَ ثوب العيش وهو جديد
ذكرتُ زماناً منه ليس بعائدٍ = فأصبحتُ أُبدي لوعةً وأُعيد
أُصَعِّدُ أنفاسي لنجمٍ رأيته= يُهالُ عليه بالـأكفِّ صعيد
ويقول بهاء الدين زهير :
قد أتَى العيدُ وَما عِنْـ= ـدي لَهُ ما يَقتَضيهِ
غابَ عنْ عينيَّ فيهِ= كلُّ شيءٍ أشْتَهيهِ
لَيتَ شِعري كيفَ= أنْتُمْ أيّهَا الأحْبابُ فيهِ
ويقول شاعر عراقي :
هـذا هـو العيـدُ ، أيـنَ الأهـلُ والفـرحُ =ضاقـتْ بهِ النَّفْسُ ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ
وأيـنَ أحبابُنـا ضـاعـتْ مـلامحُـهـم =مَـنْ في البلاد بقي منهم ، ومن نزحوا
واشهر ماقيل في العيد هوما قاله ابو الطيب المتنبي :
عيـدٌ بأيّـةِ حـالٍ جِئْـتَ يا عيـدُ = بما مضـى أم بأمْـرٍ فيكَ تجديـدُ
أمّـا الأحِبـة فالبيـداءُ دونَـهــم = فليـت دونـك بيـداً دونهـم بيـدُ
ومن عيون الادب العربي ماقاله المعتمد العباد بعد زوال ملكه وهي من القصائد المأثورة :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا = وكان عيدك باللّذات معمورا
وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ = فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً = في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا
معاشهنّ بعيد العــزّ ممتهنٌ = يغـزلن للناس لا يملكن قطميرا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه = ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا
وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَـجٌ = فعاد فطرك للأكبــاد تفطيرا
وهناك من الشعراء من يعكس واقع العيد الحقيقي .. وهو سعادة النفس والاحساس بالتقوى والمغفرة وان الله سبحانه وتعالى تقبل صيامه وقيامه .. وان الفرح الحقيقي ليس لبس الثوب الجديد ورؤية الاهل والاحباب وتبادل الهدايا والتحايا فقط ..
يقول اسحاق الالبيري :
ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك = لا أن تجرَّ به مستكبراً حللك
كم من جديد ثيابٍ دينه خلق = تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك
ومن مرقع الأطمار ذي ورع = بكت عليه السما والأرض حين هلك
ودائما ما تغنى الشعراء بهلال شهر رمضان وتحري رؤيته :
ويقول ابن الرومي :
ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله = تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ
كحاجـبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه = يشيرُ لنا بالرمـز للأكْـلِ والشُّـرب
ويقول ابن المعتز :
أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه = فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ
وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ = قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ
والعيد هو مناسبة عظيمة لصفاء النفوس وتقاربها وافشاء السلام والمحبة ونسيان الماضي ومساعدة الفقراء والمحتاجين والتقرب اليهم ومعايدتهم .
يقول الشاعر محمد الأسمر :
هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به = وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر تزرعه = وعند ربي يخبي المرء ما زرعا
فتعهدوا الناس فيه:من أضر به = ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهم = دعــا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم = بــدراً رآه ظلام الليل فانقشعا
ويقول الشاعر يحيى حسن توفيق من قصيد له عن العيد :
طاف البشير بنا مذ أقبل العيد = فالبشر مرتقب والبذل محمود
يا عيد كل فقير هز راحته = شوقاً وكل غني هزه الجود
ويقول ايضا :
بشائر العيد تترا غنية الصور =وطابع البشر يكسو أوجه البشر
وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً = في عين وامقة أو قلب منتظر
ياليلة العيد كم في العيد من عبر = لمن أراد رشاد العقل والبشر
وهموم الامة الاسلامية لا تبرح خيال الشعراء الغيورين ولا تفارق ابداعهم وفي العيد دائما ما يتذكرون هذه الهموم وهذا الهوان الذي وقعت فيه امة محمد صلى الله عليه وسلم ،
فهذا الشاعر(خليل بن احمد بك ) يربط بين التكبير والتهليل يوم العيد بما يحمله من أسى تجاه امته في قصيدة ابداعية منها :
أنشا يقول وفجرُ العيدِ منتشرٌ = قولاً يشبُّ بقلبِ الواجدِ اللـهبا
كنّا نكبّر تنويهاً بعزتِنا = فما نقولُ؟ وَمِنّا العزُّ قد سُلبا
قم فارفعِ الصوتَ بالتكبيرِ إنَّ به = معنى النعيِّ إذا كبَّرتَ منتحبا
ويقول الشاعر عبدالرحمن عشماوي :
أقبلت يا عيد والأحزان نائمـة = على فراشي وطرف الشوق سهران
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي =قلوبنا من صنوف الهمِّ ألـــوان
من أين نفرح والأحداث عاصفة = وللدُّمى مـقـل ترنـو وآذان
وتقول الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان :
أختاه, هذا العيد رفَّ سناه في روح الوجودْ
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيدْ
وأراك ما بين الخيام قبعتِ تمثالاً شقيًّا
متهالكاً, يطوي وراء جموده ألماً عتيًّا
يرنو إلى اللاشيء.. منسرحاً مع الأفق البعيدْ
أختاه, مالك إن نظرت إلى جموع العابرينْ
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفينْ
من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطيرُ
العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرورُ
أطرقتِ واجمة كأنك صورة الألم الدفينْ.
