أخو جوزا
26-Aug-2010, 09:55 PM
سلّوا قلبي
سلُوا قلبـي غـداةَ سـلا وثابـا=لعلَّ علـى الجمـالِ لـه عِتابـا
ويُسْأَلُ فِي الحـوادثِ ذو صـوابٍ=فَهَلْ تَرَكَ الْجمالُ لـه صوابـا ؟
وكنتُ إذا سأَلـتُ القلـبَ يومـاً=تولَّى الدمعُ عن قلبـي الجوابـا
ولي بيـن الضلـوع دمٌ ولحـمٌ=هما الواهي الذي ثكِـلَ الشبابـا
تَسَرَّبَ فِي الدموعِ ، فقلتُ : ولَّى=وصَفَّقَ فِي الضلوعِ ، فقلتُ : ثابا
ولوْ خُلِقَـتْ قلـوبٌ مِـنْ حديـد=لما حَمَلَتْ كمـا حَمـل العذابـا
وأَحْبـابٍ سُقيـتُ بِهِـمْ سُلافـاً=وكان الوصْلُ مِنْ قِصَـرٍ حَبابـا
ونادَمْنا الشبـابَ علـى بِسـاطٍ=مـن اللـذاتِ مُخْتلـفٍ شرابـا
وكُلُّ بساطِ عَيْشٍ سَـوْف يُطـوى=وإن طـال الزمـانُ بِـهِ وطابـا
كـأَنَّ الْقَلْـبَ بَعْدهُـمُ غـريـبٌ=إذا عادَتْـه ذِكْـرى الأهـلِ ذابـا
ولا يُنْبِيكَ عـن خُلُـقِ الليالـي=كمـن فَقَـد الأَحِبَّـةَ والصِّحابـا
أَخا الدنيـا ، أرى دنيـاك أَفعـى=تُبـدِّل كــلَّ آونــةٍ إهـابـا
وأَنَّ الرُّقْـطَ أَيْـقَـظُ هاجـعـاتٍ=وأتْرَعُ فِـي ظـلالِ السلـم نابـا
ومِنْ عَجَـبٍ تُشيِّـبُ عاشِقيهـا=وتُفْنِيهمْ ، ومـا بَرِحَـتْ كَعَابـا
فَمَـنْ يغْتَـرُّ بالدنـيـا فـإِنِّـي=لبسـتُ بهـا فأَبليـتُ الثيـابـا
لها ضَحِـكُ القِيـانِ إلـى غَبـيٍّ=ولِي ضحـكُ اللبيـبِ إذا تغابـى
جنيتُ برَوْضِهـا ورداً ، وشوكـاً=وذقتُ بكأْسِهـا شُهْـداً، وصابـا
فلـمْ أر غيـرَ حُكْـمِ الله حُكْمـاً=ولـم أَر دون بــابِ الله بـابـا
ولا عظَّمْـتُ فِـي الأَشـيـاءِ إلاّ=صحيـحَ الْعِلْـم ، والأَدبَ اللُّبابـا
ولا كَرّمْـتُ إلاّ وجْــهَ حُــرٍّ=يُقلِّـد قَوْمَـه الْمِنـنَ الرَّغـابـا
ولم أَر مثـلَ جمـعِ المـالِ داءً=ولا مِثْـلَ البخيـلِ بـه مُصابـا
فـلا تَقْتُلْـك شهوتُـه ، وزِنْهـا=كما تَـزِنُ الطعـامَ أو الشرابـا
وخُـذْ لبنيـكَ والأيـامِ ذُخــراً=وأَعْـطِ الله حِصَّتَـه احتسـابـا
فلـوْ طالعْـتَ أَحْـداثَ الليالـي=وجـدْتَ الْفَقْـرَ أَقرَبَهـا انتِيابـا
وأَن البِـرَّ خيـرٌ فِــي حـيـاةٍ=وأَبقـى بَعْـدَ صاحبِـه ثـوابـا
وأَن الشـرَّ يـصـدعُ فاعِلـيـه=ولـم أَرَ خيِّـراً بالـشَّـرِّ آبــا
فَرِفقـاً بالبنـيـن إذا الليـالـي=على الأَعقـابِ أوْقَعَـتِ العِقابـا
ولـمْ يَتَقَلَّـدوا شُكْـرَ اليتامـى=ولا ادَّرعوا الدعـاءَ المستجابـا
عَجِبْتُ لِمَعْشَرٍ صلُّـوا وصامـوا=عواهـرَ، خشْيـةً وتُقَـى كِذابـا
