ابو ضيف الله
24-Jul-2005, 05:14 PM
المختصر/
الخليج / في غضون يومين فقط سقط أكثر من 39 قتيلاً و50 جريحاً في موجة من الاحتجاجات التي عمت معظم المحافظات اليمنية احتجاجاً على القرارات التي اتخذتها الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية بنسب تتراوح بين 100% و300%، وهي القرارات التي جاءت في وقت كانت فيه أسعار المواد الغذائية تتصاعد بشكل مخيف من دون أن تقدم الحكومة على إجراء رادع يعيد الأمور إلى نصابها قبل أن تبدأ بإعلان خطوتها الأخيرة.
وقد أصيب الجميع بالذهول للأضرار التي طالت كل شيء في البلاد، فالغضب الذي هيمن على رجل الشارع البسيط كان على غير المتوقع، ويبدو أن الحكومة لم تكن تتوقع انفجار الشارع بمثل هذه الحدة، الأمر الذي دفعها للجوء إلى الدبابات والآليات العسكرية الضخمة للجم العنف الذي كان بالإمكان في حالة تركه أن يحول كل شيء إلى أنقاض.
ما الذي حدث؟ ولماذا حدث ما حدث خلال اليومين الماضيين؟ وأزهقت فيه الأرواح وسالت فيه الدماء لتغطي شوارع العاصمة صنعاء وعدن والحديدة وعمران وتعز والضالع وذمار وصعدة؟ لماذا كل هذا العنف الذي سيطر على الشارع، ودمر كل شيء قابله في طريقه، سواء كان هذا الشيء يخص الدولة أو حتى المواطنين؟
إن ما حدث يمكن اعتباره ببساطة “ثورة جياع”، فالذين نزلوا إلى الشوارع كان غالبيتهم من العاطلين عن العمل، هم من جيل الثورة وجيل الوحدة، وكان هؤلاء يتوقعون أن تصبح حياتهم مع مرور السنوات أفضل من اليوم.
ولا شك أن هناك قوى ساعدت في خلق أجواء من التوتر والخراب في خطوة لتصفية حسابات قديمة بينها وبين الحكومة، لكن هذه القوى لم تكن بالتأكيد لها علاقة بالمعارضة التي اكتفت بإصدار البيانات المنددة بالأحداث وبالمطالبة للحكومة بالتراجع عن إجراءاتها وبالكف عن استخدام القوة لمنع الناس عن إبداء آرائهم في الإجراءات الحكومية الأخيرة.
وتبدو الحكومة في موقف صعب للغاية فهي واقعة بين كماشة الوفاء للمؤسسات الدولية التي تطالبها بضرورة تصحيح أوضاعها المالية والإدارية عبر سلسلة من الإجراءات الاقتصادية الضرورية كرفع الدعم عن المشتقات النفطية ومحاربة الفساد، وبين عدم الإضرار بمصالح قطاع واسع من المواطنين، الذين تطحنهم الظروف الاقتصادية مع تطبيق مطالب المؤسسات المالية.
وبدت المعارضة في هذه الأجواء كالطرف المغيب، مع أنه كان من الضروري إشراكها في المعادلة بهدف تهدئة الشارع الغاضب والبحث عن قواسم مشتركة تجمعها بالدولة، إذ إن المعارضة بدت ولأول مرة بعيدة عن قيادة الشارع، وفي اعتقاد الكثيرين فإن دخولها على خط المواجهة كانت ستجلب للبلاد المزيد من الخراب والدمار.
واكتفت أحزاب المعارضة، وكان أبرزها حزبا التجمع اليمني للإصلاح والحزب الإشتراكي اليمني بإصدار بيانات تندد بوسائل القمع التي اتخذتها قوات الأمن في مواجهة المتظاهرين، كما طالبت الحكومة بضرورة التراجع عن قراراتها لتجنب مزيد من العنف.
ويبدو أن موقف المعارضة هذا سيكون محل ترحيب من السلطة، على الرغم من إعلانها وقف الحوار مع حزب المؤتمر الشعبي، بخاصة وأن قيادات حزبية رفضت تأجيج الموقف تخوفاً من عواقب إنزلاق الأوضاع إلى ما هو أسوأ، ودخل خطباء المساجد على خط التهدئة، بعدما ساد خطاب مهدئ في كل خطب الجمعة، الأمر الذي هدأ الناس وجعلهم يوقفون اندفاعهم للمزيد من الإحتجاجات.
وبعد الأحداث الدامية التي يبدو أنها في طريقها إلى الزوال تبرز إلى السطح قضايا كثيرة بحاجة إلى البحث عن حلول لها، ولعل من أبرزها إزالة حالة الاحتقان التي تسود الساحة، بخاصة بين السلطة والمعارضة، والبحث الجدي عن برامج تساعد طبقة الفقراء ومنهم بدرجة رئيسة المزارعون على حل أزماتهم المعيشية التي تزيدها الإجراءات الأخيرة تفاقماً، بالإضافة إلى البحث بجدية عن وسائل لمكافحة ظاهرة الفساد التي تلتهم معظم أموال البلد، إذ بدون معالجة هذه القضايا لن يكون بمقدور السلطة الركون إلى حالة الهدوء التي سادت بعد الأحداث الأخيرة.
والأهم، وهو ما تطالب به شريحة واسعة من السياسيين هو البحث في مبادرة سياسية تعيد للمواطنين الثقة بنظامهم السياسي من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون من مهامها التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة في حالة نفذ الرئيس صالح وعده بعدم ترشيح نفسه لهذه الانتخابات، إذ إنه بدون الترتيب لهذه القضايا ستدخل البلاد في دوامة من المجهول لن يستطيع أحد مجابهتها لوحده.