وتقول ايضا :
أترى ذكرتِ مباهج الأعياد في (يافا) الجميله
أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولهْ?
إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غريرِ
والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير
والشعر منسدلٌ على الكتفين, محلول الجديله
إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيبِ
تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروبِ
طوراً إلى أرجوحة نُصبت هناك على الرمالِ
طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقالِ
والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوبِ?
وتقول ايضا :
أختاه, هذا العيد عيد المترفين الهانئِين
عيد الألى بقصورهم وبروجهم متنعمين
عيد الألى لا العار حرّكهم, ولا ذلّ المصيرْ
فكأنهم جثث هناك بلا حياة أو شعورْ
أختاه, لا تبكي, فهذا العيد عيد الميّتين.
ويقول الشاعر الكبير عمر ابو ريشة :
يا عيـدُ ما افْتَرَّ ثَغْرُ المجدِ يا عيد = فكيـف تلقاكَ بالبِشْـرِ الزغـاريـدُ
يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ = لها على الرَّفْـرَفِ العُلْـوِيِّ تَعْييــدُ
سينجلـي لَيْلُنا عـن فَجْـرِ مُعْتَرَكٍ = ونحـنُ في فمـه المشْبوبِ تَغْريـدُ
ورغم هموم الشعراء الا انه لا يخلو ابدا الشعر من الفرح والتفاؤل في العيد
فهذا الشاعر محمد بن سعد المشعان يقول :
والعيد أقبل مـزهوًا بطلعته= كأنه فارس في حلة رفـلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم = كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا
فليهنأ الصائم المنهي تعـبده = بمقدم العيد إن الصوم قد كملا
غير ان هناك من الشعراء من كان همه في العيد الملذات واشباع النفس هواها بما ترغب ومنهم على سبيل المثال ( امير الشعراء ) احمد شوقي ويقول في مطلع قصيدته ( غفر الله لنا وله ) !!!
رمضانُ وَلَّى هاتِها يا ساقي = مُشتاقةً تسعى إلى مُشتاقِ
ما كان أَكْثَرَه على أُلاَّفِها = وأَقلَّهُ في طاعةِ الخَلاَّق!!
