الادهم ابن وايل النجدي
26-Sep-2010, 07:37 PM
يُعاني مجوسُ الفرس منذ ألفٍ وأربعمائة سنة من عُقدة نفسيّة مؤلمةٍ هي " المجدُ التليد " !
إذْ أنّ العالم القديم كان مقتَسماً بين دولتين عُظمييـن ، وقوتين قاهرتين ، هما : الروم والفرس !
الروم كانت ديانتهم هي النصرانيّة ( المُحرّفة ) وينبسط نفوذهم على جنوب المتوسط وبلاد الشام وتركيا ، فيما كانت عاصمتهم هي القسطنطينيّة ، ويُلقب حاكمهم - كما في لغتهم - بمُسمى " قيصر " !
هذه القوة الروميّة الحمراء في الغرب كانت تقابلها قوةٌ ناريّة صفراء في الشرق ، وهم : الفُرس !
دولةُ فارس كانت تدين لإلهٍ هو في الأصل عدوٌ لكل البشر ، وأعني بهذا الإله الفارسي : النار ! وقد كان مسمى هذه العبادة هو " المجوسيّة " .
أما عن نفوذها السياسي فإنه كان ينبسط على أراضي إيران ( اليوم ) ، والعراق ، وشرق الخليج ، وبعض غربه ، واليمن . وقد كانت عاصمة مملكتهم هي " المدائن " ، ومليكهم يُطلق عليه في لغتهم اسم " كسرى " !
علائقنا نحن العرب مع هذه الأمة الناريّة ( الفرس ) غير جيدة منذ الجاهلية وقبل الإسلام !
إذْ أنّ النفسيّة المجوسيّة ترى في نفسها أشرفَ الكائنات ، وأعرقَ الموجودات ؛ ولذا عَبدت – حسب تفكيرهم الهزيل – النار ؛ لأنها بزعمهم : أقوى الكائنات !
وبناءً على هذا التفكير السطحي ، والنفسيّة الاستعلائية فإنّ كسرى قد مات كمَداً وقهراً حين هزمَ العربُ جيشه في معركة " ذي قار " ! فتولى من بعده الكسروية ابنُه ( شيرويه) !
وعن هذه المعركة فقد قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال حين بلغه نصرُ العرب فيها على الفرس : " هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ، وبي نصروا " !
أمّا عن سبب هذه المعركة فهو مما يؤكد نظرية الاستعلاء الفارسي على العرب ... فعودوا للتاريخ فعنده السبب !
لم يكن حال هذه العلائق بين الفرس والعرب بأفضل حال مع العهد الجديد ( الإسلامي ) !
إذْ تنبئنا كُتب السيرة النبوية أن أسوأ وأوقح ردٍ أتى من ملوك الأرض على مكاتبات الرسول – عليه الصلاة والسلام – إليهم ودعايته لهم في دخول الإسلام إنّما هو قد جاء من قِبَل ملك الفرس ( كسرى ) !
فقد قام كسرى بتمزيق كتاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودعْسِه بقدميه ؛ وذاك حينما استمع لأول الخطاب يذكر اسم نبي الرحمة – صلى الله عليه وسلم – قبل اسمه ! فغضب حينها وقام من فوره بتمزيق الكتاب وقال : عبدٌ حقير من رعيتي يذكر اسمه قبل اسمي !!
ثم إنّه قد بالغ في الاستعلاء الفارسي ؛ فأمر عامله على اليمن ( باذان ) أن يبعث برجلين شديدين إلى المدينة ليحملا له " ابن عبدالمطلب " صلى الله عليه وسلم !
وفي المقابل فإن الرسول – عليه الصلاة والسلام – لم يدعُ على أحد من ملوك الأرض الذين قد راسلهم واختلفت أساليبهم في الرد عليه بين مُتلطفٍ ومتوقف إلا كسرى ؛ إذ قال لما بلغه ما فعل : " مزّق الله مُلكه " !!
ولما أن جاءه الرجلان الشديدان - كما أمر كسرى - أخبرهما الرسول بعد أن حبسهما عنده إلى الغد أن كسرى قد قتله ابنه !! فكان هذا الإخبار منه صلى الله عليه وسلم سبباً في إسلام ( باذان ) ومن معه من الفرس في اليمن !
قليلٌ بعد هذا مضى ومملكة الفُرس تُكتسح وتُستباح بأكملها في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – ويُبعثُ بكنوزها من " المدائن " إلى " المدينة " ؛ لتسقط دولةُ الألف عام في عقد زمان !
ولعل هذا يُفسر للجميع سبب هذا الحقد الأسود في قلوب الفُرس على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتولاه ؛ إذْ أنهم يرونه قد أسقطَ حضارتَهم ودمّر مملكتهم !
عُرف عن عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – عبقريته الفذة وإلهامه الشديد وفراسته العميقة ؛ ولذا قال عنه الرسول – عليه الصلاة والسلام – " .. ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن " رواه مسلم .
تجلىّ إلهام عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – في حياة الرسول – عليه الصلاة والسلام – عندما جاءت موافقاتُ الوحي لكثيرٍ من أقواله واقتراحاته !
وتجلّى أيضاً بعد وفاة الرسول – عليه الصلاة والسلام – في كثيرٍ من الأمور ، ومنها ما يختص بموضوعنا هذا ؛ وهو قوله عن فارس : " وددتُ لو أنّ بيننا وبين فارس جبلاً من نار لا يصلون إلينا ولا نصل إليهم " !!
