هنيدس الروقي
10-Feb-2005, 08:31 PM
لعِضْيَان .. الَضِيْطُ.. فذو النِّير فالأعلامُ من جانب الحمى
بناء على طلب الأخ سراي النير فلقد قمنا بكتابة هذا البحث وهو عن قبيلة من قبائل عتيبة كانت لها شهرة واسعة في تاريخ الجزيرة العربية ، وانجبت أمارات كبرى في الماضي ولا زال كبارها يشار لهم بالبنان حتى الان وقلنا :
الأخ العزيز سراي النير حفظه الله ورعاه
إجابة لما طلبتموه ، فها أنا ابعث لك بهذا المختصر على شكل مقالات وتعليقات وردود ، وآمل أن تعذرنا إن كان هناك نقص أو خطأ بالسهو غير مقصود :
( مدخل)
وترى البل دونها قحص الطلايع فوقها العضيان
حمـــول الخــيـل مهديـة العمـار بـلا موازينـا
إعلم وفقني الله وأياك أن العِضْيَان ِ: قبيلة من المزاحمة من الرُّوَقَةِ من عُتَيْبَةَ. والنسبة إليهم عُضَيَّاني. وهم أبناء عمومة : المراشدة والغبيات والهراجفة . ورئيس العِضْيَانِ الَضِيْطُ ، وهم أُمَراء المزاحمه وقادتهم في الحروب . واعلم أن الَضِيْطُ في لغة العرب هو : الغليظ والقوي الشديد، قال الصاحب بن عباد في المحيط: يُقال: ضاطَ الرَّجُلُ يَضِيْطُ ضَيَطاناً. ورَجُلٌ ضَيّاطٌ وجَمَلٌ ضَيِّاطٌ أي: شَدِيدٌ. وقال الجوهري في الصحاح : الضَيَّاطُ: الرجلُ الغليظُ. والضيط قيل أنه يضوط الرجال أي يمسك بالأثنين تحت آباطه وهو من الغلظه أشتهر عن جدهم الأعلى ذلك ، والكلمة في صفتها كناية عن الشدة والغلظة والقسوه .
والأمير الآن هو الشيخ بدر بن نايف بن مارق بن صنيتان بن شالح الَضِيْطُ ، وأمارة الَضِيْطُ قديمة كانت فيما روي للشيخ عبدالله الَضِيْطُ ، ثم الشيخ متاعب الَضِيْطُ ، ثم اشتهر منهم الشيخ الفارس شالح بن متاعب الَضِيْطُ كواحد من أشهر فرسان نجد . ذكر بن عيسى في أحداث سنة 1268هـ وفيها : " خرج محمد بن ناصر من المدينة ومعه عساكر كثير من عربان حرب وأغار على العضيان عرب الَضِيْطُ من عتيبة على الدفينه.." أ.هـ ، وقد قتل في هذه المعركة الكثير من العضيان والأتراك ومن معهم من حرب ومن مشاهير القتلى من العرب الذويبي أحد أمراء حرب ، قال الشاعر المعاصر :
وشالح ضرب ولد ......... بسيفة *** ليا عازل حيد الظهر من حمايلة
وخشية من أن تعاد الكره مرة أخرى للأنتقام ، فقد استعد أهالي نجد عامه للحرب ضد الأتراك ، يقول بن عيسى في تاريخه : " ولما وصل الخبر إلى الأمام فيصل أمر على جميع رعاياه من المسلمين بالجهاد ، وأخذ في التأهب والأستعداد ثم خرج من الرياض بمن معه من جنود المسلمين من غزو أهل العارض والخرج ونزل بلد المجمعة واجتمع عليه غزو بلدان سدير والمحمل والوشم والقصيم .. وجاءت الأخبار بأن عباس باشا والي مصر جهز عساكر كثيرة إلى بلدان عسير وأنه أمر على من بالمدينة أن يلحقوا بهم .. فحصل الاطمئنان للبلاد والعباد" أ.هـ ، ذلك ان أهالي نجد كانوا في خوف شديد وكرب عظيم خشية أن يغزوهم والي المدينة التركي للأنتقام مما حصل في المعركة التي ذكرناها ، فتفكر كيف يواجه الشيخ شالح الَضِيْطُ والعضيان هذا الجيش العرمرم الذي أرعب نجد واليمامه في ذلك العصر بشهادة بن عيسى، ومعركة العضيان مع الأتراك مشهوره ويعرفها ابناء البادية وليس كما ذكرها بن عيسى .
ومنهم الشيخ المقدام الفارس صنيتان بن شالح الَضِيْطُ له شهره واسعه في نجد وجزيرة العرب ، قال الشاعر العتيبي في مناخ عرجا :
الخيل عيت لا توالي صنيتان **** يحدها حد الجواد الطليعة
وقال حمود العبيد الرشيد ذاكراً الشيخ صنيتان الضيط في كون عروى :
حصان الَضِيْطُ اللي يسمى صنيتان
وفي روايه :
غوج الصريم اللي يسمى صنيتان
وقال بن طواله :
لانن جانا فزعة من شماله *** الآد روق مرجحين الموازين
من ضرب أهل عمهوج رحنا دباله *** عزي لكن يا لابسات السباهين
وعمهوج هو سيف الَضِيْطُ المشهور وهو من حديد الجوهر الصلب نوع (كيرك نير دبان) ق10هـ صنع لملوك الدولة الصفوية خاصة (شاه عباس خدا بنده) ، وقد عرفت عند العتبان بالعبابيس وذكروها في كثير من أشعارهم ، قال الشيخ تركي بن حميد :
ولومي على اللي ينقلون العبابيس !!
وقال الرويس :
نوخ وظهر وانتشل كل عباس !
وعباس (عبابيس) نسبة إلى الملك الصفوي شاه عباس المذكور أعلاه وهي سيوف من عمل الصانع المشهور أسد الله الأصفهاني وابنه كلبعلي وهذه السيوف ممهور عليها اسماء السلاطين واسماء الصناع بماء الذهب وقد غنمت المئات منها ابان غزو الدولة السعودية الاولى ومعهم الروقه والعضيان لكربلاء 1216هـ ، حيث كانت محفوظة كذخائر نفيسه في الاضرحة . وبعض منها اليوم يوجد في المتاحف السعودية وفي المجموعات الخاصة لكبار الأمراء وكبار مشايخ قبائل نجد ومنها ما تم اهداءه الى المتاحف العالمية في العقود الماضية .
(عوده) واشتهر من شيوخ العضيان الشيخ مارق بن صنيتان الَضِيْطُ صاحب الأكوان والغزوات المشهوره ، قال الشاعر :
العام مارق ردها من تهامه **زبن الثبار ليا تردى نقلها
ومنهم الشيوخ المشاهير : الشيخ بدر بن مارق الَضِيْطُ والشيخ تركي بن مارق الَضِيْطُ والشيخ نايف بن مارق الَضِيْطُ والشيخ تركي بن نايف الَضِيْطُ وفرسان كبار آخرون سنذكرهم انشاء الله تعالى . رغم أن تركيزنا في هذا البحث يختص بالديار وبأقسام العضيان .
والَضِيْطُ من الفداعسه من التشمان: وقد قالت العرب : الدَّعْسُ: الطَّعْنُ بالرُّمْحِ، والمِدْعاسُ: الرُّمحُ الغَلِيظُ الشَّدِيدُ الذي لا يَنْثَنِي. وقالوا : المِدْعَسِ، كمِنْبَرٍ، وهو الرُّمْحُ، يُدْعَسُ بِهِ، أَي يُطْعَنُ. وقال أَبو عُبَيْد: المَدَاعِسُ مِن الرِّمَاحِ: الصُّمُّ. والمِدْعَسُ أَيضاً: الطَّعَّانُ بالمِدْعَسِ أَنشَدَ ابنُ دُرَيْد:
لَتَجِدَنِّي بـالأَمِـير بَـرَّا
وَبِالْقَنَاةِ مِدْعَساً مِكَـرَّا
إذا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرَّا
وفي الحَدِيث: فَإِذَا دَنَا العَدُوُّ كَانَتِ المُدَاعَسَةُ بالرِّمَاحِ حَتَّى تَقَصَّد، أَي المُطَاعَنَة، ومنه رَجُلٌ مُدَاعِسٌ، أَي مُطَاعِنٌ. قال الشاعر :
إذا هَابَ أَقْوَامٌ تَقَحَّمتُ غَمْرَةً *** يَهَابُ حُمَيَّاهُ الأَلَدُّ المُدَاعِسُ
وفي النَّوادِرِ: رَجُلٌ دَعُوسٌ عَطُوسٌ قَدُوسٌ دَقُوسٌ، أَي مِقْدَامٌ في الغَمَراتِ والحُرُوبِ. وفدَعُوسٌ فيما أرى اضيف له الفاء للمبالغة عند المتأخرين وهو مأخوذ من الطعن والطعان .