اللـهُ غفَّارُ الذنوبِ جميعِها = إن كان ثَمَّ من الذنوب بَواقي
بالـأَمس قد كُنَّا سَجِينيْ طاعةٍ = واليومَ مَنَّ العيدُ بالإطلاق
ويقول الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري وأعوذ بالله مما قال :
وعظ الشيخُ ولكنْ = أذني فيها انصمامْ
كلُّ شُغْلي يومَ عيدِ = الفِطْرِ كأسٌ ومُدام
لِتنالَ الخمرُ مني = ثأرَ أيامِ الصِيّام
مدةً غبت بها عن = وجهِ خمّارٍ وجام
وبحسبي بعض ما = فــ ـرطّتُ في ذين أثام
وهذا ابن المعتز يقول :
قد قَرَّبَ اللـهُ منّا كلَّ ما امتَنَعَا،= كأنّني بهِلالِ العِيدِ قد طَلَعَا
فخُذْ لِفطرِكَ قَبلَ العيدِ أُهبَتَهُ، = فإنّ شَهرَكَ في الواواتِ قد وقَعَا
ويقول ابو فراس الحمداني :
يَا عيِدُ! مَا عُدْتَ بِمَحْبُوبِ = عَلَى مُعَنّى القَلْبِ، مَكْرُوبِ
يَا عيِدُ! قَد عُدْتَ علَى ناظِرٍ، = عَن كُلّ حُسنٍ فِيكَ مَحجُوبِ
واخيرا نختم بهذا البيت الجميل من ديوان ابن عربي :
ولا تنس يومَ العيدِ واشهد صلاتَه = لدى مطلعِ النور السماويّ والسَّنا
تقبلوا جميعا تحياتي
وكل عام وانتم بخير
عيد الفطر المبارك مناسبة اسلامية عظيمة تتجلى في كل عام يحتفل به المسلمون على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ..نظرا لأنه يأتي بعد نهاية شهر رمضان المبارك وهو الى كونه عيدا فهو ايضا عبادة .. ويجتمع فيه الناس وتتواصل فيه الارحام وتقام فيه الولائم .
ويزداد الشعور بالفرح بهذا العيد لدينا في المملكة أكثر من عيد الاضحى المبارك وذلك لوجود المشاعر المقدسة في بلادنا حيث يتجه معظم المواطنين الى الحج لأداء الفريضة أو لخدمة حجاج بيت الله الحرام .
وللاعياد في الادب العربي مكانة كبيرة .. تصل الى حد التصوف عند بعض الشعراء والبعض الآخر من الشعراء لايرى السعادة والخير الا حينما يرى هلال العيد .. وهناك من الشعراء من يرى ان مناسبة العيد هي مناسبة للتفكر في احوال الناس والامة وتذكر الالام المرتبطة بالعيد وفقد الطفولة الجميلة التي كانت هي العيد الحقيقي بالنسبة لهم .. وهي ليست نظرة تشاؤمية كما يبدو من هؤلاء الشعراء ولكن هو نوع من الذكرى والحنين لماضٍٍ تولى .. او حبيب لم يعد به العيد او صديق توفاه الله أو التمني بمستقبل زاهر لأحواله وأحوال الأمة .
يقول الشاعر الكبير معروف الرصافي في قصيدة اليتيم في العيد :
فلا غَرو من أم اليتيم إذا غدت= ضحى العيد يبكيها اليتيم المضيَّع
فعُدْتُ وقلبي جازع متوجع = وقلت وعيني ثرَّة الدمع تهمع
ألا ليت يوم العيد لا كان إنهُ = يجدد للمحزون حزناً فيجزع
وهذه الابيات من ديوان الكاشف :
يا عيد لم تترك همومي في يدي= وسريرتي لك موضعاً ونصيباً
طالت على الركب الطريق ولم تزل= تلقى الوعود طرائقاً وضروبا
وأتيت والوادي السليب وأهلـه= يبستقبلون كوارثاً وخطوباً
وللشاعر علي بن عطية بن مطرف من قصيدته هذه الابيات المعبرة عن حاله :
أثالثَ عيدِ الفطر أبقيتَ للأَسى= بقلبي ندوباً ما تأوَّبَ عيدُ
طوى حَسَناً فيكَ الجديدان بعدما = تسرْبَلَ ثوب العيش وهو جديد
ذكرتُ زماناً منه ليس بعائدٍ = فأصبحتُ أُبدي لوعةً وأُعيد
أُصَعِّدُ أنفاسي لنجمٍ رأيته= يُهالُ عليه بالـأكفِّ صعيد
ويقول بهاء الدين زهير :
قد أتَى العيدُ وَما عِنْـ= ـدي لَهُ ما يَقتَضيهِ
غابَ عنْ عينيَّ فيهِ= كلُّ شيءٍ أشْتَهيهِ
لَيتَ شِعري كيفَ= أنْتُمْ أيّهَا الأحْبابُ فيهِ
ويقول شاعر عراقي :
هـذا هـو العيـدُ ، أيـنَ الأهـلُ والفـرحُ =ضاقـتْ بهِ النَّفْسُ ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ
وأيـنَ أحبابُنـا ضـاعـتْ مـلامحُـهـم =مَـنْ في البلاد بقي منهم ، ومن نزحوا
واشهر ماقيل في العيد هوما قاله ابو الطيب المتنبي :
عيـدٌ بأيّـةِ حـالٍ جِئْـتَ يا عيـدُ = بما مضـى أم بأمْـرٍ فيكَ تجديـدُ
أمّـا الأحِبـة فالبيـداءُ دونَـهــم = فليـت دونـك بيـداً دونهـم بيـدُ
ومن عيون الادب العربي ماقاله المعتمد العباد بعد زوال ملكه وهي من القصائد المأثورة :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا = وكان عيدك باللّذات معمورا
وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ = فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً = في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا
