احمد العـتيبي
28-Jul-2013, 02:06 AM
ماذا يحدث بوزارة الثقافة؟
هشام النجار
17/06/2013 - 3:46pm
كانت المنظومة الثقافية جزءًا من واقع الاستبداد والعنصرية الذي عاشته مصر ردحا من الزمن؛ فكما تم حظر الممارسة السياسية والوصول إلى مراكز السلطة إلا على ذوي الحظوة ممن رضي عنهم النظام، وكذلك احتكار المناصب القضائية وكراسي النيابة العامة لأبناء القضاة وعلية القوم مع حرمان أبناء البسطاء منها، أيضًا تم إغلاق أبواب ونوافذ الساحة الثقافية المصرية، فلا يدخلنها أحد من أصحاب الفكر والمرجعية الاسلامية؛ فهي ملك لمُحتكري الثقافة من معتنقي الفكر اليساري والماركسي.
هذه التجربة المريرة التي مَرَّ بها المصريون حَفلت بموجات من الفساد العام الذي طغى على كل أوجه الحياة وتغلغلَ في غالبية مؤسسات الدولة؛ وكما قام النظام السياسي على تزوير الإرادة الشعبية بشراء الذمم والبلطجة، عوضًا عن المنافسة الشريفة بين البرامج والسياسات وإعلاء رأي المواطن واحترام قناعاته، كذلك كان الواقع الثقافي قائمًا على تزوير الإرادة الشعبية وتصدير خطاب ثقافي غير مُعبر عن روح الشعب وأفكاره وأخلاقياته ونظرته للكون ورؤيته للواقع، فكان الخطاب الثقافي -مَقروءاً ومُشاهَدًا- مُعبرًا عن رؤى وأفكار لا تنتمي لهذه التربة ولا تخص هذا الشعب وتاريخه وتراثه.
لذلك عزف غالبية الشعب عن الذهاب إلى لجان الانتخابات؛ لأنهم كانوا على يقين بأن نتائج الانتخابات يتم التلاعب بها لصالح الحزب الحاكم، فاعتزلوا المشاركة في الحياة السياسية، وهذا الواقع القميء المليء بالفساد والمُلوث بالخطايا.
وعزفوا كذلك عن المشاركة في الفعاليات الثقافية التي تعبر عن وجهة نظر واحدة وترضي ذوقًا واحدًا وتروج لقناعات فصيل بعينه، وقد مضى على احتكارهم للساحة الثقافية سنوات طويلة فتضخمت ذواتهم وثرواتهم وزادت عزلتهم عن الشعب وعزلة الشعب عنهم، تمامًا كعزلة الشعب عن الحاكم الطاغية؛ وكما انفرد الحاكمُ بكل شيء فلا يحضر مؤتمراته وانتخاباته وخطاباته إلا نخبته، كذلك هجر المصريون قصور الثقافة ودور العرض السينمائي والأوبرا والمسارح التي دأبت على عرض أعمال غريبة عن الواقع المصري ولا تعبر بصدق عن تقاليده وقيمه وتراثه وانتمائه العروبي الإسلامي؛ فصار لا يقرأ الدوريات والمجلات الصادرة عن وزارة الثقافة إلا قلة ضئيلة، وحبست العائلات المحترمة نفسها داخل المنازل، وإذا خرجت فإلى المتنزهات والحدائق، أما المسرح والسينما فأصبح من غير اللائق في عهد الاحتكار الثقافي أن تحضر عائلة مصرية عروضهما المنافية للذوق العام، بما يؤكد الانسجام والتناغم مع عدم احترام إرادة الناخبين سياسيًّا، واحتقار أذواقهم وازدراء رؤاهم وتوجهاتهم الفكرية ثقافيًّا.
النظام القديم يأبى الرضوخ للإرادة الشعبية، مستخدمًا بلطجيته وشبكات علاقاته داخل الدولة العميقة؛ كذلك تدور الأحداث داخل الساحة الثقافية منذ بدأت الثورة الحقيقية داخل الوزارة على الفساد والاحتكار والعنصرية مع تولية الوزير الجديد.
المواجهة ضرورية وقد سَالتْ فيها دماء بعدَ أن قاد خالد يوسف مجموعة البلطجية ووضع لهم سيناريو الاعتداء في فيلم من إخراجه لا ينتمي إلا لسياسة وثقافة نظام مبارك.
في مداخلة تلفزيونية، قال الدكتور أحمد مجاهد: إن المعتصمين داخل مكتب الوزير هم من كبار القامة والسن ومن أعلام مصر في الأدب والفن.
لم يكن مبارك كذلك؛ حيث كان يكره القراءة، فكان تعامله مع الثورة على الوجه الذي رأينا ونرى؛ أما الأَعلام والقامات الفكرية فمن السهل إقناعها أن للعنصرية نهاية، وأنَّ الظلم لا يدوم إلى الأبد إلا مع الأذليْن العاجزيْن عن التغيير، وهما فقط حمار الحي والوتد المربوط به، كما قال الشاعر:
ولا يُقيم على ضيم يُـراد به=إلا الأذلان عيرُ الحي والوتدُ
هذا على الخسْف مَرْبوط برُمته=وذا يُشقُّ فلا يَرْثي له أحدُ
عندي تفسير أعمق للبيتين يَطالُ كبار القامة والسن من المثقفين المعتصمين، في حالة إذا أصروا على أن يربطوا مصيرَهم بمصير طاغية عتيد.