ولم تذكر كتب التاريخ شيخاً أقدم من هنيدس الروقي شيخاً للروقه ، بل يكاد يكون أقدم شيخ ذكرته المصادر التاريخية من شيوخ عتيبة ، وذلك لشهرته العريضه في القرن الثاني عشر الهجري (وهذا سر اختيارنا نحن المتلقبين بهنيدس الروقي لهذه الشخصية ولا علاقة لنا بالفداعسة وغيرهم لا من قريب ولا من بعيد الا انهم ابناء عمومتنا كبقية عتيبة) ، والهنادسة في الروقه هم (ذوي هنيدس) من الفداعسه من العضيان ، ومن الفداعسة أيضاً الضيط أمير مزحم المشهور منذ القدم كما بينا ، ومن العضيان أيضاً الشغار الأمراء المشهورين في عتيبة ، فهذه القبيلة أنجبت شيوخاً كباراً لهم بصمتهم الواضحة في تاريخ الحجاز والجزيرة العربية
وعن هنيدس يقول دحلان "فجأهم هتيمي وأخبر الشريف بأن الأشراف الجلويه غزونا ونهبوا ابلنا ونجعنا ، فقال الشريف سعد أتعرف محلهم ؟ قال نعم قال أنت الدال عليهم فساروا بجيشهم وحثوا في سيرهم فادركوهم عند الظهر مقيلين حول حده) وجميع ما أخذوه من هتيم عندهم .. فاقتتلوا معهم فقتلوا من القوم زهاء ثلاثين غير المصابين وكان مع الاشراف الجلويه من شيوخ العرب هنيدس شيخ الروقه وربعه وحسين بن سويدان شيخ مطير وربعه وكانت هذه الواقعه يوم الأحد سابع عشر ربيع الثاني ووصل خبرها إلى مكه ودق الزير وألبس البشير" دحلان
وفي احداث طويله 1115هـ وهي قتال بين الشريف سعد والشريف عبدالكريم يقول المصدر السابق (ونختصرها) : جمع الشريف سعد جماعة من الروقه ومخلد والنفعه وقبائل من الأعراب وأطمعهم بالمال واراد أن يدخل بهم الطائف .. وطلع له عسكر الباشا من ترك ومغاربه .. فكر الشريف سعد راجعاً ..ووقعت العسكر في البدو وعمل السيف فيهم .. وقتل من قوم الشريف سعد ما ينيف على الثلاثين ، وقتل من جماعة الشريف عبدالكريم ثمانيه .. وفي الساعة الرابعة ظهراً عجز جماعة الشريف سعد فولوا هاربين .. فحمل عليهم الشريف عبدالكريم بمن معه جملة واحدة فصاروا يقتلون فيهم .. وكانت مقتلة عظيمه ومصيبة مهوله .. إلى ان وصلوا بستان سليمى وهم يتخنون في القتل وينهبون ما قدروا على نهبه من الأبل والخيل ..(وعند البستان الذي أختبأ فيه الشريف سعد) وبينما كان الشريف عبدالكريم يحدث أحد أعوانه غدره ابن جمهور العدواني وهنيدس شيخ الروقه !! فطعنه ابن جمهور في يده وخدشه هنيدس بالرمح في رأسه (وهرب) فاقتفاه هنيدس وطعن فرسه في فخذها وفازا بأنفسهما !!! (وبعد ذلك بزمن ) استغل الشريف سعد غياب الشريف عبدالكريم واستولى على مكه وكان العربان معه كالجراد (اغلبهم من غامد وزهران) .. ثم عاد الشريف عبدالكريم ومعه جمع غفير من عتيبة وحرب واستولى على مكه بعد معارك طاحنه "ـ دحلان 138ـ139
وقعة المعابده ومقتل الشيخ هنيدس
1116هـ " ومما أتفق أن عتيبة ليلة التاسع من شوال قتلت أربعة من هذيل واثنين من قريش قريباً من السد فخرجت هذيل في صبيحتها في نحو مائتي مقاتل إلى أن وصلت المعابده فوجدوا هناك حياً من عتيبة وفيهم هنيدس شيخ الروقه فقتلوه وقتلوا معه نحو سبعة أنفار من عرب عتيبة وطرحوهم في الطريق ورقوا جبل الخندمه فصرخ صارخهم فارتجت لهم الأرض فركب السيد أحمد بن جازان في جماعة من الأشراف فاعطوهم الأمان فلم يأمنوا لأن عتيبة أجتمعت فرقة منهم بالمعابده فلم تزل بهم الأشراف حتى رضوا عند العصر فأخذوا هدنه عشرة أيام ونادى السيد أحمد بن جازان لهذيل أنهم في أمانه وضمانه ووجهه ، ثم أن عتيبة رحلوا غضاباً ونزلوا بالخبت على غير رضى ، واستمر الخوف إلى أن دخل الشريف عبدالكريم وكان ما كان، ثم أن الشريف عبدالمحسن نادى بأن هذيلاً وعتيبة الكل منهم في وجهه لايمد أحد منهم يده على رفيقه ." دحلان 144 وقوله "وكان ما كان" عند دخول الشريف عبدالكريم لمكه لم يبينه مؤلف الكتاب إلا أنه أورد خبراً أمر فيه الشريف عبدالكريم بشنق أحد عشر رجلاً من هذيل بسبب تعرضهم لمورق الشريف إلى جده !!" ـ دحلان 157
ومن هنا نجد التفسير لامارة الضيط من الفداعسة على كافة مزحم والتي كانت في ما مضى على الروقة وربما على كافة عتيبة .
وينقسم الفداعسة اليوم إلى : الهنادسه والمطازه واللهاوين والضيطه والصمان .
وللضيط كما هو معلوم الجمانية وهي بجانب النير الغربي ، وهي عد ماء جاهلي ، قال الشاعر :
فلو ان ليلي طال بالنير أو سجا *** فقد كان بالجماء غير طويل
ويتبع الضيط قبائل مزحم التي تتربع على جانب الحمى والأعلام المشهورة والمذكورة في تواريخ العرب وآدابهم ومعلقاتهم وأشعارهم ، حيث دارت فيها رحى حروبهم وأيامهم القديمة والقريبة العهد ، وفي قلبها بلاد العضيان ، وهي سنام نجد ، وهي المقصودة بقول الشاعر العتيبي :
واستحلينا الثنادي قمة المعمورة *** العشاير مالها في نجد دار يساوي
وبقوله :
حنا ورثنا منزل كلـــيب وذيــــاب *** في نجد ننهض مانهزع من صفوفه
واعلم أن هذه الأعلام الآتي ذكرها في هذا المقال كانت لملوك اليمن التبابعة ثم لكندة ثم لنزار وفيهم كليب ثم لبني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ثم لبني هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ثم للروقه (ق5ـ7هــ) ، ثم دارت فيها المعارك بين القبائل لفترة طويلة من الزمن ، ثم عادت للروقه في القرن الثاني عشر ، ثم دارت فيها رحى المعارك ثم عادت للروقه ق13هـ مما يطول شرحه ، واذا علمنا أن مصادر كثيرة تشير إلى أن الروقه من هوازن ، فبذلك تكون البلاد قد عادت إلى أهلها كما قال بن بليهد وابن خميس وغيرهم في وصفهم لعتيبة .
