ابو محمد الدعجاني
22-Jun-2010, 01:31 AM
يعتبر كثيرون ان يوم 2010/5/31 يوم سيسجله التاريخ، وقال آخرون ان تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني دخل في مرحلة جديدة مع حادث الاعتداء الصهيوني على اسطول «الحرية»، ويرى البعض ان تاريخ العالم بعد 5/31 ليس كما قبله، وانه فاق او ستفوق آثاره النتائج الناتجة عن احداث 11 سبتمبر 2001 التي اسفرت عن سقوط برجي التجارة العالمية في نيويورك.
وعشية وليلة 2010/5/31 كما هو معلوم كنت انا على ظهر السفينة مرمرة ضمن اسطول «الحرية»، هذه السفينة التي غيرت وجه التاريخ بشجاعة وبطولة وبسالة وشهامة وإنسانية ركابها، الذين واجهوا قوة غاشمة مسلحة مددجة وهم عزل ورفضوا الاستسلام قبل ان يرتكب الصهاينة حماقة كبرى بقتل واصابة العشرات من ركاب السفينة مرمرة.
بدأت هذه الليلة التاريخية بصلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا، وصادف ان حضر الصلاة المطران كبوشي وهو مطران القدس الاسبق الذي ابعد عن فلسطين قبل نحو 25 عاما، وبعد ان قضيت الصلاة خطب بنا الشيخ رائد صلاح، مؤكدا ضرورة اليقين بالله وبنصره على الصهاينة، وان الظلم الواقع على غزة لا يجوز السكوت عنه، وان صمود اهل غزة هو بداية نهاية الكيان الصهيوني، وتلاه بعد ذلك المطران كبوشي الذي اكد على تضامن المسيحيين مع المسلمين لمواجهة ظلم الكيان الصهيوني لاستعادة مقدسات المسلمين والمسيحيين التي احتلها الصهاينة.
وطلب منا المنظمون ان نستعد غدا صباحا قبيل وصول السفينة الى غزة، واخذ الجميع يترقبون المشهد القادم يوم غد، هل ستمنعنا السفن الاسرائيلية من الوصول الى غزة؟! أم نتراجع وندخل غزة؟! واخذ الجميع بالاستعداد ليوم غدا المنتظر، وكانت هناك مجاميع في حلقة سمر شعري وانشادي لشد العزائم، كما قامت مجموعة باداء صلاة القيام، واما سطح السفينة فكان يعج بالاعلاميين ومراسلي القنوات الفضائية واللقاءات المباشرة وغير المباشرة، وفجأة وبكل هدوء تم التعميم على ركاب السفينة بحالة الطوارئ وارتداء سترة النجاة، والسبب هو رصد سفن وطائرات اسرائيلية تحوم من بعيد حول السفينة والاسطول، وطلب منا في الوفد الكويتي والبحريني ان نقسم انفسنا على فترتين من الساعة 2-11 ومن 5-2 صباحا للحراسة على احد جوانب السفينة، واخترت انا الفترة الثانية، وحاولت النوم فنمت لمدة ساعة واحدة فقط واستيقظت في تمام الساعة الواحدة، وذهبت الى المكان المخصص للحراسة فإذا بالزوارق الاسرائيلية اصبحت اكثر قربا منا، وطلب منا منع اقتحام السفينة بالايدي دون استخدام أي شيء حاد أو برش المياه على هذه السفن والذوارق الاسرائيلية، وعند صلاة الفجر حاولت مجموعة من الزوارق الاسرائيلية الصعود الى سفينتنا، فتم رشها بالمياه وثم اعاقة اقتحام السفينة من البحر، فجاءت الطائرات الاباتشي فاخذت تطلق الرصاص المطاطي والرصاص الحي فقتلوا اثنين من الركاب وهما من الاتراك