هشام النجار
17/06/2013 - 3:46pm
كانت المنظومة الثقافية جزءًا من واقع الاستبداد والعنصرية الذي عاشته مصر ردحا من الزمن؛ فكما تم حظر الممارسة السياسية والوصول إلى مراكز السلطة إلا على ذوي الحظوة ممن رضي عنهم النظام، وكذلك احتكار المناصب القضائية وكراسي النيابة العامة لأبناء القضاة وعلية القوم مع حرمان أبناء البسطاء منها، أيضًا تم إغلاق أبواب ونوافذ الساحة الثقافية المصرية، فلا يدخلنها أحد من أصحاب الفكر والمرجعية الاسلامية؛ فهي ملك لمُحتكري الثقافة من معتنقي الفكر اليساري والماركسي.
هذه التجربة المريرة التي مَرَّ بها المصريون حَفلت بموجات من الفساد العام الذي طغى على كل أوجه الحياة وتغلغلَ في غالبية مؤسسات الدولة؛ وكما قام النظام السياسي على تزوير الإرادة الشعبية بشراء الذمم والبلطجة، عوضًا عن المنافسة الشريفة بين البرامج والسياسات وإعلاء رأي المواطن واحترام قناعاته، كذلك كان الواقع الثقافي قائمًا على تزوير الإرادة الشعبية وتصدير خطاب ثقافي غير مُعبر عن روح الشعب وأفكاره وأخلاقياته ونظرته للكون ورؤيته للواقع، فكان الخطاب الثقافي -مَقروءاً ومُشاهَدًا- مُعبرًا عن رؤى وأفكار لا تنتمي لهذه التربة ولا تخص هذا الشعب وتاريخه وتراثه.
لذلك عزف غالبية الشعب عن الذهاب إلى لجان الانتخابات؛ لأنهم كانوا على يقين بأن نتائج الانتخابات يتم التلاعب بها لصالح الحزب الحاكم، فاعتزلوا المشاركة في الحياة السياسية، وهذا الواقع القميء المليء بالفساد والمُلوث بالخطايا.
وعزفوا كذلك عن المشاركة في الفعاليات الثقافية التي تعبر عن وجهة نظر واحدة وترضي ذوقًا واحدًا وتروج لقناعات فصيل بعينه، وقد مضى على احتكارهم للساحة الثقافية سنوات طويلة فتضخمت ذواتهم وثرواتهم وزادت عزلتهم عن الشعب وعزلة الشعب عنهم، تمامًا كعزلة الشعب عن الحاكم الطاغية؛ وكما انفرد الحاكمُ بكل شيء فلا يحضر مؤتمراته وانتخاباته وخطاباته إلا نخبته، كذلك هجر المصريون قصور الثقافة ودور العرض السينمائي والأوبرا والمسارح التي دأبت على عرض أعمال غريبة عن الواقع المصري ولا تعبر بصدق عن تقاليده وقيمه وتراثه وانتمائه العروبي الإسلامي؛ فصار لا يقرأ الدوريات والمجلات الصادرة عن وزارة الثقافة إلا قلة ضئيلة، وحبست العائلات المحترمة نفسها داخل المنازل، وإذا خرجت فإلى المتنزهات والحدائق، أما المسرح والسينما فأصبح من غير اللائق في عهد الاحتكار الثقافي أن تحضر عائلة مصرية عروضهما المنافية للذوق العام، بما يؤكد الانسجام والتناغم مع عدم احترام إرادة الناخبين سياسيًّا، واحتقار أذواقهم وازدراء رؤاهم وتوجهاتهم الفكرية ثقافيًّا.
النظام القديم يأبى الرضوخ للإرادة الشعبية، مستخدمًا بلطجيته وشبكات علاقاته داخل الدولة العميقة؛ كذلك تدور الأحداث داخل الساحة الثقافية منذ بدأت الثورة الحقيقية داخل الوزارة على الفساد والاحتكار والعنصرية مع تولية الوزير الجديد.
المواجهة ضرورية وقد سَالتْ فيها دماء بعدَ أن قاد خالد يوسف مجموعة البلطجية ووضع لهم سيناريو الاعتداء في فيلم من إخراجه لا ينتمي إلا لسياسة وثقافة نظام مبارك.
في مداخلة تلفزيونية، قال الدكتور أحمد مجاهد: إن المعتصمين داخل مكتب الوزير هم من كبار القامة والسن ومن أعلام مصر في الأدب والفن.
لم يكن مبارك كذلك؛ حيث كان يكره القراءة، فكان تعامله مع الثورة على الوجه الذي رأينا ونرى؛ أما الأَعلام والقامات الفكرية فمن السهل إقناعها أن للعنصرية نهاية، وأنَّ الظلم لا يدوم إلى الأبد إلا مع الأذليْن العاجزيْن عن التغيير، وهما فقط حمار الحي والوتد المربوط به، كما قال الشاعر:
ولا يُقيم على ضيم يُـراد به=إلا الأذلان عيرُ الحي والوتدُ
هذا على الخسْف مَرْبوط برُمته=وذا يُشقُّ فلا يَرْثي له أحدُ
عندي تفسير أعمق للبيتين يَطالُ كبار القامة والسن من المثقفين المعتصمين، في حالة إذا أصروا على أن يربطوا مصيرَهم بمصير طاغية عتيد.