وتُلْفيهـمْ حِيـالَ المـالِ صُمًّـا=إذا داعـي الزكـاةِ بِهـمْ أَهابـا
لَقَـدْ كَتَمُـوا نصيـبَ الله منْـهُ=كـأَنَّ الله لَـمْ يُحْـصِ النِّصابـا
ومَـنْ يَعْـدِلْ بحُـبِّ الله شيئـاً=كحبِّ المالِ ، ضَلَّ هـوىً وخابـا
أَراد الله بالـفـقـراءِ بِــــرّاً=وبالأَيِـتـام حُـبًّـا وارْتبـابـا
فـرُبَّ صغيـرِ قَـوْمٍ علَّـمـوه=سَمَا وحَمى المُسَوَّمَـةَ العِرابـا
وكـانَ لِقَوْمِـهِ نَفْعـاً وفَـخْـراً=وَلَوْ تركـوه كـان أذىً وعابـا
فعلِّمْ ما اسَتَطعْـت، لَعَـلَّ جيـلاً=سَيَأْتي يُحْـدِثُ العَجَـبَ العُجابـا
ولا تُرْهِقْ شبـابَ الحـيِّ يأْسـاً=فَـإِنَّ اليـأْسَ يخْتَـرِمُ الشَّبابـا
يريد الخالـقُ الـرزقَ اشتراكـاً=وإن يكُ خـصَّ أَقوامـاً وحابـى
فما حَـرَمَ الْمُجِـدَّ جَنَـى يديـه=ولا نَسِيَ الشقيَّ ، ولا المُصابـا
ولولا الْبُخْلُ لـم يَهْلِـكْ فريـقٌ=على الأقـدارِ تلْقاهُـمْ غِضابـا
تَعِبْـتُ بأَهْلِـه لَوْمـاً ، وقبلـي=دُعاةُ البِرِّ قـد سئمـوا الخطابـا
ولوْ أَنـي خطبْـتُ علـى جَمَـادٍ=فَجَـرْتُ بـه الينابيـعَ العِـذابـا
أَلمْ تَـرَ للهواءِ جـرى فأَفْضـى=إلى الأَكواخِ ، واخْتَرَقَ الْقِبابـا ؟
وأَنَّ الشَّمْسَ فِي الآفـاق تَغشـى=حِمى كِسْرَى ، كما تغشى اليبابا ؟
وأَن الماءَ تـروى الأُسْـدُ منـهُ=ويَشفي مِنْ تَلَعْلُعِهـا الكلابـا ؟
وسَـوّى الله بَيْنَـكُـمُ المنـايـا=ووسَّدَكُـمْ مَـعَ الرسْـلِ التُّرابـا
وأَرْسَـلَ عائـلاً مِنْكُـمْ يتيـمـاً=دنا مِنْ ذي الجَـلالِ فكـانَ قابـا
نبـيُّ البـرِّ ، بَيَّـنَـهُ سبـيـلاً=وَسَنَّ خِلالَه ، وهَـدى الشِّعابـا
تَفَرَّقَ بعْدَ عيسـى النـاسُ فيـه=فَلَمَّـا جـاءَ كـان لَهُـمْ مَتابـا
وشافي النفسِ مِنْ نزَعاتِ شَـرٍّ=كشـافٍ مِـنْ طبائعهـا الذئابـا
وكـان بيـانُـه للهدْيِ سُـبْـلاً=وكانَـتْ خَيْلُـه لِلْحَـقِّ غـابـا
وعَلَّمنـا بنـاءَ المجْـدِ ، حتَّـىأَ=خَذْنـا إِمْـرَةَ الأرْضِ اغتصابـا
ومـا نَيـلُ المَطالِـب بالتَّمنـي=ولكـن تُؤخَـذُ الدّنيـا غِـلابـا
وما استعصى على قـومٍ منـالٌ=إذا الإقـدامُ كـان لَهُـمْ رِكابـا
تجلَّى مولـدُ الهـادي ، وعمَّـتْ=بشائـرهُ البـواديَ والقِصـابـا
وأَسْـدَتْ لِلْبرَّيـةِ بِنْـتُ وَهْـبٍ=يـداً بيضـاءَ ، طوّقـتِ الرِّقابـا
لقـدْ وَضَعَتْـه وهّاجـاً ، مُنيـراً=كمـا تلـدُ السمـاواتُ الشِّهابـا
