المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منهج النبي  في الدعوة إلى الله


ولدالكويت
14-Aug-2010, 02:20 PM
منهج النبي  في الدعوة إلى الله
الجمعة الأولى من المحرم 1423 هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد :-
فإن الدعوة إلى الله تعرف بأنها حث الناس على الخير والهدى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للفوز بسعادة العاجل والآجل كما تعرف بأنها نقل الأمة من محيطٍ إلى محيط بتبصيرها بأمور دينها ودنياها على قدر الطاقة الإنسانية ويقوم بها دعاةٌ إما باختيار الله لهم وطلبه منهم ، عن طريق الوحي وهم الأنبياء والرسل عليهم الصلوات والسلام وإما بوراثتهم في علمهم وهديهم وذلك للعلماء .
لذا ترجع أهمية الدعوة إلى الله إلى أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الإنس والجن إلاَّ ليعبدوه وحده لاشريك له كما قال سبحانه  وما خلقت الجن والإنس إلاَّ ليعبدون  ولما كانت العبادة لا يمكن أن تعرف أحكامها على التفصيل أرسل الله الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وأنزل عليهم الكتب لبيان الأمر الذي خلق من أجله الخلق ولإيضاحه وتفصيله لهم حتى يعبدوه على بصيرةٍ فقاموا بواجبهم على النحو الأكمل عليهم الصلاة والسلام ، دعاة إلى الله سبحانه وتعالى وختمهم بسيد الدعاة إلى الله محمداً  فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده ودعا إلى الله سراً وجهراً  قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين  وهذه طريقته ومسلكه وسنته يدعو إلى الله على بصيرة ، ويقين وبرهان عقلي وشرعي ولم يقتصر واجب الدعوة إلى الله على الرسل وحدهم بل جاء أتباعهم من بعدهم فشاركوهم في الدعوة إلى الله في كل زمانٍ ومكان وجاء المسلمون من بعد رسول الله  فحملوا أمانة تبليغ الإسلام على كاهلهم فوضحوا معالمه وبينوا أحكامه فأخذوا بأيدي المتعثرين على الطريق ، قال سبحانه وتعالى  فلولا نفرٌ من كل فرقة منهم طائفةٌ ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون  وقال تعالى  ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون  ، فهي إذن وظيفة الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين وواجب العلماء من أتباعهم ومسئولية المؤمنين جميعاً من أممهم ، لذا كان العلماء منار البلاد كما قال عبد الله بن أبي جعفر : العلماء منار البلاد منهم يقتبس النور الذي يهتدى به ، وقال أبو مسلم الخولاني : مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا بدت للناس اهتدوا بها وإذا خفيت عليهم تحيروا ، وقال كعب : العلماء قبلتي إذا لقيتهم وضالتي إذا لم ألقهم ولا خير في الناس إلاَّ بهم .
وخلو الساحة من الدعاة إلى الله المخلصين نذير بالهلاك والدمار قال رسول الله  " إن الله لايقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " البخاري جـ1 ، فالدعاة ضمان لمسيرة الخير في المجتمع وصمام الأمان له .
والدعوة إلى الله واجب عام ، وفريضة مستمرة والاضطلاع بأعبائها في تكافل وتعاون ، يجعل من العمل المشترك استمراراً لجهاد رسل الله وإعلاء كلمة الله ، ونشر دينه وإقامة حجته على الناس وثمرتها :- الهداية إلى الخير والتحبيب في عمل الخير والتنفير من الشر والإخراج من الظلمات إلى النور بدعوة الناس إلى دين الله وتحكيم منهجه وإفراده بالعبادة والاستعانة وإحقاق ما أحق وإبطال ما أبطل وهي من أشرف الأعمال ، قال تعالى  ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين  ،
أمان الدعاة إلى الله :-
