ابو ضيف الله
02-Apr-2013, 12:02 AM
أحمد بن حنبل
الإمامُ حقًا، وشيخ الإسلام صدقًا، أبو عبد الله أحمد بن حنبل .
طلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وقد روى في المسند عن مئتين وثمانين ونيّف من أشياخه.
وقد كان صاحب فقه، وصاحب حفظ، وقد حفظ ألف ألف حديث!
وكان رحمه الله شيخًا مخضوبًا طُوالًا أسمر شديد السمرة، حسن الوجه، في لحيته شعرات سود.
يقول ابنه عبد الله: قال لي أبي: خذ أيّ كتاب من كتب وكيع المصنف، فإن شئت أن تسألني عن الكلام. حتى أخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد حتى أخبرك أنا بالكلام.
وصلى مرة بعبد الرزاق، فسها، فسأل عنه عبد الرزاق، فأخبر أنه لم يأكل شيئًا منذ ثلاثة أيام :”
وقال المرذوي: سمعت بعض الواسطيين يقول:
ما رأيتُ يزيد بن هارون -وكانت فيه مداعبة- ترك المزاح لأحد إلا لأحمد بن حنبل.
وقال قتيبة: إذا رأيتَ أحدًا يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنّة.
وقال أيضًا: لولا أحمد لأحدثوا في الدين، أحمد إمام الدنيا.
وقال البشر بن الحارث لما سُئل عنه: أنا أُسأل عن أحمد بن حنبل؟!
إن أحمد أُدخل الكير فخرج ذهبًا أحمر.
وقد كان صاحب فقه، صاحب حفظ، صاحب معرفة.
وقال أبو داوود: كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة،
لا يذكر فيها شيئًا من أمر الدنيا، ما رأيتُه ذكر الدنيا قط! :”
وعن ابن أبي بشر قال: أتيت أحمد بن حنبل في مسألة، فقال: ائت أبا عبيد، فإن له بيانًا لا تسمعه من غيره.
فأتيته فشفاني جوابه، فأخبرته بقول أحمد، فقال: ذاك رجلٌ من عمال الله، نشر الله رداء عمله، وذخر له عنده الزلفى، أما تراه محببًا مألوفًا.
ما رأت عيني بالعراق رجلًا اجتمعت فيه خصال هي فيه،
فبارك الله فيما أعطاه من الحلم والعلم والفهم.
وقد كان عظيم الشأن، رأسًا في الحديث، وفي الفقه وفي التألُّه.
أثنى عليه خلق من خصومه فما الظن بإخوانه وأقرانه؟!
وكان مهيبًا في ذات الله، حتى لقال أبو عُبيد: ما هبت أحدًا في مسألة ما هبتُ أحمد بن حنبل.
ودخل عليه عمّه مرة، فقال: يا ابن أخي، ما هذا الغم؟ وما هذا الحزن؟
فرفع رأسه وقال: يا عم، طوبى لمن أخمل الله ذكره :*
وقال أحد أصحابه له: إني لأرجو أن يكون يُدعى لك في جميع الأمصار،
فقال: يا أبا بكر، إذا عرف الرجل نفسه فما ينفعه كلام الناس؟ :"
وقال ابنه عبد الله: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ٣٠٠ ركعة،
فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي كل يوم وليلة ١٥٠ ركعة.
هذا لمّا ضعف!
الضعف ضعف الهمم :” .
وقال: أريد أن أكون في شعب بمكة حتى لا أُعرف،
قد ابتليت بالشهرة، إني أتمنى الموت صباحًا ومساءً :”
وقال: لقد استرحت، ما جاءني الفرج إلا منذ حلفت أن لا أحدِّث، وليتنا نُترك!
فقال له المرّوذي: إن فلانًا قال: لم يزهد أبو عبد الله في الدراهم وحدها، زهد في الناس.
فقال: ومن أنا حتى أزهد في الناس!
الناس يريدون أن يزهدوا فيّ :""" .
وقال الميموني: كثيرًا ما أسأل أبا عبد الله عن الشيء، فيقول: لبّيك لبيّك .