معاشهنّ بعيد العــزّ ممتهنٌ = يغـزلن للناس لا يملكن قطميرا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه = ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا
وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَـجٌ = فعاد فطرك للأكبــاد تفطيرا
وهناك من الشعراء من يعكس واقع العيد الحقيقي .. وهو سعادة النفس والاحساس بالتقوى والمغفرة وان الله سبحانه وتعالى تقبل صيامه وقيامه .. وان الفرح الحقيقي ليس لبس الثوب الجديد ورؤية الاهل والاحباب وتبادل الهدايا والتحايا فقط ..
يقول اسحاق الالبيري :
ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك = لا أن تجرَّ به مستكبراً حللك
كم من جديد ثيابٍ دينه خلق = تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك
ومن مرقع الأطمار ذي ورع = بكت عليه السما والأرض حين هلك
ودائما ما تغنى الشعراء بهلال شهر رمضان وتحري رؤيته :
ويقول ابن الرومي :
ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله = تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ
كحاجـبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه = يشيرُ لنا بالرمـز للأكْـلِ والشُّـرب
ويقول ابن المعتز :
أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه = فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ
وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ = قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ
والعيد هو مناسبة عظيمة لصفاء النفوس وتقاربها وافشاء السلام والمحبة ونسيان الماضي ومساعدة الفقراء والمحتاجين والتقرب اليهم ومعايدتهم .
يقول الشاعر محمد الأسمر :
هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به = وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر تزرعه = وعند ربي يخبي المرء ما زرعا
فتعهدوا الناس فيه:من أضر به = ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهم = دعــا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم = بــدراً رآه ظلام الليل فانقشعا
ويقول الشاعر يحيى حسن توفيق من قصيد له عن العيد :
طاف البشير بنا مذ أقبل العيد = فالبشر مرتقب والبذل محمود
يا عيد كل فقير هز راحته = شوقاً وكل غني هزه الجود
ويقول ايضا :
بشائر العيد تترا غنية الصور =وطابع البشر يكسو أوجه البشر
وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً = في عين وامقة أو قلب منتظر
ياليلة العيد كم في العيد من عبر = لمن أراد رشاد العقل والبشر
وهموم الامة الاسلامية لا تبرح خيال الشعراء الغيورين ولا تفارق ابداعهم وفي العيد دائما ما يتذكرون هذه الهموم وهذا الهوان الذي وقعت فيه امة محمد صلى الله عليه وسلم ،
فهذا الشاعر(خليل بن احمد بك ) يربط بين التكبير والتهليل يوم العيد بما يحمله من أسى تجاه امته في قصيدة ابداعية منها :
أنشا يقول وفجرُ العيدِ منتشرٌ = قولاً يشبُّ بقلبِ الواجدِ اللـهبا
كنّا نكبّر تنويهاً بعزتِنا = فما نقولُ؟ وَمِنّا العزُّ قد سُلبا
قم فارفعِ الصوتَ بالتكبيرِ إنَّ به = معنى النعيِّ إذا كبَّرتَ منتحبا
ويقول الشاعر عبدالرحمن عشماوي :
أقبلت يا عيد والأحزان نائمـة = على فراشي وطرف الشوق سهران
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي =قلوبنا من صنوف الهمِّ ألـــوان
من أين نفرح والأحداث عاصفة = وللدُّمى مـقـل ترنـو وآذان
وتقول الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان :
أختاه, هذا العيد رفَّ سناه في روح الوجودْ
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيدْ
وأراك ما بين الخيام قبعتِ تمثالاً شقيًّا
متهالكاً, يطوي وراء جموده ألماً عتيًّا
يرنو إلى اللاشيء.. منسرحاً مع الأفق البعيدْ
أختاه, مالك إن نظرت إلى جموع العابرينْ
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفينْ
من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطيرُ
العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرورُ
أطرقتِ واجمة كأنك صورة الألم الدفينْ.
