المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قنبلة للبيع بـ 18ريـالاً


راع الاخبار
29-Jun-2005, 09:16 AM
جولة :طه طواشي-تصوير: سمير محمد

http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/2005/6/29/Media_236887.JPG



بعد مساومات واغراءات سوق حرض.. والبندقية الآلية التي ظلت تقاوم ثلاجة الايسكريم في المتجر الصغير.. ننتقل في هذه الحلقة الى سوق (عاهم) منطقة جبلية شاسعة وتبعد من منفذ الطوال الحدودي بنحو مائة وخمسين كيلومتراً تقريباً وتتبع ادارياً لمحافظة حجة اليمنية.
ودّعنا (حرض) صباحاً بعد تناول وجبة افطار ساخنة في احد المطاعم الشعبية, الساعة تشير الى السابعة والنصف.. وانطلقت بنا السيارة تقطع المسافات, وبعد سير لنحو 40 كيلو متراً في اتجاه حرض على الطريق الرابط مع الحديدة وصلنا مثلث (عاهم).
اتجهنا شرقاً في طريق ملتوٍ في اتجاه سوق (عاهم) الشهير, وفي الطريق كانت الافكار تدور.. والهواجس تملأ الجوانح, طلبت من زميلي المصور توخي الحذر والالتزام بالرزانة والبعد قدر الامكان عن العجلة والتهور فأي خطأ في سوق السلاح يعني القعقعة والموت.. اخفى زميلي كاميراته الشقية في علبة سجائر.. بينما تولت الباندا بقية المهمة في نجاح منقطع النظير.
بعد رحلة استمرت لنحو ربع ساعة توقفنا على الطريق بجوار بقالة صغيرة لنروي الظمأ بقليل من الماء.. وعلى طريق المحل يقف رجل في الاربعين من عمره يدل مظهره العام على (طيبة) مفرطة.. لاسيما انه لم يكن يحمل سلاحاً على كتفه مثلما يفعل كثيرون ممن في سنّه.
نزل زميلي المصور سمير لشراء قوارير المياه فتعمدت فتح حوار مع الرجل وسألته عن الطريق المؤدي الى سوق عاهم.. فاجاب ان المسافة لاتزيد عن نصف ساعة سيراً..
في رفقة مكرش
لم اشأ ان ارفض طلب الرجل الذي طلب ان نوصله الى ذات السوق.. ووجدتها سانحة ثمينة لفتح حوار معه عن السوق وثقافته طوال الرحلة.. وقد كان.
سألت مرافقنا في السيارة عن اسمه فقال ان اسمه (سالم مكرش).. فسأل هو بدوره عن مقصدنا من السوق فقلنا له: اننا نرغب في شراء بعض قطع السلاح لاننا في رحلة سياحية للفيافي والجبال ولابد من التسلح لمواجهة الخطر والاحتماء.
وجدت ملاحظتنا هوى عند سالم مكرش فقال صدقت.. السلاح يمنح صاحبه هيبة وخوفا ضد من يفكر في الاعتداء عليه.. سيفكر الف مرة قبل ان يندم على تصرفه.
نيران المناسبات السعيدة
وانت يا اخ سالم لماذا تقصد السوق.. هل ترغب في شراء سلاح.. يجيب مرافقنا في هدوء لا.. اقصد شراء مواد طعام لعائلتي اما السلاح فالحمدلله فهو موجود في المنزل ولا اخرج به الا في المناسبات السعيدة او في ايام التنقل ليلاً.
ادركت ان مرافقنا (مرجع ثري) لثقافة الاسلحة واستخداماتها فسألته عن سوق عاهم وتفاصيله.. فقال: السوق كبير وغني بانواع جيدة من الاسلحة المختلفة, ويأتي اليه المتسوقون من كل المناطق الجبلية والراغب في الشراء يجد في متناول يده اسلحة خفيفة ورشاشات وقنابل يدوية واصابع ديناميت ومسدسات وصواريخ بازوكا واسلحة بيضاء الى جانب السمن والارز والعسل الصافي والقات.
استفزاز سالم