فَقَامَ على سمـاءِ الْبيْـتِ نـوراً=يُضـيءُ جبـالَ مكَّـةَ والنقابـا
وضاعت يَثْرِبُ الفيحـاءُ مِسْكـاً=وفـاحَ القـاعُ أَرجـاءً وطابـا
أَبا الزَّهْراءِ ، قدْ جاوزتُ قـدري=بِمدْحِكَ ، بيْـدَ أنَّ لِـيَ انْتِسابـا
فما عَـرَفَ الْبَلاَغَـةَ ذو بيـانٍ=إذا لـم يَتَّخِـذْكَ لــه كِتـابـا
مَدَحْتُ المالكينَ ، فَـزِدْتُ قَـدْراً=فحين مَدَحْتُـكَ اقْتَـدْتُ السَّحابـا
سأَلـتُ الله فِـي أبنـاء ديـنـي=فإن تَكُنِ الْوَسيلـةَ لـي أَجابـا
وما لِلْمُسْلِمِيـن سِـواكَ حِصْـنٌ=إذا مـا الضـرُّ مسَّهُـمُ ونـابـا
كأَنَّ النَّحْسَ حين جـرى عَلَيْهِـمْ=أَطـار بكـلِّ مَمْلَكَـةٍ غُـرابـا
ولوْ حفظوا سبيلَـكَ كـان نُـوراً=وكان مِنَ النُحوسِ لَهُـمْ حِجابـا
بنيْتَ لَهُمْ مِـنَ الأخـلاقِ رُكنـاً=فخانوا الركْنَ ، فانْهَدَمَ اضطرابـا
وكـانَ جَنابُهُـمْ فيهـا مَهِيـبـاً=ولَلأخـلاقُ أَجــدرُ أن تُهـابـا
فلوْلاهـا لسـاوى الليـثُ ذئبـاً=وساوى الصارِمُ الْماضـي قِرابـا
فـإنْ قُرنَـتْ مَكارِمُهـا بِعِـلْـمٍ=تَذَلَّلـتِ العُـلاَ بِهِمَـا صِعَـابـا
وفِي هذا الزمـانِ مَسيـحُ عِلْـمٍ=يَرُدُّ على بنـي الأُمَـمِ الشبابـا
احـــمد شوقى
سلُوا قلبـي غـداةَ سـلا وثابـا=لعلَّ علـى الجمـالِ لـه عِتابـا
ويُسْأَلُ فِي الحـوادثِ ذو صـوابٍ=فَهَلْ تَرَكَ الْجمالُ لـه صوابـا ؟
وكنتُ إذا سأَلـتُ القلـبَ يومـاً=تولَّى الدمعُ عن قلبـي الجوابـا
ولي بيـن الضلـوع دمٌ ولحـمٌ=هما الواهي الذي ثكِـلَ الشبابـا
تَسَرَّبَ فِي الدموعِ ، فقلتُ : ولَّى=وصَفَّقَ فِي الضلوعِ ، فقلتُ : ثابا
ولوْ خُلِقَـتْ قلـوبٌ مِـنْ حديـد=لما حَمَلَتْ كمـا حَمـل العذابـا
وأَحْبـابٍ سُقيـتُ بِهِـمْ سُلافـاً=وكان الوصْلُ مِنْ قِصَـرٍ حَبابـا
ونادَمْنا الشبـابَ علـى بِسـاطٍ=مـن اللـذاتِ مُخْتلـفٍ شرابـا
وكُلُّ بساطِ عَيْشٍ سَـوْف يُطـوى=وإن طـال الزمـانُ بِـهِ وطابـا
كـأَنَّ الْقَلْـبَ بَعْدهُـمُ غـريـبٌ=إذا عادَتْـه ذِكْـرى الأهـلِ ذابـا
ولا يُنْبِيكَ عـن خُلُـقِ الليالـي=كمـن فَقَـد الأَحِبَّـةَ والصِّحابـا
أَخا الدنيـا ، أرى دنيـاك أَفعـى=تُبـدِّل كــلَّ آونــةٍ إهـابـا
وأَنَّ الرُّقْـطَ أَيْـقَـظُ هاجـعـاتٍ=وأتْرَعُ فِـي ظـلالِ السلـم نابـا
ومِنْ عَجَـبٍ تُشيِّـبُ عاشِقيهـا=وتُفْنِيهمْ ، ومـا بَرِحَـتْ كَعَابـا