واصابوا آخرين، ثم بدأ الانزال وشاهدت انزالا من 3 طائرات الى سطح السفينة وحصلت مقاومة لهذا الانزال وتمت مصادرة اسلحة 7 من الكوماندوز الاسرائيلي واسر ثلاثة منهم، وتم رمي الاسلحة بالبحر، وهذا الامر دفع الصهاينة لاطلاق النار بكثافة ورمي القنابل الغازية والصوتية، واستشهد عدد من المقاومين على ظهر السفينة وأصيب العشرات من جراء هذا الاقتحام وبعد دقائق قليلة انحرفت السفينة فجأة فقلت لمن حولي: الآن تمت السيطرة على دفة السفينة، وفعلا لم تمر دقائق من سيطرة الصهاينة على قيادة السفينة الا وصدرت اوامر لنا عبر مكبرات الصوت تدعونا لعدم المقاومة لانه تمت السيطرة على قيادة السفينة وطلبت منا ادارة السفينة النزول الى القاعات وترك اسطح وممرات السفينة، وفعلا نزلنا الى كابينة السفينة فإذا بالدماء تسيل جثث الشهداء والجرحى والمصابين، وكان من بين المصابين والجرحى الجنود والصهاينة الثلاثة وكانوا في رعب وخوف شديدين، واحدهم بال على نفسه، اجلكم الله من الخوف، وهنا حاولت ان اجري مكالمة مع الكويت لتطمينهم فاستطعت بعد معاناة من الاتصال بالأخ ناصر النزهان في خدمة الخبر لإبلغه بسيطرة الصهاينة على السفينة ووقوع قتلى واصابات ولكن الوفد الكويتي كان ولله الحمد كله بخير، ثم جرى تسليم الجنود الثلاثة الصهاينة لزملائهم ومكثنا نحو ساعتين داخل الصالات الداخلية للسفينة، وتم اخراج الجرحى الى الخارج لنقلهم بالطائرات للعلاج وبعدها تم تقييدنا وتفتيشنا ومصادرة الهواتف والاجهزة واصعدونا الى سطح السفينة مقيدين تحت الشمس الحارقة من الصباح الى قبيل المغرب ولم يسمح لن بالاكل والشرب او الذهاب لدورات المياه، وتم خلال هذه الفترة تفتيش السفينة بالكامل وتفتيش امتعتنا والعبث بها من قبل الصهاينة وقبيل المغرب انزلونا الى الصالات الداخلية للسفينة، وعلمنا بان السفينة متجهة الى ميناء اسدود في فلسطين المحتلة ومكث أغلبنا مقيداً وتم منع الغالبية من الذهاب الى دورات المياه، ما عدا من يصر عليهم، وعند الساعة الثانية قبيل الفجر وصلنا الى ميناء اسدود، وتم انزال الركاب للتحقيق معهم على دفعات، وتم انزالي بعد صلاة الفجر مقيدا ويمسكني مجند عن يميني ومجندة عن شمالي وتم تصويري وانا على هذا الشكل، وادخلوا على طاولة فيها محقق ومترجم وسألني المترجم هل انت ذاهب الى غزة فقلت له: «مو شغلك» وقال: «لا تريد الاجابة؟» فقلت: «نعم ارفض الاجابة» واطلب محامياً!!» فقال: هل ترغب بالعودة الى بلدك؟ فقلت: نعم. فقال: يجب ان توقع كتاباً فيه اعتراف بدخول البلد بشكل غير شرعي وتتعهد بعدم تكرار ذلك» فقلت له: «لا لن اوقع على هذا الكتاب فانتم الذين خطفوتمونا من المياه الدولية ولست انا الذي دخلت برغبتي الى هذا المكان» فقال: «اذا لم توقع، ستذهب الى السجن ثم الى محاكمة خلال 72 ساعة، ليصدر حكم عليك اما بالترحيل او بالسجن عقوبة لك» فقل له: «ما في مشكلة لكن لن اوقع على اي كتاب».