بل ، ويتجلى حتى بعد موته ؛ إذْ أنّ قاتله كان فارسياً مجوسياً ... فأيّ رجلٍ كنتَ يا عُمر !!
بقيَ الفُرسُ بعد ذلك يستروحون ريحَ فارسٍ من أيّ مكانٍ هبّت ! ولذا فمن الطبيعي أن يكون الصحابي الجليل سيدنا سلمان ( الفارسي ) هو أحد الخمسة الذين لم يرتدوا عندهم من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - !
ومن المنطقي جداً أن تكون سلالة الأئمة ( الإثنا عشريّة ) منحدرةً من صُلب زين العابدين ( علي بن الحسين ) فقط ؛ إذْ أن جدّه لأمه – رضي الله عنه – هو كسرى ملكُ الفُرس !!
من يتتبع تاريخ الدولة الإسلامية سيلحظ أن كل شعوب الإسلام قد خرّجت لنا قادة حملوا بأمانة واقتدار لواء الإسلام ورايته ؛ فصرنا بهم نُفاخر الدنيا ، ونُباهِجُ الكون ، فنجد من هذا : طارق بن زياد ( البربري ) ، ونور الدين زنكي ( التركماني ) ، وصلاح الدين أيوب ( الكردي ) ، ومحمد الفاتح ( التركي ) !
في حين أنّا نجد العنصر الفارسي هو أقلّ شعوب الإسلام مظاهرةً له وحظاً معه ؛ بله أنّا نجدُ بأنّ أحطّ فترات الدولة الإسلاميّة قد كانت حينما يُشاركُ أو يُديرُ هؤلاء الفرس شؤونها أو بعض شؤونها !
وعموماً ، فقد عاود نجمُ " فارسٍ " في الإضاءة المخفيّة منذ سقوط دولة بني أمية وقيام مُلك بني العبّاس ؛ إذْ أنّ الفُرس كانوا أسرع شعوب الأرض إلى الشغب والمُشاركة فيه ، وكان رجالاتهم - وفي مقدمتهم أبي مسلم الخراساني - أشدّ الناس بأساً في إذابةِ الحكم الأموي وتغييبه مع رجالاته !
وغابت بغياب شمس بني أمية الأسماءُ العربية في الحُكم والأحداث ؛ لتُمطرنا بعد ذلك صُحف التاريخ بأسماء وأنسابٍ فارسية كان لها أدوار كبيرة وخطيرة في تحولات السياسة والاجتماع !
فمن آل برمك الغامضين ، إلى بني بويه الوزراء ، في سلسلة تتقطع حتى تصل إلى " ابن العلقمي " الذي قد صنعَ سقوط بغداد بكل اقتدارٍ منه ، واحتقارٍ منّا .
من طريف الأمر أن دولة بني العبّاس قد بدأت بفُرس وانتهت بفُرس ... فيا لله وتصاريف قَدَره !!
الدولةُ العثمانية بدورها لم تنجُ من المِخلب الفارسي ؛ إذ كان من أسباب توقف فتوحاتها الباهرة في أوربا غرباً هم الفرس شرقاً .
فقد كانت الدولة الصفوية في إيران تطعن ظهر الدولة العثمانية كلما اتجهت فتحاً إلى الغرب ، فما كان من السلطان " سليم الأول " إلاّ أن يوقف فتوحاته وفتوحات آبائه في أوربا ؛ ليتجه إلى تأديب الدولة الصفوية في العراق ، وقد كان النصر حليفه ومؤاخيه ؛ إذ هزَمَ جُندَ الفرس الصفوية في معركة جالديران ، وسبى فوق هذا زوجة ملكهم الحقود " الشاه إسماعيل الصفوي " !
هذا وقد كانت الدولة الصفوية أحد الأسباب الهامة في رغبة العثمانيين لضم البلاد العربية إلى حكمهم ؛ صيانةً للعرب في ذلك وحمايةً من أخطار المد الصفوي الرافضي !
واستمرت هذه العقدة النفسيّة من الريادة العربية والزعامة السنيّة على المشرق في قلوب أوغاد الفرس المجوس إلى عصرنا الحديث ؛ إذْ نجد شاه إيران ( الشاه محمد رضا بهلوي ) لا ينسى تاريخ أجداده الساسانيين ؛ فيأمر بالاستعداد لاحتفالات مرور ثلاث آلاف سنة على نشأة مملكة ساسان ! ثم يُعلن عن نفسه شرطياً للخليج ! فيما تبْقى آلةُ إعلامه تُصر على تسمية الخليج العربي باسم ( الخليج الفارسي ) ، بينما لا يزال المجتمع الفارسي إلى يومنا هذا يحتفل بأعياد الفُرس القديمة ؛ وفي مقدمتها عيد " النيروز " المجوسي !!
سقط كسرى الزمان ( الشاه رضا بهلوي ) على يد موبذان [ 1 ] الزمان ( الخميني ) ! ولم يجد " كسرى " عصرنا من دولة تتقبله غير مصر ؛ فضمه الساداتُ واحتضنَ أموالَه !!
مصر في العقيدة النمطية عند الفرس غير مُحبذة [ 2 ] ؛ إذْ أنّ بعض النصوص العقدية لدى هؤلاء المجوس تَسِمُ مِصراً بشر ؛ كما وأنّ ( مؤخراً ) استقبالها للشاه محمد رضا بهلوي قد زاد من تحسس الناريين من الكِنانيين !!
