ابن هوازن
15-Sep-2004, 01:00 AM
أغار عمير بن الحباب السلمي على قبيلة كلب القضاعية، ثم انكفأ راجعاً فنزل ومن معه من قيس بثني من أثناء الفرات، ويقال: على الخابور، والخابور نهر يخرج من رأس العين ويصب في الفرات، وكانت منازل بني تغلب فيما بين الخابور والفرات ودجلة، وكانت بحيث نزل عمير وأصحابه امرأة من بني تميم ناكح في بني تغلب يقال لها أم دوبل ولها غنيمة، فأخذ غلام من بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة عنزاً منها فذبحها، فشكت ذلك إلى عمير فلم يشكها، وقال: هذا من مغمرة الجيش فلما رأى الحرشيون أن عميراً لم يغير على صاحبهم شدوا على باقي الغنيمة فذبحوها وأكلوها، ومانعهم قوم من بني تغلب حضروهم فقتل رجل منهم يقال له مجاشع التغلبي وكان سيداَ من أسياد بني تغلب، وجاء دوبل وهو من بني مالك بن جشم بن بكر بن حبيب، وكان من فرسان بني تغلب، فأخبرته أمه بما أصيبت به، فسار في قومه، فشكا إليهم ما صنع بغنم أمه، وجعل يذكرهم تعالي قيس عليهم، وسوء جوابهم لهم، فاجتمعت منهم جماعة، وأمروا عليهم شعيث بن مليل التغلبي، ثم أغاروا على بني الحريش، ومع بني الحريش حينئذ قوم من إخوتهم بني قشير بن كعب، فقتلوا منهم واستاقوا ذوداً لامرأة من بني الحريش يقال لهم أم الهيثم، فلم يقدر القيسيون على تخلصه من أيديهم؛ فقال الأخطل التغلبي وبلغه الخبر وهو براذان وبراذان موضع:
أتاني ودوني الزابيان كلاهما ودجلة أنباءٌ أمرّ من الصبر
أتاني بأنّ ابني نزارٍ تضاغنا وتغلب أولى بالوفاء وبالغدر
وقال الأخطل أيضاً:
فإن تسألونا بالحريش فإنّـنـا بلينا بنوكٍ منهـم وفـجـور
غداة تحامتنا الحريش كأنّهـا كلابٌ بدت أنيابها لـهـرير
وجاؤوا بجمعٍ ناصري أمّ هيثمٍ فما رجعوا من ذودها ببعير
وقال عمرو بن الأهتم التغلبي:
وإنّا يوم سار بنـا شـعـيثٌ قريناهم وأيّ قرىً قـرينـا
نصصنا الخيل والرايات حتى قضينا من هوازن ما قضينا
وما أبقين من قيسٍ شـريداً وما غادرن للجشمي دينـا
فرد عليه نفيع بن صفار المحاربي بعد مقتل شعيث بن مليل فقال:
وإنا يوم لاقينا شعيثـاً قريناه فأيّ قرىً قرينا
في أبيات.
وقال القطامي وهو عمير بن شييم التغلبي :
وإنّا يوم نازلهـم شـعـيثٌ كليث الغيل أصحر ثمّ ثارا
وتغلب جدّعوا أشراف قيسٍ وذاقوا من تخمّطها البوارا
بضرب يقعص الأبطال منهم ويمتكر اللحى منه امتكارا
المكر المغرة.
