المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نبي الله يونس عليه السلام ذو النون((2))


ولد مجري
06-Mar-2003, 05:00 PM
بســــــــــــم اللـــــــــــه الرحمــــــــن الرحيـــــــــم


واليكم بلبقية:-



يونسُ يذهب مغاضباً..؟

أمّا يونسُ فقد تابع انطلاقه، مغاضباً، دون أن يأمره الله بذلك. أو يوحي به،

إليه، بل، تأوّلاً منه، وترخُّصاً، وصدوراً عن رأيه هو.. وهو فعل ذلك،... فيتحمّل

إذاً التّبعات!...

وكان يظنُّ ظناً شديداً بأنْ لن يقدرَ الله عليه...

سواء كان معنى هذا "القدر" تقتيراً في الرِّزقِ، كما يراه بعضُ أجِلاَّئنا

المحقِّقين، أو، تقديراً من الله تعالى، كما يراه بعضهُم الآخرُ.

وأمعن يونسُ يضربُ في طولِ الفضاءِ، وعرضِه، (كنايةً عن الجدِّ في السير) حتى

حطَّت به عصا التَّسيار أمام شاطئ البحر،... فتوقَّف مُضنىً، تعباً!..

* يونس في السفينة

وشاهد سفينةً شُحِنت بحّارةً ومسافرين، ومتاعاً كثيراً.. وقد أخذت أشرعتُها

ترتفعُ، مؤذنةً بالإبحار!..

فاقتربَ يونسُ من الرُّبَّان، وبعضِ النوتيَّة، يسألهم أن يصطحبوه معهم، في

رحلتهم هذه، فقبلوه بينهم،.. وأنزلوه كواحدٍ منهم، عزيزاً، مكرَّماً،.. وقد أُخذوا

بسيماء هذا العبد الصّالح الوقور، الكريم خلقاً وخُلُقاً!..

وأقلعت السَّفينةُ متهاديةً على صفحة اليِّم،.. فالبحرُ ساجٍ (أي: هادئ ممتد)

والريحُ طيِّبةٌ، رُخاءُ!..

وفي قلب البحر هبَّ على السَّفينةِ إعصارٌ عاصفٌ، فتلاعب بها ذات اليمين وذات

الشمال.. وأخذها الموج من كلّ جانبٍ، حتى أشرفت على الغرق.. فدعو الله

مخلصين، أن يُنجّيهم من هذا الكرب الشديد..

وبينما هم كذلك، يغالبون الأمواج العاتية،.. وإذا بحوتٍ يشقُّ طريقه إلى

السَّفينة، وكأنه قطعةُ جبلٍ،.. ويأخذُ بالدّوران حولها، والإلتفاف عليها،.. يبتغي

رزقاً يطعمه!.. فاحتار الربّان في أمره، لايدري ماذا يفعلُ.. ووجمَ النوتيّة،

مضطربين.. وعلت الأصواتُ بالاستغاثة والدُّعاء.. فهم بين بحر هائجٍ. تتعالى

أمواجُه كالجبال، وحوتٍ ضخمٍ لايبرُح جانبي السّفينة، شاخصاً بعنقه إلى من

فيها من ركّاب!..

* جزاي العبد الآبق

وتشاور ركّابُ السّفينة فيما بينهم،.. ماالعمل؟

واستقرّ رأيُهم على أنّ بينهم عبداً آبقاً من مولاه (أي: هارباً من سيده) ولذلك

كانت هذه العاصفةُ المجنونةُ،.. وهذا الحوتُ المنكر، الذي يأخذُ على سفينتِهم

كلَّ طريقٍ!. وأجمعَ رأيَهم على إلقاءِ رجلٍ منهم في البحر.. فلعلّهم يتخلّصون من

هذا النَّحسِ الذي يصاحبُهم، فيصفو الجوُّ.. ولعلَّ الحوتَ يقنعُ به، فيدعُ السَّفينةَ،

وشأنها.. وتعاهدوا على ذلك.. ولجأوا إلى القُرعة: أيُّهم يكونُ نصيبَ الحوت؟..

وأجالوا القرعة فيما بينهم، فوقعت على يونس..