ولذا ، فإن مِخلَبَ الفرس في لبنان ( حسن نصر الله ) قد يصدقُ فيما وصف به الرئيس المصري ( حسني مبارك ) - مؤخراً بعد أحداث غزّة - إلاّ أنه كذوبٌ في نيته ومَراميه !
إنّ المُتابع للمغمغةِ غير الواضحة لتصريحات الفرس ومن تبعهم من " مناذرة " [ 3 ] العرب في لبنان من جهة ، وللتناقض الفاضح لما يجري على أرض أفعالهم من جهة أخرى ؛ ليتلمس أن القوم يريدون أن يقولوا شيئاً ولا يستطيعونه !
فالتصاريح والنداءات النارية من قِبَل هؤلاء المجوس تمضي على محورين :
الأول : إلى الحكومات العربية بوصفها متخاذلة – وهي كذلك فعلاً – ومتآمرة وغير جديرة بالقيادة ، ولا قديرة على الدفاع !
الآخر : إلى الشعوب ويسير على وجهتين :
أ ) سياسي : ويطالبها بلحنٍ خَفي أن تُسلِّم فارِساً قيادَها ؛ لأنّها الأقدر على حماية العرب من الروم !
ب ) ديني : ويدب دبيباً في المجتمع العربي ، وغرضه هو نشر المذهب الشيعي في المجتمع السني باستخدام العديد من الطرق المختلفة والمتنوعة !
إلاّ أنّ المواطن العربي البسيط - خاصةً بعد أحداث لبنان والعراق - لا يتسع معه إلا ترديد المثل الشعبي المصري : " أسمع قولك أُصدقك ، أرى فعلك أتعجب " !
فمثلاً حسن نصر الله ( رُستُم لبنان ) كان يقول عن أمريكا أنها الشيطان الأكبر والعدو الأول ، فيأتيه في الماضي القريب غير البعيد : التصديقُ والتصفيق !
إلاّ أنه ينكث بمن صفّقَ له وصدّق به ؛ ليقول عن المقاومة العراقية لأمريكا في أرض السواد أنها " صدّامية بعثية " !!
ثم يُنسى منه هذا ليفجأ منه ذاك ؛ إذْ أن " السيّد " قد رصّ الصفوف في الجنوب ؛ لكنّه يتجه بها إلى الشمال ( بيروت ) !!
ثم يُتناسى كل هذا منه ؛ لنراه ( اليوم ) يشتم مُحادّةَ جنوبِ إسرائيل ( مصر ) ولا يفعل شيئاً في شمالها ( هو نفسه ) !
ثم نعقد العزم على عدم سماعه ولا رؤيته ؛ لنذهب للقراءة والإطلاع على مذكرات شارون ؛ علّنا نجد من عدونا خبرَ " حليفنا " – فنفاجأ بأنه يمتدح الشيعة وأنه لم يرَ منهم خطراً يتهدد أمنَ إسرائيل أبدَ النهـر !!
بدوره يقول كسرى الجمهورية ( أحمدي نجادي ) أنه سيُحرق دولة إسرائيل بصواريخه ، في المقابل يُعلن سياسيو دولته بأنه لولا إيران وتسهيلات إيران لما احتلت أمريكا أفغانستان والعراق !
والخلاصة ؛ أنّ المجوس لا يقولون في إسرائيل إلاّ لنا !
بمعنى آخر : اجعلونا المتحدث الرسمي لكم بين الأمم يا عرب ، وأسلِمونا قيادَكم تُغلَبُ الرومُ أدنى أرضكم !
إلاّ أني أتمنى على السادة الفُرس بعد كل هذا أن يوفروا أموالهم ويُصَدِقوا نبيّهم ؛ إذْ أنهُ قال : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " !
آيدن .
· : ملاحظة : أنا أتهمُ مباركاً بتهمة نصر اللات فيه ، فأرجو عدم الخلط !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1 – الموبذان : هو رجل الدين المجوسي .
2 – سنورد – بمشيئة الله تعالى – نصوصاً رافضية يستبين من خلالها الحقد الفارسي على مصر .
3 – المناذرة : سلالة عربية حكمت العراق في الجاهلية ، وكان ولاؤهم للفرس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلنا في صلب المقالة ما يلي : " مصر في العقيدة النمطية عند الفرس غير مُحبذة [ 2 ] ؛ إذْ أن بعض النصوص العقدية لدى هؤلاء المجوس تسمُ مصراً بشر ؛ كما وأنّ ( مؤخراً ) استقبالها للشاه محمد رضا بهلوي قد زاد من تحسس الناريين من الكِنانيين " اهـ
وهذه التفاصيل أو بعضها :
(( أبناء مصر لعنوا على لسان داود عليه السّلام، فجعل الله منهم القردة والخنازير )) .
بحار الأنوار: 60/208
تفسير القمّي: ص596 ط: إيران
وقالوا : (( وما غضب الله على بني إسرائيل إلا أدخلهم مصر، ولا رضي عنهم إلا أخرجهم منها إلى غيرها )) .
بحار الأنوار: 60/ 208-209
قرب الإسناد: ص 220،
تفسير العياشي: 1/304
البرهان: 1/456
وقالوا : (( بئس البلاد مصر! أما إنها سجن من سخط الله عليه من بني إسرائيل )) .