يوم ماكسين
واستحكم الشر بين قيس وتغلب، وعلى قيس عُمير بن الحباب السلمي وعلى تغلب شُعيث بن مليل التغلبي، فغزا عُمير بني تغلب وجماعتهم بماكسين وهي قرية من قرى الخابور بالعراق، بينها وبين رأس العين يوم أو يومان، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وهي أول وقعة لهم تزاحفوا فيها، فقتل من بني تغلب خمسمائة فارس، وقُتل شعيث بن مليل رئيس تغلب وهزمت تغلب هزيمة قاسية، وكانت الوقعة عند القنطرة بالخابور ،
فقال نفيع بن صفار المحاربي:
وأيّام القناطر قد تركـتـم رئيسكم لنا غلقاً رهينـا
تركنا الباكيات على شعيثٍ سواجم عبرةً ما ينقضينا
بقرنا منكم ألفي بقـير فلم نترك لحاملةٍ جنينا
يقصد بمقتل شعيث وقد تعدوا في قتل الرجال وقتلوا ألفي إمرأة من بني تغلب وهن حوامل
وقال عمير بن الحباب:
ما همّنا يوم شُعيـثٍ بـالـغـزل يوم انتضيناهنّ أمثال الـشـعـل
وهنّ يردين كعقـبـان الـخـيل من بين دهماء وطرفٍ ذي خصل
وزعموا أن رجل شعيث قطعت يومئذ، فجعل يقاتل حتى قتل وهو يقول:
قد علمت قيسٌ ونحن نعلم أنّ الفتى يقتل وهو أجذم
وقال نفيع بن صفار:
وبشاطىء الخابور صبّحنـاكـم بالمرهفات البيض يفرين الذرى
وقال جرير بن عطية:
تركوا شعيث بني مليلٍ مسنداً والآسيين وأقعصوا شعرورا
وقال نفيع بن صفار المحاربي:
ما بعد قتل شعيثٍ في سراتكم وبعد قتل أبي أفعى وشعرور
وقال ابن صفار أيضاً:
تمنيت بالخابور قيساً فصادفت منايا لأسباب وفاق على قدر
وقال جرير يعير الأخطل:
نبئت أنك بالخابور ممـتـنـع ثم انفرجت انفراجاً بعد إقرار
فقال زفر بن الحارث يعاتب عميراً بما كان منه في الخابور:
ألا من مبلغ عني عمـيراً رسالة عاتب وعليك زاري
أتترك حي ذي كلع وكلـب وتجعل حد نابك في نزار (1)
كمعتمد علـى إحـدى يديه فخانته بوهي وانكـسـار
1 - ذي كلع قبيلة من حمير من قحطان وكلب قبيلة من قضاعة من قحطان
وأسر القطامي التغلبي الشاعر فأتى زفر بن الحارث الكلابي بقرقيسيا فخلى سبيله، ورد عليه مائة ناقة، فقال القطامي يمدحه:
قفي قبل التفرق يا ضبـاعـا ولا يك موقف منك الوداعـا (1)
قفي فادي أسيرك إن قومـي وقومك لا أرى لهم اجتماعـا
ألم يحزنك أن حـبـال قـيس وتغلب قد تباينت انقطـاعـا
كما العظم الكسير يهاض حتى يبت وإنما بدأ انـصـداعـا
فلا تبعد دماء ابـنـي نـزار ولا تقرر عيونك يا قضاعـا (2)
ومن يكن اسـتـلام إلـى ثـوي فقد أحسنت يا زفر المـتـاعـا
أكفراً بعد رد الـمـوت عـنـي وبعد عطائك المائة الـرتـاعـا
فلم أر منعـمـين أقـل مـنـاً وأكرم عندما اصطنعوا اصطناعا
من البيض الوجوه بنـي نـفـيل أبت أخلاقـهـم إلا اتـسـاعـا (2)
بني القرم الذي علمـت مـعـد تفضل قومهـا سـعة وبـاعـا
1 - ضباع أبنة زفر بن الحارث الكلابي وهي التي ناشدت أباها زفر بن الحارث أن يطلق القطامي الشاعر لأنها رحمته وهو في حاله ذليله في الأسر.
2 - أبني نزار هم قيس وتغلب.
3 - بني نفيل بن عمرو بن كلاب قوم زفر بن الحارث الكلابي سيد قيس في زمانه.