وعن رجل قال: رأيت الغم في وجه أحمد وقد أثنى عليه شخص وقيل له: جزاك الله عن الإسلام خيرًا، قال: بل جزى الله الإسلام عني خيرًا، من أنا وما أنا؟ :”
من مظاهر إمامة الإمام أحمد أنه إذا ذُكر اسمه لا يحتاج أن يُذكر في كتب المسلمين قبله ولا بعده شيئًا!
فاسمه المفرد ينصرف إليه مباشرةً.
قال عنه الإمام الشافعي وقد خرج من بغداد -وعمر أحمد ٢٦ سنةً- : خرجت من بغداد وما تركت فيها أفقه ولا أعلم ولا أورع من أحمد بن حنبل!
حملته أمه حملًا بعد أن توفي أبوه، فكان يتيمًا وهو جنين!
ومع ذلك نشأ في بغداد لم تُعرف له صبوة، وكان سديدًا مسددًا.
كانت أمه تخزن على ملابسه إذا خلعها في الليل وتأخذ المفتاح معها، ولا تفتحه إلا فجرًا إذا علمت أن الناس خرجوا للأسواق؛ لئلا يخرج قبل الفجر يتلمّس حِلق العلم البعيدة -إشفاقًا منها عليه-.
وكان أحد شيوخه يقول: أحمد بن حنبل إمامنا!
وكان شيخه عبد الرزاق يقول: ما رأيت أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل! ، إن عاش هذا فهو إمام الدّنيا.
وكان برغم ذلك متواضعًا تواضعًا عجيبًا!
لدرجة أنه ألف كتابًا اسمه كتاب الورع، يقول عنه أحد أهل العلم: كأنه دخل الجنة فرأى أهلها، ثم جعل يصفهم!
وكان يقول: إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وأيامٌ قلائل ثمّ نمضي.
قد مضى الإمام أحمد، وخلّف علمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه،
فرحم الله الإمام أحمد وجزاه عنا وعن الإسلام والقرآن خيرًا .
المراجع:
طبقات ابن سعد، تاريخ بغداد، سير الذهبي، مقدمة كتاب الزهد، النجوم الزاهرة، العبر.
· لعلكم تقرأون في شأنه مع المحنة، فقد كان يرحمه الله مثالًا للثبات وقول الحق والتمسّك به :” .
الإمامُ حقًا، وشيخ الإسلام صدقًا، أبو عبد الله أحمد بن حنبل .
طلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وقد روى في المسند عن مئتين وثمانين ونيّف من أشياخه.
وقد كان صاحب فقه، وصاحب حفظ، وقد حفظ ألف ألف حديث!
وكان رحمه الله شيخًا مخضوبًا طُوالًا أسمر شديد السمرة، حسن الوجه، في لحيته شعرات سود.
يقول ابنه عبد الله: قال لي أبي: خذ أيّ كتاب من كتب وكيع المصنف، فإن شئت أن تسألني عن الكلام. حتى أخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد حتى أخبرك أنا بالكلام.
وصلى مرة بعبد الرزاق، فسها، فسأل عنه عبد الرزاق، فأخبر أنه لم يأكل شيئًا منذ ثلاثة أيام :”
وقال المرذوي: سمعت بعض الواسطيين يقول:
ما رأيتُ يزيد بن هارون -وكانت فيه مداعبة- ترك المزاح لأحد إلا لأحمد بن حنبل.
وقال قتيبة: إذا رأيتَ أحدًا يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنّة.
وقال أيضًا: لولا أحمد لأحدثوا في الدين، أحمد إمام الدنيا.
وقال البشر بن الحارث لما سُئل عنه: أنا أُسأل عن أحمد بن حنبل؟!
إن أحمد أُدخل الكير فخرج ذهبًا أحمر.
وقد كان صاحب فقه، صاحب حفظ، صاحب معرفة.
وقال أبو داوود: كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة،
لا يذكر فيها شيئًا من أمر الدنيا، ما رأيتُه ذكر الدنيا قط! :”
وعن ابن أبي بشر قال: أتيت أحمد بن حنبل في مسألة، فقال: ائت أبا عبيد، فإن له بيانًا لا تسمعه من غيره.
فأتيته فشفاني جوابه، فأخبرته بقول أحمد، فقال: ذاك رجلٌ من عمال الله، نشر الله رداء عمله، وذخر له عنده الزلفى، أما تراه محببًا مألوفًا.