لابد للدعاة من المعرفة التامة بالدين الذي يدعو إليه معرفة مستمدة من الأصول والمصادر ليكون على بينة وبصيرة ، والمصدر الأول والذي ترجع إليه كل القيم والموازين والذي حوى من حقائق النفس والحياة والغيب ما لا غنى عنه لدعاة الحق في أسلوبٍ معجز وبيان لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو كتاب الله القرآن الكريم فبه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل وليس بالهزل  كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير  ، وسنة النبي  فهي من جوامع كلمه  وهو وحي الله إليه ، قال سبحانه  وما ينطق عن الهوى إن هو إلاَّ وحي يوحى 
وكان منهجه  في دعوته إلى الله :- أن سلك مسلك الحجة الواضحة والحكمة والإقناع ولم يستجب لإيذاء معارضيه وقابل السيئة بالحسنة ، اكتفاء بوضوح الحق في ذاته واعتماداً على ما وهبه الله عز وجل من سر في داخله يحمله على قبول الحق ، والإذعان له على أن الحق يحمل دليله في نفسه أمام العقل الإنساني الذي لا يقع تحت تأثير ميل الهوى ولا ينجذب تحت شدة العصبية وعامل التحيز ويظهر هذا المنهج من خلال هذه الآيات الأتية :-
قال تعالى :  قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين  [ سورة يوسف ]
و قال تعالى :  ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ...  سورة النحل
وقال تعالى :  ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ... العنكبوت
ومن خلال الآيات ترى المنهج النبوي في الدعوة إلى الله يدور من خلال هذه المحاور :
أ ) الدعوة إلى الله على بصيرة . ب ) الدعوة إلى الله بالحكمة
ج ) الدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة . د ) الجدال بالتي هي أحسن .
هـ  القوة
أولاً الدعوة بالحكمة :
كان رسول الله -  - يلازم الحكمة في جميع أموره وخاصة في دعوته إلى الله فأقبل إليه الناس ودخلوا في دين الله أفواجاً بفضل الله ثم بفضل حكمته  التي جاء فيها عن أبي ذر كان يحدث أن رسول الله  قال : ( فُرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ، ثم أطبقه ثم أخذ بيدي ففرج بي ... ) البخاري ، ومن الحديث يتبين أن الحكمة من أعظم الأمور الأساسية في منهج الدعوة إلى الله حيث امتلأ صدر بها رسول الله  وهو صاحب الدعوة مع الإيمان ، كما يؤكد قيمة وأهمية الحكمة من خلال مجيئها يحملها جبريل وهو روح القدس في طست من ذهب وهو أغلى المعادن في مكة المكرمة وهي البقعة المباركة ليمتلأ بها صدر رسول الله  وهو خير الخلق ، بعد غسله بماء زمزم وهو أطهر الماء وأفضله ، فهذا يؤكد أن الحكمة في الدعوة إلى الله أمرها عظيم وشأنها كبير ، قال تعالى :  ... ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ... البقرة ، فهي الصواب من القول ووضع الشيء في موضعه وهي من العطايا التي منحها الله تعالى له ، قال تعالى عن داود علي السلام :  وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب  سورة ص ، وقال :  ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ...  لقمان ، وقال :  ... فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً  النساء ، وقال فىرسول الله   هوالذي بعث فى الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ...  الجمعة
وسار أصحاب النبي  على طريقه وهديه في الدعوة إلى الله بالحكمة فانتشر الإسلام في عهدهم انتشاراً عظيماً ودخل في الإسلام عدد لا يحصى وخلق لا يعرف عددهم إلا الله وجاء التابعون وكملوا السير على هذا الطريق وهكذا سارت القرون الثلاثة المفضلة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان فأظهر الله الإسلام وأهله وأذل الشرك وأعوانه .