زد على ذلك أن شعراء العضيان قرنوا اسماء بعض تلك الاعلام بقبيلتهم وكذلك بقبيلتهم الأم ، فمن ذلك قول فراج التويجر العضياني ق13هـ على سبيل المثال :
مسراحها من روق من خشم عسعس
وعسعس ودارة عسعس كانت لبني كلاب بن عامر بن صعصعة وهي اليوم للغبيات من المزاحمة من الروقه إخوة العضيان.وعسعس هذا الذي قرنه فراج التويجر العضياني كمركز للروقه في ذلك الوقت جبل عال مجتمع لا يشبهه شئ من جبال الحمى وهيئته كهية الرجل فمن رآه من المصعدين حسب خلقته خلقة رجل قاعد له رأس ومنكبان ، قال الشاعر :
إلى عسعس ذي المنكبين وذي الرأس
وقال ابن شؤذب :
وكان محل فاطمة الروابي *** تتمت لم تكن لتحل قاعا
بدارة عسعس درجت عليها *** سواني الريح بدءاً وارتجاعا
وقال جامع بن عمرو بن مرخِية :
تربعَت الداراتِ داراتِ عَـسـعَـس *** إلى أجَلى أقصى مَداها فـنـيرهـا
إلى عاقر الأقوام فالأيم فـالـلـوى *** إلى ذي حُساً رَوضاً مجوداً يصورها
وقال جميل :
جعلوا أقارح كُلها بيمينـهـم *** وهضابَ برقة عَسعس بشمال
ودارةعَسْعَسٍ المذكورة أعلاه : لبني جعفر بن كلاب بن عامر بن صعصعة ، قال جهم بن سبل الكلابي :
تَهددني وأوعـدنـي مـريد *** بنخوته وأفرده الضُـجَـاجُ
فلما أن رأى البَزَرَى جمعاً *** بدارة عسعس سكَتَ النبـاح
بمرهفَة ترى السُّفراءَ فيهـا *** كأن وجوههم عُصُب نضاجُ
حلفتُ لأنتِجن نساءَ سَلْمـى *** نتاجا كان أكثره الـخـدَاجُ
وقال الخارزنجي : عسعس جبل طويل على فرسخ من وراء ضرية لبني عامر، ودارة عسعس لبني جعفر قال بعضهم :
ألم تسأل الرَبْعَ القديم بعسعسـا *** كأني أنادي أو أكلم أخـرَسـا
فلو أن أهل الدار بالدار عرَجوا *** وجدْت مَقيلا عندهم ومعرًسـا
وقال بشر بن أبي خازم :
لمن دمنَة عـادية لـم تـؤنـسِ *** بسقط اللوَى من الكثيب فعسعسِ
وقال نصر: عسعس جبل في بلاد بني جعفر بن كلاب وبأصله ماء الناصفة.
وقال بن بليهد : " ودارة عسعس تقع بين جبل وسط وعسعس وهي واسعة نحو ثلاثة أميال في ميل و وهي كريمة منبات " أ.هـ .
وعسعس هذا على اسم رجل قتل في الدارة المجاورة للجبل فسمي الجبل والداره بعسعس . ثم أنظر رحمك الله إلى محافظة الروقه على تلك المسميات القديمة التي يعرفونها حق المعرفه والتي توارثوها من اسلافهم جشم وعامر بن صعصعة ، فلقد أشار بن بليهد في كتابه صحيح الاخبار ان قبائل عتيبة يسمون الاسماء كما كانت في الزمن القديم وابدى دهشته واستغرابه بل وألمح إلى اصابتهم في ذلك .
هكذا وصف القدماء أحد أعلام الحمى الذي هو عسعس ودارته والذي ارسل منه فراج التويجر العضياني ق13هـ رسالته لمحمد بن هندي بن حميد لما علم بخبر انتصاره ، ذاكراً انها من روق من خشم عسعس ، وهو كما قلنا علم واحد فقط من الأعلام الداخلة ضمن نطاق بلاد قبائل مزحم التي يترأسها الضيط .
ومن أكبر الأعلام في جنوب الحمى وأشهرها :
النير
وهو معقل عتيبة (الروقه) معظمه للعضيان من المزاحمة ، قال الفرج في كتابه : " عتيبة هي هوازن .. والنير هو معقلها وحصنها الحصين الذي تأوي أليه " أ.هـ ، وقال بن خميس في المجاز : " يمتد جبل النير من الشرق إلى الغرب ما بين ماء القاعية والنضادية (نضاد) إلى قريب من ماءة عفيف وبه مياه وقرى وأودية من أعظم جبال الجزيرة وأشهرها ، يتربع على سرة نجد وتنبسط حوله أخصب المراتع وأمرأها بين حمى ضرية وحمى سجا وحوض التسرير ، اتخذ منه صعاليك العرب ولصوصهم معقلاً يأوون إليه لتحميهم هضابه وشعابه وكهوفه وتجاويفه من سطوة الحكام ونقمة الأمراء .. به ظواهر تخالف ما حوله من الجبال فهو أسود فاحم ، بينما اللون الغالب على الجبال حوله الحمره . ويمتد من الغرب إلى الشرق بمسافة يوم لسير الرواحل تقريباً ، بينما أكثر امتداد جبال الجزيرة يكون من الشمال إلى الجنوب . وهو متطامن ليس بالسامق إلا من بعض شماريخ ونواتئ قليلة بينما الجبال التي حوله فارعة الطول " أ.هـ وفي كتب العرب القديمة ، قال ياقوت : والنير جبل بأعلى نجد شرقية لغني بن أعصُرَ وغربيه لغاضرة وحذاءه الأحساءُ بواد يقال له ذو بحار وهذا الوادي ينعض من أقاصي النير.
وقال ياقوت كما ذكرنا أعلاه : وبالنير قبر كليب بن وائل . وقيل هو في الذنائب .
وقد أطنب الشعراء في ذكر النير وأفاض الرواه في الحديث عنه ، قال جحدر اللص :
ذكرت هنداً وما يغني تذكرها *** والقوم قد جاوزوا ثهلان والنيرا
وقال سعيد بن عمرو الزبيري :
وإن يك ليلي طال بالنير أو سجا *** فقد كان بالجماء غير طويل
الا ليتني بدلت سلعاً وأهله *** بدمخ وأضراباً بهضب دخول
والجماء هي ماء الجمانية التي ذكرناها معقل الضيط بغرب النير وفيها الان الشيخ شالح الضيط حفظه الله ، ودمخ المذكور في الشعر ببلاد الشيابين والعصمة والدخول وحومل في بلاد الشيابين . وبالقرب من الجمانية دارت معركة من المعارك الكبيرة هي معركة الجمانية سنة 1210هـ ، أشترك فيها العضيان ، يقول عنها بن بشر : " وفيها جمع الشريف غالب بن مساعد صاحب مكه جموعاً كثيرة من باديته وحاضرته واستعمل عليهم أميراً ناصر بن يحيى الشريف وساروا من مكه . فلما بلغ الخبر عبدالعزيز بن محمد بن سعود أمر على محمد بن ربيعان ومن معه من عربان عتيبة وفيصل الدويش ومن تبعه من مطير وأمر على بوادي السهول وسبيع والعجمان وغيرهم من بوادي نجد وأمر على جميع هؤلاء العربان ينزلون على هادي بن قرمله رئيس قحطان وجميع عربانه ، ثم أمر على ربيع بن زايد الدوسري أمير وادي الدواسر أن يسيروا بالدواسر الحاضرة والبادية وينزلون عند هادي المذكور ، فاجتمعت تلك البوادي والجنود قرب الماء المعروف " الجمانية " في عالية نجد عند جبل النير ثم أن نصر الشريف سار بالجموع والعساكر العظيمة ومعهم مدافع ونزل على ماء الجمانية واجتمع عليه كثير من بوادي الحجاز بأموالها وأهلها فالتقت الجموع على ذلك الماء المذكور واقتتلوا قتالاً شديداً : وكثر القتلى من الفريقين ، فحمل هادي بن قرملة ومن معه على جنود الشريف فولوا منهزمين ، فلحقتهم تلك البوادي والجنود ومنحهم الله اكتافهم وأموالهم فقتل منهم نحو ثلاثمائة رجل وغنم منهم هادي وجموعه من الابل والغنم والأمتعه ما لا يعد ولا يحصى حتى ذكر أن الرجل والرجلان يحوزون مائة بعير وأخذوا خيمة ناصر ومدفعه " أ.هـ وعنها يقول دحلان ص 265: " في الرابع والعشرين من ذي الحجة جهز الشريف غالب جيشاً كثيفاً أمر عليه السيد ناصر بن سليمان ، فتوجه حتى أناخ بمران وعرض عليه كثير من القبائل ثم أنتقل إلى موضع يقال له عفيف ثم إلى موضع يقال له الشماس وتزايد عليه العربان ، فدهمهم جيش الوهابيين ومعهم بن ربيعان وهادي بن قرمله والدوشان وخلق كثير فصار بينهم قتال وملحمة عظيمة وقتل من الفريقين خلق كثير وقتل من مراجل الشريف ثلاثة واربعون وأخذ الوهابيون كثير من مواشي البوادي ورجع السيد ناصر بن سليمان ومن معه إلى مكه "أ.هـ .