فاستعظموا أن يقذفوا بهذا العبد الصّالحِ في لجَّةِ البحر، لقمةً شائغةً لهذا الحوت

الشرس، العنيد..

وأجالوا القرعةَ ثانيةً، فوقعت على يونس..

فأبوا..

وأجالوها ثالثةً، فأصابت يونسَ أيضاً!..

فعلم الجميعُ أن في الأمر سراًّ..

ونظروا إلى يونس كالمعتذرين، فمشيئة الله تأبى غيرَه.. فما كان من يونس إلاَّ

أن رضي، قانعاً بما قسم الله له،.. وقد أوحيَ إليه:

- "عبدي... إن إردتَ أن تهربَ من قضائي، فاخرج من أرضي وسمائي!.."

وأسلم نبيُّ الله أمرَه ووجهَه لجبّار السّموات والأرض، وتوجَّه إلى حافّة السّفينة،

واضعاً كلتا يديه على رأسه، وألقى بنفسه في لجّة الماء المزبد، وهو يصرخ: ياالله!..

وشاهد الحوتُ جسماً يتحرَّكُ في الماء، يغالبُ الأمواجَ العاتيةَ.. فاتَّجَهَ إليه،

والتقمَه ابتلاعاً، دون أن يمزِّق منه لحماً، أو يهشم له عظماً.. وقد أوحى الله

تعالى إليه:

"إني لم أجعل عبدي لك رزقاً، ولكني جعلت بطنكَ له مسجداً،.. فلا تكسرنَّ له

عظماً ولاتخدشنَّ له جلداً.."

ومضى الحوتُ في طريقِهِ، لايلوي على شئ..

وتابعت السفينة طريقها.. وقد ساد رُكّابها حزنٌ طفح على وجوههم جميعاً، وقد

كان صاحبُهم بينهم منذ لحظات..

ثم لبثوا أن أخذهم العجبُ الشّديدُ: إذ سرعان ما عادت الريح طيِّبة، رخاءً،.. وعادَ

الجو إلى صحوهِ وإشراقِهِ،

بينما انصرف الحوتُ وشأنَه.. وكأنَّ شيئاً لم يكن!.

واستقرّ يونس في جوف الحوت،.. وكأنّه في جوف قبرٍ مظلمٍ، تتحرك فيه مياهٌ

جيئةً وذهاباً..

وعصفت به وحشةٌ رهيبةٌ قاسيةٌ، كادت تقطع أنفاسَه..

فذكر الله، مسبِّحاً له، مقدِّساً إياه، وهو سجين ظلماتٍ ثلاثٍ: ظلمة الليل، وظلمة

البحر، وظلمة جوف الحوت.

أما المدَّة التي بقيها يونسُ في جوف الحوت، فقد اختلف العلماء والمفسِّرون

فيها: فمن قائلٍ: ثلاثة أيام،.. إلى قائلٍ: بل، سبعة. وقيل: عشرون يوماً. وقيل:

أربعون.

ويلقي القرآن الكريم على ذلك ضوءاً، بقوله، عزّوجلَّ: {وذا النّون (أي: صاحب

الحوت، والمقصود به يونس)، إذ ذهب مغاضباً فظنَّ أن لنْ نقدِرَ عليه، فنادى في

الظُّلُماتِ أن لا إله إلاّ أنتَ سُبحانكِ إنّي كنتُ من الظّالمين. فاستجبنا لهُ ونجّيناهُ

من الغمِّ وكذلك نُنجي المؤمنين}.

[ونحنُ نعلم بأنّ لهاتين الأيتين الكريمتين، قدراً عند الله تعال، خاصّاً.. بحيث أ

ُثبتت قراءتُهما في الرّكعة الأولى من صلاة الغُفيلة، بين فرضي المغرب

والعشاء].

ويشاء الله تعالى أن يشمل عبده اللاّهج باسمه، برحمته.. وهو حيثُ هو.. في

هذا القبر الحيِّ.. المتنقِّلِ به في قيعان بحار الدُّنيا!. فأوحى إلى الحوت: أن الفِظ

عبديَ على الشاطئ الأمين.. ففعل!.