ويظن كثير من الناس أن الحكمة تقتصر على الكلام اللين والرفق والعفو والحلم فحسب لكن هذ نقص وقصور في فهم مفهوم الحكمة فإنها قد تكون :-
- باستخدام الرفق واللين والعفو مع بيان الحق علماً وعملاً واعتقاداً بالأدلة وهذه المرتبة تستخدم لأذكياء البشر الذين يقبلون الحق ولا يعاندون .
- وتارة تكون باستخدام الموعظة الحسنة المشتملة على الترغيب في الحق والترهيب من الباطل وتستخدم هذه المرتبة مع القابل للحق المعترف به لكن عنده غفلة وشهوات وأهواء تصده عن الاتباع
- وتارة تكون باستخدام الجدال بالتي هي أحسن بحسن خلق ولطف ولين كلام ودعوة إلى الحق وتحسينه بالأدلة العقلية والنقلية ورد الباطل بأقرب طريق وأنسب عبارة وتستخدم هذه لكل جاحد معاند
- وتارة تكون الحكمة باستخدام القوة بالكلام القوي وبالضرب والتأديب وإقامة الحدود لمن كان له قوة وسلطة مشروعة ، وبالجهاد في سبيل الله بالسيف والسنان تحت لواء ولي أمر المسلمين مع مراعاة الضوابط والشروط التي دل عليها القرآن والسنة وتستخدم هذه مع كل معاند ظلم وطغى ولم يرجع إلى الحق بل رده ووقف في كل طريقه ليصد عنه وما أحسن ما قيل :
دعا المصطفى دهراً بمكة لم يجب وقد لان منه جانب وخطاب
فلما دعا والسيف صلتٌ بكفه له أسلموا واستلموا وأنابوا
والحكمة تجعل الداعي إلى الله يقدر الأمور بقدرها ويراعي أحوال المدعوين وظروفهم وأخلاقهم وطباعهم فتخرج أقوال الداعية إلى الله وأفعاله وتدبيراته وأفكاره تابعة من هذه الحكمة موافقة للصواب غير متقدمة على أوانها ولا متأخرة ، لا زيادة عما ينبغي ولا نقص .
ثانياً الموعظة الحسنة :
وهي طريقة في التبليغ وأسلوب في الدعوة يحببها إلى الناس ويقربهم منها ويشعر المخاطب فيها ان دور الداعي له دور الناصح الرفيق به ، الباحث عما ينفعه ومن الأمثلة :
قوله تعالى لموسي وهارون :  فقولا له قولاً ليناً ...  وسلك الخليل مع قومه سبيل المناجاة الذاتية وكذا شعيب يسلك مع قومه الموعظة الحسنة فيقول لهم :  بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ..  هود
ثالثاً المجادلة بالتي هي أحسن :
وهي الطريقة التي يواجه بها الداعية رد الفعل الذي تثيره الدعوة لدى المخاطبين نتيجة اختلاف أفكارهم عما جاءتهم به من عقيدة وسلوك ، قال تعالى :  ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين * ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ...  فصلت ، وقال تعالى :  ولا تجادلوا أهل الكتاب ...  العنكبوت
رابعأً القوة :
وتتلخص في قوة الكلمة والقوة الفعلية مع الكفار باستخدام الجهاد في سبيل الله تعالى ، وكذا منها التهديد الحكيم والوعيد عليه بالعقوبة ، ومنها القوة بالعقوبات الشرعية والأمثلة على ذلك كثيرة .
هذا هو منهج النبي  في الدعوة إلى الله تعالى وبه انتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها وصدق فيه قول الله تعالى :  فبما رحمة منالله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم ...  آل عمران
الله أسأل ان يرزقنا وإياكم حسن الدعوة إلى الله عز وجل إنه نعم المولى ونعم النصير

إعداد/لجنة الدعوة

السراح الروقي
19-Aug-2010, 11:46 AM
اسأل الله العظيم ::: ان يوفقك الى ما يحب ويرضى وان يررزقك الذريــــة الصالحة ...

الصويت الثبيتي العتيبي
29-Nov-2010, 08:41 AM
اسأل الله العظيم ان يوفقك الى ما يحب ويرضى وان يررزقك الذريــــة الصالحة



ولا تنسانا من الدعاء





اخوك ومحبك الصويت الثبيتي