شط الفرات
16-Aug-2010, 11:25 AM
الكلام في مفاخرة قحطان وعدنان
هو أنهم إن فخروا في الملك، فإن ملك اليمن إنما كان في حمير خاصة. وكان دون التبابعة ملوك في كندة ولخم وغسان فقط. فأما ملوك حمير، فالتبابعة، لم يملكوا غير اليمن. وقد ولي اليمن عمال لخلفاء قريش، ليسوا بأجل عمالهم، على مخاليفهم فقط، وإنما هي أقاليم يليها عمال أمير المؤمنين وكان في كندة ملوك منهم على مخاليفهم، منهم: أولاد الحارث بن آكل المرار، ملكتهم قبائل عدنان؛ ثم رفضوهم. وأما لخم، فملكوا الحيرة، وهي مسلحة من مسالح الكوفة، يملك أمير "الكوفة" مائة مثلها. وأما غسان، فلم يملكوا إلا مخاليف باليمن؛ ثم البلقاء، وهي من عمل دمشق، يملك أمير دمشق عشر أمثالها. وكل هذا لا يقال به عامل من عمال الخلفاء.
وأما الفخر بالدين، فللأنصار والمهاجرين من قريش، يفوقونهم في الدين؛ والكل راجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضري؛ فسقط فخر كل ذي دين عند الفخر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسقط فخر كل ملك عند الفخر بملك الخلفاء بعده، عليه السلام.
وافتخار بني عدنان بقريش كفخر اليمانيين بالتبابعة والأنصار، ولا فرق، بل قبائل عدنان أقرب أخوة إلى قريش من قبائل اليمن إلى الأنصار وإلى التبابعة، فلم يبق إلا أن يسقطوا فخر الملك والدين؛ إذ عمودهما في عدنان، ويقتصروا على فخر أهل الجاهلي فقط، من الشجاعة والسخاء، والحكمة، والرياسة في قومهم، والأيام المشهورة، والشعر؛ ولا مزيد.
فإذا كان ذلك، وجب أن تنظر قبائل هؤلاء بنظرائها من قبائل هؤلاء؛ فوجدنا القبائل العظام من عدنان ثلاثاً؛ وهم: تميم بن مر، وعامر بن صعصعة، وبكر بن وائل؛ ووجدنا قبائل اليمن العظام ثلاثاً أيضاً وهي: الأزد بعد إسقاط الأنصار وملوكهم من كندة ولخم وغسان، وحمير بعد إسقاط ملوكهم، ومذحج فتعارض كل قبيل من هذه قبيلة من تلك.
ووجدنا بعد هذه القبائل قبائل ليست بعظم التي ذكرنا، وهي: كنانة، وأسد، والرباب، وضبة، ومزينة، وجشم، ونصر، وسعد بن بكر، وثقيف، ومرة، وثعلبة بن سعد، وفزارة، وعبس، وسليم، وعبد القيس، وتغلب، والنمر، وعنزة، وإياد. ووجدنا في اليمن. على أن نسلم لهم قضاعة وخزاعة، على أن نسلم لليمن، وليسوا منها: كلب، وبلقين، وعاملة، وجذام، وجهينة، وهمدان، وخشبن، وخولان، وبجيلة، وخثعم، والأشعر، وطيئ، ولخم، وعذرة، وضنة، وبلي، وجرم، وكندة. ووجدنا بعد هذه القبائل قبائل دون هذه، هي: القارة، وهذيل، ومازن بن منصور، والطفاوة، وغني، وباهلة، وفهم، وعدوان، وسلول، وعبد الله بن غطفان، وأنمار، وأشجع، ومحارب، وعله، وعنز بن وائل. ووجدنا في اليمن ألهان، ومعافر، وسلامان، وسليم، ومهرة، وتنوخ، وسبأ، وحضرموت، وبهراء، والسلف فتعارض كل قبيلة بنظيرها، يظهر البون حينئذ في كل ما ذكرنا.