وقال القطامي يمدح زفر أيضاً:
يا زفر بن الحارث بن الأكـرم قد كنت في الحرب قديم المقدم
إذا أحجم القوم ولما تـحـجـم إنك وابنيك حفظتم محـرمـي
وحقن اللـه بـكـفـيك دمـي من بعد ما جف لساني وفمـي
أنقذتني من بطـل مـعـمـم والخيل تحت العارض المسوم
وتغلب يدعون: يا لـلأرقـم
وقال تميم بن أبي بن مقبل العجلاني:
قل لابنة الأخطل المسلوب مئزرها يوم الفوارس لمّا راث فـاديهـا
ولست سـائلـهـا إلاّ بـواحـدةٍ ما ردّ تغلب عنها إذ تـنـاديهـا
وقال عبيد بن حصين النميري الراعي يعير الأخطل الشاعر :
أبا مالكٍ لا تنطق الشعر بعدها وأعط القياد القائدين على كثر
ونحن تركنا تغلـب ابـنة وائلٍ كمنكشر الأنياب منقطع الظهر
يعني بما كان بينهم يوم الخابور ويوم ماكسين.
أتاني ودوني الزابيان كلاهما ودجلة أنباءٌ أمرّ من الصبر
أتاني بأنّ ابني نزارٍ تضاغنا وتغلب أولى بالوفاء وبالغدر
وقال الأخطل أيضاً:
فإن تسألونا بالحريش فإنّـنـا بلينا بنوكٍ منهـم وفـجـور
غداة تحامتنا الحريش كأنّهـا كلابٌ بدت أنيابها لـهـرير
وجاؤوا بجمعٍ ناصري أمّ هيثمٍ فما رجعوا من ذودها ببعير
وقال عمرو بن الأهتم التغلبي:
وإنّا يوم سار بنـا شـعـيثٌ قريناهم وأيّ قرىً قـرينـا
نصصنا الخيل والرايات حتى قضينا من هوازن ما قضينا
وما أبقين من قيسٍ شـريداً وما غادرن للجشمي دينـا
فرد عليه نفيع بن صفار المحاربي بعد مقتل شعيث بن مليل فقال:
وإنا يوم لاقينا شعيثـاً قريناه فأيّ قرىً قرينا
في أبيات.
وقال القطامي وهو عمير بن شييم التغلبي :
وإنّا يوم نازلهـم شـعـيثٌ كليث الغيل أصحر ثمّ ثارا
وتغلب جدّعوا أشراف قيسٍ وذاقوا من تخمّطها البوارا
بضرب يقعص الأبطال منهم ويمتكر اللحى منه امتكارا
المكر المغرة.
يوم ماكسين
واستحكم الشر بين قيس وتغلب، وعلى قيس عُمير بن الحباب السلمي وعلى تغلب شُعيث بن مليل التغلبي، فغزا عُمير بني تغلب وجماعتهم بماكسين وهي قرية من قرى الخابور بالعراق، بينها وبين رأس العين يوم أو يومان، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وهي أول وقعة لهم تزاحفوا فيها، فقتل من بني تغلب خمسمائة فارس، وقُتل شعيث بن مليل رئيس تغلب وهزمت تغلب هزيمة قاسية، وكانت الوقعة عند القنطرة بالخابور ،
فقال نفيع بن صفار المحاربي:
وأيّام القناطر قد تركـتـم رئيسكم لنا غلقاً رهينـا
تركنا الباكيات على شعيثٍ سواجم عبرةً ما ينقضينا
بقرنا منكم ألفي بقـير فلم نترك لحاملةٍ جنينا
يقصد بمقتل شعيث وقد تعدوا في قتل الرجال وقتلوا ألفي إمرأة من بني تغلب وهن حوامل
وقال عمير بن الحباب:
ما همّنا يوم شُعيـثٍ بـالـغـزل يوم انتضيناهنّ أمثال الـشـعـل
وهنّ يردين كعقـبـان الـخـيل من بين دهماء وطرفٍ ذي خصل