وخرج يونسُ - وقد قاءه الحوتُيتلمَّس طريقَه على الشاطئ، كالفرخِ الأزغب.. وقد

رقَّ جلدُه بسبب ملوحةِ مياه البحر التي كان يقبع فيها، وهو في جوف الحوتِ..

ووَهنت قواه لفَرطِ ماعاناه، حتّى لكاد يُشرِف على الهلاك.

واقتعد ناحيةًمن الشَّاطئ، مفترشاً الرَّملَ.. فآذته حرارةُ الشَّمسِ.. فأنبتَ الله عليه

شجرةً من يقطينٍ، فاستظَلَّ فَيْأها، وتناول منها ما اقتات به بعض الشئ..

وأخذت تسري الحياةُ في أوصاله شيئاً فشيئاً.. حتى تماسك على نفسهِ

واستعادَ بعض قواه الخائِرةَ.

* يونس يعود إلى قومِهِ

أمّا قومُ يونسَ، فقد علموا بما أصابَ صاحبَهم النبي، الذي غادرهم وهو يتفجَّر

غضباً، لِماهم سادرون فيه من غيِّ، وضلال.. وأيقنوا أنّه تحوَّل طُعمةً لحيتان

البحار، ووحوش قيعانها النَّواهشِ.. فصرفوا النظرَ عنه.. وقطعوا الأملَ من

عودته، ثانيةً، إليهم.. وكانوا ياسفون لموقفِهم السَّابق منه، أسفاً شديداً..

ويندمون ندماً مريراً..

وكانوا، فيما بينَهم، يقولون:

- ياليت يونسَ يعودُ إلينا،.. لوجدنا، إذاً، من المؤمنين، وبرسالته من المصدِّقين،

بعد أن منَّ الله علينا، فهدانا إلى صراطه المستقيم، واتَّبعنا دينَه القويمَ!..

ولشدَّ ما كانت دهشةُ قوم يونس، عندما رأوا نبيَّهم عائداً إليهم وفي مدينتهم

نينوى ذاتها.. حيث كثُرَ أتباعه، وغمَّ أشياعهُ، فهم مئة ألفٍ أو يزيدون...

ووجدوا في عودته إليهم معجزةً سماويَّةً كبرى!..

ولشَدَّ ماكانت دهشةُ يونسَ عندما وجد قومَه مسلمين مؤمنين، بعد أن تركهم،

في أمسهم القريب، كافرين فاسقين!..

وأحاطت نينوى بنبيِّها العائدِ إليها، مكرِّمةً إياه، رسولاً كريماً، ونبيَّاً أميناً..

وأدرك يونسُ أنَّهُ قد استعجلَ أمر ربِّه..

وليس للنبي المصطفى أن يستعجل أمر مولاه، فلله الحكمة البالغةُ،.. وهكذا كان

ليونس ماكان!..

ولوطالت أناتُه قليلاً لتوصَّل إلى حمدي العُقبى، وجميلِ المال، ولوفَّر على نفسه

عناءً كثيراً، وابتلاءً عظيماً..

{إنّ الله بالِغُ أمرِهِ قد جعل الله لِكُلِّ شئٍ قدراً}

ولنُصغ خاشعين إلى الله تعالى يوجز لنا قصة يونسَ، هذه، بالكلم المعجز،

المتجلِّي في هذه الآية من الذّكر الحكيم:


بسم الله الرحمن الرحيم

{ وإنّ يونُسَ لمن المُرسلين. إذ أبق الى الفُلكِ المشحون. فساهم فكان من المدحضين. فالتقمهُ الحوتُ وهو مُليمٌ. فلولا أنّهُ كان من المسبِّحين. للَبِثَ في بطنهِ إلى يومِ يُبعثُون. فنبذناهُ بالعراءِ وهو سقيمٌ. وأنبتنا عليه شجرةً من يقطينٍ. وأرسلناه إلى مئة ألفٍ أو يزيدون. فآمنوا به فمتّعناهُم إلى حينٍ}.

صدق الله العلي العظيم





مع تحيات اخوكم / ولد مجري


@@@@@@@@@@@@@@@@@

ابن ريحان
09-Jul-2007, 02:35 PM
مشكوووووووووووووور أخوي ولد مجري