تفسير العياشي: 1/305
بحار الأنوار:60/210
البرهان: 1/457
وقالوا : (( انتحوا مصر لا تطلبوا المكث فيها ( لأنه ) يورث الدياثة )) .
بحار الأنوار: 60/211
فليت شعري ؛ هل الدياثة إلاّ دين الرفض !!
ثم أما بعد ..
تذكرون الحوثيين ؟!
لماذا اختار " الفُرس " دولة اليمن دوناً عن غيرها ؛ لزرع هذا الجيب الفارسي / الرافضي ؟
إجابة هذا على نقاط متصلة ببعضها ؛ هي كما يلي :
أولاً : الحقيقة القديمة لجغرافية الإمبراطورية الفارسية قبل الإسلام ؛ والتي تقول بأنّ اليمن كان جزءاً تابعاً لدولة فارس اللعينة . وقد كان " باذان " هو آخر حكّام الفُرس على اليمن .
وعليه ؛ فكما أنّ لليهود حلم جغرافي ، يقول بأن حدود دولة إسرائيل تمتد من النيل إلى الفرات ؛ فإن شقيقتها السافلة ( دولة فارس ) ترى مثل هذا في أحقيتها الطبيعية والتاريخية ببعض دول الجوار كالبحرين والإمارات وأخيراً اليمن – والتي كانت في يوم من الأيام تحت حكم الفرس - .
ثانياً : الطبيعة الجغرافية الصعبة للبلاد اليمنية ؛ مما يُخول لحرب عصابات مشابهة لما قد فعلته مليشيات حزب الله في جنوب لبنان .
( تبدأ بزرع النواة ، وتنتهي بفرض الوجود ) !
ثالثاً : الانسجام العقدي الشيعي ، وأعني به تمذهب قطاع عريض في اليمن على المذهب الزيدي ، والذي هو من أقرب المذاهب إلى السنة ، إلاّ أنّ مسألة اختراقه عاطفياً مُمكنة لدولة الأحلام ( فارس ) من خلال استغلال فقر أولئك أو سذاجتهم أو خلط الأمور ببعضها .
رابعاً : الفرصة لا تمر على العمر إلاّ مرة واحدة ؛ وإيران منذ مئات السنين تحلم باسترداد " العراق " إلى حظيرتها ومملكتها , وقد تحقق هذا بشكل جزئي الآن ، واليوم باتت الفرصة سانحة أكثر من أي وقت مضى للانتقام من هؤلاء العرب الذين دمروا مملكة فارس – بزعمهم – من خلال تطويق جزيرة العرب من الشمال ( العراق ) ومن الجنوب ( اليمن ) ؛ وصولاً إلى عُقر دار العرب ( الديني واللوجستي ) !
ولكن ..
إذا هلك كسرى ؛ فلا كسرى بعده !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إضافة :
المتتبع للحركة الدينية الفارسية يجد أنّ ترمومتر القوة فيها يرتفع مؤشره تزامنياً مع ضعف أهل السنة !
وعلى سبيل المثال التأريخي ؛ فإنّ الضعف الصارخ الذي قد لحق بأهل السنة إبّان الحروب الصليبية قد صاحبه وتوزاى معه ارتفاع صوت الرافضة وقوة حضورهم ؛ إذْ قامت في عصرها ( الحروب الصليبية ) عدد من الدول الرافضية والباطنية وهي :
1 - العبيديون . 2 - البويهيون . 3 - القرامطة . 4 - بنو حمدان . 5 - الأسديون في الحلّة . 6 - الصليحيون في اليمن .
ولذا ؛ فإنّ شرارة الجهاد الزنكية في عهد نور الدين محمود قد ارتأت أن تبدأ أولاً بتطهير الجسد الداخلي من أورامه السرطانية ؛ فما كان منه حينها - أي نور الدين محمود - إلا أن أرسل صلاح الدين مع عمه شيركوه إلى مصر للقضاء على الدولة الفاطمية ، ومن ثم التفرغ بعدها للصليبيين .
إنه التاريخ ؛ يُعيد نفسه ، فهل نقرأ ونتعظ !
أتمنى ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإرث المعرفي والسلوكي يصعب التخلص منه نهائياً بعد نزول آخر جديد . وما لم تتشبع الجماعات البشرية بصورة صحيحة وتامة للآخر البديل الجديد ؛ فإنها – للأسف - تبقى معها بعض لوثات الماضي وتراكماته .
وبالمثال يتضح المقال :
قبل وصول الديانة المسيحية إلى أوربا فإنّ شعبها كان وثنياً للغاية ؛ وأشهر آلهته المختصة بالسماء والأرض والعالم السفلي هي " جوبيتير ونبتون وبلوتو " .
ما حصل أن أوربا استبدلت الشرك الثلاثي القديم بعد وصول المسيحية بآخر جديد هو " الآب والابن والروح القدس " .
الفُرس أشربت قلوبهم النارية والنازية ؛ ولذا فهم يستروحون ريح فارس ومجدها في أعماقهم ، وتسمع كذلك من ملاليهم ورجال دينهم الفخر بذلكم التاريخ الفاسد ، والإصرار أيضاً على بثه واستحضاره بين فينة وأخرى ، ولعلنا نذكر ونُدرج بعض المقاطع الصوتية لكبار علمائهم يُمجدون من خلالها التاريخ المُظلم لدولة فارس ، والذي بدوره كان بعيداً جداً عن أنوار السماء وبركات الوحي !