الخليج / في غضون يومين فقط سقط أكثر من 39 قتيلاً و50 جريحاً في موجة من الاحتجاجات التي عمت معظم المحافظات اليمنية احتجاجاً على القرارات التي اتخذتها الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية بنسب تتراوح بين 100% و300%، وهي القرارات التي جاءت في وقت كانت فيه أسعار المواد الغذائية تتصاعد بشكل مخيف من دون أن تقدم الحكومة على إجراء رادع يعيد الأمور إلى نصابها قبل أن تبدأ بإعلان خطوتها الأخيرة.
وقد أصيب الجميع بالذهول للأضرار التي طالت كل شيء في البلاد، فالغضب الذي هيمن على رجل الشارع البسيط كان على غير المتوقع، ويبدو أن الحكومة لم تكن تتوقع انفجار الشارع بمثل هذه الحدة، الأمر الذي دفعها للجوء إلى الدبابات والآليات العسكرية الضخمة للجم العنف الذي كان بالإمكان في حالة تركه أن يحول كل شيء إلى أنقاض.
ما الذي حدث؟ ولماذا حدث ما حدث خلال اليومين الماضيين؟ وأزهقت فيه الأرواح وسالت فيه الدماء لتغطي شوارع العاصمة صنعاء وعدن والحديدة وعمران وتعز والضالع وذمار وصعدة؟ لماذا كل هذا العنف الذي سيطر على الشارع، ودمر كل شيء قابله في طريقه، سواء كان هذا الشيء يخص الدولة أو حتى المواطنين؟
إن ما حدث يمكن اعتباره ببساطة “ثورة جياع”، فالذين نزلوا إلى الشوارع كان غالبيتهم من العاطلين عن العمل، هم من جيل الثورة وجيل الوحدة، وكان هؤلاء يتوقعون أن تصبح حياتهم مع مرور السنوات أفضل من اليوم.
ولا شك أن هناك قوى ساعدت في خلق أجواء من التوتر والخراب في خطوة لتصفية حسابات قديمة بينها وبين الحكومة، لكن هذه القوى لم تكن بالتأكيد لها علاقة بالمعارضة التي اكتفت بإصدار البيانات المنددة بالأحداث وبالمطالبة للحكومة بالتراجع عن إجراءاتها وبالكف عن استخدام القوة لمنع الناس عن إبداء آرائهم في الإجراءات الحكومية الأخيرة.
وتبدو الحكومة في موقف صعب للغاية فهي واقعة بين كماشة الوفاء للمؤسسات الدولية التي تطالبها بضرورة تصحيح أوضاعها المالية والإدارية عبر سلسلة من الإجراءات الاقتصادية الضرورية كرفع الدعم عن المشتقات النفطية ومحاربة الفساد، وبين عدم الإضرار بمصالح قطاع واسع من المواطنين، الذين تطحنهم الظروف الاقتصادية مع تطبيق مطالب المؤسسات المالية.
وبدت المعارضة في هذه الأجواء كالطرف المغيب، مع أنه كان من الضروري إشراكها في المعادلة بهدف تهدئة الشارع الغاضب والبحث عن قواسم مشتركة تجمعها بالدولة، إذ إن المعارضة بدت ولأول مرة بعيدة عن قيادة الشارع، وفي اعتقاد الكثيرين فإن دخولها على خط المواجهة كانت ستجلب للبلاد المزيد من الخراب والدمار.
واكتفت أحزاب المعارضة، وكان أبرزها حزبا التجمع اليمني للإصلاح والحزب الإشتراكي اليمني بإصدار بيانات تندد بوسائل القمع التي اتخذتها قوات الأمن في مواجهة المتظاهرين، كما طالبت الحكومة بضرورة التراجع عن قراراتها لتجنب مزيد من العنف.
ويبدو أن موقف المعارضة هذا سيكون محل ترحيب من السلطة، على الرغم من إعلانها وقف الحوار مع حزب المؤتمر الشعبي، بخاصة وأن قيادات حزبية رفضت تأجيج الموقف تخوفاً من عواقب إنزلاق الأوضاع إلى ما هو أسوأ، ودخل خطباء المساجد على خط التهدئة، بعدما ساد خطاب مهدئ في كل خطب الجمعة، الأمر الذي هدأ الناس وجعلهم يوقفون اندفاعهم للمزيد من الإحتجاجات.
وبعد الأحداث الدامية التي يبدو أنها في طريقها إلى الزوال تبرز إلى السطح قضايا كثيرة بحاجة إلى البحث عن حلول لها، ولعل من أبرزها إزالة حالة الاحتقان التي تسود الساحة، بخاصة بين السلطة والمعارضة، والبحث الجدي عن برامج تساعد طبقة الفقراء ومنهم بدرجة رئيسة المزارعون على حل أزماتهم المعيشية التي تزيدها الإجراءات الأخيرة تفاقماً، بالإضافة إلى البحث بجدية عن وسائل لمكافحة ظاهرة الفساد التي تلتهم معظم أموال البلد، إذ بدون معالجة هذه القضايا لن يكون بمقدور السلطة الركون إلى حالة الهدوء التي سادت بعد الأحداث الأخيرة.
والأهم، وهو ما تطالب به شريحة واسعة من السياسيين هو البحث في مبادرة سياسية تعيد للمواطنين الثقة بنظامهم السياسي من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون من مهامها التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة في حالة نفذ الرئيس صالح وعده بعدم ترشيح نفسه لهذه الانتخابات، إذ إنه بدون الترتيب لهذه القضايا ستدخل البلاد في دوامة من المجهول لن يستطيع أحد مجابهتها لوحده.