وزعموا أن رجل شعيث قطعت يومئذ، فجعل يقاتل حتى قتل وهو يقول:
قد علمت قيسٌ ونحن نعلم أنّ الفتى يقتل وهو أجذم
وقال نفيع بن صفار:
وبشاطىء الخابور صبّحنـاكـم بالمرهفات البيض يفرين الذرى
وقال جرير بن عطية:
تركوا شعيث بني مليلٍ مسنداً والآسيين وأقعصوا شعرورا
وقال نفيع بن صفار المحاربي:
ما بعد قتل شعيثٍ في سراتكم وبعد قتل أبي أفعى وشعرور
وقال ابن صفار أيضاً:
تمنيت بالخابور قيساً فصادفت منايا لأسباب وفاق على قدر
وقال جرير يعير الأخطل:
نبئت أنك بالخابور ممـتـنـع ثم انفرجت انفراجاً بعد إقرار
فقال زفر بن الحارث يعاتب عميراً بما كان منه في الخابور:
ألا من مبلغ عني عمـيراً رسالة عاتب وعليك زاري
أتترك حي ذي كلع وكلـب وتجعل حد نابك في نزار (1)
كمعتمد علـى إحـدى يديه فخانته بوهي وانكـسـار
1 - ذي كلع قبيلة من حمير من قحطان وكلب قبيلة من قضاعة من قحطان
وأسر القطامي التغلبي الشاعر فأتى زفر بن الحارث الكلابي بقرقيسيا فخلى سبيله، ورد عليه مائة ناقة، فقال القطامي يمدحه:
قفي قبل التفرق يا ضبـاعـا ولا يك موقف منك الوداعـا (1)
قفي فادي أسيرك إن قومـي وقومك لا أرى لهم اجتماعـا
ألم يحزنك أن حـبـال قـيس وتغلب قد تباينت انقطـاعـا
كما العظم الكسير يهاض حتى يبت وإنما بدأ انـصـداعـا
فلا تبعد دماء ابـنـي نـزار ولا تقرر عيونك يا قضاعـا (2)
ومن يكن اسـتـلام إلـى ثـوي فقد أحسنت يا زفر المـتـاعـا
أكفراً بعد رد الـمـوت عـنـي وبعد عطائك المائة الـرتـاعـا
فلم أر منعـمـين أقـل مـنـاً وأكرم عندما اصطنعوا اصطناعا
من البيض الوجوه بنـي نـفـيل أبت أخلاقـهـم إلا اتـسـاعـا (2)
بني القرم الذي علمـت مـعـد تفضل قومهـا سـعة وبـاعـا
1 - ضباع أبنة زفر بن الحارث الكلابي وهي التي ناشدت أباها زفر بن الحارث أن يطلق القطامي الشاعر لأنها رحمته وهو في حاله ذليله في الأسر.
2 - أبني نزار هم قيس وتغلب.
3 - بني نفيل بن عمرو بن كلاب قوم زفر بن الحارث الكلابي سيد قيس في زمانه.
وقال القطامي يمدح زفر أيضاً:
يا زفر بن الحارث بن الأكـرم قد كنت في الحرب قديم المقدم
إذا أحجم القوم ولما تـحـجـم إنك وابنيك حفظتم محـرمـي
وحقن اللـه بـكـفـيك دمـي من بعد ما جف لساني وفمـي
أنقذتني من بطـل مـعـمـم والخيل تحت العارض المسوم
وتغلب يدعون: يا لـلأرقـم
وقال تميم بن أبي بن مقبل العجلاني:
قل لابنة الأخطل المسلوب مئزرها يوم الفوارس لمّا راث فـاديهـا
ولست سـائلـهـا إلاّ بـواحـدةٍ ما ردّ تغلب عنها إذ تـنـاديهـا
وقال عبيد بن حصين النميري الراعي يعير الأخطل الشاعر :
أبا مالكٍ لا تنطق الشعر بعدها وأعط القياد القائدين على كثر
ونحن تركنا تغلـب ابـنة وائلٍ كمنكشر الأنياب منقطع الظهر
يعني بما كان بينهم يوم الخابور ويوم ماكسين.