تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحوار والنقد


ضاري
21-Jul-2005, 10:39 AM
منذ زمن بعيد وقضية الحوار قضية مسلّمة، بها يعرف الحق من المناور، أو بها يعرف الحق من الباطل، وبها يعرف كذلك أنماط الشخصيات، أو ما يسمى بعلم (BMIT).




وأهداف الحوار معروفة، وغاياته معلومة، ونتيجته كاشفة، وآثاره مؤثرة.



والله تعالى في كتابه الكريم حكى لنا الكثير من الحوارات القرآنية، كحوار موسى عليه السلام مع قومه في إرسال الله تعالى إليهم طالوت ملكاً، ومع ذلك لم يستجيبوا، وكأن الله تعالى يريد أن يبين لنا أن ثمة حوارات لا فائدة فيها ولا قيمة لها، فالمتحدث المحاور هو نبي الله موسى عليه السلام الذي كلمه ربه تعالى {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَىَ تكْلِيمًا } ، والذي أمر بإرسال طالوت ملكاً هو الله جل جلاله : { إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا}، ومع ذلك لم ينفع الحوار، وكأنه درس عملي لحوارات السلام في هذا الزمان!



وهناك حوارات قرآنية تهدف إلى أن النتائج فيها غير نافعة أصحابها بعد حدوث المشكلة، كحوار أهل النار {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ}.



وهناك حوارات أخرى كحوار لقمان الحكيم مع ابنه {وهو يعظه} أي يستمر في الوعظ والإرشاد. وحوار خولة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } ، وغير ذلك من الحوارات القرآنية.



والسنة النبوية تشهد كذلك بأثر الحوارات وأهدافها ونتائجها، ولا أدل على ذلك من حوار الخباب بن المنذر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسيرة إحدى الغزوات قائلاً له: "أهذا منزل أنزلكه الله أم هو المشورة والمكيدة والرأي؟! " .



وحواره عليه السلام في المجلس الاستشاري قبل موقعة أحد وموقعة الأحزاب .. وغير ذلك مما يشهده تاريخ السيرة النبوية.



وماذا في الحوار؟!



وكأي حوار مفتوح فإن وجهات النظر حوله تختلف، ولا مانع من ذلك في حدود الأدب، ومنهجية الحوار العلمي، ولكن ماذا بعد الحوار؟



إن الملاحظ لأوساط المجتمع الإسلامي اليوم يجد أن الحوار في كثير من أحيانه يبدو مبطناً ومغلفاً، وغير مستند على حجة أو برهان. وإليك صوراً عملية تثبت ما نقول:



تسمع عن متحاورين يناقشان قضية فقهية معاصرة "كشراء البيوت بالقروض الربوية في أوروبا، أو التأمين، أو.."، ويبدو أن كلاً من المتحاورين قد أتيا وهما يحملان فكرة راسخة ثابتة لا تقبل الحوار. فكل يرمي بالأدلة التي سمعها أو أسمعها له شيخه دونما تمحص، أو دعاء الله أن يظهر الحق على لسان الطرف الآخر، كما كان يصنع الشافعي!.



وأحياناً أخرى يسير مع الحوار خط النقد اللاذع بحجة معرفة أحد الطرفين للحق، وأن له أحقية نقد الطرف المخالف بكل جسارة وقوة!، والقضية ليست بقوة العضلات إنما هي بمنهجية الحوار والمنطق، وإظهار الحجة بالحسنى.



إن الملاحظ أن هناك غياباً واضحاً لمفهوم إبراز الدليل والحجة بالحسنى لإقناع الطرف الآخر، وهنا نتساءل عن كيفية حل مثل هذه القضية المهمة؟.



أسئلة للمتحاورين



أتمنى على الأفراد، ومسئولي المنتديات واللقاءات، توجيه هذه الأسئلة لأنفسهم، وأنا واحد منهم:



- هل نبدأ الحوار ونحن نتساءل هل هذا الحوار هو لله تعالى أم لغير ذلك؟



- هل هدفي من الحوار أن يظهر الحق، حتى ولو كنت مقتنعاً بفكرة بعكس رأي الآخر؟



- هل أتحدث عن المحاور بعد الحوار، وأصفه ببعض أمور النقد التي فيه؟



- هل تحسن فن الإنصات والاستماع الجيد لمحاورك، أم أنك تتأزم وتتألم لمجرد إبداء وجهات نظر أخرى؟



- ما هي نفسيتك بعد انتهاء الحوار؟



- هل تلتزم بأسلوب الحوار الهادئ المقنع؟ أم أن خيط النقد لابد أن تصحبه في نسيج حوارك؟



- هل يمكن أن تحاور من هو أقوى منك علماً - في نظرك- ؟



- هل أنت مجمّع للآراء، ناقل للأقوال، من الأستاذ الفلاني، والشيخ الفلاني في آراء العصر وقضايا الساعة؟ أم أنك ناقل وممحص ومحاور؟



- هل أنت مجرد مستمع ومقتنع في نفس الوقت. أم أنك لا تحكم ولا تبدي رأياً إلا بعد التثبت، ولو كان محدثك شيخاً؟



- هل تبتسم أثناء الحوار؟



- هل تقبل الحق ممن هو أصغر منك وأعلم؟



- هل تقدّر الطرف الآخر لو كان مربياً أو أستاذاً لك ولو خالفك الرأي؟



- هل تمثل أثناء الحوار دور الآخرين الذين تفاعلت مع قضاياهم أثناء اقتناعك بحجتهم، أم تدين الله بهذه الحجة التي وصلتك، وتحاول كذلك معرفة الحق لو كان على خلاف رأيك؟



هذه أسئلة تحتاج إلى أجوبة في زمن الحوار والنقد اليوم، ولست أدري كم يا ترى ستكون إجابات الدعاة بنعم؟!


الشيخ : علي العمري

برق الحيا
21-Jul-2005, 07:26 PM
بالفعل اخوي ضاري موضوع رائع ومهم

خاصة وان دين الإسلام دين معاملة والدين المعاملة

وفن الحوار والنقاش لايجيده سوى العقلاء من البشر

والواثقين من انفسهم وقدراتهم

اللهم أجعلنا من عبادك الصالحين

ضاري تقبل تحياتي

برق الحيا