احمد العـتيبي
08-Jul-2013, 02:00 AM
ما قيمة أى دستور قادم؟
فراج اسماعيل (http://almesryoon.com/المقالات/فراج-اسماعيل)
أوضح تعريف لما حدث يوم 3 يوليو أنه انقلاب دستوري، وهو ذلك الذي قال به الفقيه القانوني والدستوري طارق البشري في حديثه لجريدة "الشروق" السبت 6/7، مؤكدًا أنه – أي الانقلاب – يؤسس لنظام استبدادي من جديد.
وصف البشري عزل مرسي وتعطيل العمل بالدستور بأنه "انقلاب عسكري صريح على دستور ديمقراطي أفرزته إرادة شعبية حقيقية".
العالم الجليل الذي ترأس اللجنة التي وضعت التعديلات التي أصدرها المجلس العسكري السابق برئاسة المشير طنطاوي في الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، يقول إن الدستور خرج إلى النور وتم إقراره بإرادة شعبية كاملة وفي استفتاء نزيه وشريف وأعدته مؤسسة مختارة اختيارًا شعبيًا غير مباشر، هي الجمعية التأسيسية التي نتجت عن تشكيل مجلس الشعب والشورى من خلال انتخابات برلمانية نزيهة شهد الجميع بإجرائها بشرف وديمقراطية.
كلام البشري مهم للغاية فقد كان خصمًا لسياسة الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وانتقد بعض مواد الدستور المعطل وأكد بطلان الإعلانات الدستورية التي أصدرها في 11 أغسطس و21 نوفمبر من العام الماضي.
لا ينتقد البشري تعطيل الدستور فقط، بل أيضًا الإطاحة بمرسي، لأنه انتخب على أساس انتخابات حرة ونزيهة، وكان انتخابه من ثمار ثورة 25 يناير التي كان مطلبها الأساسي إقامة نظام ديمقراطي في مصر وبشكل حقيقي وليس صوريًا، ووفق تعبيره فإن هذه الثمار نكصت بها إجراءات الانقلاب العسكري الذي جرى في اليومين الماضيين.
سقوط الدستور بسهولة مدهشة سينال من قيمة أي دستور قادم، فبدلاً من افتراض أنه حائط صد لحماية الشرعيات ودولة القانون كما في سائر الديمقراطيات الحقيقية، أصبح "حيطة واطية" من الممكن القفز عليها أو إسقاطها بتدخل عسكري من الممكن حدوثه بين فترة وأخرى ولن يصدق أحد أن ما حدث في 3 يوليو نهاية المطاف لهكذا تدخلات.
الدساتير لا تغير أو تعدل أو تعطل إلا وفق إرادة شعبية عبر البرلمان ثم استفتاءات الصناديق، لكننا اخترعنا ما يسمى حشود الشوارع لإسقاطها، وقد جرى تقدير جزافي لا يمكن تأكيده حول الأعداد التي شاركت فيها والتي قدرت بأكثر من 30 مليونًا، وهو تقدير يعني أن البيوت في المدن أصبحت خاوية على عروشها وأن كل الناس ذهبوا إلى ميدان التحرير والاتحادية وميادين المظاهرات في مصر، ونسينا أن الأرياف تضم 40 مليونًا تحت خط الفقر وأن نسبة كبيرة من التسعين مليونًا مجمل سكان مصر من الأطفال دون الخامسة عشر.
لا يمكن تقدير عدد أي حشود وتظل الصناديق هي الطريقة الوحيدة المعترف بها في النظم السياسية. مبارك نفسه لم يجرؤ على تعطيل دستور 1971 في أيامه الأخيرة، وعندما قام المجلس العسكري السابق بتعطيله بعد توليه إدارة شئون البلاد، لم يكن قد انقلب على مبارك، بل إن الأخير هو الذي تنحى تاركًا له السلطة عبر البيان القصير الذي ألقاه عمر سليمان، وهذا هو الفرق بين ما حدث في 11 فبراير 2011 و3 يوليو 2013 ردًا على المقارنة الظالمة التي قال بها الزميل أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس الانتقالي في مؤتمره الصحفي، والذي لم يكن مقنعًا في إجابته بشأن إغلاق القنوات الفضائية وبدا مدافعًا عن الإغلاق رغم أنه كصحفي وصاحب شأن في الدفاع عن الحريات الإعلامية يجب أن يكون موقفه واضحًا وصريحًا في معارضة الأسلوب القمعي لحريات التعبير.
المظاهرات السلمية والحشود المعارضة لم تكن أبدًا سببًا في إسقاط الدساتير. وكما ذكر البشري فإن قسمًا كبيرًا من المصريين كان غير راضٍ عن سلطة حكم الإخوان وقسمًا آخر كان راضيًا، وهذا أمر طبيعي في النظم الديمقراطية وكان الحل أن تجرى انتخابات برلمانية تفضي إلى إنهاء هذا الصراع السياسي بصورة ديمقراطية وفقًا للدستور.
كيف يمكن للناس أن تثق بأي دستور قادم؟ وما الذي يضمن أنه قادر على حماية الحريات العامة والشخصية وعدم القبض العشوائي على المعارضين وحماية حريات الرأي إذا كان من السهل تعطيله بجرة قلم؟!