فَمَـنْ يغْتَـرُّ بالدنـيـا فـإِنِّـي=لبسـتُ بهـا فأَبليـتُ الثيـابـا
لها ضَحِـكُ القِيـانِ إلـى غَبـيٍّ=ولِي ضحـكُ اللبيـبِ إذا تغابـى
جنيتُ برَوْضِهـا ورداً ، وشوكـاً=وذقتُ بكأْسِهـا شُهْـداً، وصابـا
فلـمْ أر غيـرَ حُكْـمِ الله حُكْمـاً=ولـم أَر دون بــابِ الله بـابـا
ولا عظَّمْـتُ فِـي الأَشـيـاءِ إلاّ=صحيـحَ الْعِلْـم ، والأَدبَ اللُّبابـا
ولا كَرّمْـتُ إلاّ وجْــهَ حُــرٍّ=يُقلِّـد قَوْمَـه الْمِنـنَ الرَّغـابـا
ولم أَر مثـلَ جمـعِ المـالِ داءً=ولا مِثْـلَ البخيـلِ بـه مُصابـا
فـلا تَقْتُلْـك شهوتُـه ، وزِنْهـا=كما تَـزِنُ الطعـامَ أو الشرابـا
وخُـذْ لبنيـكَ والأيـامِ ذُخــراً=وأَعْـطِ الله حِصَّتَـه احتسـابـا
فلـوْ طالعْـتَ أَحْـداثَ الليالـي=وجـدْتَ الْفَقْـرَ أَقرَبَهـا انتِيابـا
وأَن البِـرَّ خيـرٌ فِــي حـيـاةٍ=وأَبقـى بَعْـدَ صاحبِـه ثـوابـا
وأَن الشـرَّ يـصـدعُ فاعِلـيـه=ولـم أَرَ خيِّـراً بالـشَّـرِّ آبــا
فَرِفقـاً بالبنـيـن إذا الليـالـي=على الأَعقـابِ أوْقَعَـتِ العِقابـا
ولـمْ يَتَقَلَّـدوا شُكْـرَ اليتامـى=ولا ادَّرعوا الدعـاءَ المستجابـا
عَجِبْتُ لِمَعْشَرٍ صلُّـوا وصامـوا=عواهـرَ، خشْيـةً وتُقَـى كِذابـا
وتُلْفيهـمْ حِيـالَ المـالِ صُمًّـا=إذا داعـي الزكـاةِ بِهـمْ أَهابـا
لَقَـدْ كَتَمُـوا نصيـبَ الله منْـهُ=كـأَنَّ الله لَـمْ يُحْـصِ النِّصابـا
ومَـنْ يَعْـدِلْ بحُـبِّ الله شيئـاً=كحبِّ المالِ ، ضَلَّ هـوىً وخابـا
أَراد الله بالـفـقـراءِ بِــــرّاً=وبالأَيِـتـام حُـبًّـا وارْتبـابـا
فـرُبَّ صغيـرِ قَـوْمٍ علَّـمـوه=سَمَا وحَمى المُسَوَّمَـةَ العِرابـا
وكـانَ لِقَوْمِـهِ نَفْعـاً وفَـخْـراً=وَلَوْ تركـوه كـان أذىً وعابـا
فعلِّمْ ما اسَتَطعْـت، لَعَـلَّ جيـلاً=سَيَأْتي يُحْـدِثُ العَجَـبَ العُجابـا
ولا تُرْهِقْ شبـابَ الحـيِّ يأْسـاً=فَـإِنَّ اليـأْسَ يخْتَـرِمُ الشَّبابـا
يريد الخالـقُ الـرزقَ اشتراكـاً=وإن يكُ خـصَّ أَقوامـاً وحابـى
فما حَـرَمَ الْمُجِـدَّ جَنَـى يديـه=ولا نَسِيَ الشقيَّ ، ولا المُصابـا
ولولا الْبُخْلُ لـم يَهْلِـكْ فريـقٌ=على الأقـدارِ تلْقاهُـمْ غِضابـا
تَعِبْـتُ بأَهْلِـه لَوْمـاً ، وقبلـي=دُعاةُ البِرِّ قـد سئمـوا الخطابـا
ولوْ أَنـي خطبْـتُ علـى جَمَـادٍ=فَجَـرْتُ بـه الينابيـعَ العِـذابـا
أَلمْ تَـرَ للهواءِ جـرى فأَفْضـى=إلى الأَكواخِ ، واخْتَرَقَ الْقِبابـا ؟