يقول هنيدس الروقي : والشماس أو شمسان فيما نظن الذي ذكره دحلان موقع مجاور للجمانية قال ياقوت : شمسَان : تثنية الشمس المشرقة ، مُوَيهتان في جوف عريض ، وعريض قُنْه منقادة بطرف النير نير بني غاضرة (نير بني غاضره هو الجانب الغربي من النير وغني كانت بالجانب الشرقي منه) وهما الآن في أيدي بني عمرو بن كلاب (أي في ذلك العصر)، وعريض : بفتح أوله وكسر ثانيه واَخره ضاد وهو بمعنى خلاف الطويل، وهي قنة منقادة بطرف النير نير بني غاضرة، وفي قول امرىء القيس:
قَعدْتُ له وصحبي بين ضارج *** وبين تلاع يَثْلَث فالـعـريض
ويقابلهمها من جهة الحمى وادي (أظنه أنا يا هنيدس الآن فيحان) كان يسمى مهزُولٌ ، قال ياقوت مهزُولٌ: بالفتح وآخره لام اسم المفعول من الهزال اسم واد في أقبال النير بحمى ضرية ، وقال أبو زياد : مهزول واد يتعلق بواديتين فهما شُعبتا مهزول وأنشد :
عُوجا خليلي على الطُلـول *** بين اللوى وشعبتي مهزول
وما البكا في دارِسٍ محيل *** قفرٍ وليس اليومَ كالمأهول
ونعود للشواهد التي ذكر فيها النير في شعر العرب حيث قال طرفه :
فذو النير فالاعلام من جانب الحمى *** وقف كظهر الترس تجري أساجله
وقال النابغة :
أين القفول إلى حي وقد بعدوا *** أمسوا ودونهم ثهلان والنير
وقال زيد الخيل :
كأن محالها بالنير حرث *** أثارته بمجمرة صلاب
وقال حميد بن ثور الهلالي :
إلى النير فاللعباء حتى تبدلت *** مكان رواغيها الصريف المسدما
وقال توبه :
خليلي روحا راشدين فقد أتت *** ضرية من دون الحبيب ونيرها
وقال دريد بن الصمه الجشمي :
مجاورة سواد النير حتى *** تضمنها غريفة فالجفار
وقالت الخويلدية :
أمجلودة إن قلت هذاكم الحيا *** أصاب الحمى فالنير فالهضب جانبه
وقال الشيخ تركي بن حميد :
يـلــفـــن ابو تركـي زبـــون المجـنا *** هو شيخــنا لاجت ليال المعاســـير
الشــيخ مثلك مـا نزل شــعـــر عنا *** وادنا عتــيــبه حـايل دونه النــــــير
وقال التبيناوي يذكر أحد غزوات بن رشيد :
إنقاد من بين القرايا مديدة *** وفوق جفنا وبحار والنير هله
ومعظم غزوات بن رشيد كانت على العضيان والنفعه والحفاه وسكان تلك المناطق ، ولهم معها أحداث وقصص كثيره ، وجفنا قال عنها محمد بن عبدالله بن بليهد في كتاب ما تقارب سماعه وتباينت أمكنته وبقاعه ص 209 : " جفناء : منهل ماء شرقي جبل النير الشمالي ، ولها طريق سهل حتى تصل الماء ، فإذا رأيت الماء علمت أنه مدينة قديمة قد أندرست فيها الآثار من المباني والنخيل ، وقد ذكرها الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب " أ.هـ وقال الجاسر في كتاب المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية /المعجم المختصر : " جفناء : من قرى جبل النير للوزع ، وأحدهم وازعي من العضيان من الروقه " أ.هـ ، والوَزع: من الجعادين من التشمان من العضيان ، قالت العرب : والوازِعُ في الحرْبِ: المُوَكَّلُ بالصُّفُوفِ يَزَعُ من تقدَّم منهم بغير أَمره. ويقال: وزَعْتُ الجَيْشَ إذا حَبَسْتَ أَوَّلَهم على آخرهم. وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه: أَنّ المُغِيرَةَ رَجُلٌ وازِعٌ؛ يريد أَنه صالح للتقدّم على الجيش وتدبيرِ أَمرهم وترتيبهم في قتالهم . من فرسانهم المشهورين في الزمن القديم جدهم وازِعٌ ، (ذكر الفارس عايض بن وازع العضياني) :ومنهم الفارس عايض بن وازِعٌ . يذكر أن ابن رشيد غزا على ديار العتبان فسأل عن الابل من عندها من الرجال ، فقيل له عندها عائض بن وازع ، قال : لن نغامر بخسارة بعض رجالنا ومثله لا يقتل ، شهد معارك عتيبة الكبار في ذلك العصر ، وقتلته مطير جهة العلم في غزوة لهم : قال الشيخ هذال بن فهيد أمير الشيابين : عايض عن تسعة ، وقصة مقتله أن أحد الرعاة رأى عدة أشخاص ومعهم أسلحتهم في أحد الجبال هناك فأخبر عائض عنهم فركب عائض على جواده وقال : سأتي بهم إليكم مكبلين ، فلما أقترب من القوم ورأوه أطلقوا عليه رصاص بنادقهم فلم يصيبوه في الأولى ولما أصبح قريب جداً منهم اطلق أحدهم رصاصة أصابته في مقتل ، وقاتله معروف ، ولما وصل الخبر إلى هذال بن فهيد عزم على الانتقام ، ذلك أن عائضاً كان من أصحابه المقربين ، فجر جيش الشيابين على مضارب القوم واستطردوا لهم ، ولبد رجل من الشيابين لقاتل عائض فقتله بخنجره نحراً وجاء برأسه إلى الشيخ هذال لجائزة وضعها . وقيل ان عدة رؤوس جاءت الى هذال في ذلك اليوم .
( ومن فرسانهم ورماتهم المشهورين في الزمن الماضي عالي بن طهيميج) : وعلى اسمه رضامة عالي ، وكان الفارس ناهس بن فاجر الذويبي من حرب قد غزا في نفر من قومه قاصداً أبل الوزع شمال النير الغربي ، فلما رأى عالياً القوم عقل البل وكمن لهم في الرضامه المشهوره والمسماه على اسمه ، ولما اقتربوا أطلق عليهم نيران بندقيته فقتل منهم ثلاثة فرسان وأصاب رابع فعاد الذويبي ظاناً ان هناك عدة رجال في الرضامه ، ولما نزل عالي وجد الفارس الجريح وبجواره فرسه المكسوره أيضاً ، فقال الفارس : المال يا راع المال ، لا تقتلني ، فقال له عالي : يوم المال عندك وش اللي جابك عندي ، وفيه يقول عمار بن مسعود :
الضبــــعه الوركا وطتنا تستثيب *** أقص اثاريها مقـــــافي مقبـــــلات
ترس خشم النير من يم القليــب *** ولها على الهضبه مساريح ومبات
تبا العشـا مع درب قواد السبيب ** ناهس ولد فاجر مروي المرهفات
كله لعانا فاطر ترج الوجيـــــــب *** ظلت ترادي والعضود معقلات
عالي تعلا فالحياه وفالنصيـــب *** احتج بيت الله وصلى بعرفات
خاله وجده قدمهم رميه يصيب *** من رميهم شبعت طيور حايمات
ومنها :
نطل الجنايز قدم حلوات الحليب *** فرض علانا مثل مفروض الصلاة
وقتل فيما بعد عالي بن طهيميج في غثاه مقابل النير .
وغربي النير للوزع والبديدات من الجعادين من التشمان من العضيان ، وللبديدات في النير من الهجر أبو عشره كبيرها الغفيلي بن صنيتان ، وبديد جد : قالت العرب : ورجل أَبَدُّ وفي فخذيه بَدَدٌ أَي طول مفرط. قال ابن الكلبي: كان دُريد بن الصِّمَّة قد بَرِصَ بادّاه من كثرة ركوبه الخيل أَعراء؛ وبادّاه: ما يلي السرج من فخذيه؛ وقال القتيبي: يقال لذلك الموضع من الفرس بادّ. وفرس أَبَدُّ بَيِّنُ البَدَد أَي بعيد ما بين اليدين ؛ وقيل : هو الذي في يديه تباعد عن جنبيه، وهو البَدَدُ. وبعير أَبَدُّ : وهو الذي في يديه فَتَل ؛ وقال أَبو مالك : الأَبَدُّ الواسع الصدر. والأَبَدُّ الزنيمُ : الأَسَدُ ، وصفوه بالأَبَدِّ لتباعد في يديه، وبالزنيم لانفراده. وكتف بَدَّاء : عريضة متباعدة الأَقطار. ويقال : وبيني وبينك بُدَّة أَي غاية ومُدّة. وبايعه بَدَداً ، والبَديد : النظير ؛ يقال : ما أَنت بِبَديد لي فتكلمني. والبَديدة: المفازة الواسعة. وقالوا : وفلاة بَديد : لا أَحد فيها. والرجل إذا رأَى ما يستنكره فأَدام النظر إِليه يقال: أَبَدَّهُ بصره. ويقال : أَبَدَّ فلانٌ نظره إذا مدّه، وأَبْدَتْته بصري. وأَبددت يدي إِلى الأَرض فأَخذت منها شيئاً أَي مددتها. وبَدْبَدُ: موضع ، وبديد من أسماء العرب القديمة منهم : جد الحارث بن حلزه بن مكروه بن بديد بن عبد الله بن مالك بن عبد سعد بن جشم بن ذبيان بن كنانة بن يشكر صاحب المعلقة .