ما رأت عيني بالعراق رجلًا اجتمعت فيه خصال هي فيه،
فبارك الله فيما أعطاه من الحلم والعلم والفهم.
وقد كان عظيم الشأن، رأسًا في الحديث، وفي الفقه وفي التألُّه.
أثنى عليه خلق من خصومه فما الظن بإخوانه وأقرانه؟!
وكان مهيبًا في ذات الله، حتى لقال أبو عُبيد: ما هبت أحدًا في مسألة ما هبتُ أحمد بن حنبل.
ودخل عليه عمّه مرة، فقال: يا ابن أخي، ما هذا الغم؟ وما هذا الحزن؟
فرفع رأسه وقال: يا عم، طوبى لمن أخمل الله ذكره :*
وقال أحد أصحابه له: إني لأرجو أن يكون يُدعى لك في جميع الأمصار،
فقال: يا أبا بكر، إذا عرف الرجل نفسه فما ينفعه كلام الناس؟ :"
وقال ابنه عبد الله: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ٣٠٠ ركعة،
فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي كل يوم وليلة ١٥٠ ركعة.
هذا لمّا ضعف!
الضعف ضعف الهمم :” .
وقال: أريد أن أكون في شعب بمكة حتى لا أُعرف،
قد ابتليت بالشهرة، إني أتمنى الموت صباحًا ومساءً :”
وقال: لقد استرحت، ما جاءني الفرج إلا منذ حلفت أن لا أحدِّث، وليتنا نُترك!
فقال له المرّوذي: إن فلانًا قال: لم يزهد أبو عبد الله في الدراهم وحدها، زهد في الناس.
فقال: ومن أنا حتى أزهد في الناس!
الناس يريدون أن يزهدوا فيّ :""" .
وقال الميموني: كثيرًا ما أسأل أبا عبد الله عن الشيء، فيقول: لبّيك لبيّك .
وعن رجل قال: رأيت الغم في وجه أحمد وقد أثنى عليه شخص وقيل له: جزاك الله عن الإسلام خيرًا، قال: بل جزى الله الإسلام عني خيرًا، من أنا وما أنا؟ :”
من مظاهر إمامة الإمام أحمد أنه إذا ذُكر اسمه لا يحتاج أن يُذكر في كتب المسلمين قبله ولا بعده شيئًا!
فاسمه المفرد ينصرف إليه مباشرةً.
قال عنه الإمام الشافعي وقد خرج من بغداد -وعمر أحمد ٢٦ سنةً- : خرجت من بغداد وما تركت فيها أفقه ولا أعلم ولا أورع من أحمد بن حنبل!
حملته أمه حملًا بعد أن توفي أبوه، فكان يتيمًا وهو جنين!
ومع ذلك نشأ في بغداد لم تُعرف له صبوة، وكان سديدًا مسددًا.
كانت أمه تخزن على ملابسه إذا خلعها في الليل وتأخذ المفتاح معها، ولا تفتحه إلا فجرًا إذا علمت أن الناس خرجوا للأسواق؛ لئلا يخرج قبل الفجر يتلمّس حِلق العلم البعيدة -إشفاقًا منها عليه-.
وكان أحد شيوخه يقول: أحمد بن حنبل إمامنا!
وكان شيخه عبد الرزاق يقول: ما رأيت أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل! ، إن عاش هذا فهو إمام الدّنيا.
وكان برغم ذلك متواضعًا تواضعًا عجيبًا!
لدرجة أنه ألف كتابًا اسمه كتاب الورع، يقول عنه أحد أهل العلم: كأنه دخل الجنة فرأى أهلها، ثم جعل يصفهم!
وكان يقول: إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وأيامٌ قلائل ثمّ نمضي.
قد مضى الإمام أحمد، وخلّف علمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه،
فرحم الله الإمام أحمد وجزاه عنا وعن الإسلام والقرآن خيرًا .
المراجع:
طبقات ابن سعد، تاريخ بغداد، سير الذهبي، مقدمة كتاب الزهد، النجوم الزاهرة، العبر.
· لعلكم تقرأون في شأنه مع المحنة، فقد كان يرحمه الله مثالًا للثبات وقول الحق والتمسّك به :” .