الأولى: تميم للأزد، بنو عامر لحمير، بكر بن وائل لمذحج.
والثانية: كنانة لكلب، أسد لكندة، الرباب لبلقين، ضبة لعاملة، مزينة لجهينة، جشم بن بكر بجذام، نصر بن معاوية لخشين، سعد بن بكر لضنة، ثقيف لجرم، سليم لهمدان، ثعلبة بن سعد لخثعم، فزارة لعذرة، عبس للأشعر، مرة للخم، عبد القيس لبجيلة، النمر لبلى، عنزة لخولان، تغلب وإياد لطيء.
والثانية: غنى وباهلة لمعافر، والقارة وهذيل لألهان، مازن لسلامان، الطفارة وفهم لسليم، عدوان لمهرة، سلول للسلف، عبد الله بن غطفان وأنمار لسبأ؛ أشجع لتنوخ، محارب لبهراء، عنز وعك لحضرموت، قريش للأنصار وخزاعة.فيعد شجعان كل قبيلة، وأجوادها، وحكماؤها، وشعراؤها، وأوفياؤها، ورؤساؤها، وأيامها، مع كل ذلك من التي قابلناها بها، فإنه يلوح البون حينئذ بين الطائفتين ظاهراً؛ أو يجمع جميع أنجاد عدنان وقحطان، وجميع أجوادهما، وجميع أوفيائهما، وحكمائهما، وشعرائهما، ورؤسائهما، وأيامهما في الجاهلية، ثم ينظر بين الأمرين كما ذكرنا، وكذلك أيضاً في المثالب. فإن الأمر يلوح حينئذ بلا إشكال، فضل ويظهر عدنان ظهوراً لا خفاء به. وبالله تعالى التوفيق.
وأما في الحقيقة، فلا فخر إلا بالتقوى؛ وما عدا ذلك، فخطأ: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم!".
انتهى الكلام في قبائل العرب. والحمد لله رب العالمين كثيراً، وصلى الله على محمد عبده ورسوله وسلم تسليماً.
هو أنهم إن فخروا في الملك، فإن ملك اليمن إنما كان في حمير خاصة. وكان دون التبابعة ملوك في كندة ولخم وغسان فقط. فأما ملوك حمير، فالتبابعة، لم يملكوا غير اليمن. وقد ولي اليمن عمال لخلفاء قريش، ليسوا بأجل عمالهم، على مخاليفهم فقط، وإنما هي أقاليم يليها عمال أمير المؤمنين وكان في كندة ملوك منهم على مخاليفهم، منهم: أولاد الحارث بن آكل المرار، ملكتهم قبائل عدنان؛ ثم رفضوهم. وأما لخم، فملكوا الحيرة، وهي مسلحة من مسالح الكوفة، يملك أمير "الكوفة" مائة مثلها. وأما غسان، فلم يملكوا إلا مخاليف باليمن؛ ثم البلقاء، وهي من عمل دمشق، يملك أمير دمشق عشر أمثالها. وكل هذا لا يقال به عامل من عمال الخلفاء.
وأما الفخر بالدين، فللأنصار والمهاجرين من قريش، يفوقونهم في الدين؛ والكل راجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضري؛ فسقط فخر كل ذي دين عند الفخر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسقط فخر كل ملك عند الفخر بملك الخلفاء بعده، عليه السلام.
وافتخار بني عدنان بقريش كفخر اليمانيين بالتبابعة والأنصار، ولا فرق، بل قبائل عدنان أقرب أخوة إلى قريش من قبائل اليمن إلى الأنصار وإلى التبابعة، فلم يبق إلا أن يسقطوا فخر الملك والدين؛ إذ عمودهما في عدنان، ويقتصروا على فخر أهل الجاهلي فقط، من الشجاعة والسخاء، والحكمة، والرياسة في قومهم، والأيام المشهورة، والشعر؛ ولا مزيد.