يتبع ـ
بناء على طلب الأخ سراي النير فلقد قمنا بكتابة هذا البحث وهو عن قبيلة من قبائل عتيبة كانت لها شهرة واسعة في تاريخ الجزيرة العربية ، وانجبت أمارات كبرى في الماضي ولا زال كبارها يشار لهم بالبنان حتى الان وقلنا :
الأخ العزيز سراي النير حفظه الله ورعاه
إجابة لما طلبتموه ، فها أنا ابعث لك بهذا المختصر على شكل مقالات وتعليقات وردود ، وآمل أن تعذرنا إن كان هناك نقص أو خطأ بالسهو غير مقصود :
( مدخل)
وترى البل دونها قحص الطلايع فوقها العضيان
حمـــول الخــيـل مهديـة العمـار بـلا موازينـا
إعلم وفقني الله وأياك أن العِضْيَان ِ: قبيلة من المزاحمة من الرُّوَقَةِ من عُتَيْبَةَ. والنسبة إليهم عُضَيَّاني. وهم أبناء عمومة : المراشدة والغبيات والهراجفة . ورئيس العِضْيَانِ الَضِيْطُ ، وهم أُمَراء المزاحمه وقادتهم في الحروب . واعلم أن الَضِيْطُ في لغة العرب هو : الغليظ والقوي الشديد، قال الصاحب بن عباد في المحيط: يُقال: ضاطَ الرَّجُلُ يَضِيْطُ ضَيَطاناً. ورَجُلٌ ضَيّاطٌ وجَمَلٌ ضَيِّاطٌ أي: شَدِيدٌ. وقال الجوهري في الصحاح : الضَيَّاطُ: الرجلُ الغليظُ. والضيط قيل أنه يضوط الرجال أي يمسك بالأثنين تحت آباطه وهو من الغلظه أشتهر عن جدهم الأعلى ذلك ، والكلمة في صفتها كناية عن الشدة والغلظة والقسوه .
والأمير الآن هو الشيخ بدر بن نايف بن مارق بن صنيتان بن شالح الَضِيْطُ ، وأمارة الَضِيْطُ قديمة كانت فيما روي للشيخ عبدالله الَضِيْطُ ، ثم الشيخ متاعب الَضِيْطُ ، ثم اشتهر منهم الشيخ الفارس شالح بن متاعب الَضِيْطُ كواحد من أشهر فرسان نجد . ذكر بن عيسى في أحداث سنة 1268هـ وفيها : " خرج محمد بن ناصر من المدينة ومعه عساكر كثير من عربان حرب وأغار على العضيان عرب الَضِيْطُ من عتيبة على الدفينه.." أ.هـ ، وقد قتل في هذه المعركة الكثير من العضيان والأتراك ومن معهم من حرب ومن مشاهير القتلى من العرب الذويبي أحد أمراء حرب ، قال الشاعر المعاصر :
وشالح ضرب ولد ......... بسيفة *** ليا عازل حيد الظهر من حمايلة
وخشية من أن تعاد الكره مرة أخرى للأنتقام ، فقد استعد أهالي نجد عامه للحرب ضد الأتراك ، يقول بن عيسى في تاريخه : " ولما وصل الخبر إلى الأمام فيصل أمر على جميع رعاياه من المسلمين بالجهاد ، وأخذ في التأهب والأستعداد ثم خرج من الرياض بمن معه من جنود المسلمين من غزو أهل العارض والخرج ونزل بلد المجمعة واجتمع عليه غزو بلدان سدير والمحمل والوشم والقصيم .. وجاءت الأخبار بأن عباس باشا والي مصر جهز عساكر كثيرة إلى بلدان عسير وأنه أمر على من بالمدينة أن يلحقوا بهم .. فحصل الاطمئنان للبلاد والعباد" أ.هـ ، ذلك ان أهالي نجد كانوا في خوف شديد وكرب عظيم خشية أن يغزوهم والي المدينة التركي للأنتقام مما حصل في المعركة التي ذكرناها ، فتفكر كيف يواجه الشيخ شالح الَضِيْطُ والعضيان هذا الجيش العرمرم الذي أرعب نجد واليمامه في ذلك العصر بشهادة بن عيسى، ومعركة العضيان مع الأتراك مشهوره ويعرفها ابناء البادية وليس كما ذكرها بن عيسى .
ومنهم الشيخ المقدام الفارس صنيتان بن شالح الَضِيْطُ له شهره واسعه في نجد وجزيرة العرب ، قال الشاعر العتيبي في مناخ عرجا :
الخيل عيت لا توالي صنيتان **** يحدها حد الجواد الطليعة
وقال حمود العبيد الرشيد ذاكراً الشيخ صنيتان الضيط في كون عروى :
حصان الَضِيْطُ اللي يسمى صنيتان
وفي روايه :
غوج الصريم اللي يسمى صنيتان
وقال بن طواله :
لانن جانا فزعة من شماله *** الآد روق مرجحين الموازين
من ضرب أهل عمهوج رحنا دباله *** عزي لكن يا لابسات السباهين
وعمهوج هو سيف الَضِيْطُ المشهور وهو من حديد الجوهر الصلب نوع (كيرك نير دبان) ق10هـ صنع لملوك الدولة الصفوية خاصة (شاه عباس خدا بنده) ، وقد عرفت عند العتبان بالعبابيس وذكروها في كثير من أشعارهم ، قال الشيخ تركي بن حميد :
ولومي على اللي ينقلون العبابيس !!
وقال الرويس :
نوخ وظهر وانتشل كل عباس !
وعباس (عبابيس) نسبة إلى الملك الصفوي شاه عباس المذكور أعلاه وهي سيوف من عمل الصانع المشهور أسد الله الأصفهاني وابنه كلبعلي وهذه السيوف ممهور عليها اسماء السلاطين واسماء الصناع بماء الذهب وقد غنمت المئات منها ابان غزو الدولة السعودية الاولى ومعهم الروقه والعضيان لكربلاء 1216هـ ، حيث كانت محفوظة كذخائر نفيسه في الاضرحة . وبعض منها اليوم يوجد في المتاحف السعودية وفي المجموعات الخاصة لكبار الأمراء وكبار مشايخ قبائل نجد ومنها ما تم اهداءه الى المتاحف العالمية في العقود الماضية .
(عوده) واشتهر من شيوخ العضيان الشيخ مارق بن صنيتان الَضِيْطُ صاحب الأكوان والغزوات المشهوره ، قال الشاعر :
العام مارق ردها من تهامه **زبن الثبار ليا تردى نقلها
ومنهم الشيوخ المشاهير : الشيخ بدر بن مارق الَضِيْطُ والشيخ تركي بن مارق الَضِيْطُ والشيخ نايف بن مارق الَضِيْطُ والشيخ تركي بن نايف الَضِيْطُ وفرسان كبار آخرون سنذكرهم انشاء الله تعالى . رغم أن تركيزنا في هذا البحث يختص بالديار وبأقسام العضيان .
والَضِيْطُ من الفداعسه من التشمان: وقد قالت العرب : الدَّعْسُ: الطَّعْنُ بالرُّمْحِ، والمِدْعاسُ: الرُّمحُ الغَلِيظُ الشَّدِيدُ الذي لا يَنْثَنِي. وقالوا : المِدْعَسِ، كمِنْبَرٍ، وهو الرُّمْحُ، يُدْعَسُ بِهِ، أَي يُطْعَنُ. وقال أَبو عُبَيْد: المَدَاعِسُ مِن الرِّمَاحِ: الصُّمُّ. والمِدْعَسُ أَيضاً: الطَّعَّانُ بالمِدْعَسِ أَنشَدَ ابنُ دُرَيْد:
لَتَجِدَنِّي بـالأَمِـير بَـرَّا
وَبِالْقَنَاةِ مِدْعَساً مِكَـرَّا
إذا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرَّا
وفي الحَدِيث: فَإِذَا دَنَا العَدُوُّ كَانَتِ المُدَاعَسَةُ بالرِّمَاحِ حَتَّى تَقَصَّد، أَي المُطَاعَنَة، ومنه رَجُلٌ مُدَاعِسٌ، أَي مُطَاعِنٌ. قال الشاعر :
إذا هَابَ أَقْوَامٌ تَقَحَّمتُ غَمْرَةً *** يَهَابُ حُمَيَّاهُ الأَلَدُّ المُدَاعِسُ
وفي النَّوادِرِ: رَجُلٌ دَعُوسٌ عَطُوسٌ قَدُوسٌ دَقُوسٌ، أَي مِقْدَامٌ في الغَمَراتِ والحُرُوبِ. وفدَعُوسٌ فيما أرى اضيف له الفاء للمبالغة عند المتأخرين وهو مأخوذ من الطعن والطعان .
