المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فريق عذيب والوردة! بقلم نجيب الزامل


ابو ضيف الله
17-Jun-2011, 08:28 PM
فريق عذيب والوردة!


نجيب الزامل
* أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 401.

***

* حافز الجمعة: لو تساءلت من أهم الذين مرّوا في حياتك؟ فستجد أن أهمهم من غيروا في حياتك!

***

* شرور بعض الحكام الطغاة مقيت ومقزز، يرتكبها إنسانٌ واحدٌ ضدّ ملايين. ولكن عندما تجمّع أكثر من عشرة آلاف سوري في تركيا، ورأى العالمُ كيف كان ينتحب الأطفالُ من الخوف وفقدان الأهل، وتوسل السيدات في مشهد أبكى كل قلب يشعر بذرة من الإنسانية، فهذه سابقةٌ تتحدى نوايا الشياطين مخلوقات الشر والنار. أن يهرب شعب من بلده نتيجة كوارث ومجاعات رأيناه واستوعبناه، أن يهرب الناس من عصابات وقبائل تتناحر بحربٍ أهليةٍ فهمناها وحاولنا رغم الألم أن نستوعبها، أمّا أن يهرب شعبٌ فزَعاً من حاكمه الذي واجبه الأول والأهم ومسوغ وجوده في السلطة وهو حمايتهم، وأن يهربوا من جيشهم النظامي لأنه يفتك بهم بفريق مشاةٍ كامل التسليح تزحف وراءه أرتالُ الدبابات.. فلا أظن التاريخ السياسي الملطخ بالدم عبر كل مشاهده سجل مثل هذا الروعَ وسقوط النفس البشرية المتحكمة في هوة العدمية الإنسانية.. هنيئاً للنظام السوري "المسيطر" وليس الحاكم بسابقته التاريخية العميقة السواد.

***

* لكم أود وأتمنى أن يكون العاملون في القطاع التطوعي متفائلين ومبادرين.. التذمرُ والشكوى ووضع المشاكل نصب الأعين إن كانت مقبولة مستساغة في أي مرفق من مرافق الحركة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إلا أنها ليست من طبيعة، إن لم تكن ضد طبيعة، العمل التطوعي وضد طبيعة المتطوعين. إن الذي يجعل المتطوع يقدم على عمله هو دافع التغيير، التغيير للأفضل. والتغيير آلية مهمتها تمهيد الصعاب لا تحديدها ثم تركيمها والشكوى فوقها. إن مهمة العامل الاجتماعي ليس أن يتابع الواقع، بل صنع واقعٍ جديدٍ يتبعه الواقعُ التنظيمي والرسمي، ولكن هناك من لا يستطيع التخلص من فكرة النظام أولا. ومن طبيعة العمل التطوعي ليس معونة الفقير كل مرة، وكل مرة يكون في حمأة فقره، فهذا نوع من الإذلال الخفي، والقبول بواقع غير مقبول، وخال من التغييرـ طبيعة العمل التطوعي مساعدة ذلك الفقير كي لا يبقى فقيرا.. إذن العنصر الثاني للعمل التطوعي هو رفع الفرد من حال إلى حال أرقى.. ليصعد كامل المجتمع. العمل التطوعيُ رافعة، وليس شيئاً ينتظر من يرفعه!

***

* في السبت القادم نصر للعمل التطوعي في كل العالم العربي، سيكتمل عقد أهم منظمة عربية برأيي وهي منظمة العمل العربي التطوعي، ومن طبيعة العمل التطوعي سهولة التوافق وطفو الهدف فوق سطح مزاج المصلحة، وإني من الذين يرون أن هذه المنظمة ستحقق توافقا وانسجاما وتبادلا وتعاونا عربيا أكثر من أي منظمة أخرى.. وقد يأتي يوم تُصْلِحُ الصنعةُ التطوعية ما أفسدته الصنعة السياسية. اكتمال العقد هو انضمام المملكة العربية السعودية كعضو في المنظمة.. ودليلُ قوة تأثير العمل التطوعي في المملكة- الذي يشكو كثير من الأحبة أن لا نظام له بعد- أن شخصية العمل العربي التطوعي لعام 2010، وأكبر شخصيتين داعمتين لهذا العام رشحتهم واختارتهم المنظمة كلهم سعوديون.. وقبل العضوية.

***

* تعاون مذهل لإنقاذ العالم بين دولة كبيرة وهي بريطانيا، وشخص محسن واحد هو بيل جيت، ووقع بروتوكول هذا التعاون في لندن بين رئيس الوزراء دافيد كميرون وبيل جيت لتشكيل قوة تعاونية مشتركة لتوفير ما يقارب الأربعة بلايين دولار أمريكي من أجل المساهمة في إنقاذ ربع مليار طفل في العالم لتحصينهم ضد الأمراض السارية التي تفتك بهم. وصرّح الموقعان بأنهما قطعا وعدا لأطفال العالم الذين يموتون من التهاب الرئة والإسهال الشديد بأن "يغيروا" هذا الواقع.. بل أن يمنعوا حصوله!

***

* كنت أجلس مع مجموعة رائعة وشابة من أعضاء فريق عذيب الذي هو لبنة من لبنات المسئولية الاجتماعية في شركة عذيب، وهم مجموعة مكرِّسة حبا لمجتمعها بشكل فائق، وكنتُ أحدثهم عن رفع كرامة من نقوم بخدمتهم بإدخال نوعية التغيير للأفضل ومد شعور السعادة بدواخل نفوسهم، وبرأسي قصة سأقولها لهم لولا أنهم ألهوني بديناميكيتهم الفائقة.. والقصة، أن الشاعر الوجودي الإنساني الألماني "ريلكه" كان برفقة صديقةٍ له يسير بجادةٍ بباريس، وكانت عجوز بالية تشحذ ويجود عليها الناس بالفرنكات، وهي صامتة ذاهلة لا تشكر ولا ترد. مر "ريلكه" الرقيق بجانبها، ولم يعطها شيئا، فتساءلت رفيقته عن جفائه ويباسة روحه. في الغد "ريلكه" وصديقته يسيران بذات الطريق ومعه وردة أكاسيا مشرقة، وصاحبته تظن أن الوردة لها، حتى فوجئت أن ريلكه لما وصل للسيدة العجوز ناولها بإيماءة السادة المهذبين الوردة وضمها على يدها.. ثم ذهبا. بعد لحظة تأتي العجوز مسرعة وتقبل على ريلكه وتقبل يده وتشكره، ثم غادرت في ذات اللحظة المكان. تساءلت الصديقة: أين ذهبت؟، ورد "ريلكه": "إلى بيتها، فقد اكتفت اليوم، هذا ما كانت تحتاجه، حبّاً يصل للقلب من القلب.. لا مدا من اليد لليد"، ولريلكه قصة أكثر رومانسية حدثت في مصر.. لن أحكيها اليوم!