فإذا كان ذلك، وجب أن تنظر قبائل هؤلاء بنظرائها من قبائل هؤلاء؛ فوجدنا القبائل العظام من عدنان ثلاثاً؛ وهم: تميم بن مر، وعامر بن صعصعة، وبكر بن وائل؛ ووجدنا قبائل اليمن العظام ثلاثاً أيضاً وهي: الأزد بعد إسقاط الأنصار وملوكهم من كندة ولخم وغسان، وحمير بعد إسقاط ملوكهم، ومذحج فتعارض كل قبيل من هذه قبيلة من تلك.
ووجدنا بعد هذه القبائل قبائل ليست بعظم التي ذكرنا، وهي: كنانة، وأسد، والرباب، وضبة، ومزينة، وجشم، ونصر، وسعد بن بكر، وثقيف، ومرة، وثعلبة بن سعد، وفزارة، وعبس، وسليم، وعبد القيس، وتغلب، والنمر، وعنزة، وإياد. ووجدنا في اليمن. على أن نسلم لهم قضاعة وخزاعة، على أن نسلم لليمن، وليسوا منها: كلب، وبلقين، وعاملة، وجذام، وجهينة، وهمدان، وخشبن، وخولان، وبجيلة، وخثعم، والأشعر، وطيئ، ولخم، وعذرة، وضنة، وبلي، وجرم، وكندة. ووجدنا بعد هذه القبائل قبائل دون هذه، هي: القارة، وهذيل، ومازن بن منصور، والطفاوة، وغني، وباهلة، وفهم، وعدوان، وسلول، وعبد الله بن غطفان، وأنمار، وأشجع، ومحارب، وعله، وعنز بن وائل. ووجدنا في اليمن ألهان، ومعافر، وسلامان، وسليم، ومهرة، وتنوخ، وسبأ، وحضرموت، وبهراء، والسلف فتعارض كل قبيلة بنظيرها، يظهر البون حينئذ في كل ما ذكرنا.
الأولى: تميم للأزد، بنو عامر لحمير، بكر بن وائل لمذحج.
والثانية: كنانة لكلب، أسد لكندة، الرباب لبلقين، ضبة لعاملة، مزينة لجهينة، جشم بن بكر بجذام، نصر بن معاوية لخشين، سعد بن بكر لضنة، ثقيف لجرم، سليم لهمدان، ثعلبة بن سعد لخثعم، فزارة لعذرة، عبس للأشعر، مرة للخم، عبد القيس لبجيلة، النمر لبلى، عنزة لخولان، تغلب وإياد لطيء.
والثانية: غنى وباهلة لمعافر، والقارة وهذيل لألهان، مازن لسلامان، الطفارة وفهم لسليم، عدوان لمهرة، سلول للسلف، عبد الله بن غطفان وأنمار لسبأ؛ أشجع لتنوخ، محارب لبهراء، عنز وعك لحضرموت، قريش للأنصار وخزاعة.فيعد شجعان كل قبيلة، وأجوادها، وحكماؤها، وشعراؤها، وأوفياؤها، ورؤساؤها، وأيامها، مع كل ذلك من التي قابلناها بها، فإنه يلوح البون حينئذ بين الطائفتين ظاهراً؛ أو يجمع جميع أنجاد عدنان وقحطان، وجميع أجوادهما، وجميع أوفيائهما، وحكمائهما، وشعرائهما، ورؤسائهما، وأيامهما في الجاهلية، ثم ينظر بين الأمرين كما ذكرنا، وكذلك أيضاً في المثالب. فإن الأمر يلوح حينئذ بلا إشكال، فضل ويظهر عدنان ظهوراً لا خفاء به. وبالله تعالى التوفيق.
وأما في الحقيقة، فلا فخر إلا بالتقوى؛ وما عدا ذلك، فخطأ: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم!".
انتهى الكلام في قبائل العرب. والحمد لله رب العالمين كثيراً، وصلى الله على محمد عبده ورسوله وسلم تسليماً.