ولم تذكر كتب التاريخ شيخاً أقدم من هنيدس الروقي شيخاً للروقه ، بل يكاد يكون أقدم شيخ ذكرته المصادر التاريخية من شيوخ عتيبة ، وذلك لشهرته العريضه في القرن الثاني عشر الهجري (وهذا سر اختيارنا نحن المتلقبين بهنيدس الروقي لهذه الشخصية ولا علاقة لنا بالفداعسة وغيرهم لا من قريب ولا من بعيد الا انهم ابناء عمومتنا كبقية عتيبة) ، والهنادسة في الروقه هم (ذوي هنيدس) من الفداعسه من العضيان ، ومن الفداعسة أيضاً الضيط أمير مزحم المشهور منذ القدم كما بينا ، ومن العضيان أيضاً الشغار الأمراء المشهورين في عتيبة ، فهذه القبيلة أنجبت شيوخاً كباراً لهم بصمتهم الواضحة في تاريخ الحجاز والجزيرة العربية
وعن هنيدس يقول دحلان "فجأهم هتيمي وأخبر الشريف بأن الأشراف الجلويه غزونا ونهبوا ابلنا ونجعنا ، فقال الشريف سعد أتعرف محلهم ؟ قال نعم قال أنت الدال عليهم فساروا بجيشهم وحثوا في سيرهم فادركوهم عند الظهر مقيلين حول حده) وجميع ما أخذوه من هتيم عندهم .. فاقتتلوا معهم فقتلوا من القوم زهاء ثلاثين غير المصابين وكان مع الاشراف الجلويه من شيوخ العرب هنيدس شيخ الروقه وربعه وحسين بن سويدان شيخ مطير وربعه وكانت هذه الواقعه يوم الأحد سابع عشر ربيع الثاني ووصل خبرها إلى مكه ودق الزير وألبس البشير" دحلان
وفي احداث طويله 1115هـ وهي قتال بين الشريف سعد والشريف عبدالكريم يقول المصدر السابق (ونختصرها) : جمع الشريف سعد جماعة من الروقه ومخلد والنفعه وقبائل من الأعراب وأطمعهم بالمال واراد أن يدخل بهم الطائف .. وطلع له عسكر الباشا من ترك ومغاربه .. فكر الشريف سعد راجعاً ..ووقعت العسكر في البدو وعمل السيف فيهم .. وقتل من قوم الشريف سعد ما ينيف على الثلاثين ، وقتل من جماعة الشريف عبدالكريم ثمانيه .. وفي الساعة الرابعة ظهراً عجز جماعة الشريف سعد فولوا هاربين .. فحمل عليهم الشريف عبدالكريم بمن معه جملة واحدة فصاروا يقتلون فيهم .. وكانت مقتلة عظيمه ومصيبة مهوله .. إلى ان وصلوا بستان سليمى وهم يتخنون في القتل وينهبون ما قدروا على نهبه من الأبل والخيل ..(وعند البستان الذي أختبأ فيه الشريف سعد) وبينما كان الشريف عبدالكريم يحدث أحد أعوانه غدره ابن جمهور العدواني وهنيدس شيخ الروقه !! فطعنه ابن جمهور في يده وخدشه هنيدس بالرمح في رأسه (وهرب) فاقتفاه هنيدس وطعن فرسه في فخذها وفازا بأنفسهما !!! (وبعد ذلك بزمن ) استغل الشريف سعد غياب الشريف عبدالكريم واستولى على مكه وكان العربان معه كالجراد (اغلبهم من غامد وزهران) .. ثم عاد الشريف عبدالكريم ومعه جمع غفير من عتيبة وحرب واستولى على مكه بعد معارك طاحنه "ـ دحلان 138ـ139
وقعة المعابده ومقتل الشيخ هنيدس
1116هـ " ومما أتفق أن عتيبة ليلة التاسع من شوال قتلت أربعة من هذيل واثنين من قريش قريباً من السد فخرجت هذيل في صبيحتها في نحو مائتي مقاتل إلى أن وصلت المعابده فوجدوا هناك حياً من عتيبة وفيهم هنيدس شيخ الروقه فقتلوه وقتلوا معه نحو سبعة أنفار من عرب عتيبة وطرحوهم في الطريق ورقوا جبل الخندمه فصرخ صارخهم فارتجت لهم الأرض فركب السيد أحمد بن جازان في جماعة من الأشراف فاعطوهم الأمان فلم يأمنوا لأن عتيبة أجتمعت فرقة منهم بالمعابده فلم تزل بهم الأشراف حتى رضوا عند العصر فأخذوا هدنه عشرة أيام ونادى السيد أحمد بن جازان لهذيل أنهم في أمانه وضمانه ووجهه ، ثم أن عتيبة رحلوا غضاباً ونزلوا بالخبت على غير رضى ، واستمر الخوف إلى أن دخل الشريف عبدالكريم وكان ما كان، ثم أن الشريف عبدالمحسن نادى بأن هذيلاً وعتيبة الكل منهم في وجهه لايمد أحد منهم يده على رفيقه ." دحلان 144 وقوله "وكان ما كان" عند دخول الشريف عبدالكريم لمكه لم يبينه مؤلف الكتاب إلا أنه أورد خبراً أمر فيه الشريف عبدالكريم بشنق أحد عشر رجلاً من هذيل بسبب تعرضهم لمورق الشريف إلى جده !!" ـ دحلان 157
ومن هنا نجد التفسير لامارة الضيط من الفداعسة على كافة مزحم والتي كانت في ما مضى على الروقة وربما على كافة عتيبة .
وينقسم الفداعسة اليوم إلى : الهنادسه والمطازه واللهاوين والضيطه والصمان .
وللضيط كما هو معلوم الجمانية وهي بجانب النير الغربي ، وهي عد ماء جاهلي ، قال الشاعر :
فلو ان ليلي طال بالنير أو سجا *** فقد كان بالجماء غير طويل
ويتبع الضيط قبائل مزحم التي تتربع على جانب الحمى والأعلام المشهورة والمذكورة في تواريخ العرب وآدابهم ومعلقاتهم وأشعارهم ، حيث دارت فيها رحى حروبهم وأيامهم القديمة والقريبة العهد ، وفي قلبها بلاد العضيان ، وهي سنام نجد ، وهي المقصودة بقول الشاعر العتيبي :
واستحلينا الثنادي قمة المعمورة *** العشاير مالها في نجد دار يساوي
وبقوله :
حنا ورثنا منزل كلـــيب وذيــــاب *** في نجد ننهض مانهزع من صفوفه
واعلم أن هذه الأعلام الآتي ذكرها في هذا المقال كانت لملوك اليمن التبابعة ثم لكندة ثم لنزار وفيهم كليب ثم لبني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ثم لبني هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ثم للروقه (ق5ـ7هــ) ، ثم دارت فيها المعارك بين القبائل لفترة طويلة من الزمن ، ثم عادت للروقه في القرن الثاني عشر ، ثم دارت فيها رحى المعارك ثم عادت للروقه ق13هـ مما يطول شرحه ، واذا علمنا أن مصادر كثيرة تشير إلى أن الروقه من هوازن ، فبذلك تكون البلاد قد عادت إلى أهلها كما قال بن بليهد وابن خميس وغيرهم في وصفهم لعتيبة .
زد على ذلك أن شعراء العضيان قرنوا اسماء بعض تلك الاعلام بقبيلتهم وكذلك بقبيلتهم الأم ، فمن ذلك قول فراج التويجر العضياني ق13هـ على سبيل المثال :
مسراحها من روق من خشم عسعس
وعسعس ودارة عسعس كانت لبني كلاب بن عامر بن صعصعة وهي اليوم للغبيات من المزاحمة من الروقه إخوة العضيان.وعسعس هذا الذي قرنه فراج التويجر العضياني كمركز للروقه في ذلك الوقت جبل عال مجتمع لا يشبهه شئ من جبال الحمى وهيئته كهية الرجل فمن رآه من المصعدين حسب خلقته خلقة رجل قاعد له رأس ومنكبان ، قال الشاعر :
إلى عسعس ذي المنكبين وذي الرأس
وقال ابن شؤذب :
وكان محل فاطمة الروابي *** تتمت لم تكن لتحل قاعا
بدارة عسعس درجت عليها *** سواني الريح بدءاً وارتجاعا
وقال جامع بن عمرو بن مرخِية :
تربعَت الداراتِ داراتِ عَـسـعَـس *** إلى أجَلى أقصى مَداها فـنـيرهـا
إلى عاقر الأقوام فالأيم فـالـلـوى *** إلى ذي حُساً رَوضاً مجوداً يصورها
وقال جميل :
جعلوا أقارح كُلها بيمينـهـم *** وهضابَ برقة عَسعس بشمال
ودارةعَسْعَسٍ المذكورة أعلاه : لبني جعفر بن كلاب بن عامر بن صعصعة ، قال جهم بن سبل الكلابي :
تَهددني وأوعـدنـي مـريد *** بنخوته وأفرده الضُـجَـاجُ
فلما أن رأى البَزَرَى جمعاً *** بدارة عسعس سكَتَ النبـاح
بمرهفَة ترى السُّفراءَ فيهـا *** كأن وجوههم عُصُب نضاجُ
حلفتُ لأنتِجن نساءَ سَلْمـى *** نتاجا كان أكثره الـخـدَاجُ
وقال الخارزنجي : عسعس جبل طويل على فرسخ من وراء ضرية لبني عامر، ودارة عسعس لبني جعفر قال بعضهم :
ألم تسأل الرَبْعَ القديم بعسعسـا *** كأني أنادي أو أكلم أخـرَسـا
فلو أن أهل الدار بالدار عرَجوا *** وجدْت مَقيلا عندهم ومعرًسـا
وقال بشر بن أبي خازم :
لمن دمنَة عـادية لـم تـؤنـسِ *** بسقط اللوَى من الكثيب فعسعسِ
وقال نصر: عسعس جبل في بلاد بني جعفر بن كلاب وبأصله ماء الناصفة.