وكم هو عجيب بعد ذلك أنهم يدعون النسب النبوي ( العربي ) وبعده يُصرون على تسمية الخليج بيننا باسم الخليج الفارسي !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
إذْ أنّ العالم القديم كان مقتَسماً بين دولتين عُظمييـن ، وقوتين قاهرتين ، هما : الروم والفرس !
الروم كانت ديانتهم هي النصرانيّة ( المُحرّفة ) وينبسط نفوذهم على جنوب المتوسط وبلاد الشام وتركيا ، فيما كانت عاصمتهم هي القسطنطينيّة ، ويُلقب حاكمهم - كما في لغتهم - بمُسمى " قيصر " !
هذه القوة الروميّة الحمراء في الغرب كانت تقابلها قوةٌ ناريّة صفراء في الشرق ، وهم : الفُرس !
دولةُ فارس كانت تدين لإلهٍ هو في الأصل عدوٌ لكل البشر ، وأعني بهذا الإله الفارسي : النار ! وقد كان مسمى هذه العبادة هو " المجوسيّة " .
أما عن نفوذها السياسي فإنه كان ينبسط على أراضي إيران ( اليوم ) ، والعراق ، وشرق الخليج ، وبعض غربه ، واليمن . وقد كانت عاصمة مملكتهم هي " المدائن " ، ومليكهم يُطلق عليه في لغتهم اسم " كسرى " !
علائقنا نحن العرب مع هذه الأمة الناريّة ( الفرس ) غير جيدة منذ الجاهلية وقبل الإسلام !
إذْ أنّ النفسيّة المجوسيّة ترى في نفسها أشرفَ الكائنات ، وأعرقَ الموجودات ؛ ولذا عَبدت – حسب تفكيرهم الهزيل – النار ؛ لأنها بزعمهم : أقوى الكائنات !
وبناءً على هذا التفكير السطحي ، والنفسيّة الاستعلائية فإنّ كسرى قد مات كمَداً وقهراً حين هزمَ العربُ جيشه في معركة " ذي قار " ! فتولى من بعده الكسروية ابنُه ( شيرويه) !
وعن هذه المعركة فقد قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال حين بلغه نصرُ العرب فيها على الفرس : " هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ، وبي نصروا " !
أمّا عن سبب هذه المعركة فهو مما يؤكد نظرية الاستعلاء الفارسي على العرب ... فعودوا للتاريخ فعنده السبب !
لم يكن حال هذه العلائق بين الفرس والعرب بأفضل حال مع العهد الجديد ( الإسلامي ) !
إذْ تنبئنا كُتب السيرة النبوية أن أسوأ وأوقح ردٍ أتى من ملوك الأرض على مكاتبات الرسول – عليه الصلاة والسلام – إليهم ودعايته لهم في دخول الإسلام إنّما هو قد جاء من قِبَل ملك الفرس ( كسرى ) !
فقد قام كسرى بتمزيق كتاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودعْسِه بقدميه ؛ وذاك حينما استمع لأول الخطاب يذكر اسم نبي الرحمة – صلى الله عليه وسلم – قبل اسمه ! فغضب حينها وقام من فوره بتمزيق الكتاب وقال : عبدٌ حقير من رعيتي يذكر اسمه قبل اسمي !!
ثم إنّه قد بالغ في الاستعلاء الفارسي ؛ فأمر عامله على اليمن ( باذان ) أن يبعث برجلين شديدين إلى المدينة ليحملا له " ابن عبدالمطلب " صلى الله عليه وسلم !
وفي المقابل فإن الرسول – عليه الصلاة والسلام – لم يدعُ على أحد من ملوك الأرض الذين قد راسلهم واختلفت أساليبهم في الرد عليه بين مُتلطفٍ ومتوقف إلا كسرى ؛ إذ قال لما بلغه ما فعل : " مزّق الله مُلكه " !!
ولما أن جاءه الرجلان الشديدان - كما أمر كسرى - أخبرهما الرسول بعد أن حبسهما عنده إلى الغد أن كسرى قد قتله ابنه !! فكان هذا الإخبار منه صلى الله عليه وسلم سبباً في إسلام ( باذان ) ومن معه من الفرس في اليمن !
قليلٌ بعد هذا مضى ومملكة الفُرس تُكتسح وتُستباح بأكملها في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – ويُبعثُ بكنوزها من " المدائن " إلى " المدينة " ؛ لتسقط دولةُ الألف عام في عقد زمان !
ولعل هذا يُفسر للجميع سبب هذا الحقد الأسود في قلوب الفُرس على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتولاه ؛ إذْ أنهم يرونه قد أسقطَ حضارتَهم ودمّر مملكتهم !
عُرف عن عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – عبقريته الفذة وإلهامه الشديد وفراسته العميقة ؛ ولذا قال عنه الرسول – عليه الصلاة والسلام – " .. ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن " رواه مسلم .
تجلىّ إلهام عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – في حياة الرسول – عليه الصلاة والسلام – عندما جاءت موافقاتُ الوحي لكثيرٍ من أقواله واقتراحاته !
وتجلّى أيضاً بعد وفاة الرسول – عليه الصلاة والسلام – في كثيرٍ من الأمور ، ومنها ما يختص بموضوعنا هذا ؛ وهو قوله عن فارس : " وددتُ لو أنّ بيننا وبين فارس جبلاً من نار لا يصلون إلينا ولا نصل إليهم " !!