وفعلا تم اخذنا بعربات لنقل المساجين الى سجن بئر السبع بصحراء النقب، وهناك جرت احداث سأتركها للمقال القادم بإذن الله.
د.وليد الطبطبائي عضو مجلس الامه
al-tabtabaie.com
جريدة الوطن
الكويت اليوم
وعشية وليلة 2010/5/31 كما هو معلوم كنت انا على ظهر السفينة مرمرة ضمن اسطول «الحرية»، هذه السفينة التي غيرت وجه التاريخ بشجاعة وبطولة وبسالة وشهامة وإنسانية ركابها، الذين واجهوا قوة غاشمة مسلحة مددجة وهم عزل ورفضوا الاستسلام قبل ان يرتكب الصهاينة حماقة كبرى بقتل واصابة العشرات من ركاب السفينة مرمرة.
بدأت هذه الليلة التاريخية بصلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا، وصادف ان حضر الصلاة المطران كبوشي وهو مطران القدس الاسبق الذي ابعد عن فلسطين قبل نحو 25 عاما، وبعد ان قضيت الصلاة خطب بنا الشيخ رائد صلاح، مؤكدا ضرورة اليقين بالله وبنصره على الصهاينة، وان الظلم الواقع على غزة لا يجوز السكوت عنه، وان صمود اهل غزة هو بداية نهاية الكيان الصهيوني، وتلاه بعد ذلك المطران كبوشي الذي اكد على تضامن المسيحيين مع المسلمين لمواجهة ظلم الكيان الصهيوني لاستعادة مقدسات المسلمين والمسيحيين التي احتلها الصهاينة.
وطلب منا المنظمون ان نستعد غدا صباحا قبيل وصول السفينة الى غزة، واخذ الجميع يترقبون المشهد القادم يوم غد، هل ستمنعنا السفن الاسرائيلية من الوصول الى غزة؟! أم نتراجع وندخل غزة؟! واخذ الجميع بالاستعداد ليوم غدا المنتظر، وكانت هناك مجاميع في حلقة سمر شعري وانشادي لشد العزائم، كما قامت مجموعة باداء صلاة القيام، واما سطح السفينة فكان يعج بالاعلاميين ومراسلي القنوات الفضائية واللقاءات المباشرة وغير المباشرة، وفجأة وبكل هدوء تم التعميم على ركاب السفينة بحالة الطوارئ وارتداء سترة النجاة، والسبب هو رصد سفن وطائرات اسرائيلية تحوم من بعيد حول السفينة والاسطول، وطلب منا في الوفد الكويتي والبحريني ان نقسم انفسنا على فترتين من الساعة 2-11 ومن 5-2 صباحا للحراسة على احد جوانب السفينة، واخترت انا الفترة الثانية، وحاولت النوم فنمت لمدة ساعة واحدة فقط واستيقظت في تمام الساعة الواحدة، وذهبت الى المكان المخصص للحراسة فإذا بالزوارق الاسرائيلية اصبحت اكثر قربا منا، وطلب منا منع اقتحام السفينة بالايدي دون استخدام أي شيء حاد أو برش المياه على هذه السفن والذوارق الاسرائيلية، وعند صلاة الفجر حاولت مجموعة من الزوارق الاسرائيلية الصعود الى سفينتنا، فتم رشها بالمياه وثم اعاقة اقتحام السفينة من البحر، فجاءت الطائرات الاباتشي فاخذت تطلق الرصاص المطاطي والرصاص الحي فقتلوا اثنين من الركاب وهما من الاتراك واصابوا آخرين، ثم بدأ الانزال وشاهدت انزالا من 3 طائرات الى سطح السفينة وحصلت مقاومة لهذا الانزال وتمت مصادرة اسلحة 7 من الكوماندوز الاسرائيلي واسر ثلاثة منهم، وتم رمي الاسلحة بالبحر، وهذا الامر دفع