والأكثر كيف ستثق بأي رئيس منتخب قادم؟ وما الذي يجعلها تتكبد المشاق لتنتخبه إذا كانت هناك قوة أخرى تملك عزله متى تريد وفق ما يتراءى لها من تقدير معارضة الشوارع وحشد النخبة؟
تساءل الكاتب العالمي الشهير روبرت فيسك: هل القادة الغربيون يجب أن يسقطوا عندما تنخفض شعبيتهم أقل من 50% في استطلاعات الرأي الشعبية؟
فراج اسماعيل (http://almesryoon.com/المقالات/فراج-اسماعيل)
أوضح تعريف لما حدث يوم 3 يوليو أنه انقلاب دستوري، وهو ذلك الذي قال به الفقيه القانوني والدستوري طارق البشري في حديثه لجريدة "الشروق" السبت 6/7، مؤكدًا أنه – أي الانقلاب – يؤسس لنظام استبدادي من جديد.
وصف البشري عزل مرسي وتعطيل العمل بالدستور بأنه "انقلاب عسكري صريح على دستور ديمقراطي أفرزته إرادة شعبية حقيقية".
العالم الجليل الذي ترأس اللجنة التي وضعت التعديلات التي أصدرها المجلس العسكري السابق برئاسة المشير طنطاوي في الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، يقول إن الدستور خرج إلى النور وتم إقراره بإرادة شعبية كاملة وفي استفتاء نزيه وشريف وأعدته مؤسسة مختارة اختيارًا شعبيًا غير مباشر، هي الجمعية التأسيسية التي نتجت عن تشكيل مجلس الشعب والشورى من خلال انتخابات برلمانية نزيهة شهد الجميع بإجرائها بشرف وديمقراطية.
كلام البشري مهم للغاية فقد كان خصمًا لسياسة الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وانتقد بعض مواد الدستور المعطل وأكد بطلان الإعلانات الدستورية التي أصدرها في 11 أغسطس و21 نوفمبر من العام الماضي.
لا ينتقد البشري تعطيل الدستور فقط، بل أيضًا الإطاحة بمرسي، لأنه انتخب على أساس انتخابات حرة ونزيهة، وكان انتخابه من ثمار ثورة 25 يناير التي كان مطلبها الأساسي إقامة نظام ديمقراطي في مصر وبشكل حقيقي وليس صوريًا، ووفق تعبيره فإن هذه الثمار نكصت بها إجراءات الانقلاب العسكري الذي جرى في اليومين الماضيين.
سقوط الدستور بسهولة مدهشة سينال من قيمة أي دستور قادم، فبدلاً من افتراض أنه حائط صد لحماية الشرعيات ودولة القانون كما في سائر الديمقراطيات الحقيقية، أصبح "حيطة واطية" من الممكن القفز عليها أو إسقاطها بتدخل عسكري من الممكن حدوثه بين فترة وأخرى ولن يصدق أحد أن ما حدث في 3 يوليو نهاية المطاف لهكذا تدخلات.
الدساتير لا تغير أو تعدل أو تعطل إلا وفق إرادة شعبية عبر البرلمان ثم استفتاءات الصناديق، لكننا اخترعنا ما يسمى حشود الشوارع لإسقاطها، وقد جرى تقدير جزافي لا يمكن تأكيده حول الأعداد التي شاركت فيها والتي قدرت بأكثر من 30 مليونًا، وهو تقدير يعني أن البيوت في المدن أصبحت خاوية على عروشها وأن كل الناس ذهبوا إلى ميدان التحرير والاتحادية وميادين المظاهرات في مصر، ونسينا أن الأرياف تضم 40 مليونًا تحت خط الفقر وأن نسبة كبيرة من التسعين مليونًا مجمل سكان مصر من الأطفال دون الخامسة عشر.
لا يمكن تقدير عدد أي حشود وتظل الصناديق هي الطريقة الوحيدة المعترف بها في النظم السياسية. مبارك نفسه لم يجرؤ على تعطيل دستور 1971 في أيامه الأخيرة، وعندما قام المجلس العسكري السابق بتعطيله بعد توليه إدارة شئون البلاد، لم يكن قد انقلب على مبارك، بل إن الأخير هو الذي تنحى تاركًا له السلطة عبر البيان القصير الذي ألقاه عمر سليمان، وهذا هو الفرق بين ما حدث في 11 فبراير 2011 و3 يوليو 2013 ردًا على المقارنة الظالمة التي قال بها الزميل أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس الانتقالي في مؤتمره الصحفي، والذي لم يكن مقنعًا في إجابته بشأن إغلاق القنوات الفضائية وبدا مدافعًا عن الإغلاق رغم أنه كصحفي وصاحب شأن في الدفاع عن الحريات الإعلامية يجب أن يكون موقفه واضحًا وصريحًا في معارضة الأسلوب القمعي لحريات التعبير.
المظاهرات السلمية والحشود المعارضة لم تكن أبدًا سببًا في إسقاط الدساتير. وكما ذكر البشري فإن قسمًا كبيرًا من المصريين كان غير راضٍ عن سلطة حكم الإخوان وقسمًا آخر كان راضيًا، وهذا أمر طبيعي في النظم الديمقراطية وكان الحل أن تجرى انتخابات برلمانية تفضي إلى إنهاء هذا الصراع السياسي بصورة ديمقراطية وفقًا للدستور.
كيف يمكن للناس أن تثق بأي دستور قادم؟ وما الذي يضمن أنه قادر على حماية الحريات العامة والشخصية وعدم القبض العشوائي على المعارضين وحماية حريات الرأي إذا كان من السهل تعطيله بجرة قلم؟!
والأكثر كيف ستثق بأي رئيس منتخب قادم؟ وما الذي يجعلها تتكبد المشاق لتنتخبه إذا كانت هناك قوة أخرى تملك عزله متى تريد وفق ما يتراءى لها من تقدير معارضة الشوارع وحشد النخبة؟
تساءل الكاتب العالمي الشهير روبرت فيسك: هل القادة الغربيون يجب أن يسقطوا عندما تنخفض شعبيتهم أقل من 50% في استطلاعات الرأي الشعبية؟