بل ، ويتجلى حتى بعد موته ؛ إذْ أنّ قاتله كان فارسياً مجوسياً ... فأيّ رجلٍ كنتَ يا عُمر !!
بقيَ الفُرسُ بعد ذلك يستروحون ريحَ فارسٍ من أيّ مكانٍ هبّت ! ولذا فمن الطبيعي أن يكون الصحابي الجليل سيدنا سلمان ( الفارسي ) هو أحد الخمسة الذين لم يرتدوا عندهم من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - !
ومن المنطقي جداً أن تكون سلالة الأئمة ( الإثنا عشريّة ) منحدرةً من صُلب زين العابدين ( علي بن الحسين ) فقط ؛ إذْ أن جدّه لأمه – رضي الله عنه – هو كسرى ملكُ الفُرس !!
من يتتبع تاريخ الدولة الإسلامية سيلحظ أن كل شعوب الإسلام قد خرّجت لنا قادة حملوا بأمانة واقتدار لواء الإسلام ورايته ؛ فصرنا بهم نُفاخر الدنيا ، ونُباهِجُ الكون ، فنجد من هذا : طارق بن زياد ( البربري ) ، ونور الدين زنكي ( التركماني ) ، وصلاح الدين أيوب ( الكردي ) ، ومحمد الفاتح ( التركي ) !
في حين أنّا نجد العنصر الفارسي هو أقلّ شعوب الإسلام مظاهرةً له وحظاً معه ؛ بله أنّا نجدُ بأنّ أحطّ فترات الدولة الإسلاميّة قد كانت حينما يُشاركُ أو يُديرُ هؤلاء الفرس شؤونها أو بعض شؤونها !
وعموماً ، فقد عاود نجمُ " فارسٍ " في الإضاءة المخفيّة منذ سقوط دولة بني أمية وقيام مُلك بني العبّاس ؛ إذْ أنّ الفُرس كانوا أسرع شعوب الأرض إلى الشغب والمُشاركة فيه ، وكان رجالاتهم - وفي مقدمتهم أبي مسلم الخراساني - أشدّ الناس بأساً في إذابةِ الحكم الأموي وتغييبه مع رجالاته !
وغابت بغياب شمس بني أمية الأسماءُ العربية في الحُكم والأحداث ؛ لتُمطرنا بعد ذلك صُحف التاريخ بأسماء وأنسابٍ فارسية كان لها أدوار كبيرة وخطيرة في تحولات السياسة والاجتماع !
فمن آل برمك الغامضين ، إلى بني بويه الوزراء ، في سلسلة تتقطع حتى تصل إلى " ابن العلقمي " الذي قد صنعَ سقوط بغداد بكل اقتدارٍ منه ، واحتقارٍ منّا .
من طريف الأمر أن دولة بني العبّاس قد بدأت بفُرس وانتهت بفُرس ... فيا لله وتصاريف قَدَره !!
الدولةُ العثمانية بدورها لم تنجُ من المِخلب الفارسي ؛ إذ كان من أسباب توقف فتوحاتها الباهرة في أوربا غرباً هم الفرس شرقاً .
فقد كانت الدولة الصفوية في إيران تطعن ظهر الدولة العثمانية كلما اتجهت فتحاً إلى الغرب ، فما كان من السلطان " سليم الأول " إلاّ أن يوقف فتوحاته وفتوحات آبائه في أوربا ؛ ليتجه إلى تأديب الدولة الصفوية في العراق ، وقد كان النصر حليفه ومؤاخيه ؛ إذ هزَمَ جُندَ الفرس الصفوية في معركة جالديران ، وسبى فوق هذا زوجة ملكهم الحقود " الشاه إسماعيل الصفوي " !
هذا وقد كانت الدولة الصفوية أحد الأسباب الهامة في رغبة العثمانيين لضم البلاد العربية إلى حكمهم ؛ صيانةً للعرب في ذلك وحمايةً من أخطار المد الصفوي الرافضي !
واستمرت هذه العقدة النفسيّة من الريادة العربية والزعامة السنيّة على المشرق في قلوب أوغاد الفرس المجوس إلى عصرنا الحديث ؛ إذْ نجد شاه إيران ( الشاه محمد رضا بهلوي ) لا ينسى تاريخ أجداده الساسانيين ؛ فيأمر بالاستعداد لاحتفالات مرور ثلاث آلاف سنة على نشأة مملكة ساسان ! ثم يُعلن عن نفسه شرطياً للخليج ! فيما تبْقى آلةُ إعلامه تُصر على تسمية الخليج العربي باسم ( الخليج الفارسي ) ، بينما لا يزال المجتمع الفارسي إلى يومنا هذا يحتفل بأعياد الفُرس القديمة ؛ وفي مقدمتها عيد " النيروز " المجوسي !!
سقط كسرى الزمان ( الشاه رضا بهلوي ) على يد موبذان [ 1 ] الزمان ( الخميني ) ! ولم يجد " كسرى " عصرنا من دولة تتقبله غير مصر ؛ فضمه الساداتُ واحتضنَ أموالَه !!
مصر في العقيدة النمطية عند الفرس غير مُحبذة [ 2 ] ؛ إذْ أنّ بعض النصوص العقدية لدى هؤلاء المجوس تَسِمُ مِصراً بشر ؛ كما وأنّ ( مؤخراً ) استقبالها للشاه محمد رضا بهلوي قد زاد من تحسس الناريين من الكِنانيين !!