وقال بن بليهد : " ودارة عسعس تقع بين جبل وسط وعسعس وهي واسعة نحو ثلاثة أميال في ميل و وهي كريمة منبات " أ.هـ .
وعسعس هذا على اسم رجل قتل في الدارة المجاورة للجبل فسمي الجبل والداره بعسعس . ثم أنظر رحمك الله إلى محافظة الروقه على تلك المسميات القديمة التي يعرفونها حق المعرفه والتي توارثوها من اسلافهم جشم وعامر بن صعصعة ، فلقد أشار بن بليهد في كتابه صحيح الاخبار ان قبائل عتيبة يسمون الاسماء كما كانت في الزمن القديم وابدى دهشته واستغرابه بل وألمح إلى اصابتهم في ذلك .
هكذا وصف القدماء أحد أعلام الحمى الذي هو عسعس ودارته والذي ارسل منه فراج التويجر العضياني ق13هـ رسالته لمحمد بن هندي بن حميد لما علم بخبر انتصاره ، ذاكراً انها من روق من خشم عسعس ، وهو كما قلنا علم واحد فقط من الأعلام الداخلة ضمن نطاق بلاد قبائل مزحم التي يترأسها الضيط .
ومن أكبر الأعلام في جنوب الحمى وأشهرها :
النير
وهو معقل عتيبة (الروقه) معظمه للعضيان من المزاحمة ، قال الفرج في كتابه : " عتيبة هي هوازن .. والنير هو معقلها وحصنها الحصين الذي تأوي أليه " أ.هـ ، وقال بن خميس في المجاز : " يمتد جبل النير من الشرق إلى الغرب ما بين ماء القاعية والنضادية (نضاد) إلى قريب من ماءة عفيف وبه مياه وقرى وأودية من أعظم جبال الجزيرة وأشهرها ، يتربع على سرة نجد وتنبسط حوله أخصب المراتع وأمرأها بين حمى ضرية وحمى سجا وحوض التسرير ، اتخذ منه صعاليك العرب ولصوصهم معقلاً يأوون إليه لتحميهم هضابه وشعابه وكهوفه وتجاويفه من سطوة الحكام ونقمة الأمراء .. به ظواهر تخالف ما حوله من الجبال فهو أسود فاحم ، بينما اللون الغالب على الجبال حوله الحمره . ويمتد من الغرب إلى الشرق بمسافة يوم لسير الرواحل تقريباً ، بينما أكثر امتداد جبال الجزيرة يكون من الشمال إلى الجنوب . وهو متطامن ليس بالسامق إلا من بعض شماريخ ونواتئ قليلة بينما الجبال التي حوله فارعة الطول " أ.هـ وفي كتب العرب القديمة ، قال ياقوت : والنير جبل بأعلى نجد شرقية لغني بن أعصُرَ وغربيه لغاضرة وحذاءه الأحساءُ بواد يقال له ذو بحار وهذا الوادي ينعض من أقاصي النير.
وقال ياقوت كما ذكرنا أعلاه : وبالنير قبر كليب بن وائل . وقيل هو في الذنائب .
وقد أطنب الشعراء في ذكر النير وأفاض الرواه في الحديث عنه ، قال جحدر اللص :
ذكرت هنداً وما يغني تذكرها *** والقوم قد جاوزوا ثهلان والنيرا
وقال سعيد بن عمرو الزبيري :
وإن يك ليلي طال بالنير أو سجا *** فقد كان بالجماء غير طويل
الا ليتني بدلت سلعاً وأهله *** بدمخ وأضراباً بهضب دخول
والجماء هي ماء الجمانية التي ذكرناها معقل الضيط بغرب النير وفيها الان الشيخ شالح الضيط حفظه الله ، ودمخ المذكور في الشعر ببلاد الشيابين والعصمة والدخول وحومل في بلاد الشيابين . وبالقرب من الجمانية دارت معركة من المعارك الكبيرة هي معركة الجمانية سنة 1210هـ ، أشترك فيها العضيان ، يقول عنها بن بشر : " وفيها جمع الشريف غالب بن مساعد صاحب مكه جموعاً كثيرة من باديته وحاضرته واستعمل عليهم أميراً ناصر بن يحيى الشريف وساروا من مكه . فلما بلغ الخبر عبدالعزيز بن محمد بن سعود أمر على محمد بن ربيعان ومن معه من عربان عتيبة وفيصل الدويش ومن تبعه من مطير وأمر على بوادي السهول وسبيع والعجمان وغيرهم من بوادي نجد وأمر على جميع هؤلاء العربان ينزلون على هادي بن قرمله رئيس قحطان وجميع عربانه ، ثم أمر على ربيع بن زايد الدوسري أمير وادي الدواسر أن يسيروا بالدواسر الحاضرة والبادية وينزلون عند هادي المذكور ، فاجتمعت تلك البوادي والجنود قرب الماء المعروف " الجمانية " في عالية نجد عند جبل النير ثم أن نصر الشريف سار بالجموع والعساكر العظيمة ومعهم مدافع ونزل على ماء الجمانية واجتمع عليه كثير من بوادي الحجاز بأموالها وأهلها فالتقت الجموع على ذلك الماء المذكور واقتتلوا قتالاً شديداً : وكثر القتلى من الفريقين ، فحمل هادي بن قرملة ومن معه على جنود الشريف فولوا منهزمين ، فلحقتهم تلك البوادي والجنود ومنحهم الله اكتافهم وأموالهم فقتل منهم نحو ثلاثمائة رجل وغنم منهم هادي وجموعه من الابل والغنم والأمتعه ما لا يعد ولا يحصى حتى ذكر أن الرجل والرجلان يحوزون مائة بعير وأخذوا خيمة ناصر ومدفعه " أ.هـ وعنها يقول دحلان ص 265: " في الرابع والعشرين من ذي الحجة جهز الشريف غالب جيشاً كثيفاً أمر عليه السيد ناصر بن سليمان ، فتوجه حتى أناخ بمران وعرض عليه كثير من القبائل ثم أنتقل إلى موضع يقال له عفيف ثم إلى موضع يقال له الشماس وتزايد عليه العربان ، فدهمهم جيش الوهابيين ومعهم بن ربيعان وهادي بن قرمله والدوشان وخلق كثير فصار بينهم قتال وملحمة عظيمة وقتل من الفريقين خلق كثير وقتل من مراجل الشريف ثلاثة واربعون وأخذ الوهابيون كثير من مواشي البوادي ورجع السيد ناصر بن سليمان ومن معه إلى مكه "أ.هـ .