الصهاينة لاطلاق النار بكثافة ورمي القنابل الغازية والصوتية، واستشهد عدد من المقاومين على ظهر السفينة وأصيب العشرات من جراء هذا الاقتحام وبعد دقائق قليلة انحرفت السفينة فجأة فقلت لمن حولي: الآن تمت السيطرة على دفة السفينة، وفعلا لم تمر دقائق من سيطرة الصهاينة على قيادة السفينة الا وصدرت اوامر لنا عبر مكبرات الصوت تدعونا لعدم المقاومة لانه تمت السيطرة على قيادة السفينة وطلبت منا ادارة السفينة النزول الى القاعات وترك اسطح وممرات السفينة، وفعلا نزلنا الى كابينة السفينة فإذا بالدماء تسيل جثث الشهداء والجرحى والمصابين، وكان من بين المصابين والجرحى الجنود والصهاينة الثلاثة وكانوا في رعب وخوف شديدين، واحدهم بال على نفسه، اجلكم الله من الخوف، وهنا حاولت ان اجري مكالمة مع الكويت لتطمينهم فاستطعت بعد معاناة من الاتصال بالأخ ناصر النزهان في خدمة الخبر لإبلغه بسيطرة الصهاينة على السفينة ووقوع قتلى واصابات ولكن الوفد الكويتي كان ولله الحمد كله بخير، ثم جرى تسليم الجنود الثلاثة الصهاينة لزملائهم ومكثنا نحو ساعتين داخل الصالات الداخلية للسفينة، وتم اخراج الجرحى الى الخارج لنقلهم بالطائرات للعلاج وبعدها تم تقييدنا وتفتيشنا ومصادرة الهواتف والاجهزة واصعدونا الى سطح السفينة مقيدين تحت الشمس الحارقة من الصباح الى قبيل المغرب ولم يسمح لن بالاكل والشرب او الذهاب لدورات المياه، وتم خلال هذه الفترة تفتيش السفينة بالكامل وتفتيش امتعتنا والعبث بها من قبل الصهاينة وقبيل المغرب انزلونا الى الصالات الداخلية للسفينة، وعلمنا بان السفينة متجهة الى ميناء اسدود في فلسطين المحتلة ومكث أغلبنا مقيداً وتم منع الغالبية من الذهاب الى دورات المياه، ما عدا من يصر عليهم، وعند الساعة الثانية قبيل الفجر وصلنا الى ميناء اسدود، وتم انزال الركاب للتحقيق معهم على دفعات، وتم انزالي بعد صلاة الفجر مقيدا ويمسكني مجند عن يميني ومجندة عن شمالي وتم تصويري وانا على هذا الشكل، وادخلوا على طاولة فيها محقق ومترجم وسألني المترجم هل انت ذاهب الى غزة فقلت له: «مو شغلك» وقال: «لا تريد الاجابة؟» فقلت: «نعم ارفض الاجابة» واطلب محامياً!!» فقال: هل ترغب بالعودة الى بلدك؟ فقلت: نعم. فقال: يجب ان توقع كتاباً فيه اعتراف بدخول البلد بشكل غير شرعي وتتعهد بعدم تكرار ذلك» فقلت له: «لا لن اوقع على هذا الكتاب فانتم الذين خطفوتمونا من المياه الدولية ولست انا الذي دخلت برغبتي الى هذا المكان» فقال: «اذا لم توقع، ستذهب الى السجن ثم الى محاكمة خلال 72 ساعة، ليصدر حكم عليك اما بالترحيل او بالسجن عقوبة لك» فقل له: «ما في مشكلة لكن لن اوقع على اي كتاب».
وفعلا تم اخذنا بعربات لنقل المساجين الى سجن بئر السبع بصحراء النقب، وهناك جرت احداث سأتركها للمقال القادم بإذن الله.
د.وليد الطبطبائي عضو مجلس الامه
al-tabtabaie.com
جريدة الوطن
الكويت اليوم