وأَنَّ الشَّمْسَ فِي الآفـاق تَغشـى=حِمى كِسْرَى ، كما تغشى اليبابا ؟
وأَن الماءَ تـروى الأُسْـدُ منـهُ=ويَشفي مِنْ تَلَعْلُعِهـا الكلابـا ؟
وسَـوّى الله بَيْنَـكُـمُ المنـايـا=ووسَّدَكُـمْ مَـعَ الرسْـلِ التُّرابـا
وأَرْسَـلَ عائـلاً مِنْكُـمْ يتيـمـاً=دنا مِنْ ذي الجَـلالِ فكـانَ قابـا
نبـيُّ البـرِّ ، بَيَّـنَـهُ سبـيـلاً=وَسَنَّ خِلالَه ، وهَـدى الشِّعابـا
تَفَرَّقَ بعْدَ عيسـى النـاسُ فيـه=فَلَمَّـا جـاءَ كـان لَهُـمْ مَتابـا
وشافي النفسِ مِنْ نزَعاتِ شَـرٍّ=كشـافٍ مِـنْ طبائعهـا الذئابـا
وكـان بيـانُـه للهدْيِ سُـبْـلاً=وكانَـتْ خَيْلُـه لِلْحَـقِّ غـابـا
وعَلَّمنـا بنـاءَ المجْـدِ ، حتَّـىأَ=خَذْنـا إِمْـرَةَ الأرْضِ اغتصابـا
ومـا نَيـلُ المَطالِـب بالتَّمنـي=ولكـن تُؤخَـذُ الدّنيـا غِـلابـا
وما استعصى على قـومٍ منـالٌ=إذا الإقـدامُ كـان لَهُـمْ رِكابـا
تجلَّى مولـدُ الهـادي ، وعمَّـتْ=بشائـرهُ البـواديَ والقِصـابـا
وأَسْـدَتْ لِلْبرَّيـةِ بِنْـتُ وَهْـبٍ=يـداً بيضـاءَ ، طوّقـتِ الرِّقابـا
لقـدْ وَضَعَتْـه وهّاجـاً ، مُنيـراً=كمـا تلـدُ السمـاواتُ الشِّهابـا
فَقَامَ على سمـاءِ الْبيْـتِ نـوراً=يُضـيءُ جبـالَ مكَّـةَ والنقابـا
وضاعت يَثْرِبُ الفيحـاءُ مِسْكـاً=وفـاحَ القـاعُ أَرجـاءً وطابـا
أَبا الزَّهْراءِ ، قدْ جاوزتُ قـدري=بِمدْحِكَ ، بيْـدَ أنَّ لِـيَ انْتِسابـا
فما عَـرَفَ الْبَلاَغَـةَ ذو بيـانٍ=إذا لـم يَتَّخِـذْكَ لــه كِتـابـا
مَدَحْتُ المالكينَ ، فَـزِدْتُ قَـدْراً=فحين مَدَحْتُـكَ اقْتَـدْتُ السَّحابـا
سأَلـتُ الله فِـي أبنـاء ديـنـي=فإن تَكُنِ الْوَسيلـةَ لـي أَجابـا
وما لِلْمُسْلِمِيـن سِـواكَ حِصْـنٌ=إذا مـا الضـرُّ مسَّهُـمُ ونـابـا
كأَنَّ النَّحْسَ حين جـرى عَلَيْهِـمْ=أَطـار بكـلِّ مَمْلَكَـةٍ غُـرابـا
ولوْ حفظوا سبيلَـكَ كـان نُـوراً=وكان مِنَ النُحوسِ لَهُـمْ حِجابـا
بنيْتَ لَهُمْ مِـنَ الأخـلاقِ رُكنـاً=فخانوا الركْنَ ، فانْهَدَمَ اضطرابـا
وكـانَ جَنابُهُـمْ فيهـا مَهِيـبـاً=ولَلأخـلاقُ أَجــدرُ أن تُهـابـا
فلوْلاهـا لسـاوى الليـثُ ذئبـاً=وساوى الصارِمُ الْماضـي قِرابـا
فـإنْ قُرنَـتْ مَكارِمُهـا بِعِـلْـمٍ=تَذَلَّلـتِ العُـلاَ بِهِمَـا صِعَـابـا
وفِي هذا الزمـانِ مَسيـحُ عِلْـمٍ=يَرُدُّ على بنـي الأُمَـمِ الشبابـا
احـــمد شوقى