ولذا ، فإن مِخلَبَ الفرس في لبنان ( حسن نصر الله ) قد يصدقُ فيما وصف به الرئيس المصري ( حسني مبارك ) - مؤخراً بعد أحداث غزّة - إلاّ أنه كذوبٌ في نيته ومَراميه !
إنّ المُتابع للمغمغةِ غير الواضحة لتصريحات الفرس ومن تبعهم من " مناذرة " [ 3 ] العرب في لبنان من جهة ، وللتناقض الفاضح لما يجري على أرض أفعالهم من جهة أخرى ؛ ليتلمس أن القوم يريدون أن يقولوا شيئاً ولا يستطيعونه !
فالتصاريح والنداءات النارية من قِبَل هؤلاء المجوس تمضي على محورين :
الأول : إلى الحكومات العربية بوصفها متخاذلة – وهي كذلك فعلاً – ومتآمرة وغير جديرة بالقيادة ، ولا قديرة على الدفاع !
الآخر : إلى الشعوب ويسير على وجهتين :
أ ) سياسي : ويطالبها بلحنٍ خَفي أن تُسلِّم فارِساً قيادَها ؛ لأنّها الأقدر على حماية العرب من الروم !
ب ) ديني : ويدب دبيباً في المجتمع العربي ، وغرضه هو نشر المذهب الشيعي في المجتمع السني باستخدام العديد من الطرق المختلفة والمتنوعة !
إلاّ أنّ المواطن العربي البسيط - خاصةً بعد أحداث لبنان والعراق - لا يتسع معه إلا ترديد المثل الشعبي المصري : " أسمع قولك أُصدقك ، أرى فعلك أتعجب " !
فمثلاً حسن نصر الله ( رُستُم لبنان ) كان يقول عن أمريكا أنها الشيطان الأكبر والعدو الأول ، فيأتيه في الماضي القريب غير البعيد : التصديقُ والتصفيق !
إلاّ أنه ينكث بمن صفّقَ له وصدّق به ؛ ليقول عن المقاومة العراقية لأمريكا في أرض السواد أنها " صدّامية بعثية " !!
ثم يُنسى منه هذا ليفجأ منه ذاك ؛ إذْ أن " السيّد " قد رصّ الصفوف في الجنوب ؛ لكنّه يتجه بها إلى الشمال ( بيروت ) !!
ثم يُتناسى كل هذا منه ؛ لنراه ( اليوم ) يشتم مُحادّةَ جنوبِ إسرائيل ( مصر ) ولا يفعل شيئاً في شمالها ( هو نفسه ) !
ثم نعقد العزم على عدم سماعه ولا رؤيته ؛ لنذهب للقراءة والإطلاع على مذكرات شارون ؛ علّنا نجد من عدونا خبرَ " حليفنا " – فنفاجأ بأنه يمتدح الشيعة وأنه لم يرَ منهم خطراً يتهدد أمنَ إسرائيل أبدَ النهـر !!
بدوره يقول كسرى الجمهورية ( أحمدي نجادي ) أنه سيُحرق دولة إسرائيل بصواريخه ، في المقابل يُعلن سياسيو دولته بأنه لولا إيران وتسهيلات إيران لما احتلت أمريكا أفغانستان والعراق !
والخلاصة ؛ أنّ المجوس لا يقولون في إسرائيل إلاّ لنا !
بمعنى آخر : اجعلونا المتحدث الرسمي لكم بين الأمم يا عرب ، وأسلِمونا قيادَكم تُغلَبُ الرومُ أدنى أرضكم !
إلاّ أني أتمنى على السادة الفُرس بعد كل هذا أن يوفروا أموالهم ويُصَدِقوا نبيّهم ؛ إذْ أنهُ قال : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " !
آيدن .
· : ملاحظة : أنا أتهمُ مباركاً بتهمة نصر اللات فيه ، فأرجو عدم الخلط !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1 – الموبذان : هو رجل الدين المجوسي .
2 – سنورد – بمشيئة الله تعالى – نصوصاً رافضية يستبين من خلالها الحقد الفارسي على مصر .
3 – المناذرة : سلالة عربية حكمت العراق في الجاهلية ، وكان ولاؤهم للفرس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلنا في صلب المقالة ما يلي : " مصر في العقيدة النمطية عند الفرس غير مُحبذة [ 2 ] ؛ إذْ أن بعض النصوص العقدية لدى هؤلاء المجوس تسمُ مصراً بشر ؛ كما وأنّ ( مؤخراً ) استقبالها للشاه محمد رضا بهلوي قد زاد من تحسس الناريين من الكِنانيين " اهـ
وهذه التفاصيل أو بعضها :
(( أبناء مصر لعنوا على لسان داود عليه السّلام، فجعل الله منهم القردة والخنازير )) .
بحار الأنوار: 60/208
تفسير القمّي: ص596 ط: إيران
وقالوا : (( وما غضب الله على بني إسرائيل إلا أدخلهم مصر، ولا رضي عنهم إلا أخرجهم منها إلى غيرها )) .
بحار الأنوار: 60/ 208-209
قرب الإسناد: ص 220،
تفسير العياشي: 1/304
البرهان: 1/456
وقالوا : (( بئس البلاد مصر! أما إنها سجن من سخط الله عليه من بني إسرائيل )) .
تفسير العياشي: 1/305
بحار الأنوار:60/210
البرهان: 1/457
وقالوا : (( انتحوا مصر لا تطلبوا المكث فيها ( لأنه ) يورث الدياثة )) .