يقول هنيدس الروقي : والشماس أو شمسان فيما نظن الذي ذكره دحلان موقع مجاور للجمانية قال ياقوت : شمسَان : تثنية الشمس المشرقة ، مُوَيهتان في جوف عريض ، وعريض قُنْه منقادة بطرف النير نير بني غاضرة (نير بني غاضره هو الجانب الغربي من النير وغني كانت بالجانب الشرقي منه) وهما الآن في أيدي بني عمرو بن كلاب (أي في ذلك العصر)، وعريض : بفتح أوله وكسر ثانيه واَخره ضاد وهو بمعنى خلاف الطويل، وهي قنة منقادة بطرف النير نير بني غاضرة، وفي قول امرىء القيس:
قَعدْتُ له وصحبي بين ضارج *** وبين تلاع يَثْلَث فالـعـريض
ويقابلهمها من جهة الحمى وادي (أظنه أنا يا هنيدس الآن فيحان) كان يسمى مهزُولٌ ، قال ياقوت مهزُولٌ: بالفتح وآخره لام اسم المفعول من الهزال اسم واد في أقبال النير بحمى ضرية ، وقال أبو زياد : مهزول واد يتعلق بواديتين فهما شُعبتا مهزول وأنشد :
عُوجا خليلي على الطُلـول *** بين اللوى وشعبتي مهزول
وما البكا في دارِسٍ محيل *** قفرٍ وليس اليومَ كالمأهول
ونعود للشواهد التي ذكر فيها النير في شعر العرب حيث قال طرفه :
فذو النير فالاعلام من جانب الحمى *** وقف كظهر الترس تجري أساجله
وقال النابغة :
أين القفول إلى حي وقد بعدوا *** أمسوا ودونهم ثهلان والنير
وقال زيد الخيل :
كأن محالها بالنير حرث *** أثارته بمجمرة صلاب
وقال حميد بن ثور الهلالي :
إلى النير فاللعباء حتى تبدلت *** مكان رواغيها الصريف المسدما
وقال توبه :
خليلي روحا راشدين فقد أتت *** ضرية من دون الحبيب ونيرها
وقال دريد بن الصمه الجشمي :
مجاورة سواد النير حتى *** تضمنها غريفة فالجفار
وقالت الخويلدية :
أمجلودة إن قلت هذاكم الحيا *** أصاب الحمى فالنير فالهضب جانبه
وقال الشيخ تركي بن حميد :
يـلــفـــن ابو تركـي زبـــون المجـنا *** هو شيخــنا لاجت ليال المعاســـير
الشــيخ مثلك مـا نزل شــعـــر عنا *** وادنا عتــيــبه حـايل دونه النــــــير
وقال التبيناوي يذكر أحد غزوات بن رشيد :
إنقاد من بين القرايا مديدة *** وفوق جفنا وبحار والنير هله
ومعظم غزوات بن رشيد كانت على العضيان والنفعه والحفاه وسكان تلك المناطق ، ولهم معها أحداث وقصص كثيره ، وجفنا قال عنها محمد بن عبدالله بن بليهد في كتاب ما تقارب سماعه وتباينت أمكنته وبقاعه ص 209 : " جفناء : منهل ماء شرقي جبل النير الشمالي ، ولها طريق سهل حتى تصل الماء ، فإذا رأيت الماء علمت أنه مدينة قديمة قد أندرست فيها الآثار من المباني والنخيل ، وقد ذكرها الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب " أ.هـ وقال الجاسر في كتاب المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية /المعجم المختصر : " جفناء : من قرى جبل النير للوزع ، وأحدهم وازعي من العضيان من الروقه " أ.هـ ، والوَزع: من الجعادين من التشمان من العضيان ، قالت العرب : والوازِعُ في الحرْبِ: المُوَكَّلُ بالصُّفُوفِ يَزَعُ من تقدَّم منهم بغير أَمره. ويقال: وزَعْتُ الجَيْشَ إذا حَبَسْتَ أَوَّلَهم على آخرهم. وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه: أَنّ المُغِيرَةَ رَجُلٌ وازِعٌ؛ يريد أَنه صالح للتقدّم على الجيش وتدبيرِ أَمرهم وترتيبهم في قتالهم . من فرسانهم المشهورين في الزمن القديم جدهم وازِعٌ ، (ذكر الفارس عايض بن وازع العضياني) :ومنهم الفارس عايض بن وازِعٌ . يذكر أن ابن رشيد غزا على ديار العتبان فسأل عن الابل من عندها من الرجال ، فقيل له عندها عائض بن وازع ، قال : لن نغامر بخسارة بعض رجالنا ومثله لا يقتل ، شهد معارك عتيبة الكبار في ذلك العصر ، وقتلته مطير جهة العلم في غزوة لهم : قال الشيخ هذال بن فهيد أمير الشيابين : عايض عن تسعة ، وقصة مقتله أن أحد الرعاة رأى عدة أشخاص ومعهم أسلحتهم في أحد الجبال هناك فأخبر عائض عنهم فركب عائض على جواده وقال : سأتي بهم إليكم مكبلين ، فلما أقترب من القوم ورأوه أطلقوا عليه رصاص بنادقهم فلم يصيبوه في الأولى ولما أصبح قريب جداً منهم اطلق أحدهم رصاصة أصابته في مقتل ، وقاتله معروف ، ولما وصل الخبر إلى هذال بن فهيد عزم على الانتقام ، ذلك أن عائضاً كان من أصحابه المقربين ، فجر جيش الشيابين على مضارب القوم واستطردوا لهم ، ولبد رجل من الشيابين لقاتل عائض فقتله بخنجره نحراً وجاء برأسه إلى الشيخ هذال لجائزة وضعها . وقيل ان عدة رؤوس جاءت الى هذال في ذلك اليوم .
( ومن فرسانهم ورماتهم المشهورين في الزمن الماضي عالي بن طهيميج) : وعلى اسمه رضامة عالي ، وكان الفارس ناهس بن فاجر الذويبي من حرب قد غزا في نفر من قومه قاصداً أبل الوزع شمال النير الغربي ، فلما رأى عالياً القوم عقل البل وكمن لهم في الرضامه المشهوره والمسماه على اسمه ، ولما اقتربوا أطلق عليهم نيران بندقيته فقتل منهم ثلاثة فرسان وأصاب رابع فعاد الذويبي ظاناً ان هناك عدة رجال في الرضامه ، ولما نزل عالي وجد الفارس الجريح وبجواره فرسه المكسوره أيضاً ، فقال الفارس : المال يا راع المال ، لا تقتلني ، فقال له عالي : يوم المال عندك وش اللي جابك عندي ، وفيه يقول عمار بن مسعود :
الضبــــعه الوركا وطتنا تستثيب *** أقص اثاريها مقـــــافي مقبـــــلات
ترس خشم النير من يم القليــب *** ولها على الهضبه مساريح ومبات
تبا العشـا مع درب قواد السبيب ** ناهس ولد فاجر مروي المرهفات
كله لعانا فاطر ترج الوجيـــــــب *** ظلت ترادي والعضود معقلات
عالي تعلا فالحياه وفالنصيـــب *** احتج بيت الله وصلى بعرفات
خاله وجده قدمهم رميه يصيب *** من رميهم شبعت طيور حايمات
ومنها :
نطل الجنايز قدم حلوات الحليب *** فرض علانا مثل مفروض الصلاة
وقتل فيما بعد عالي بن طهيميج في غثاه مقابل النير .
وغربي النير للوزع والبديدات من الجعادين من التشمان من العضيان ، وللبديدات في النير من الهجر أبو عشره كبيرها الغفيلي بن صنيتان ، وبديد جد : قالت العرب : ورجل أَبَدُّ وفي فخذيه بَدَدٌ أَي طول مفرط. قال ابن الكلبي: كان دُريد بن الصِّمَّة قد بَرِصَ بادّاه من كثرة ركوبه الخيل أَعراء؛ وبادّاه: ما يلي السرج من فخذيه؛ وقال القتيبي: يقال لذلك الموضع من الفرس بادّ. وفرس أَبَدُّ بَيِّنُ البَدَد أَي بعيد ما بين اليدين ؛ وقيل : هو الذي في يديه تباعد عن جنبيه، وهو البَدَدُ. وبعير أَبَدُّ : وهو الذي في يديه فَتَل ؛ وقال أَبو مالك : الأَبَدُّ الواسع الصدر. والأَبَدُّ الزنيمُ : الأَسَدُ ، وصفوه بالأَبَدِّ لتباعد في يديه، وبالزنيم لانفراده. وكتف بَدَّاء : عريضة متباعدة الأَقطار. ويقال : وبيني وبينك بُدَّة أَي غاية ومُدّة. وبايعه بَدَداً ، والبَديد : النظير ؛ يقال : ما أَنت بِبَديد لي فتكلمني. والبَديدة: المفازة الواسعة. وقالوا : وفلاة بَديد : لا أَحد فيها. والرجل إذا رأَى ما يستنكره فأَدام النظر إِليه يقال: أَبَدَّهُ بصره. ويقال : أَبَدَّ فلانٌ نظره إذا مدّه، وأَبْدَتْته بصري. وأَبددت يدي إِلى الأَرض فأَخذت منها شيئاً أَي مددتها. وبَدْبَدُ: موضع ، وبديد من أسماء العرب القديمة منهم : جد الحارث بن حلزه بن مكروه بن بديد بن عبد الله بن مالك بن عبد سعد بن جشم بن ذبيان بن كنانة بن يشكر صاحب المعلقة .
يتبع ـ