تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مهلاً أيها الشباب


الهـ ابن ـيلا
16-May-2005, 12:14 PM
تزايدت أعداد الشباب الإسلامي ، وصاروا علامة بارزة في أكثر المجتمعات الإسلامية وكان أكثرهم- بحمد الله – نماذج مشرفة، حيث تصدروا العمل الإغاثي،وتفوقوا في المجال الدراسي،وتقدموا في ميدان الجهاد ،وظهروا في الإطار السياسي ، وتميزوا بالسمت الأخلاقي ، وأبدعوا في التحرك الدعوي.



وبحكم ما في الشباب من عاطفة موّارة ، وقوة كبرى،وطاقات شتى؛فإنهم دائماً في المقدمة إزاء مستجدات الأحداث ، تأييداً أو مواجهة ، كما أنهم أصحاب صناعة كثير من الأحداث من خلال جرأة المبادرة ، وقدرة الممارسة ، إلا أن هؤلاء الشباب وقد التزموا الإسلام عقيدة وسلوكاً يعايشون أوضاعاً شاذة ، ومواجهات حادة،ففي كثير من المجتمعات الإسلامية مخالفات شرعية ظاهرة ، كما أن في كثير من الحكومات الإسلامية انحرافات خطيرة ، إضافة إلى المواجهة السافرة من قبل أعداء الدين ، تلك المواجهة التي ظهرت بأبشع صورها من خلال الحرب الشعواء على المسلمين اقتصادياً وإعلامياً وسياسياً وعسكرياً.



فالشباب إذن يواجهون الغربة الإسلامية ، ويجابهون الحرب العدائية ، وذلك يثير فيهم الغيرة الإسلامية ، والحماسة الشبابية ، فتتحرك العواطف المتقدة ، والمشاعر الملتهبة لإنكار المنكرات ، وفضح المؤامرات ، وصد الهجمات في غضب عارم ، وعاطفة جياشة ، ويقدم بعض الشباب على تصرفات لا يتحقق جدواها ، ولا تحمد عقباها،ويفقد بعضهم السيطرة على عواطفه ، ويفقد بالتالي حسن التصرف وسداد الرأي وصواب القول ، وقد يسمع هؤلاء من يوصيهم بالصبر فتجيب عواطفهم : " لم يعد في قوس الصبر منزع "،وقد تذكر لهم الحكمة فيقرنها حماسهم بالجبن والخور ، وقد يشار إلى مراعاة المصالح والمفاسد فلا يفهمون من ذلك إلا أنه مداهنة وتميع ، وكلما عرض لهم شئ انجرف في تيار الحماسة المتدفق ،وأنا أعذر هؤلاء القلة من الشباب ؛ لأن ما يواجهونه من مخالفة الشرع ومحاربة الدين أمر عظيم يدفعهم لمثل هذه الممارسات التي تهون في مقابل ما يفعله غيرهم تجاههم ، ولكنني أقول لإخواني الشباب :



إن المنتظر منكم أكبر، والأمل فيكم أعظم ، والظن بكم أحسن،ولهذا أوجّه لكم هذه الكلمات أخاطبكم بها - دون غيركم - لتكتمل مسيرتكم الراشدة ، ولتسدوا الثغرات على المتصيدين للأخطاء بغرض التشهير ، والمتربصين بكم الدوائر بغرض القضاء والتدمير .



1-إن البلاء الواقع في الأمة والعداء المواجه لها لم يحدث في يوم أو يومين ، ولن يزول كذلك في يوم أو يومين..لن نستيقظ في الصباح وقد رفعت راية الجهاد،وصلحت أحوال البلاد والعباد ، ولن يتغير الواقع بحماس مندفع ولا نقد لاذع ، بل بعمل دائب متئد ، واجتهاد مستمر غير منقطع.



2-لا بد من ضبط العاطفة بالعقل،ولا يحسن العقل الضبط إلا بالشرع ، وقد أحسن ابن القيم حين قال: "إذا خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة له" .
3-التدرج سنة إلهية ، تظهر في كثير من الأمور ،أما الطفرات فهي أمور عارضة غالباً ما تفتقر إلى الأسباب المنطقية،ولا تنتهي إلى نتائج مرضية.



4-سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- مليئة بالعبر، وقد طاف بالكعبة وحولها الأصنام حتى إذا آن استكمال العمل حطمها مردداً :{وقل جاء الحق وزهق الباطل} وبين الفترتين صبر طويل ، وحكمة بالغة ، وجهاد دائم .



5-في التاريخ الإسلامي الطويل ، وفي تجارب الواقع المعاصر أدلة ظاهرة،وأحداث ناطقة تبين نتائج الاندفاع العاطفي،والحماس غير المنضبط ، والعمل الذي لا يعطي للزمن دوره ، ولا يحب المعطيات والعواقب ولا يخطط لنتائج،ولا يستعد لردود الأفعال .
ونحن جميعاً محكومون بشرع الله ، ودائرون معه ، وقد قال الله لرسوله:{واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً } وقال له : {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون}، ونحن كذلك بالرسول الكريم مقتدون وهو الذي قال للأشج: إن فيك خصلتين يحبها الله ورسوله الحلم والأناة وهو الذي علمكم أنه (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) وعلماؤنا قالوا : "يجب ترك إنكار المنكر إذا كان الإنكار يؤدي إلى وقوع منكر أكبر " .
لا أقول لكم:أطفئوا جذوة الحماسة بل وجهوها ، ولا أقول توقفوا عن العمل بل أتقنوه ، وفوتوا على الأعداء الفرصة من خلال البصيرة الراشدة والحكمة الواعية ، والعمل المتزن بعيداً عن ردود الأفعال، وسرعة الانفعال.

عبدالرحمن الهيلوم
21-Aug-2008, 07:30 AM
جزيت خير يالغالي