عتابه يارفاقه
17-Nov-2009, 05:44 AM
في ثلاثينية جهيمان.. انتصرت أفكاره !
فارس بن حزام
الجيل قياساً، هو مسافة عقدين من الزمان. واليوم تعيش البلاد مع جيل ثان منذ حادثة اقتحام الحرم المكي الشريف، وقد بلغ التطرف مداه. بينما يحكي عن انفتاح وتسامح في الفترة السابقة للحادثة.
بعد حادثة الحرم، بقيادة جهيمان العتيبي في العشرين من نوفمبر 1979، بدا أن المجتمع، بكل ما فيه، يذهب إلى الاستسلام لما أرادته "الجماعة السلفية المحتسبة"؛ تزايدت الأنشطة الإسلامية، وتراجعت الفنون، وأطلق التلفزيون لحيته.
ولا أحد يفهم لماذا انتصرت الأفكار، التي دعا إليها جهيمان، رغم خسارته المعركة وانتهاء مسيرته ورفاقه بأحكام الاعدام. ولعل من يستعرض مسيرة المؤثرين السابقين، يرى الاستسلام حاضراً في مجتمعات عدة.
ففي حكاية "أبو الجهاد" سيد قطب ما عجزت مصر عن فهمه حتى الآن، فبعد تنفيذ حكم الإعدام – وفي رأيي أنه حكم غير عادل – أخذت البلاد بقرار سياسي إلى المزيد من المحافظة، ومع غياب رئيس وتبوؤ آخر قيادة البلاد، اندفعت مصر إلى المزيد من المحافظة السريعة، ومُنح الإسلاميون مساحة واسعة لم يحلموا بها قبل ذلك.
والحال في بلادنا لم تختلف كثيراً؛ تمدد الإسلاميون عبر جغرافية البلاد، وتضاعفت أنشطتهم، فأطبقوا على المجتمع. وتراجعت الأصوات الأخرى، وأصبح في مقابل كل مائة داعية مثقف واحد. وتحولت صناعة الرأي العام من الصحافة إلى منابر الجمعة.
وكان من ثمار الاندفاع الإسلامي في البلاد، افرازات سلبية لا تخفى على أبناء المجتمع الحالي؛ أسوأها تحول الفرد السعودي إلى عنصر ثابت في سجل الإرهاب أينما كان. وظهور الآلاف من الإرهابيين، سعوديين وعرب وأجانب نشأوا في السعودية، كنتاج طبيعي للاستسلام العام أمام الأفكار المتطرفة، أو لنقل: فتح الطريق أمامها.
فأفكار تنظيم "القاعدة" اليوم، هي امتداد زمني متطابق لأفكار "الجماعة السلفية المحتسبة"، التي شكلها جهيمان ورفاقه، وكثير منهم أحياء اليوم ويعيشون حياة طبيعية. فأبناء "الجماعة" وعناصر "القاعدة" يلتقيان في الأفكار جميعها، والرؤى المتطرفة لكل مظاهر الحياة العصرية، وما الاختلاف بينهما إلا عند الهدف، فحين يرى جهيمان اقامة حكم إسلامي لتحقيق الخلاص للأمة، فنهاية العالم، يهدف أسامة بن لادن إلى اقامة دولة إسلامية، كما نموذج "طالبان"، فهو غير معني بنهاية العالم.
الحقيقة الماثلة أمام الجيل الجديد، أن البلاد رفضت جهيمان العتيبي ورفاقه، الذين اقتحموا الحرم المكي، لكنها ناصرت أفكارهم من حيث لا تشعر، وانتبهت في السنوات الأخيرة إلى هذا الخطأ، فبدأت مرحلة علاج بطيئة وغير جريئة
http://www.alriyadh.com/2009/11/17/article474962.html
فارس بن حزام
الجيل قياساً، هو مسافة عقدين من الزمان. واليوم تعيش البلاد مع جيل ثان منذ حادثة اقتحام الحرم المكي الشريف، وقد بلغ التطرف مداه. بينما يحكي عن انفتاح وتسامح في الفترة السابقة للحادثة.
بعد حادثة الحرم، بقيادة جهيمان العتيبي في العشرين من نوفمبر 1979، بدا أن المجتمع، بكل ما فيه، يذهب إلى الاستسلام لما أرادته "الجماعة السلفية المحتسبة"؛ تزايدت الأنشطة الإسلامية، وتراجعت الفنون، وأطلق التلفزيون لحيته.
ولا أحد يفهم لماذا انتصرت الأفكار، التي دعا إليها جهيمان، رغم خسارته المعركة وانتهاء مسيرته ورفاقه بأحكام الاعدام. ولعل من يستعرض مسيرة المؤثرين السابقين، يرى الاستسلام حاضراً في مجتمعات عدة.
ففي حكاية "أبو الجهاد" سيد قطب ما عجزت مصر عن فهمه حتى الآن، فبعد تنفيذ حكم الإعدام – وفي رأيي أنه حكم غير عادل – أخذت البلاد بقرار سياسي إلى المزيد من المحافظة، ومع غياب رئيس وتبوؤ آخر قيادة البلاد، اندفعت مصر إلى المزيد من المحافظة السريعة، ومُنح الإسلاميون مساحة واسعة لم يحلموا بها قبل ذلك.
والحال في بلادنا لم تختلف كثيراً؛ تمدد الإسلاميون عبر جغرافية البلاد، وتضاعفت أنشطتهم، فأطبقوا على المجتمع. وتراجعت الأصوات الأخرى، وأصبح في مقابل كل مائة داعية مثقف واحد. وتحولت صناعة الرأي العام من الصحافة إلى منابر الجمعة.
وكان من ثمار الاندفاع الإسلامي في البلاد، افرازات سلبية لا تخفى على أبناء المجتمع الحالي؛ أسوأها تحول الفرد السعودي إلى عنصر ثابت في سجل الإرهاب أينما كان. وظهور الآلاف من الإرهابيين، سعوديين وعرب وأجانب نشأوا في السعودية، كنتاج طبيعي للاستسلام العام أمام الأفكار المتطرفة، أو لنقل: فتح الطريق أمامها.
فأفكار تنظيم "القاعدة" اليوم، هي امتداد زمني متطابق لأفكار "الجماعة السلفية المحتسبة"، التي شكلها جهيمان ورفاقه، وكثير منهم أحياء اليوم ويعيشون حياة طبيعية. فأبناء "الجماعة" وعناصر "القاعدة" يلتقيان في الأفكار جميعها، والرؤى المتطرفة لكل مظاهر الحياة العصرية، وما الاختلاف بينهما إلا عند الهدف، فحين يرى جهيمان اقامة حكم إسلامي لتحقيق الخلاص للأمة، فنهاية العالم، يهدف أسامة بن لادن إلى اقامة دولة إسلامية، كما نموذج "طالبان"، فهو غير معني بنهاية العالم.
الحقيقة الماثلة أمام الجيل الجديد، أن البلاد رفضت جهيمان العتيبي ورفاقه، الذين اقتحموا الحرم المكي، لكنها ناصرت أفكارهم من حيث لا تشعر، وانتبهت في السنوات الأخيرة إلى هذا الخطأ، فبدأت مرحلة علاج بطيئة وغير جريئة
http://www.alriyadh.com/2009/11/17/article474962.html