حاولت استثارة صديقنا (سالم) وقلت له اخشى ان يرفض البائعون مبايعتي فقال:لا.. ما دام فلوسك في جيبك فان الكل سيتودّد لك وينال رضاك.. المهم ان تدفع.. ولما سألته عن الاجراءات التي يجب ان اقوم بها قبل شراء قطع الاسلحة.. شعر رفيقنا.. وكأننا نمزح.. وردد يقول: عن أي اجراءات تتحدث?
ادخل يدك في جيبك وادفع قيمة السلاح.. وتنتهي كل الاجراءات عند هذا الحد.. الباعة لايهتمون ولا يعبأون بهوية المشتري.. ولن يسألك احد الى اين انت ذاهب بسلاحك فخذ راحتك ياصديقي.. قالها سالم مكرش وضحك.
الامن مستتب
تحدث رفيق الرحلة عن الوضع الامني في السوق وقال ان الامن فيه مستتب.. ولكنه في غالب الاحوال يخضع لمزاجية البائعين والمشترين.. واذا وقعت مشكلة فان الاعيرة النارية وفوهات البنادق هي التي تتولى حسم المضاربة.. ويتذكر سالم حادثاً بدأ بخلاف بسيط بين بائع ومشتري سلاح على السعر وطريقة تجريب القطعة وتطور الخلاف الى ملاسنة ثم اشتباك واطلاق نار.. وصراع دموي انتهى بمقتل واصابة العشرات.
روائح البارود.. والمطاط
لاح سوق عاهم من بعيد.. وطلب مرافقنا الهبوط من السيارة لوصوله الى مقصده واشار بيده مودعاً..
اوقفنا السيارة على مدخل سوق السلاح وترجلنا بين البسطات والازقة الضيقة.. السوق يقع في وسط مجرى وادي عاهم وتحيط به الجبال من كل جانب, واغلب المحال عبارة عن بسطات من الخشب ومفارش بلاستيكية تحتلها الاسلحة بمختلف انواعها.. السور الواقي للسوق عبارة عن حائط من مطاط كفرات السيارات, ومثل اي سوق تدل عليه رائحته.. كانت روائح البارود تنبيء الجميع بأننا في سوق سلاح كبير.
الردع
الصخب والضجيج سمة بارزة فكل بائع يروج لبضاعته بحنجرة متقدة وعالية.. وكل مشتري سلاح لعشقه في سوق السلاح مذاهب.. بعضهم يبحث عن (سمن).. وآخرون عن عسل.. اما الغلبة الغالبة فتبحث عن اسلحة (الردع).
سلاح يسر عين الناظرين
اقتربت من احدهم وهو الاكثر صرامة مع الآخرين, كان الناس يلتفون حول بسطته.. ذاك يقلب البضاعة.. وهذا يتفحص جودة آلة القتل وفعاليتها.. وآخرون يساعدون البائع في مراقبة المتسوقين.. فلربما ينهض نشال من وسط الزحام ليسرق قنبلة يدوية.
كان الرجل الصارم مشغولاً بتنظيف قطعة سلاح حتى تصير اكثر لمعاناً تسر اعين الناظرين وامامه بسطة عليها كميات كبيرة من الاسلحة مغطاة بملاءة بيضاء تسير بنادق ورشاشات آلية وقنابل يدوية وطلقات.. حاولت مد يدي الى القنبلتين اليدويتين وشعرت بلسعة تسري في جسدي القيت بالتحية على الرجل.. وقلت له انني ارغب في شراء بندقية.
- امامك.. اختر منها ما يناسبك.
- بكم هذا الرشاش?
- 700 ريال سعودي (35 الف ريال يمني).
- هذا غالي.
- العكس.. رخيص لانه مستخدم.
- اقول غالي الثمن.
- لكنها صناعة روسية.
قنبلة بـ(18 ريالا)
- قل لي بكم القنبلة الواحدة?
- 2000 ريال (18 ريالا سعوديا).
جلست اقلب القنبلة في يدي بحذر وانا ارتعد خوفاً من ان تنفجر في أي لحظة.
- سعرها مرتفع?
- هذه القنبلة 500 شظية وليست 300.
- عندك مسدس قلم.
- لم يرد الرجل فانسحبنا الى موقع يلتف الناس فيه حول حوض ونيت به عشرات القطع.

المصدر
http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/2005/6/29/Art_237032.XML

أبو فيصل
29-Jun-2005, 10:49 AM
يعطيك العافية ياراع الأخبار

تحياتي

راع الاخبار
29-Jun-2005, 11:18 AM
تسلم اخوي فهد