وتقول ايضا :
أترى ذكرتِ مباهج الأعياد في (يافا) الجميله
أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولهْ?
إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غريرِ
والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير
والشعر منسدلٌ على الكتفين, محلول الجديله
إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيبِ
تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروبِ
طوراً إلى أرجوحة نُصبت هناك على الرمالِ
طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقالِ
والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوبِ?
وتقول ايضا :
أختاه, هذا العيد عيد المترفين الهانئِين
عيد الألى بقصورهم وبروجهم متنعمين
عيد الألى لا العار حرّكهم, ولا ذلّ المصيرْ
فكأنهم جثث هناك بلا حياة أو شعورْ
أختاه, لا تبكي, فهذا العيد عيد الميّتين.
ويقول الشاعر الكبير عمر ابو ريشة :
يا عيـدُ ما افْتَرَّ ثَغْرُ المجدِ يا عيد = فكيـف تلقاكَ بالبِشْـرِ الزغـاريـدُ
يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ = لها على الرَّفْـرَفِ العُلْـوِيِّ تَعْييــدُ
سينجلـي لَيْلُنا عـن فَجْـرِ مُعْتَرَكٍ = ونحـنُ في فمـه المشْبوبِ تَغْريـدُ
ورغم هموم الشعراء الا انه لا يخلو ابدا الشعر من الفرح والتفاؤل في العيد
فهذا الشاعر محمد بن سعد المشعان يقول :
والعيد أقبل مـزهوًا بطلعته= كأنه فارس في حلة رفـلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم = كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا
فليهنأ الصائم المنهي تعـبده = بمقدم العيد إن الصوم قد كملا
غير ان هناك من الشعراء من كان همه في العيد الملذات واشباع النفس هواها بما ترغب ومنهم على سبيل المثال ( امير الشعراء ) احمد شوقي ويقول في مطلع قصيدته ( غفر الله لنا وله ) !!!
رمضانُ وَلَّى هاتِها يا ساقي = مُشتاقةً تسعى إلى مُشتاقِ
ما كان أَكْثَرَه على أُلاَّفِها = وأَقلَّهُ في طاعةِ الخَلاَّق!!
اللـهُ غفَّارُ الذنوبِ جميعِها = إن كان ثَمَّ من الذنوب بَواقي
بالـأَمس قد كُنَّا سَجِينيْ طاعةٍ = واليومَ مَنَّ العيدُ بالإطلاق
ويقول الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري وأعوذ بالله مما قال :
وعظ الشيخُ ولكنْ = أذني فيها انصمامْ
كلُّ شُغْلي يومَ عيدِ = الفِطْرِ كأسٌ ومُدام
لِتنالَ الخمرُ مني = ثأرَ أيامِ الصِيّام
مدةً غبت بها عن = وجهِ خمّارٍ وجام
وبحسبي بعض ما = فــ ـرطّتُ في ذين أثام
وهذا ابن المعتز يقول :
قد قَرَّبَ اللـهُ منّا كلَّ ما امتَنَعَا،= كأنّني بهِلالِ العِيدِ قد طَلَعَا
فخُذْ لِفطرِكَ قَبلَ العيدِ أُهبَتَهُ، = فإنّ شَهرَكَ في الواواتِ قد وقَعَا
ويقول ابو فراس الحمداني :
يَا عيِدُ! مَا عُدْتَ بِمَحْبُوبِ = عَلَى مُعَنّى القَلْبِ، مَكْرُوبِ
يَا عيِدُ! قَد عُدْتَ علَى ناظِرٍ، = عَن كُلّ حُسنٍ فِيكَ مَحجُوبِ
واخيرا نختم بهذا البيت الجميل من ديوان ابن عربي :
ولا تنس يومَ العيدِ واشهد صلاتَه = لدى مطلعِ النور السماويّ والسَّنا
تقبلوا جميعا تحياتي
وكل عام وانتم بخير