بحار الأنوار: 60/211
فليت شعري ؛ هل الدياثة إلاّ دين الرفض !!
ثم أما بعد ..
تذكرون الحوثيين ؟!
لماذا اختار " الفُرس " دولة اليمن دوناً عن غيرها ؛ لزرع هذا الجيب الفارسي / الرافضي ؟
إجابة هذا على نقاط متصلة ببعضها ؛ هي كما يلي :
أولاً : الحقيقة القديمة لجغرافية الإمبراطورية الفارسية قبل الإسلام ؛ والتي تقول بأنّ اليمن كان جزءاً تابعاً لدولة فارس اللعينة . وقد كان " باذان " هو آخر حكّام الفُرس على اليمن .
وعليه ؛ فكما أنّ لليهود حلم جغرافي ، يقول بأن حدود دولة إسرائيل تمتد من النيل إلى الفرات ؛ فإن شقيقتها السافلة ( دولة فارس ) ترى مثل هذا في أحقيتها الطبيعية والتاريخية ببعض دول الجوار كالبحرين والإمارات وأخيراً اليمن – والتي كانت في يوم من الأيام تحت حكم الفرس - .
ثانياً : الطبيعة الجغرافية الصعبة للبلاد اليمنية ؛ مما يُخول لحرب عصابات مشابهة لما قد فعلته مليشيات حزب الله في جنوب لبنان .
( تبدأ بزرع النواة ، وتنتهي بفرض الوجود ) !
ثالثاً : الانسجام العقدي الشيعي ، وأعني به تمذهب قطاع عريض في اليمن على المذهب الزيدي ، والذي هو من أقرب المذاهب إلى السنة ، إلاّ أنّ مسألة اختراقه عاطفياً مُمكنة لدولة الأحلام ( فارس ) من خلال استغلال فقر أولئك أو سذاجتهم أو خلط الأمور ببعضها .
رابعاً : الفرصة لا تمر على العمر إلاّ مرة واحدة ؛ وإيران منذ مئات السنين تحلم باسترداد " العراق " إلى حظيرتها ومملكتها , وقد تحقق هذا بشكل جزئي الآن ، واليوم باتت الفرصة سانحة أكثر من أي وقت مضى للانتقام من هؤلاء العرب الذين دمروا مملكة فارس – بزعمهم – من خلال تطويق جزيرة العرب من الشمال ( العراق ) ومن الجنوب ( اليمن ) ؛ وصولاً إلى عُقر دار العرب ( الديني واللوجستي ) !
ولكن ..
إذا هلك كسرى ؛ فلا كسرى بعده !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إضافة :
المتتبع للحركة الدينية الفارسية يجد أنّ ترمومتر القوة فيها يرتفع مؤشره تزامنياً مع ضعف أهل السنة !
وعلى سبيل المثال التأريخي ؛ فإنّ الضعف الصارخ الذي قد لحق بأهل السنة إبّان الحروب الصليبية قد صاحبه وتوزاى معه ارتفاع صوت الرافضة وقوة حضورهم ؛ إذْ قامت في عصرها ( الحروب الصليبية ) عدد من الدول الرافضية والباطنية وهي :
1 - العبيديون . 2 - البويهيون . 3 - القرامطة . 4 - بنو حمدان . 5 - الأسديون في الحلّة . 6 - الصليحيون في اليمن .
ولذا ؛ فإنّ شرارة الجهاد الزنكية في عهد نور الدين محمود قد ارتأت أن تبدأ أولاً بتطهير الجسد الداخلي من أورامه السرطانية ؛ فما كان منه حينها - أي نور الدين محمود - إلا أن أرسل صلاح الدين مع عمه شيركوه إلى مصر للقضاء على الدولة الفاطمية ، ومن ثم التفرغ بعدها للصليبيين .
إنه التاريخ ؛ يُعيد نفسه ، فهل نقرأ ونتعظ !
أتمنى ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإرث المعرفي والسلوكي يصعب التخلص منه نهائياً بعد نزول آخر جديد . وما لم تتشبع الجماعات البشرية بصورة صحيحة وتامة للآخر البديل الجديد ؛ فإنها – للأسف - تبقى معها بعض لوثات الماضي وتراكماته .
وبالمثال يتضح المقال :
قبل وصول الديانة المسيحية إلى أوربا فإنّ شعبها كان وثنياً للغاية ؛ وأشهر آلهته المختصة بالسماء والأرض والعالم السفلي هي " جوبيتير ونبتون وبلوتو " .
ما حصل أن أوربا استبدلت الشرك الثلاثي القديم بعد وصول المسيحية بآخر جديد هو " الآب والابن والروح القدس " .
الفُرس أشربت قلوبهم النارية والنازية ؛ ولذا فهم يستروحون ريح فارس ومجدها في أعماقهم ، وتسمع كذلك من ملاليهم ورجال دينهم الفخر بذلكم التاريخ الفاسد ، والإصرار أيضاً على بثه واستحضاره بين فينة وأخرى ، ولعلنا نذكر ونُدرج بعض المقاطع الصوتية لكبار علمائهم يُمجدون من خلالها التاريخ المُظلم لدولة فارس ، والذي بدوره كان بعيداً جداً عن أنوار السماء وبركات الوحي !
وكم هو عجيب بعد ذلك أنهم يدعون النسب النبوي ( العربي ) وبعده يُصرون على تسمية الخليج بيننا باسم الخليج الفارسي !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